التأسلم السياسي

14.7.08 |


بقلم على باب الله

يقول أبن المقفع : " الدين تسليم بالإيمان , و الرأي تسليم بالإختلاف . فمن جعل الدين رأياً فقد جعله خِلافاً , و من جعل الرأي ديناً فقد جعله شريعة "

إحتكار الدين لصالح جماعة سياسية بعينها يعطيها الحق في الإستقواء بالدين على جميع ما عداها أو خالفها و المشكلة تنشأ بالخلط بين الرأي في الدين و بين الدين ذاته , فالجماعة تزعم أن رأيها في الدين أو تفسيرها لنصوصه هو في الحقيقة ( الدين ذاته ) من أوله إلي آخره

و هكذا يبحث النظام السياسي الديني و الجماعات الدينية في كيفية خدمة النص على حساب الفرد , بمعني أنها إذ تظن أنها تملك النص أو التفسير المطلق للدين .. فلا سبيل و لا حاجة بها إذن لنقده و تنقيحه عند الضرورة بغرض الإرتقاء بالفرد و المواطن كما تفعل المجتعمات العلمانية التي تنقد نفسها بنفسها كلما كانت هناك حاجة لذلك و غرضها في تطوير و تحديث النص (نصوص القانون و الدستور) هو الإرتقاء بالفرد و رفاهيته و حقوقه و مستقبله

أما الجماعات الدينية صاحبة الحق المطلق الحاجة لديها تكون إلى إستغلال الفرد و تطويعه ليلائم النص و ينحشر في حدوده الضيقة حتى لو وصل الأمر إلي حد الإرغام و القهر .. بل و القتل أيضاً .. فالنص مطلق لا عيب فيه و لا يأتيه الباطل لا من بين يديه و لا من خلفه و على الجميع أن ينصاعوا وراء تفسير تلك الجماعة للدين و لو كرهوا ذلك أو تضرروا من وراءه

لذلك تتقدم الدول العلمانية و الديموقراطية مع مرور الوقت في شتى المجالات لأن المعرفة تأتيها دوماً من الأمام .. تستكشف المستقبل بعقل مفتوح بينما تتجمد دول و جماعات السياسة الدينية كأنما وضعت في ثلاجة التاريخ لأنها تسير عبر النظر إلي الوراء و لا تحاول إصلاح نفسها لأن منهجيتها هى – في نظرها – الحقيقة المطلقة

لقد دخل الدين إلى حلبة المبارزات السياسية في المنطقة العربية منذ عهد طويل , أستخدمه الكثيرين كوسيلة للوصول إلي الحكم , كخدعة رفع المصاحف الشهيرة التي مكنت معاوية و ذريته أن يحكموا سنوات طويلة دون أن يزعم أحد أنهم قد وصلوا إلي السلطة برضاء الرعية أو بحكم الشريعة .

و جاء العنف إلى الساحة السياسية منذ زمن الخليفة عثمان بن عفان , فالطرفان المتنازعان يدعيان أن كليهما على صحيح الإسلام , بل أن مقتل عثمان إعتبره البعض حلالاً .. و أختلط التأسلم السياسي بالجاهلية القديمة .. فعندما أنتصر الأمويين تذكروا على الفور ثأرهم في ( بدر ) و قال معاوية لأهل المدينة

" اما بعد , فأني و الله ما وليتها بمحبة علمتها منكم و لا مسرة بولايتي , و لكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة "

و تطور الأمر فأستخدمت في معركة التأسلم السياسي فكرة إصطناع أحاديث منسوبة للرسول الكريم لكي تمنح كل طرف الشرعية في إمتلاك السلطة .. و هي خطوة في طريق ثني و قولبة الدين ليلائم مصلحة جماعة معينة و هكذا سمعنا معاوية و هو يقول في تواضع مصطنع :

" و الله ما أردتها لنفسي ( و يقصد السلطة ) لولا أني سمعت رسول الله يقول يا معاوية إن حكمت فأعدل ! "

و استخدمت الأحاديث المنتحلة أيضاً في الفترة العباسية خاصة مع علو شأن الفرس فظهر حديث يقول :

"و الله لو كان الأيمان منوطاً بالثريا لناله قوم من فارس"

و رد العرب على الفور بحديث منتحل آخر يقول :

" إذا اختلف المسلمون فالحق في مُضر "

ثم ظهرت الحاجة إلى ضمان ولاء الرعية للصفوة الحاكمة أو لجماعة سياسية بعينها فتفتقت الأذهان إلى خدعة جديدة مفعولها أكيد و هي إحتكار الدين في شخص جماعة محددة يصبح من يعارضها كافراً و من يواليها مؤمناً و هكذا تحل هذه الجماعة محل الدين فيتحول الإيمان الصحيح من الإيمان بالدين إلي الإيمان بالجماعة أو الإيمان بالدين وفقاً لما تراه هذه الجماعة، و تغدو الناطقة الوحيدة بلسان الله و صاحبة التفسير الصحيح و الحق المطلق،

لذلك ظهر تعبير خطير جداً لم يرد من قبل في القرآن الكريم أو السنة و لكنه ورد لأول مرة على لسان الإمام الماوردي في كتابه ( الأحكام السلطانية ) إذ قال :

" أهل الحل و العقد في الإسلام من والاهم فقد والى صحيح الدين و من خالفهم فقد خالفه , و مُفارقهم مُفارق الإسلام "

و أستخدمت هذه المقولة لدعم الجماعات السياسية الإرهابية و لدعم الصفوة الحاكمة و لا تزال تستخدم إلى يومنا هذا

لاحظ معي تشابه المقولة السابقة مع ما قاله حسن البنا حين قدم ما أسماه عقيدة جماعة الإخوان المسلمين في المؤتمر الثالث للجماعة إذ قال :

" على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج ( منهج الإخوان المسلمين ) كله من الإسلام و أن كل نقص منه هو نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة "

و لاحظ أيضاً تشابهه مع ما كتبه صالح العشماوي أحد قادة الإخوان قائلاً :

" إن أي اضطهاد للإخوان هو اضطهاد للإسلام ذاته "

و لكن ما مصير من يعارض ؟

حسناً .. فكرة المعارضة في حد ذاتها هي فكرة مرفوضة، فالأمير هو وليّ الأمر لا يُعصى له أمر و لا نهي أياً كانت الأسباب , و جرت العادة على صبغه بهالة من التقوي و الورع و نلاحظ هذا بشكل أكثر وضوحاً حين نحاول أن نقرأ عن شخصية حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين و مرشدها العام فنجد أن كل من تحدث عن طفولته و حياته الخاصة من أتباعه و مريديه قد حرص على أن يضفي عليها هالات تقترب من القداسة و البطولة , و هو وصف بديهي لمن لا يصح أن يُعصى له أمر و لا نهي

و يستند حسن البنا نفسه في ذلك إلى أحد أقوال ( أبي الأعلى المودوي ) التي تقول :

" لا ينتخب للإمارة إلا من كان المسلمون يثقون به و بسيرته و بطباعه و بخلقه , فإذا انتخبوه فهو وليّ الأمر المطاع في حكمه و لا يعصى له أمر و لا نهي "

و قد بايع الأتباع حسن البنا بيعة كاملة في المنشط و المكره .. و عاهدوه على السمع و الطاعة .. و لكن عندما دب الخلاف في شعبة الإسماعيلية و حاول البعض معارضة حسن البنا جمع الأخير أتباعه حيث أعتدوا على المخالفين بالضرب المبرح !! ... و برر مؤسس الجماعة ذلك بقوله :

" إن المخالفين قد تلبسهم الشيطان و زين لهم ذلك ... و أن من يشق عصا الجماعة فأضربوه بالسيف كائناً من كان "

هذا حال المخالفين من أعضاء الجماعة .. أما حال المخالفين من بقية الناس في كافة أنحاء العالم فيتلخص في إعتماد فكرة المقاطعة كمرحلة أولى و المفارقة بين عضو الجماعة و بين المجتمع حكاماً و محكومين ثم اللجوء إلي العنف كأساس للدعوة , و في ( رسالة التعاليم ) يحدد حسن البنا واجبات الأخ المجاهد .. و في الواجب رقم 25 منها يأمر العضو قائلاً :

" أن تقاطع المحاكم الأهلية و كل قضاء غير إسلامي , و الأندية و الصحف و مرافق الدولة و المدارس و كافة الهيئات و المؤسسات و الجماعات التي تناهض فكرتك الإسلامية ( فكرة الإخوان المسلمين ) مقاطعة تامة "

و يقول سيد قضب في كتابه ( معالم في الطريق ) :

" إن الإسلام لا يعرف إلا نوعين من المجتمعات ... مجتمع إسلامي و مجتمع جاهلي "

و المجتمع الإسلامي عنده هو مجتمع الإخوان المسلمين .. أما المجتمعات الجاهلية فهى كل المجتمعات الأخري .. أو كما صنفها هو قائلاً : " المجتمعات الجاهلية هى كل المجتمعات الشيوعية و الوثنية و اليهودية و المسيحية و المجتمعات التي تزعم أنها مسلمة ( أي إنها مسلمة و لكنها لا تؤمن بتفسير الجماعة للإسلام ) "

و بالطبع فأن أهم واجبات الجماعة التي تحتكر الدين هو أن تعيد كل هذه المجتمعات الجاهلية إلي الطريق الصحيح, ذلك الذي لا وجود له إلا داخل أسوار حظيرة الجماعة و وفق تفسيرها الضيق للدين , و سبيلها لتحقيق هذا الهدف لا يقف فقط عند الدعوة بل يمتد إلي العنف و القتال إن لزم الأمر . فالجماعات المتأسلمة الحديثة يعتمد فقهها على الوعظ الإنتقائي أي التركيز على ما ترضى عنه من نصوص و تجاهل ما يعارض فكرها و منهجها , و تعتمد أيضاً على التفسير النصي أي عدم الإعتداد بأسباب التنزيل و بواعثه و ظروفه

فنجد شكري مصطفي ( زعيم تنظيم التكفير و الهجرة ) يقول :

" لقد جاء في حديث شريف " الجنة تحت ظلال السيوف " لذلك فالجهاد هو السبيل الوحيد إلي الجنة "

بل أن بعض الجماعات الأرهابية تذهب حتى إلي أبعد من ذلك فتبيح تعذيب الخصوم و التنكيل بهم في وحشية غريبة و أتباعها يزعمون أنهم يستندون في ذلك إلي الآية الكريمة
" و قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين "
و يقول د. رفعت السعيد في كتابه ( التأسلم السياسي و روافده ) :

" أن الإخوان المسلمين هم امتداد لتلك الفرق التي تخلط بين الدين كمعطى سماوي و بين الفكر الديني و هو بالضرورة معطى إنساني قابل للإجتهاد و المراجعة "

و جماعة الإخوان المسلمون هى – في الحقيقة – مثال واضح لجماعات السياسية المستترة بالدين و التي يسمي د. رفعت السعيد أعضاءها ( بالمتأسلمين ) و التاء إذ تضاف إلي الفعل ( أسلم ) تعني أن صاحبه يتشبه أو يدعي ما ليس فيه فيدعي أن مقولاته و تفسيره هم صحيح الإسلام

و لقد علمتنا الأيام أن تجاهل رأي الآخر و الإعتداد الشديد بإجتهادنا الخاص هو أول خطوة في طريق الإرهاب الفكري الذي سرعان ما يتحول إلي إرهاب جسدي فتضيع الحقوق و تُسلب الأرواح و يُعتدى على الممتلكات , فينحدر المجتمع كله إلي الهاوية , حتى يكتشف الناس في النهاية أن الهدف الحقيقي وراء أطنان الشعارات لم يكن الدين نفسه و لا مرضاة الله و لكنه المصلحة الشخصية و شهوة السلطة و أحلام الثراء , أما الدين فهو الوسيلة للوصول إلي الحكم و المصداقية التي تضمن لك ولاء الرعية و العصا التي تضرب بها أعناق المعارضين .


المصادر :

1- التأسلم السياسي و روافده / د. رفعت السعيد

2- تجربة الإخوان في الميزان / محمود عبد الشكور

3- معالم في الطريق / سيد قضب



النص الكامل للمقال

هو المِيْنِيمَم كام؟

13.7.08 |


بقلم سوسن

الكوفي شوب أو القهوة هما تطبيق رجال الأعمال لنظرية "المكان الثالث". النظرية مبنية على أساس أن المدينة المكدسة بأطياف البشر هي بيئة خصبة لانتشار الجريمة و الكراهية و الظلم الاجتماعي، و ذلك لأن هذا التكدس قائم على وحدة المكان فقط و لا يوحد أهل المدينة (ذوي الأصول الريفية عادة) غير المكان دمٌ أو دين أو هوية ثقافية/عشائرية تعمل على حفظ النظام و الأمان

من هنا جاءت فكرة المكان الثالث: مكان محايد يعتبر "مشاعاً" لأهل منطقة معينة، يتردد أهل هذه المنطقة على هذا المكان لكسر حدة الاختلافات بينهم و إيجاد أرض مشتركة تسمح لهم بنشر الألفة و درء العنف و ربما بناء شبكة اجتماعية تُيَسر إيجاد الوظائف و توجيه العارفين بمجال معين للآخرين. لا يتحقق ذلك بمقابلتك لأصدقائك هناك فحسب، و إنما بالتآلف مع وجوه الغرباء الذين يترددون على نفس المكان بانتظام.

كانت هذه هي الوظيفة الكلاسيكية للقهوة و لعب الطاولة على ناصية الشارع حتى أعاد اكتشافها رجال الأعمال الجدد كمشروع مربح "جداً". تغير شكل القهوة فأصبحت كوفي شوب و سمح للمرأة بدخولها بينما بقيت القهوة الكلاسيكية على شكلها و تظل اليوم حكراً على الرجال في معظم الأحيان. على كل حال، لا زالت القهوة أو الكوفي شوب تقوم بوظيفتها كمركز تتفاعل فيه، قارئي، مع أنماط مختلفة من البشر تفيدهم و يفيدوك و تؤثر و تتأثر بهم بمجرد وجودك هناك.

من المفترض أن هذا "المَشاع" يجمعك أنت و صاحبتك و ربما الشلة مع موظفة شئون الطلبة و مع جارك الحاصل على دبلوم لاسلكي. و لكن رجل الأعمال في النهاية يهدف للربح، فكان يجب أن يجد طريقة لمنع هذه "الأشكال" من التطفل عليك أيها الزبون الهاي كلاس حتى يكسب زيارتك كل مرة ترغب فيها في ارتياد أحد المقاهي غربية الهيئة (محاولة فاشلة لإيجاد بديل لكلمة كوفي شوب!).

إيه العمل إيه العمل؟ قالك إنه المينيمم تشارج!!
و ما هذا إلا طريقة من القائمين على المكان لضمان مكسب أدنى من مرتاديه و العمل على تنسيق وجود أبناء الطبقة الاجتماعية و الثقافية المتماثلة فيه، مفهوم مفهوم. لكن الجديد هو السعار التجاري لمديري المقاهي لرفع هذه الإتاوة لأسباب مختلفة: أحياناً نفهم أن التضخم هو السبب، و لكن في أحيان أخرى تــــفـــــاجــأ بزيادة غير متوقعة و غير مفهومة. أشرحها لك أنا لأني عارفة كل حاجة: عادة ما يتم ذلك مع تغيير الإدارة أو مع بداية ربع العام الجديد و الذي يتم فيه تنفيذ سياسات جديدة لإدارة المقهى، منها تحسين صورته كمنتج
better product image لكسب نوع معين من الزبائن أنيق الطلة فَرِط الطلب كريم البقشيش.

و لكن للأسف ينسى المدراء أنهم بذلك يهمشون طبقة محورية و هي الطبقة متوسطة الدخل في سبيل استقطاب مجموعة صغيرة من المستهلكين الأغنياء و أحياناً الأغبياء. قد أكون أتحدث عن تجربة ذاتية بتدويني لهذه الخاطرة: شعرت بالدونية عندما ذهبت لأحد المقاهي غير ذات الخمسة نجوم أنا و أصدقائي، و بأمر القرعة كان دوري للسؤال السخيف "من فضلك، هو المينيمم كام؟" و الحصول على الرد الأسخف من الجارسون "50 جنيه" في نبرة استفزازية و كأن هذا طبيعي و ليس كأن الخمسين جنيهاً قد تكون ثلث مرتبه هو شخصياً!

من المهم التأكيد على أني لا أتحدث عن المقاهي التي تستضيف أبناء تماسيح البلد. إنما تهميش كياني المتواضع و أمثالي، بجانب أصلاً وجود الكثير و الكثير من الكبت و البغضاء من قبل أبناء الطبقات الإجتماعية الأقل حظاً، يعد استثماراً كبيراً في منتج العنف العشوائي. ربي أعلم إلى أي مهلك سوف يأخذنا هذا الإصرار على التمييز الطبقي الكاذب و السذاجة في عدم الالتفات لتبعاته.



النص الكامل للمقال

فين السنيورة ؟

12.7.08 |



بقلم د. إياد حرفوش

نعرف جميعا لعبة الثلاث ورقات ، و التي كان النصابون في الموالد يستنزفون بها أموال السذج في لعبة هي نوع من أنواع القمار الشعبي الرخيص، و تعتمد على خلط الأوراق، فيريك اللاعب الثلاث ورقات و منهم ورقة الدام ، و هي المدعوة شعبيا بالسنيورة، ثم يضع الأوراق بسرعة أمامك مقلوبة بخفة يد و مهارة حتى يلتبس عليك مكان السنيورة فتخسر القرش الذي راهنت به، و برغم كونها لعبة منقرضة، إلا أني لم أجد تشبيها أفضل منها لما يقوم به الإعلام المصري و العربي من خلط أوراق عمدي لتضليل الناس عن حقيقة العلمانية و الإلقاء بالظلال على وجهها، ليغطوا بذلك على حقائق التاريخ التي تدعمها وجوبا ، فيخلطوها دوما بالإلحاد و اللا-دين، أو يذهبون لما هو أبعد فيخلطونها بالتيارات الضد-دينية، و هذا فضلاً عن الخلط الذي نحسبه عن جهل أكثر منه عن سوء نية بين الليبرالية و العلمانية ، و الشتان بين هذه المفاهيم الأربعة كبير خاصة الثلاثة الأوائل



و نحن نزعم أن بداية التآمر على سمعة العلمانية كانت منذ ترجمت لهذه الكلمة من اللاتينية "سيكيولاريزم" و التي كان الأنسب أن تترجم إلى "عقلانية" و لكنها ترجمت حرفياً إلى "الزمنية" قديما، ثم أعيدت ترجمتها للفظ غريب عن اللغة العربية و بلا معنى تقريبا، هو "علمانية"، فلا هي نسبة للعلم و لا للعالم، و لا يوجد مصدر رباعي في العربية اسمه "علمن" لنشتق منه هذا الاشتقاق؟ ربما كان السبب أنها ترجمت على يد أعدائها قبل أصدقائها، لكن من الصعب أن نجزم بذلك

مبدأ لا مذهب


من غريب القول أن تجد الواحد من مشايخ الفضائيات يقارن بين أشخاص أو اتجاهات أو رؤى فيقول هذا إسلامي أو مسيحي و هذا علماني، و وجه الغرابة أن العلمانية ليست مذهبا محدد الإطار كالدين السماوي أو المذهب الفلسفي أو الاجتماعي، العلمانية مبدأ، يقوم على تنظيم شؤون الدولة و المجتمع بالاحتكام لرأي العلم و المنطق البشري، و على ألا يكون لرجال الدين سلطة رقابية أو تنفيذية على مؤسسات المجتمع المدني، و هو مبدأ دستوري موجود في دساتير أكثر من 80% من دول العالم بجميع مستويات تقدمها، ببساطة لأن تجربة التاريخ أثبتت أن علمانية الدولة تضمن لكل معتقد حرية اعتقاده بعيدا عن تحرك السلطة من طائفة دينية أو عرقية لأخرى، و هذا المبدأ هو ذات ما دعا إليه الرسول الكريم (ص) أكثر من مرة إذ ردد "سبحان الله ... أنتم أدرى بشؤون دنياكم" مقراً مبدأ الاحتكام للدين فيما يخص سلوك الفرد الشخصي و عباداته و أخلاقياته ، و الاحتكام للعقل و التجربة و الخبرة فيما يخص تنظيم التجارة و الزراعة، و اللتان ورد هذا التعليق بخصوصهما تحديدا، و بكافة مناحي الحياة قياساً على ذلك ، فلماذا نلقي في روع الناس أن عليك الاختيار بين دينك و العلمانية؟ بإمكان كل مسلم تقي و كل مسيحي مخلص أن يكون علمانيا من حيث المبدأ و دينيا من حيث التوجه الفكري ، فالتعارض بين المبدأ العلماني و بين أي مذهب من المذاهب الدينية أو الفكرية مصطنع تماماً

العلمانية و الليبرالية
أوضحنا أن العلمانية مبدأ عام في إدارة شؤون دولة و ليس مذهبا دينيا و لا فكريا، أما الليبرالية، و التي يكثر خلطها به شرقا و غربا، أما الليبرالية فهي مذهب سياسي، يضع حرية الفرد في المقام الأول بين غيرها من الاعتبارات في حكم الدولة، و نقيض الليبرالية ليس الفكر الديني أبدأ، و لكن نقيضها هو الفكر الشمولي الذي يعطي للدولة الحق في التدخل في حياة الفرد للحد الأقصى بتبرير الصالح العام ، و مصالح الدولة العليا و غيرها من الشعارات البراقة، و التي لم تستخدم في أغلب الحالات إلا لخدمة أهداف خاصة جدا بمن أطلقوها، و تقع المذاهب الشيوعية كالاتحاد السوفيتي السابق في نطاق الشمولية، لفرضها نموذج النشاط البشري بالكامل و ما يستتبع ذلك من تعليم و إعداد و تدريب لحاجات الدولة كما يقدرها الحزب الحاكم، و كذلك تقع الأنظمة الشمولية الكهنوتية كالمملكة العربية السعودية في ذات الإطار ، لا لشيء إلا لظاهرة المطوع و التي فشلت في المملكة نفسها و أصبحت تخطو حثيثا نحو الفناء ، و لعلنا نقول أن الخلط بين العلمانية و الليبرالية له ما يبرره و لا نظنه يحدث عن سوء نية، فهو خلط عالمي، سببه ظهورهما في توقيت متزامن، و وجود رواد مشتركين كتبوا في العلمانية و الليبرالية، و كذلك ضرورة الأخذ بالمبدأ العلماني لتطبيق الفكر الليبرالي، لكن العكس ليس صحيحا، فالنظام السوفيتي السابق كان علمانيا مع كونه شموليا

اللا-دينية و الضد-دينية
و هذان مفهومان يكثر الخلط بينهما من جانب، و خلطهما معا بالعلمانية من جانب آخر ، و هو خلط ليس له ما يبرره، لأنها مفاهيم متباعدة ، لذلك لا نحسن الظن بمن يزج بالعلمانية في حديثه كمرادف أو مكمل لأحد هذين المفهومين، و اللا-دينية هي الفكر الذي ينكر وجود خالق للكون خارج نطاق هذا الكون، و ينكر بالتبعية البعث و الحساب و الثواب و العقاب ، و قريبة منها اللا-أدرية و التي يعتقد أصحابها أن الإجابة على سؤال وجود الخالق من عدمه تحتاج إلى براهين ليست متاحة لدينا و لا ينتظر أن تكون متاحة مع البحث عنها، لهذا لا يرفضون القول بوجود خالق كما لا يقبلونه أو يتحمسون له ، أما التيار الضد-ديني فهو تيار فضلاً عن إنكار الأديان و القول بأنها نتاج فكري بشري محض، يرى في الدين ذاته شرورا و يطلب مواجهة و محاربة هذه الشرور، و إلى هذا ينتمي كل من ترونهم على مواقع الإنترنت يهاجمون الأديان و يسخرون من أصحابها و يدعون ارتباط الإلحاد بالتقدم و الإيمان بالتخلف، إلى آخر هذه الضلالات الفكرية التي لا تقل خطراً و لا سخفاً عن التطرف الديني في كل الأديان

النموذج التركي


إلى التيار الضد-ديني ينتمي القائد التركي "مصطفى كمال أتاتورك" الذي كان برغم فضله الكبير على الدولة التركية الحديثة كمؤسس لها و باعث لنهضتها، ينتمي للفكر الضد-ديني ، فيتهكم علنا على القرآن الكريم و يسخر من مبادئه و من الدين بصفة عامة ، و استطاع "أتاتورك" أن يثبت مبادئه تلك خاصة في مؤسسات القضاء و الجيش و هما مؤسستان محوريتان لضمان عدم الارتداد على خطه بعد موته، و كان له ما أراد من وقتها و حتى اليوم ، لهذا يحسن بنا أن نفرق بين دولة المؤسسات العلمانية في تركيا و بين التيار الضد-ديني في المؤسسات التركية خاصة الجيش و القضاء و جزء كبير من سلك الجامعة ، و النموذج التركي تحديدا لكونه الأقرب جغرافيا هو النموذج الذي يكثر المتأسلمين من ضربه مثلا مشوها للعلمانية التي ترفض الدين ، بينما لا يضربون المثل بعلمانية "لندن" التي عاش فيها قادتهم برغم احتقار العالم لهم، لكن ذلك لم يؤثر على حقهم في الحياة من المنظور العالمين، فعاشوا في ظل العلمانية التي يسبونها آمنين

نحن لا نريد من تركيا نزعتها الضد دينية يا سادة ، لكننا نريد الدولة المدنية التي أخرجتها من غمار العالم الثالث إلى بوابة الإتحاد الأوروبي


النص الكامل للمقال

مهارات غسيل المخ للمبتدئين

11.7.08 |


بقلم دروبس فروم ذي أوشن

مبقاش مصطلح "غسيل المخ" محصور فى اللعبة النفسية اللى بتعملها اجهزة المخابرات عشان تغير افكار المعتقلين ونظام افلام الأكشن ده ، بقي يتقال على كل وسائل تطويع العقول وتعطيل عمليات التفكير المنطقى فيها عشان تسلم بافكار معينة .. المغسولين كتروا أوى. تلاقى الواحد بيقول ده صح، وده غلط

-طيب ليه ؟؟
-مممممممم معرفش بس صدقنى ده صح وده غلط !!
كده وخلاص! عمليات غسيل المخ اللى بالمفهوم ده مش بتبقى بالضرورة تبع مؤامرة معمولة ضدنا خططلها الأعداء الأشرار، لكنها أوقات بتبقى غير مقصودة بالمرة، زى اللى احيانا بيمارسها الاهل على اولادهم مثلا، واوقات بتبقى مقصودة زى حملات معينة فى وسائل اعلام موجهة، لكن فى كل الاحول غسيل المخ حاجة سهلة خالص، وليها طرق بسيطة ممكن اى حد يعملها.

-1-
قول لهم : قال الله وقال الرسول
دى من اسهل واسرع طرق الغسيل :) ، هتلاقى عدد كبير بيسمعوك وبيصدقوك على عماهم ، هتلاقيهم بيقولوا التعبير الشهير "ده راجل كويس و بيقول قال الله وقال الرسول". افرح بقى انت اخدت اللقب ! اكيد مش قضيتى هى استخدام القرآن والسنة كمرجعية ، لكن القضية فى طريقة تعامل الناس معاها ، انهم بمجرد مايسمعوا حد بيقول ان كلامه له "دليل من القرآن و السنة" معناه ان كلامه اتوماتيك صح ! مش بيفكروا يتأكدوا من صحة الدليل ولا صحة الاستدلال بيه، ومش واضح عندهم الفرق بين فهم شخص ما للنص وبين النص نفسه وان فهم وتفسيرات الاشخاص مهما كانوا ممكن تبقى صح أو غلط .
مجرد امثلة بسيطة اكيد حصل شبهها مع اى حد فينا ، مرة واحد طلع فى برنامج فضائى مشهور ايام 6 ابريل وكده، و كان شخصية أمنية.. صاحبنا قال بكل ثقة "سيدنا محمد بيقول : "لا دخل لكم بحكامكم" ده حديث صحيح " (ملحوظة ، مفيش حديث اسمه كده اصلا )
وبعد فترة صغيرة حصل حوار عابر جدا عن حال البلد، فبنت زميلتى حبت تفقل الموضوع بطريقة شرعية فقالت نفس الحديث بنفس الثقة ! طلع صاحبنا اللى فى البرنامج (اكيد هو المصدر الاوحد الوحيد له عشان هو اللى مألفه :) ) ، وبردو بنت زميلتى تانية منتقبة ، قابلتنى فى الشارع و سلمت عليا قولتلها انى شبهت عليها من الشنطة والكوتشى. اتصدمت جدا لما قالتلى بكل ندم انها مش هتلبسهم تانى عشان بيخلوا الناس يعرفوها و خالتو "أم عبد الرحمن" فى الحلقة قالتلها ان كده يبقى "لباس شهرة" وبقى النقاب ملوش لازمة عشان محققش هدفه، ان "محدش يعرفها"! وقالت الآية "ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين"! مع ان تفسير "ام عبد الرحمن" للآية غلط جدا لفظا ومضمونا ، لكن التفكير ممنوع فى الحلقة عشان ام عبد الرحمن بتقول قال الله وقال الرسول ، هيبقى عند حضرتك قول تانى ؟

-2-
احكيلهم حكايات امنا الغولة
"ياناس البلد دى مستهدفة" ، "يااخوانى اعداء الامة يتربصون بشبابنا" واديها من الكلام ده كتير ، الناس وهى خايفة مبتفكرش ! هيمشوا على اللى انت قولته وهما بيبصوا وراهم مش هيبصوا قدامهم ولا هيفكروا رايحين فين ! شرط اساسى فى عمليات غسيل المخ الاصلية اللى هى بتحصل فى المخابرات على المساجين انهم لازم يخلوا اللى بيغسلوه خايف وتحت تهديد مستمر، والتخويف فعال أوى برضو فى الغسيل بتاعنا ده. اتكلم كتير عن المؤامرات واملا دماغهم بالكلام ده. عارفين رسالة الموبايل اللى انتشرت فى السعودية عن نوع من الشمام ، الرسالة بتقول محدش يشتريه عشان ده مستورد من اسرائيل ومحقون بالايدز وحالات كتير اتنقلهم الفيرس لما اكلوا منه !! الغريب ان الرسالة اتبعتت من واحد لواحد وانتشرت جدا ومحدش فكر ولو لثانية واسترجع معلومة بدائية ان الايدز مش بيتنقل بالاكل ! لكن ازاى نفكر ؟! الموضوع فيه اسرائيل وفيه ايدز ! ايه الرعب ده ! ننشرها وننقذ الضحية البرئية الجاية من الشمام الصهيونى المتوحش ولنا الاجر والثواب عند الله!

-3-
اقفل عليهم كل المنافذ
دى وسيلة منتشرة ومجربة (حتى بيعملوها معايا فى البيت) واوقات احنا بنعملها على نفسنا (ايوه يا فندم ممكن تغسل دماغك بنفسك:) ) ، لما بنجبر نفسنا او حد بيجبرنا بطريقة او اخرى اننا نبقى فى عزلة فكرية وتبقى الوصاية مفروضة على المدخلات اللى رايحة مخنا ، لما تخلى نفسك او اى حد ميقرأش مثلا لعبدالله القصيمى او لنوال السعداوى او ميسمعش رأى واحد مثلا عن دينه اللى هو دينك او اتمرد على ايديولوجيته ، لما تلاقى الشيوخ بتحذر من كتب معينة وبتطالب بمصدارتها وبتنفر من شخصيات معينة واحيانا بتحل دمها عشان بيقدموا فكر معارض وناقد للفكر اللى هما بيقدموه للناس ، عشان تغسلهم لازم تسجنهم فى الاطار الفكرى اللى انت عايزه ومتخلهمش يبصوا برا ، لحسن عقلهم يشتغل وينتقد ويحلل ويتفهم الاخر ويمكن يتبنى فكره وكده تبقى مصيبة!

-4-
خلى الدنيا ابيض واسود
لما تخلى الدنيا ابيض و اسود ، خير وشر ، حق وباطل ، واكيد حضرتك بتقدم الابيض والخير والحق ، ومش هيحتاجوا ذكاء عشان يستنتجوا ان كل حاجة غير اللى انت بتقولها اكيد هتبقى الاسود والشر والباطل ! الحكاية دى بتخلى الناس ساعة ماتفكر تقع فى غلط منطقى شهير اسمه الحكم المضاد او المناوئ ، اللى هو "التانين غلط اذن انا صح" ! تلاقى المغسولين كل كلامهم ان الغرب اباحى ولا اخلاقى لان ده معناه عندهم انهم اخلاقيين وكويسين، اليهود اشرار وسفاحين اذن العرب ملايكة وضحايا، الشيعة ضالين مضلين اذن السنة هاديين ومهتدين ، الاشتراكية فشلت اذن الرأسمالية ناجحة .. الخ ! كده الحمدلله هتطمن انهم بدل مايملوا دماغهم بفكر حقيقى مبنى على اساس منطقى هيملوها بس بمجموعة احكام مناوئة خاطئة تخدم مصلحتك.

-5-
قول لهم : "نحن نختلف عن الاخرون"
خليك زى هتلر كده اللى أسر قلوب ناس كتير وضيع عقولهم تحت تأثير اسطورة انهم من درجة اعلى وارقى من بقية خلق ربنا. هو حد يكره؟! البشر بطبعهم فيهم نزعة داخلية صغيرة للغرور ، ياسلام بقى لو انت تقولهم كلام يكبر النزعة دى ويطورها لنوع من العنصرية! قولهم انتم شعب الله المختار وانتم خير امة اخرجت للناس ، ده هيخليهم يرضوا تماما عن الافكار والاطر اللى متبنينها ولو فكروا يفكروا هيبقى تفكيرهم مجرد وسيلة لمناصرة افكارهم الموجودة عندهم بالفعل .
بصراحة ، انا شخصيا بحمل المسئولية على الضحية ! لان المغسولين مش بيبقوا معمولهم تنويم مغناطيسى ولا محرومين من الاكل والنوم فى المعتقل ، لأ دول بيبقوا فى كامل وعيهم وارادتهم وسايبين حد يطوع عقولهم ويتحكم فيها ويحط حدود خيالية علي فكرهم ويفرض عليهم طريقة حكمهم على الامور ... صحيح ان فى حاجات ممكن تكون حتمية، زى الغسيل المبكر اللى فى التعليم المصرى والاعلام المصرى، بس الواحد ممكن يصلح اللى اتكسر بإنه يتخلص من الثقافة السميعة كمصدر اول، ويعلم نفسه طرق التفكير المنطقى الموضوعى -والله شوية منطق عمرهم ماهيضروا!



النص الكامل للمقال

في بحث أسباب التخلف المصرى

10.7.08 |


بقلم إيجي أناتوميست


والتخلف يعني تدني القراءات التنموية المصرية في معظم المجالات؛ بمعنى تدني مستوى دخل الفرد المصري، وتدني مستوى تعليمه، وتدني مستوى صحته، وتدني مستوى الخدمات العامة التي تقدم له، وتدنى مستوى مشاركته في السياسة وصنع القرارات التي تمس مصيره، وتدني مستوى حرياته السياسية والاجتماعية، وكذا مستوى حرياته الدينية بالنسبة للبعض، وتدني نصيب مساهمة المصري في الانتاج الصناعي الحديث، وتدني انتاجه الفكري والثقافي، وتدني روحه المعنوية ورضاءه عن بلده بل وعن حياته بأكملها

وتتعدد الآراء في تحليل أسباب المشكلة؛ فنظام الحكم – ديكتاتوريته وفساده تحديدا- متهم أساسي في أغلب الأحوال. وأمريكا وإسرائيل والقوى الإمبريالية لا يغيبون عن الصورة. والثقافة المصرية – في وجهها العربي المسلم – هي السبب المفضل عند المفكرين العلمانيين أو أغلبهم. وعبد الناصر مجرم رئيسي عند كثيرون. والسادات مخرب عظيم عند عدد غير قليل. وغير ذلك كثير ومتعدد من الأسباب والمسببات والحكايات وبعض الأساطير.

إذن، فالحوار دائما يدور حول ثلاثة اتجاهات رئيسية. السياسة والاقتصاد والثقافة. فالسياسة أحيانا هي سبب تخلفنا (غياب الديمقراطية والقهر السياسي والفساد الخ الخ)، أو الاقتصاد (تطبيق الرأسمالية وتخلي الحكومة عن الشعب وبيع القطاع العام الخ الخ)، أو الثقافة (البعد عن الدين من وجهة نظر البعض أو كثرة التشدد والتطرف الديني في رأي البعض الآخر أو انحطاط الذوق العام وتدنى المستوى الثقافي المصري عموما، أو ما يراه البعض من طبيعة مصرية خاصة تتسبب في التخلف وتكرسه، الخ).

ويبدو أن المصريين، عموما، يعتقدون أن من بين ما سبق، فإن غياب الديمقراطية، والفساد الاقتصادي في أعلى السلطة، هما أهم سببين للتخلف المصري.
ولمعرفة الأسباب الحقيقية لهذا التخلف، من وجهة نظري، يجب تطبيق بعضا من المنهج العلمي الذي تقدمت به الدنيا شرقا وغربا، وظل غريبا عن ثقافتنا، منبوذا فيها، مطاردا، شريدا. فيجب بداية أن نفرق بين السبب والنتيجة، بين الأصل والفرع، بين المرض والعرض.

ففي رأيي أن غياب الديمقراطية وانتشار الفساد السياسي والاقتصادي ليسا أسبابا حقيقة للمسألة المصرية. بل أنهما أعراض أكثر منهما أمراض. وأنهما – وإن تسببا ويتسببا في العديد من الكوارث – إلا أن إزالتهما تماما من الصفحة المصرية لن تؤدي إلى إزالة التخلف المصري.

لنتخيل مصر شخصا مريضا. فهو يعاني من العديد من الأعراض والظواهر. وكل عرض يعاني منه يسبب بدوره أعراضا أخرى، والطبيب قد يتوه بين الأعراض المتعددة فيغفل عن الفيروس الأصلي المسبب للمرض، وبالتالي فإنه يركز على إزالة أحد الأعراض – القضاء على الفاسدين مثلا أو تغيير نظام الحكم – فيفاجَئ بنظام حكم أسوأ أو بطبقة مسيطرة أكثر فسادا، حيث أن السبب الذي يفرز هذه العفانات مازال حيا يرزق.

فما هو السبب أو الفيروس المصري؟

يقول المصريون عن مصر أنها تختلف عن كل البلاد الأخرى. يعتقدون أنها متفردة في كل شئ.. أنه ليس كفرحها فرح ولا كحزنها حزن.. أنها وحيدة في مشكلاتها وهمومها.. وأن ناسها متفردون فرادة نيلها وأهراماتها..

وفي الحقيقة.. مصر ليست متفردة كما نحب أن نفكر فيها. وإن كانت متفردة، فإنه تفرد بقدر ما أن كل بلد في العالم متفرد وله خصوصيته وظروفه. كما أنها ليست حالة خاصة بين بلاد العالم وخلق الله. وما جرى على دول الدنيا ينطبق على مصر، وغيرها من بلاد العرب التي تمر بنفس التخلف والتأخر عن موجات التقدم المتلاحقة.

ولكي أوضح سبب المسألة المصرية، أستميح القارئ عذرا في ممارسة بعض التخيل مجددا.

لنتخيل المجتمع – أي مجتمع بشري – عبارة عن أسرة واحدة مكونة من زوج وزوجة. الزوج يمتهن السرقة والزوجة تمتهن البغاء. السرقة والبغاء هما الوسيلتان اللتان يتحصل بها هذا المجتمع على رزقه ومنهما يقتات ويعيش ويحيا. إذن فهذه هي وسائل الإنتاج المتاحة لهذا المجتمع أو لهذه الأسرة. هذا هو نظامه الاقتصادي.

هل لنا الآن أن نتخيل شكل العلاقات بين طرفي هذه الأسرة؟ بين الحرامي والعاهرة؟ لا شك أن النظام الذي يديرون به أمورهم ويسيرون به شؤونهم سيكون متأثرا بشكل حاد بوظائفهم. فهذا النظام ولا شك سيكون شديد البراجماتية والغائية، بمعنى أن الغاية تبرر الوسيلة بامتياز. كما أن علاقاتهم الخارجية ستكون متقاربة مع نظرائهم من اللصوص والعاهرات أكثر مثلا من الأطباء والمحامين. كما يمكن أن نتخيل أن اللغة السياسية بين هذا الثنائي ستكون منحطة بعض الشئ، متدنية كثيرا. وفي نفس السياق لا يمكن أن نتصور أي نوع من الديمقراطية في إدارة شؤونهما، إذ سيسود الأقوى والأكثر مالا منهما ويسيطر على الآخر. هذا إذن باختصار هو شكل النظام السياسي لهذا المجتمع/الأسرة.

هل لنا الآن أن نتخيل ثقافة هذا الثنائي؟ لا شك أنها ستكون ثقافة غوغائية، طفيلية، متسلقة. لا شك أنهم سيعشقون أسوأ ما في الفن وأحطه، وسيُعرضون عن أي نوع من الثقافة المعقدة الراقية. لا شك أنهم لن يستطيعوا أن يقدروا قيمة لوحة فنية جيدة، أو عمل سينمائي يناقش فكرة فلسفية أو اجتماعية عامة، ولا شك أنهم سيكرهون القراءة ويلعنون المدارس التي تفسد الناس. هذه هي الثقافة.

طيب، لو تحول هذا الثنائي إلى مهندس وطبيبة مثلا. أو محاسب ومدرسة. هل ستختلف الطريقة التي يديرون بها أمورهم (السياسة) والوسائل التي يعبرون بها عن مشاعرهم وأحاسيسهم ( الثقافة) ؟ لا شك أنها ستختلف اختلافا جذريا. ولا شك أن المهنة تخلق ممتهنها. وأن أغلبنا لا يختار المهنة التي يمارسها. ولكنها تصنع كل مستقبله وثقافته وسياسته ومصيره.

فمن المحتم أن طريقة الانتاج التي تسود في مجتمع ما تخلق علاقات اجتماعية (سياسية وثقافية وغيرها) متأثرة بهذه الطريقة ومتشكلة على نسقها. فالمجتمع الذي يعتمد في تحصيل رزقه (دخله القومي) على أدوات العلم الحديثة (مصانع، ماكينات، أجهزة كمبيوتر، ليزر، نظم اتصالات، هندسة وراثية) يختلف كثيرا عن المجتمع الزراعي مثلا، أو التجاري، الخ، ويظهر الفرق بين هذه المجتمعات في طبيعة النظم السياسية السائدة فيها، فضلا عن الثقافة العامة من قيم وعادات وتقاليد وآراء وفن الخ.

وإذا ذهبنا للحديث عن مصر تحديدا، فإنه يمكن تشبيه مصر بأسرة مكونة من عشرة أفراد. الأب والأم فيها يمتلكون قطعة أرض موروثة عن الأجداد تدر عائدا ضعيفا. الأب والأم يستعينون بالإبن الأكبر ليساعدهم في تحصيل عائد قطعة الأرض الشهري وتوزيعه على الإخوة السبعة الآخرين الذين لا يعملون تقريبا. يتظاهرون بالعمل كل يوم. يخرجون ويذهبون ويعودون كأنهم يعملون، بينما هم في الواقع لا يعملون إلا الخروج والدخول والهيصة الكدابة. الإخوة يصرخون كل شهر وقت التوزيع شاكيين قلة الإيراد أمام متطلبات الحياة التي تغلو باستمرار. الإيراد يسرق جزء كبير منه الأخ الأكبر، كما تقتطع منه الأم جزءا لشراء بعض احتياجاتها الشخصية بعيدا عن قبضة الأب الحديدية. الأب يسرق أيضا بعض نصيب الأبناء لزوم مزاجه الشخصي. هذا هو النظام الاقتصادي المصري عبر التاريخ.

من هذا النظام تولد السياسة. الأب والأم – حتما – سيحكمون هذه الأسرة بالديكتاتورية والنار والحديد. الأب والأم (النظام السياسي) سيبررون هذا الحكم بالعديد من الوسائل مثل الدين (أن الأب رجل مصلي يعرف الله مثلا) أو الحكمة (الأب جنَّب الأسرة العديد من الكوارث التي وقعت فيها الأسر المجاورة)، أو الصراع ضد الأسرة الكبيرة في الشارع المجاور التي تريد أن تحتل منزل أسرتنا.. الخ.. الخ. سيكون حكما لا يعرف للديمقراطية طريقا مهما طالب بها الأبناء. سيحاول الأب – لإسكات ضغط الأبناء وصراخهم – إيهامهم أنه يشركهم الآن في شؤون الأسرة وأنهم أصبحوا صناع قرار، وسرعان ما يكتشف الأبناء السبعة أنهم – مثلما كانوا عبر تاريخهم – متفرجين على الهامش، وأن الأب والأم (النظام السياسي) والإبن الأكبر (الحكومة وأجهزة الأمن) يستحيل أن يفوضوا جزءا من سلطاتهم لأي من كان طالما ظلت وسائل الإنتاج (قطعة الأرض) في أيديهم. نستطيع الآن أن نعرف أن الأب سيفضل أن يرثه في الحكم إبنه الأكبر وكاتم أسراره وسط صياح الكتاكيت الصغار ورفضهم غير المؤثر. هذا هو النظام السياسي في مصر عبر تاريخها ولو تعددت الأشكال وتغيرت الصور وتبدلت الأسماء ما بين إمبراطورية وخلافة وسلطنة ومملكة وجمهورية.

الثقافة تابعة للاقتصاد مثلها مثل السياسة. هذا لا ينفي أن كل من السياسة والثقافة يؤثران أيضا في واقع المجتمع. التبعية تعني أن ملامح النظام السياسي وملامح الثقافة السائدة في المجتمع تتحدد وفقا لخصائص النظام الاقتصادي المسيطر وطريقة الانتاج المتبعة. تدور ثقافة هذه الأسرة كما نقدر أن نتصور حول عبادة الفرد. الأب يغذي الشعور الديني في أبناءه، رابطا بشكل ضمني وغير مباشر بين عبادة الله في السماء وتقديسه هو – الأب - في الأرض. فلا حياة تستقيم بغير وجود هذا الأب الضامن لحياة أبناءه. الأبناء، الذين لا يعملون ولا ينتجون شيئا ولا يدخلون في صراع مع الطبيعة لتحويلها لأشياء مفيدة، يعانون من مشاكل الفراغ وعدم تحقيق الذات، تزداد دروشتهم واقبالهم على الحشيش والحريم، يتظاهرون بالتدين الشكلي يخبئون به خيبتهم وعجزهم واحباطاتهم. يعشقون النكتة يتخففون بها من شعورهم بالقهر والقمع الذي يمارسه الأب والإبن الأكبر. تسود ثقافة منحطة فاسدة منعدمة المنطق بين هؤلاء الإخوة الذين يتزاحمون ويكيدون لبعضهم أملا في الحصول على نصيب أكبر من الريع. هذه هي ثقافة مصر، وإن جرحت الكلمات وقست.

وبدلا من أن يفهم الأبناء السبعة أن مشكلتهم كلها تنحصر أساسا في النظام الاقتصادي المتخلف، الذين يعيشون عليه ومنه، فيعملون على تغييره لنظام آخر، يغير بالضرورة سياستهم وثقافتهم، نجدهم يطالبون – فقط – ببعض العدالة في التوزيع. يطالبون بتغيير الأخ الأكبر (الحكومة) الذي استأسد عليهم وأن يحل محله آخر من بينهم. يستجيب الأب أحيانا ويختار واحدا آخر من أبناءه ليساعده في تدبير شؤون الأسرة، ولكن سرعان ما يتحول الأخ الذي يصبح في مكان الأخ الأكبر لنسخة طبق الأصل من سابقه. يتطور الأمر ليثور الأبناء مرات على الأب نفسه ويزيحونه من القمة، يقررون إقامة حكم ديمقراطي من بينهم. مرة أخرى، يتفرعن هذا الحاكم الجديد ويستعيد سيرة الأب ويحذو حذوه. هذه هي طبيعة الأمور في مصر، تحتمها وتفرضها ضرورات الاقتصاد وخصائصه.

النظام الاقتصادي الريعي السائد في مصر منذ آلاف السنين يخلق سياسة فرعونية مركزية ديكتاتورية وثقافة خانعة خائفة مستكينة.

النظام الاقتصادي المصري يميل تاريخيا للاشتراكية ويكره الرأسمالية. يميل للتنميط ويكره التفرد. يميل للتكرار ويكره الإبداع. يميل لحكم الفرد ويكره التعدد. يميل للرأي الواحد ويكره الاجتهاد.

تحدث بلا شك انعطافات وتغيرات. تحدث ثورات وتبدلات في نظام الحكم والنظام السياسي ولكن سرعان – سنوات قليلة – ما تعود المياه المصرية إلى مجاريها الأزلية.

تغيير النظام الاقتصادي المصري – عن طريق تصنيعه وإدخاله عصر الرأسمالية الصناعية ثم الرأسمالية المعلوماتية – هو الطريق الوحيد – أكرر الوحيد – لإحداث التغير المنشود في السياسة والثقافة المصريتين.

أضحك ملء الفم من مطالب بالديمقراطية في السياسة والاشتراكية في الاقتصاد في نفس الوقت. الاشتراكية لا تنتج ديمقراطية ولا حرية. لم يحدث عبر التاريخ ولن يحدث. التناقض بينهما مثل التناقض بين سالب وموجب المغناطيس.

أضحك ملء الفم من مطالب بالديمقراطية في السياسة وتطبيق الشريعة الإسلامية في السياسة أيضا. كمن يقول أنه يريد نظاما اشتراكيا رأسماليا، أو نظاما مدنيا عسكريا.

لا ينخدعن أحدكم في التحولات الاقتصادية الجارية في مصر خلال السنوات الأخيرة أو إذا شئت فقل منذ عام 1974 عام بداية الانفتاح الاقتصاد المصري. إسمع يا سيدي: الاقتصاد المصري – حتى تاريخه – لم ينفتح بعد. الاقتصاد المصري مازال يميل للاشتراكية والمركزية والريعية. مازال ثلث – أو أكثر – القوة العاملة المصرية تعمل بالحكومة (عفوا هي لا تعمل) وتتحصل على العائد الشهري من الأب. مازالت معظم وسائل الإنتاج في يد الدولة. وبالتالي فستستمر ديكتاتورية الدولة طالما استمرت سيطرتها على الاقتصاد.

يا مصريين: لكم في دول شرق أوروبا أسوة حسنة. لكم في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا أسوة حسنة. لكم في أمريكا اللاتينية أسوة حسنة. كل هذه الدول غيرت نظامها الاقتصادي وانفتحت انفتاحا كاملا على العالم ورحبت بالعولمة الاقتصادية وحدثَّت اقتصاداتها ولم تنشغل عن هذا الهدف بغيره. والنتائج؟ السياسة تتغير في هذه الدول. مزيد من الحريات والديمقراطيات (غصب عن عين أي حاكم) مزيد من التقدم الاجتماعي. مزيد من السعادة لشعوبها. مزيد من الثقافة الرفيعة. مزيد من كل شئ حسن وقليل من كل شئ سئ


النص الكامل للمقال

خمسة زراعة-2

9.7.08 |


بقلم ولاء عبد المنعم سالم

كله إلا الجواز
كله بالخناق إلا الجواز بالإتفاق ... مثل جميل
في بقى قصة للناس اللي عايزة تستند للدين والسنة ظريفة جداً ؛
بإن صحابية راحت تشتكي لأمير المؤمنين بإن والدها ارغمها على الزواج من رجل لا تريده ...صحيح انها رفضت الطلاق لإنه زوج صالح بس كان فيه هدف من شكواها إن محدش يرغم بناته على الزواج .. آدي الصحابة !

عندنا بقى في مجتمعنا شبح يهدد كل بيت فيه بنات ...إسمه العنوسة
البنت تكبر و تخلص الجامعة و يبدأ ناقوس الخطر ...الفكرة بقى إن زي ما الأطفال عارفة الشخصيات الغريبة زي امنا الغولة و أبو رجل مسلوخة
كل الآنسات عارفين البعبع ...العنوسة! و بيحاولوا الهرب منه زي الطفل من الضلمة. يا عيني تلاقي لنفسها عريس ...أو بلغتنا توقع إبن الحلال

الطامه الكبرى الأهالي ...و هما بقى ليهم دور كبير في الموضوع ده
البنت هتتجوز امتى ولا متجوزتش ليه هو موضوع الموسم و كل قعدة
ماهي بنت فلانة و بنت علانة اتجوزت ...و يبدأ الأهل بالضغط بقى
تلاقي البنت مسحوبة في كل مناسبة و تتحط للفرجة، بيمشوا سوقها
بس الكارثة إن فيه أهالي إعتبرت بناتها عبارة عن عار لإنهم آنسات لسة
لو وصلوا قرب الثلاثين و انهم بقوا وصمة العار و سبب المعايرة للعائلة
و محدش يفتكر اني بأهول.. فيه أهالي بتستعمل التهديدات بشتى الطرق و يمكن كمان الضرب عشان البنت تتجوز عريس الغفلة و تخلصهم من عارها

و المصيبة دي بتحصل في بيوت راقية و متعلمة ....ماهي المشكلة مش في التعليم ولا الدين بس في زراعتنا الغلط ... بقالنا عهد لسة ماشيين بالمثل - بس حد يقولي على صاحبه!- ضل راجل ولا ضل حيطة

يا ترى إللي بيدور على الضل ده فكر مرة في العواقب؟ ...بنته يا ترى
هترتاح؟ ... الإختيار موفق؟ .. بس مين يفتكر أصلاً أما البنت تخبط على الباب
و العيل في أيد و الشنطه في اليد التانيه ودمعتها على الخد
و نرجع ندور الطلاق نسبته ارتفعت ليه

تصوروا إن د. رأفت -و هو دور الأب اللي قام بيه الفنان فؤاد المهندس في مسرحية "سك على بناتك"- ساعة ماخدوش يا بابا ماخدوش، و لو أنها كانت في الثمانينات، كان أكثر تحضراً من آباء كثر من بتوع الألفية التالتة

بس أنا عايزة أعرف : مالها الحيطة ؟


النص الكامل للمقال

الثانوية العامة: خلل في عقل أمة

8.7.08 |


بقلم عم مينا

السؤال الي دايماً بيُطرح بين الناس في مصر هو عن مصدر المشكلة، عن مصدر حالة التردي و التخلف اللي وصلتلها البلد، لدرجة ان فيه ناس كتير فقدت الأمل في امكانية الإصلاح أو التغيير و بيقولوا دي "شكلها باظت" علي رأي الكاتب الساخر عمر طاهر

الحديث بيقودنا دايماً الي ظواهر هذا التردي و ينسينا أصل المشكلة. أساس المشكلة أننا أمة أمية و اما بتكلم عن الأمية فأنا ما بأقصدش نسبة ال٤٠٪ اللي مبيعرفوش و لا يقروا و لا يكتبوا، أنا بتكلم علي ال٦٠٪ الباقيين اللي المفروض انهم اتعلموا و معظهم معاه ثانوية عامة و دخل الجامعة. هذه الفئة المفروض انها تكون عجلة المجتمع. و لكن للأسف هم السبب في عدم تقدم هذا البلد لأنهم التحقوا بنظام تعليمي، في رأيي، هو الأفشل في العالم كله. هذا النظام الكفيل بقتل أي موهبة أو عبقرية و هي في مقتبل العمر.

و دي هي الأسباب:
أولاً النظام التعليمي عندنا يعتمد علي التلقين و ليس التفكير، و علشان كده لو الطلبة حفظت المنهج كله يبقي الكل متساوي، فإزاي ممكن تظهر لك عبقرية مثل أحمد زويل؟ احنا اللي اخترعنا تعبير "الإجابة النموذجية" و هي الإجابة اللي لازم تحفظها علشان ترجعها في إمتحان الثانوية العامة و تاخد الدرجة النهائية.. انما تفكر بقي و تقول رأيك، اجابتك ممكن تكون صح بس مش نموذجية و ساعتها تنقص درجات. ده حتي التعبير عندنا له جمل معينة لازم تحفظها علشان تحطها في الإمتحان و موضوع التعبير بتاعك يبقي نموذجي! يا جماعة حرام عليكو ده اسمه "تعبير"!.. و كأن التعليم عندنا بيُعدك للحياة الحقيقية ، زي ما أنت مالكش الحق انك تعبر عن نفسك في الحياة السياسية فيبقي من الأول مالكش الحق تعبر عن نفسك في ورقة الإمتحان لاحسن تصدق إنك بني آدم و ليك رأي و لا حاجة.

بمناسبة الاجابة النموذجية، أنا متخرج من نظام البكالورية الفرنسية و كان عندنا كتب بيبقي فيها الإمتحانات القديمة و كان بيبقي فيها إجابات الأسئلة بس كانوا دايماً علي رأس الصفحة بيكتبوا "هذه الإجابات ما هي إلا احدي الطرق لحل هذه الأسئلة فمن الممكن أن تكون اجباتك مختلفة و صحيحة أيضا"ً.

ثانياٌ نظام القبول في الجامعات يعتمد علي شيء واحد و هو امتحان الثانوية العامة. يعني حضرتك ممكن تكون طالب ممتاز من أولي ابتدائي لغاية تانية أو تالتة ثانوي، تيجي يوم امتحان الثانوية العامة تحل سؤال غلط فمتدخلش الجامعة اللي انت عاوزها. المشكلة هنا ليها شقين.. أولاً فكرة ان يكون امتحان واحد هو اللي يحدد مستقبلك، و ده السبب الرئيسي في وجود الدروس الخصوصية لأن دور المدرس الخصوصي هو انه يعدك لهذا اليوم المشئوم، و لكن لو كان انجازك اليومي في المدرسة هو اللي هيحدد مصيرك ما كانش هيبقي فيه لازمة للمدرس الخصوصي لأنه مش ممكن هيقدر يتابع ٣٠٠ طالب كل واحد فيهم في مدرسة شكل. الشق التاني هو فكرة ان المجموع هو اللي يحدد تخصصك. من هنا ولدت فكرة كليات القمة و كليات القاع، مش احنا الي جبناها من عندنا.. الدولة هي الي بتقولك لو انت شاطر و جبت ٩٩٪ تبقي دكتور بس لو جبت ٧٨٪ يبقي كفاية عليك آداب أو حقوق، و النتيجة ان ولا الدكتور ..دكتور بجد.. ولا المحامي ..محامي بجد.. لأن كل واحد فيهم مكتب التنسيق هو الي قرر له مستقبله.

الحل للمشكلتين دول بسيط جداً. في أوروبا و الدول المتقدمة حلوا المشكلة الأولانية بإن الجامعات بتطلب منك درجاتك في آخر ٣ سنين ليك في المدرسة، امتحانات في الفصل، مشاريع، امتحان آخر السنة، كل حاجة.. و بكدا ميكنش فيه امتحان واحد هو اللي يا يطلعك السما يا ينزلك سابع أرض. أما المشكلة التانية فحلوها بفكرة ان قبولك في تخصص معين في الجامعة مش قائم علي مجموع و خلاص و لكن بيتم بطريقة علمية بيشوفوا فيها كل درجاتك و بالذات في المواد المتعلقة بالتخصص ده و ممكن كمان يعملولك امتحان قدرات أو مقابلة شخصية علشان يعرفوا مدي اهتمامك و حبك للمجال اللي انت عاوز تتخصص فيه. و لو كان حلم حياتك مثلاً تبقي مهندس فمش معني ان درجاتك مش عالية انك لازم تخش حقوق، ممكن تدخل هندسة بس في جامعة أقل مستوى، يعني بدل ما تدخل هندسة القاهرة، تروح هندسة طنطا. و من هنا تلاقي انه الطلبة برة هدفهم مش انهم يدخلوا تخصص معين لان في الآخر كل واحد هناك بيدرس اللي هو غاويه و لكن التركيز كله بيبقي انه يدخل جامعة كويسة و ليها اسمها.

اذا كنا عاوزين نبقي دولة منتجة يبقي أول حاجة لازم كل واحد يبقي في مكانه المناسب اللي هو بيحبه و يقدر يبدع فيه، وعلشان ده يحصل لازم ننسف نظامنا التعليمي كاملاً و نبنيه من جديد، مش نغير اسم شهادة الثانوية العامة لشهادة اتمام التعليم الثانوي زي ما اقترح سيادة الرئيس



النص الكامل للمقال

مصر هبة النيل

7.7.08 |


بقلم حنان الشريف

مصر هبة النيل ... المقولة الخالدة لهيردوت
لأنه رأى أن مصر ليست خيمة وناقة وجمل وحصان وسيف وصحراء وقحط .. فالبلاد التي تحمل تلك الصفات هي بلاد أخرى وهوية أخرى غير مصر .. واسمها بلاد العرب ... أما مصر فهي نيل، نهر طويل عريض، ووادي خصب وأهرامات ومسلات.. فمصر بمعابدها واهرامها وملامح اولادها التى رسمها اجدادنا الفراعنة على جدران معابدهم ونقشوها على الحجارة تصرخ بأن مصر فرعونية

نعود لعبارة مصر هى هبة النيل ... ولكن مهلاً.. تنتابنى هنا وقفة ً.. لو ظل هيرودت حياً حتى يومنا هذا كان نطق مثل تلك الكلمات؟ بعد أن إنقلب لون المياه الزرقاء بفعل إنعكاس السماء الصافية على صفحاتها التى تغزل فيها بيرم وابدعت فى ادائها ثومة .. شمس الأصيل دهبّت خوص النخيل يا نيل تحفة ومتصورة في صفحتك يا جميل .... فلا اصبحت الصفحة زرقاء ولا خضراء بل قلبت للون الأسود بفعل جرائم الإغتيال اليومى من عوادم سيارات ودخان مصانع حتى تم قتل اللون الأزرق مع سبق الإصرار والترصد ليحل محله اللون الأسود! ... ومع التعود على رؤية صفحات النيل باللون الأسود اصبح اللون المفضل لدى الكثير من المصريين، لدرجة انهم اختزلوه فى زي موحد ليصبح فرض يغطى الأجساد من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين والعقول أيضاً، فأصبح من يكتشف ويخترع كافر، ومن يكتب فى الأدب لابد من قتله او نفيه خارج البلاد، حتى هرب العلماء وكف عن الكتابة الأدباء وحل مكانهم الدجالون والمشعوذون .. اختفت الشياكة وحل مكانها السروال واللحية -التى كلما طالت كلما قصرت الجلابية- والزبيبة وتصاريم الوجه الصارمة لابراز البشاعة... إختفت الأناقة وحل مكانها السواد الداكن من أخمص القدمين حتى أعلى الرأس، فالقدمان عورة لذلك فرض ارتداء الجوراب الصوف الاسود، والكفان ايضا عورة لذلك يجب ارتداء القفازين الاسودين.. ولكن طالما مقتنعات انهن عورة، فلماذا ينتشرون فى الاسواق وفى الشوارع؟ وكيف تحادث الرجال فى المتاجر؟ ألا يخاف مالكها عليها من سماع الغرباء لصوتها العورة ويروا مشيتها العورة ... أنا لا اطالب بنزعه ولا بعدم خروجهن، فهن أحرار، ولكن أرى أن من واجب من يصدر لها تعاليمه ضد ما هو إنسانى وحتى لا يُفتن بها الغرباء من الرجال او تُفتن بهم فعليها جلب ما تشاء بالتليفون وهى جالسة فى بيتها.. فإذا كان التليفون ذكر وحرام لمسه فيطلب هو لها وعليها ان تحادث الغرباء من خلف ستار.

مصر المنارة .. مصر الحضارة
هل هذه الكلمة يمكننا ترديدها والأفتخار بها بعد ذلك الغزو ؟؟؟ ما الذى يحدث هذا فى مصرنا ؟؟؟ من هؤلاء الغرباء الذين لوثوا الفكر الإنسانى؟ من هؤلاء الغرباء الذين يريدون هدم مصر وهدم كل ما هو إنسانى تحت إسم الدين؟ والدين مما يفرضونه بإسمه براء.. براءة الذئب من دم ابن يعقوب .... فبإسمه ينمو الاستعباد و تفرض التبعية بالقوة المادية من قبل شخص او مجموعة اشخاص، وهذا الاستعباد ان لم نفق سيؤدى حتماً إلى الحروب.. اقصد حروب التحرير.. فالحضارة لا تتوقف عند زمن معين وإنما الحضارة إستمرار ومن يسعى لوأدها يرتكب جريمة بحق الانسان.



النص الكامل للمقال

الجنس:انثى...للأسف

6.7.08 |


بقلم نسرين بسيوني

كنت ممتنة جدا لكوني خلقت أنثى، وحتى عندما كانت تراودنى بعض الاحلام التى اتخيل بها نفسي شخصاً آخر في زمان و مكان مختلفين عن واقعي كان دائماً هذا الشخص انثى. لم اتخيل او اتمنى نفسي رجلاً ابدا. ولكن اصبحت أتساءل الآن عن الجدوى من وجودي-كأنثى- ان كنت اعيش في مجتمع يجردني من كل حقوقي الآدمية لكوني أنثى
مجتمع لا يحترم رغباتي ولا يسمح لي بالمشاركة في وضع قوانينه ولا يسمح لي حتى بالاعتراض, لا يسمح لصوتي ان يعلو على صوت عاداته البالية و اعرافه المتخلفة.. فاعتراضي انحلال، ورغباتي بالتأكيد رغبات ملتوية منحرفة، و ما ارغب فى وضعه من قوانين ما هي إلا ستار لتنفيذ وتفريغ رغباتي الملتوية المنحرفة!!

هل وجدت وخلقت لكى ينشغل المجتمع بترويضي وتعليمي كيف و ماذا ارتدي؟ ماذا اقول ومتى اصمت؟ هل خلقت كي أُُطيع؟؟؟ اطيع اعراف لم ينزل الله بها من سلطان.. اطيع أب ليس بالضرورة ان يكون دائما على حق.. اطيع زوج سئ المعشر لم اختره ولم يخترني.. ثم اطيع أبناء أنانيين تعلموا اننى مجرد أداه لهم ولوالدهم.. أداه تطبخ و تمسح وتعلم وتعمل وتخضع وفى احيان كثيره تُضرب وتُغتصب وتُهان وتُنبذ، ولا يستنكر أحد ذلك لانه "شئ طبيعي" فأنا انثى مفعول بها دائماً وفاعلة لأجل آخرين

سخطي الحالي على انوثتي هو نتيجه طبيعية لفترة طويلة من السخط على المجتمع والاعتراض والصراخ الذي "كان" على أمل ان يتغير شئ، ان يتبدل الحال وتتحقق احلامي البسيطة في العيش بكرامة كإنسان يعمل ويحصد، يحب ويكره، يُظلم و ينصف، يرتدي مايشاء كيفما يشاء، ويأكل ما تشتهيه نفسه.. يُحترم ويقدر على قدر احترامه لنفسه واجتهاده، واذا ظُلم يجد من ينصفه .. يُحب ويتزوج ويمارس الجنس ويتمتع فى زواجه بقدر متعة الطرف الآخر.. يترقى فى عمله على قدر امكانياته دون النظر لجنسه

كل ما سبق كان من البديهي ان يكون حق لا مطلب

لكنى وجدت انوثتي عائق بيني وبين حقوقي، ووجدت نفسي فى موقف دفاع دائم عن هويتي ومُطالِبِة دائماً بحقوقي -وهو موقف لم اختره ولكن أُجبرت عليه بالتأكيد- لأجد رغم كل ذلك من يلومني حتى على المطالبة، ليصبح المطالبين بحقوق المرأة موضع سخرية ونقد بدلاً من ان يكونوا -على اقل تقدير- موضع " احترام".
اتعجب حقاً من المستهزئين بدعوات تحرير المرأة، فلو لم تقيدوني ايها المغفلون الغافلون الجهلاء لما طالبت اصلاً بفك القيد.

الصراخ المتزايد بشأن حقوق المرأة هو نتيجة للقيود المتزايدة عليها –بديهية لا يريد احد فهمها.
حسناً اذن.. أنا الآن انثى، سلبت مني حقوقي، ليس لي حق فى المطالبة بها، ليس لي حق في التمرد على أية قوانين مجحفة مهدرة لحقي، ليس لي الحق فى الاعتراض! اذن لما لم ترحموني وتدفنوني في المهد كما كان في عصور من الظلم نطلق عليها الآن جاهلية؟



النص الكامل للمقال

عن الفردية

5.7.08 |


بقلم هاني ميشيل

على المستوى الاجتماعى
العمل الفردى و فى مناخ حر يفجر طاقات الانسان و يسمح له بالابداع و التفكير و يعتبر من اهم وسائل مكافحة الاكتئاب و السلبيه اللذان ينشأن من الكبت و فرض الوصاية. العمل الفردى يسمح للانسان ان يساهم فى خدمة مجتمعه بشكل ارادى منفرد لخدمة قضية او فكرة هو مقتنع بها او من خلال جمعية اهلية يتشارك اعضائها فى الفكر. و هى تكون ذات جدوى أكثر آلاف المرات من هيئات حكومية لا يؤمن القائمون عليها بما يعملون

الامثله كثيره مثل مشروع قانون "جمعية مصريون ضد التمييز"، حملة "حماية" لعمروخالد، التوعيه ضد ختان الاناث، الحمله الشعبيه ضد اقامة مصنع أجريوم فى دمياط.

على المستوى السياسى

فى دوله مثل مصر شارفت على ال80 مليون نسمة.. كيف لشخص واحد ان يقود .. او خمسة .. او عشرة ؟
و كيف لا نقع فى خضم تفتت سياسى ناتج عن وجود عشرات الاحزاب الصغيره التى لا يستطيع اى منها الحصول على الاغلبية المطلقة ؟
الحياة السياسية الحزبية يجب ان تتمحور حول عدد محدود من الأحزاب لا يزيد عن اصابع اليد الواحدة .. احزاب كبيره تشمل اصحاب الفكر المتقارب و تسمح بالعمل الفردى بداخلها .. تستمع للجميع و لا يملى احدا فيها رأيه على اعضائها و لايحتكر احدا فيها الرأى و المنصب.
لا زلت هنا اتذكر بحسد دور هيلارى كلينتون الآن فى دعم باراك أوباما فى حملته الانتخابية.

و هذا فى ظل قيام دوله لا مركزية تقوم فيها المجالس المحلية و الجمعيات الاهلية و المجتمع المدنى بدور كبير، و تنفصل فيها مؤسسات الدولة عن النظام الحاكم و تعمل بأحترافية شديدة. يكون دور الأحزاب و الحكومه محدودا.

على المستوى الاقتصادى

يصعب جدا نجاح أى نشاط اقتصادى قائم على عدم الملكية، كما يقولون: لا يخاف على المال إلا صاحب المال.. و ملكية الدولة أدت فى زمن قياسى الى خسارتها و افلاسها، و لم يكن ممكنا أن تنجح.

بينما الرأسماليه أثبتت نجاحها عالميا فى وفرة الانتاج و جودته و قدرته التنافسية و دعم الابتكار و الابداع و الاختراع و التقدم العلمى.. سواءا كانت قائمة على فرد او مجموعة أفراد أو مساهمين .. و لكن بشرط عدم التدخل من الدولة فى السوق بشكل مباشر و لكن برعايتها و حمايتها من خلال إعداد كوادر بشرية و اتفاقيات تجارية و اشراكها فى المشروعات الوطنية الاستراتيجية و قوانين مثل مكافحة الاغراق و حقوق الملكية الفكرية و غيرها.. و فى المقابل تحقيق حد أدنى من ضمانات حقوق العاملين بها و الحفاظ على البيئة و مراجعتها فى حال وجود ممارسات احتكارية و تشجيعها على المشاركة. فى خدمة المجتمع.

و كما هو واضح، الفكر الاقتصادى الفردى - أو العائلى - هو الأنجح فى مصر، ولم تنجح كثيرا مؤسسات يتشارك فيها مجموعة من الأفراد..، فنجدهم لا يستمرون فى تطوير هذا النجاح، بل كل منهم يتجه الى مشروع مستقل خاص به بعد فترة.

ربما هذا ناتج عن أننا لم نتعود على القيام بعمل جماعى منذ الصغر، و حتى فى الجامعه عندما يشترك مجموعة من الطلبة فى مشروع التخرج، نجد أن كل منهم يقوم بعمل شىء محدد فى المشروع بشكل منعزل.

و أعتقد ان الحل هنا يكون فى الشركات المساهمة عن طريق الأكتتاب فى البورصة مع وجود رقابة لضمان الشفافية ، و ذلك أفضل مما تقوم به الحكومة الآن باللجوء لمستثمر استراتيجى ينتهى به الأمر الى الاحتكار.

و قد تلجأ الدوله الى قيادة مجموعة شركات فى تنفيذ مشروع ضخم لا تستطيع شركه بمفردها القيام به، و توفير المناخ الملائم لهم ، مثل الصناعات العسكرية او الاستراتيجية - مثل توشكى – مثلما تفعل دول أوروبية مع شركة ايرباص.

طبيعة الانسان المصرى و تكوين شخصيته تميل الى العمل الفردى و ينجح فيه، و اغلب النجاحات السياسية او الاقتصادية التى حققت فى مصر – عقب انقلاب يوليو 52 - رغم ندرتها، هى نجاحات فردية حتى لو كانت فى ظل دوله اشتراكية المذهب وقت الجمهورية الاولى او الدولة المؤسسات فى الجمهورية الثانية.

النجاح فى العمل الجماعى فى مصر شبه منعدم .. ربما بسبب اننا لم نتعلمه منذ صغرنا .. بسبب اعتمادنا على الدولة فى ظل النظام الاشتراكى فى ان تتكفل بغذائنا و علاجنا و ملبسنا و تعليمنا و تشغيلنا.

لا زلت ارى اننا نعيش الاشتراكية و ان حاولنا طلاقها، و لكن في الجانب الاقتصادى فقط و بدون جوانب الحياة الاخرى تصبح التجربة فاشلة و متناقضة و لا امل فى نجاحها.

تطبيق الرأسمالية بشكل منعزل عن الليبرالية بفهومها العام اعتقد انه مستحيل.
و للاسف اغلب المشكلات و الازمات التى ظهرت فى السنوات الماضية هى نتيجة هذا التطبيق المخل، و المشهد الذى نراه جميعا فى وجود حكومتان تحكمان مصر الان، احداهما تسمى "المجموعه الاقتصادية " و الاخرى تحاول التكيف معها وعلاج التبعات السياسية و الاجتماعية للرأسمالية فى ظل تطبيق اشتراكى



النص الكامل للمقال

مطلقات دوت كوم

4.7.08 |


بقلم باندورا

مش هو ده المقال اللى كنت محضراه للعدد الجديد. بس فى موضوع استفزنى و مقدرتش امنع نفسى من اثارته.. من كام يوم شدنى اعلان موقع اسمه مطلقات. و شدنى الهدف من الموقع. و اللى هو تزويج المطلقات المصريات من عرب زواج عرفى او مسيار او شرعى!! استغربت و مصدقتش انها بقت كده علنى.

المهم دخلت على الموقع قابلتنى صوره مبتذله لفتاه لا تتخطى بأى حال من الاحوال العشرين من عمرها و مكتوب تحت الصورة "صورة الاسبوع" و جدول فيه اسامى البنات المشتركات و اعمارهم. اللى عمرها 18 و اللى عمرها 20.. المهم ان كلهم ماتخطوش التلاتين.. طب ليه و ازاى يشتركوا فى موقع زى ده؟ و فين اهاليهم؟ و جواز مسيار ايه اللى بينادوا بيه؟؟ كل ده فكرنى بموقف غريب حصلى السنه اللى فاتت... كنت راكبة تاكسى فى شارع جامعة الدول العربية. و كان السواق بيتكلم بعصبية مع واحد فهمت من سياق الحوار انه سعودى و انه طالب فى احد الجامعات الخاصة
و بعد ما اغلق السواق الخط و بعد ما جالى مكالمة فهم منها انى محامية..دار الحوار ده بيننا....

-حضرتك محامية؟
- آه
-طيب انا قاصد سيادتك فى خدمة كده و لو عملتيهالى فى خلال شهر هنغنغك.
-خير؟
-أنا الواد اللى كان بيكلمنى ده عربى وأنا يعنى احب اوفق راسين ف الحلال.. اديكى زى مانتى شايفه ظروف بناتنا زى الزفت و مش لاقيين جواز. القصد عرفته على بنت اتجوزها واتفق معاها انها تاخد اربعين الف ريال و يطلقها بعد خمستاشر يوم. البت بعد المدة قلبته و سرقت متين و خمسين ألف ريال.. و قارفنى انا بقى. قمت عشان ابقى عملت اللى عليا جبتله بت تانيه. بس المحامى ابن ال...... طمع فى فلوس زيادة.. إيه رأيك تخلصيلنا انتى الموضوع ده و تاخدى ألفين جنيه؟
انا بصراحه مصدقتش ودانى. رديت بذهول و قلتله
-يعنى ايه خمستاشر يوم؟ هو العقود اللى انتوا بتعملوها محددين فيها مدة الجواز ازاى؟ و ليه؟! ده يبقى عقد متعه مش عقد جواز.
قالى بنرفزه
-انتى ايه.. هتحرمى اللى ربنا حلله؟ بقولك الورقة الواحدة هنديكى فيها ألفين جنيه. و زبايننا كتير بس كلهم طلبة جامعة و انتى عارفة شباب و متغربين و مبيقدروش ع الوحدة و لامؤاخذة.. ربنا مديهم الصحة و البنات عنسوا.. ف بدل ما الشباب يقعوا ف الغلط و البنات تعنس احنا بنعمل اللى ربنا يقدرنا عليه..
-انتو مين؟
-انا و المحامى اللى طمع الله يسامحه بقى. انا عارف الناس لما بتشوف الفلوس بتتهبل و لا ايه؟
-آه صح.. و انت بقى اللى بتحل ازمه العنوسة و مش طماع.. لأ ربنا يزيدك من نعيمه.. بس آسفة احنا مبنشتغلش فى الكلام ده. فرصه تانيه بقى

و نزلت و انا مش مصدقه انى مش ف فيلم هابط.

من كام يوم برضه قريت مقال فى جريده "الخميس" . بتحكى فيه صحافية عن انها راحت لجماعة من السماسرة اياهم اللى بيجوزوا بناتنا للعرب بالساعة! و قعد الراجل الكبير بتاعهم يتفحصها. و لما ارتبكت ست كانت واقفة جنبها قالتلها "متخافيش بيعى يا بنتى. كل البنات بيعملوا كده. هيجى العريس و نتفق معاه و عشان انتى سنك صغيرة و لسه بكر هيكون سعرك غالى.السماسره هياخدوا خمستاشر ألف و انتى خمستلاف. و بعدين نوديكى تعملى العمليه.و تتجوزى تانى و هكذا"!..
و رد السمسار قالها "اه عادى .انا كان معايا واحدة جوزتها بالطريقة دى سبعتاشر مرة.. دلوقتى ماشاءالله بَنت عمارة و بقت صاحبة املاك و راحت ف بلد محدش يعرف حاجة عنها فيها عشان تعرف تعيش. أهم حاجه تجهزى نفسك عشان الزبون لازم يعاين البضاعة.. بتكونوا خمس او ست بنات.. و كل سمسار او سمسارة بتحضرله بنت و هو يعاين و البنت واقفة قدامه عريانة. عادى يا بنتى متخافيش انتى مش أول ولا آخر واحدة تعمل كده. و بعدين ده حلال.. ماهو هيبقى جوزك بورقة عرفى و شهود. و بعدين يرمى عليكى اليمين و تقطعى الورقة بعد ماتخدى منه مبلغ كبير.. و انتى و شطارتك ليلة الدخلة ممكن تسلكى منه فلوس كتير غير الهدايا و المجوهرات"
قريت الموضوع ده تانى يوم من دخولى على موقع المطلقات اللى مش عارفة لحد الآن ليه و اشمعنى المطلقات؟! يمكن عشان هتكون المطلقة فريسة اسهل للسادة اصحاب الموقع و اللى بيسيروا الدعارة برخصة!
طيب مين المسئول عن الهزل ده؟ مين المسئول عن ان بناتنا يبقوا سلع
بيبيعوا لحمهم للى يدفع بالساعة؟ و ليه و عشان ايه؟ عشان البنات دول ملهمش اهل يلموهم؟ ولا ظروفهم صعبة فبيبيعوا؟ ولا عشان هما رخاص و منحطين؟ و لا جهله مش فاهمين ايه حقيقه اللى بيعملوه فى بلدنا و ف نفسهم؟

مين السبب فى انتشار شبكات الدعارة اللى واخدة الدين و حل ازمة العنوسه ستار عشان يجملوا الحقيقة المفزعة و يقنعوا البنات انها تبيع؟
انا محبطة و مكتئبة.. و بصراحة منتظره الأسوأ


النص الكامل للمقال

مكشوف عنها الحجاب

3.7.08 |


بقلم حفصة

المخزون الثقافي لنا كشعوب عربية ثري جدا بالعديد و العديد من الامثلة و الاقوال الشهيرة الجميلة في اللفظ، منها ما هو جيد في المعنى و منها ما هو سيء .. و منها ما اعتدنا عليه و لكننا لم نفكر به ابدا. و يحضرني هنا كبداية مقولة اعتدنا اطلاقها على اي شخص عصبي و سريع الغضب، فنقول " ده بيتخانق مع دبان وشه". يعني مقولة زي دي طالما استوقفتني في معناها. بنوصف الانسان اللي خُلقه ضيق او عصبي انه حتى دبان وشه بيتخانق معاه!

طيب انا مش فاهمة..هل الطبيعي اني اسيب الدبان يهف على وشي من غير ما اهشه؟؟ مش الدبانة دي حشرة بطالة برضو و بيعلمونا اننا لازم نهشها لو جت على وشنا؟ و غير كده علمونا انها بتنقل الامراض لو وقفت على اكلنا. طيب يبقى طبيعي اني لو جت دبانة او حتى اي حشرة تانية تقف على وشي او تقرب مني اني اهشها.
يبقى مين العصبي هنا؟؟
انا و لا الدبانة؟؟
طيب مين فينا اللي اعتدى على التانية؟؟
انا اللي رحتلها و لا هي اللي جاتلي؟؟

مقولة زي دي بتوصم الشخص اللي بيهش دبان وشه بالعصبية بينما ممكن يكون هو شخص مسالم جدا، غير انها بتُأصل لمعنى من معاني القذارة و تساعد على انتشار الامراض كوننا حنرضى باقامة الدبان على وشنا و اننا لازم نتكيف مع الموضوع يعني. هل بالغت انا في تفسيري لهذه المقولة ام انها بالفعل وصمة عار لمخزون ثقافي عتيد التأصل؟

انتقل لمثال اخر او مقولة مشهورة نصف بها من يكون ذكاءه مرتفع و له خبرة و عين متفحصة و حكمة لا تتأتى لكثيرين بقولنا " بيقولوا مكشوف عنها/ عنه الحجاب"
طيب كيف لنا ان نفسر هذه المقولة التي لا اعلم زمن حدوثها و انتشارها في الثقافة الشعبية؟؟ ما دلالة ان مقولة مثل هذه تعني انه عند انكشاف الحجاب يزدادا المرء بصيرة و فهم و ادراك؟ ما الذي حدث امام عامة الشعب في هذا الوقت حتى يتخذوا من هذة المقولة اشارة لحكمة الشخص المشار اليه و اعتمادهم عليه و ثقتهم به؟

اقتبس المقولة المشهورة التي تقول :
ظهر الحق و زهق الباطل
ان الباطل كان زهوقا

يعني حتى في الفكر الشعبي.. في الامثال الشعبية .. في المفهوم اللغوي الوراثي.. كلهم بيؤيدوا فكرة ان الحجاب لما بينكشف بتزداد بصيرة الانسان و تتفتح مداركه و تتطور مخيلته و يعرف ما لا يعرفه حتى القارؤون للكتب الذين لا يكلفون انفسهم عناء تحليل ما قراؤه و استوعبوه

يعني زي ما احمد زكي الله يرحمه وقف يخطب في اخواته عن موضوع خسارتهم لأبوهم و ضياع مستقبل الأسرة بحاله في المسرحية الرائعة "العيال كبرت" فتصدى له سعيد صالح ان الكلام ده "صعب اوي خليك في الكلام الشعبي السهل السلس البسيط"
و انا اتبع احمد زكي و أوجه كلامي لهؤلاء الذين يصرخون عاليا بالحجاب و الحجاب و صحته و روعته و فائدته للفتاة (لا اعرف اي فائدة الى الآن إلا أن شعري سقط سقوطا مريعا من بعد حجاب طويل ممتد الأمد) لم آتِ لكم بكلام كبير متعرفهوش.. لقد اتيت لكم بالكلام الشعبي السهل السلس البسيط

فهل من تفسير؟


النص الكامل للمقال

الدين: بوصلة أم وتد

2.7.08 |


بقلم وائل نوارة

الاتجاهات والمقاصد والنسبية الزمانية والمكانية للأحكام

يخرج علينا بعض الشيوخ والدعاة الفضائيون بأحكام لا تتفق مع المنطق أو العقل أو الفطرة أو الذوق السليم، ويستشهدون في ذلك بالكتب الصفراء والأحكام التي ترجع للقرن الثالث أو الرابع الهجري، قبل قفل باب الاجتهاد. وهذه الأحكام تصيب بعضنا بالذهول، وقد يستجيب لها البعض مضطراً على مضض، بينما نجد أيضاً من يلفظها ويرفضها وقد يرفض الدين كله نتيجة لما يراه من بعدها عن الفطرة السليمة أو المنطق العقلاني

والأمثلة كثيرة في فتاوى شرب بول الرسول وإرضاع الكبير وغيرها من أمور مخجلة ومشينة
ولا شك لدي في أن الرسول الكريم (صلعم) كان دمث الخلق لطيف المعشر رحيماً كريماً حليماً
وأن دعوته كانت دعوة ثورية في وقتها لتحرير الإنسان، وإعمال العقل، وتحرير النساء والعبيد، ونشر المساواة بين بني البشر جميعاً. وقمة التحرر كان التحرر من السلفية المقيتة، فقد كان أهل قريش يقولون إنا رأينا آباءنا يفعلون كذا وكذا، فدعاهم الرسول لمكارم الأخلاق

ولم يكن من الممكن أن تحدث كل هذه التغيرات الثورية في 23 عاماً هي عمر الدعوة، فترك لنا الرسول من القرآن ومن سيرته ما يبين مقاصد دعوته، ليس كأحكام وأوامر ونواه، بل كاتجاهات ومقاصد، تتماشى مع الفطرة السليمة للإنسان، وتتفق مع الضمير والقلب والعقل. فمعظم الأحكام والأوامر والنواه تخص عصرا بعينه، بما يتماشى مع مقاصد الدعوة التي تتناسب مع ذلك العصر. فالأحكام مثل النقاط الثابتة في عصر معين. أما المقاصد، فهي توجهات أو اتجاهات التي عندما تتقاطع مع أي إحداثي زمني في مكان معين، ترشدنا لما يمكن أن نفعله في ذلك الزمن. وهذه هي النسبية الزمنية والمكانية في الأحكام


فلم يتيسر مثلاً أن يقوم الرسول بتحريم الرق، وإن كانت كل سيرته تدل على أن تحريم العبودية لغير الله وحده، وتحريم الرق، وعتق الرقاب في كل مناسبة، هي مقصد اصيل من مقاصد الدعوة. فلا يمكن أن نأتي اليوم ونقول أن الإسلام قد أحل العبودية لأنها كانت موجودة أيام الرسول. إذا فعلنا ذلك نكون كمن يتشبث بوتد مدقوق في الأرض بينما هو يحاول أن يمشي ليجاري تطور الزمن

أما معظم الشيوخ والسلفيين، فهم ينظرون للدين نظرة جامدة استاتيكية، لا تتطور مع الزمن، ويريدون أن يلزموا الناس بأحكام كانت تخص أزماناً وأمكنة وحضارات أخرى، وهذا التوجه، إنما يصيب الدين في مقتل، لأنه يؤدي أن ينفصم الدين عن الواقع الإنساني، فيهجره كل ذي عقل، ويصيب التخلف من يتمسكون به، فيهلكون وتنتهي الدعوة بهلاكهم. وهذا هو أكبر خطر في نظري يواجه الدين، فتجميد الدين يجعله مثل الأديان السابقة التي انقرضت لأن اصحابها تجمدوا عند نقطة معينة

وبالتالي، فإن مثل هؤلاء الشيوخ هم أكبر خطر على الدين لأن كل ما يقومون به هو الحفظ والاستظهار، أما التفكر والاجتهاد، فقد أغلق بابه منذ عشر قرون، تغيرت فيها الحضارة الإنسانية بصورة مذهلة، فتجمد المسلمون وتوقفوا عن السير حضارياً، وأصابهم التخلف، فضعفوا وأصبحوا مطمعاً لكل غاز وناهب

وليس من الصدفة في شيء أن جميع الدول الإسلامية تعاني من التخلف الشديد بكل المقاييس، لأن هذا هو نصيب من يرفض التطور ويتمسك بالنقل والعنعنة، ويحارب الفكر، مثلما رأينا من قبل مع الكنيسة الكاثوليكية، ولم يتطور الغرب إلا مع التحرر من سطوتها وإطلاق العديد من المبادرات الإصلاحية لمراجعة فلسفة الدين ودوره في حياة الإنسان

الدين إذن مثل البوصلة التي ترشدنا للاتجاه، وليس كالوتد الذي يثبتنا في الأرض فنتوقف عن المسير، أو ننكفئ على وجوهنا بفعل التباين بين طبيعة الزمن الذي يتحرك للأمام، وأحكام الشيوخ الذين يريدوننا أن نتشبث بذلك الوتد الذي لا يعرفون غيره

هل الدين مقيد للإنسان؟

الدين مقيد للحريات إذا نظرنا له كتعاليم وطقوس وأوامر ونواه ثابتة عبر الزمن. وفي نفس الوقت الدين أيضاً عادة ما يمثل ثورة إصلاحية على قيود عصره، فالإسلام مثلاً حرر العرب من التفكير السلفي، فالعرب كانوا يقولون إنا رأينا آباءنا يعبدون الأصنام. وهنا تبرز فكرة نسبية الزمان والمكان. فلو أخذنا بمقاصد الدين كاتجاه وليس كنقط ثابتة في الزمن، واستنبطنا التعاليم من تقاطع تلك الاتجاهات مع خطوط الزمان والمكان، لتخلصنا من فكرة القيود السلفية التي جاء الدين في الأساس ليهدمها، وحافظنا على المرجعية الروحية في نفس الوقت. أما إذا أصر البعض على ثبات النقط وليس المقاصد والاتجاهات، هنا يصبح الدين مقيداً للحرية لأن الإنسان يمشي في مسيرة الزمن ليجد أقدامه مقيدة بنقاط ثابتة في الماضي، ويتحول الدين لنفس الحالة التي جاء ليخلص الناس منها، وهي، إنا رأينا آباءنا يفعلون كذا وكذا.. ويشيخ الدين نفسه ويندثر مثل الأديان التي سبقته والتي عجزت عن مواكبة الزمن بصورة ديناميكية. ولذلك فإن السلفيين في رأيي هم أعدى أعداء الدين لأنهم يحكمون عليه بالاندثار نتيجة للجمود وعدم التجدد، بما يؤدي لتباين بين الدين بالمفهوم الاستاتيكي الذي يصرون عليه ويروجون له وبين الواقع المتغير مع الزمن والاحتياجات المتجددة والتحديات غير المسبوقة والتي تطرح نفسها على ضمير الإنسان وعلى أسلوب حياته


مقاصد الدين كاتجاهات أخلاقية في فضاء زمني-أخلاقي وليست كنقاط ثابتة عبر الزمن. فالتغير الدائم في الكون يحتاج لمفهوم ديني متجدد وديناميكي ينظر للمقاصد والاتجاهات وليس للثوابت والقشور أو النقاط المثبته في الفضاء الزمني-الأخلاقي

مشكلة التفسير والعنعنة


في البداية يكون التفسير سهلاً والظروف متشابهة ومعاني اللغة لم تتغير وظروف نزول الآية معروفة


ثم يأتي المفسر التالي ليأخذ عن المفسر الأول وهو ما أشبهه بوضع عدسة وراء عدسة


وراء عدسة وراء عدسة وراء عدسة.. وهكذا.. وهذا ما يسمى بالعنعنة


إلى أن يتشتت الضوء تماماً ويحتجب جوهر الدين وراء العدسات المتتالية. والأصح أن نزيل جميع العدسات السابقة ونهجر العنعنة ونضع عدسة تفسير مناسبة لعين الإنسان في تلك اللحظة بما يتناسب مع الزمن



النص الكامل للمقال

وقفة مصرية

1.7.08 |


بقلم فانتازيا

يا عم هو حد اتحرك؟ ما أحنا مزروعين مكانا وواقفين أهوه! حد شافنا اتعتعنا؟ والنبي حد شافنا بنشاور عقلنا نتحرك ولا حاجة؟ ما أحنا زي ما أحنا أهوه.. نقف إيه أكتر من كدة؟ نقف على رجل واحدة؟

من أغبى إعلانات التوعية اللي اتحفنا بيها التليفزيون المصري في تاريخه! إعلان مستفز وغبي وعبارة عن عملية نصب على مموله وعلى المشاهدين الغلابة. تقريبا شركة الاعلانات عندها أهداف خبيثة من ورا استهبال الزبون الحكومي اللي اتفق معاهم ع الحملة المهببة دي؟ كانت مالها اعلانات "انظر حولك" مش فاهمة؟ جاتها نيلة اللي عايزة خلف

قال
وقفة يا اسطى
وقفة يا آنسة
وقفة يا بلدينا
وقفة يا دكتور
الله يوقف حالك يا بعيد
ماهي واقفة ومتحنطة خلقة بقالها زمن
هي ناقصة وقوف؟ هتحولوا البلد لمتحف شمع؟

المشكلة السكانية في مصر عمرها ما هتتحل بالوقوف. لو كان ع الوقوف كان زماننا انقرضنا! أمال الصين والهند يعملوا إيه؟ دول على كدة عايزين الحرق مش عايزين وقفة

عمركم شوفتوا أي بلد في العالم التالت ضاربها الفقر والتخلف والجهل الشعب فيها بيقرر ينظم النسل من تلقاء نفسه كدة؟؟؟
عمركم شوفتوا حد متخلف بيفكر بعقله وبيعمل حساب لمستقبله عشان يفكر في مستقبل بلده؟

أنا مش ضد إعلانات التوعية.. بالعكس. لازم يكون فيه محاولات لتوعية الناس اللي عقلها على قده وتخليهم يربطوا الحالة المعيشية المتردية اللي بيعانوا منها بأسبابها الحقيقية، ومن ضمن الاسباب دي زيادة الخلفة. بس مش بالطريقة الغبية دي. أولا المشكلة مش في الدكتور ولا الآنسة الجامعية ولا الأستاذ اللي في المدينة.. المشكلة في القرى والثقافة الشعبية الشائعة فيها. الثقافة دي جذورها متشابكة مع معتقدات وعادات موروثة صعب تغييرها عن طريق المنطق والعقل. ناس فاضية، والستات هناك شغلتهم الأساسية هي إنهم يجيبوا عيال. لما يشوفوا بقى بسلامتها الوقفة المصرية بتاعة التليفزيون دي هيقفوا؟ دا أبو الهول ممكن يقف على حيله وهما لأ

مشاكل مصر كلها منبعها واحد.. مالهاش حل غير إننا نجيب أصل المشكلة من جذورها ونعالجه علاج قوي وفعال.. إنما طول ما احنا ماسكين في الاعراض الجانبية عمرنا ما هنوصل لحاجة وهيفضل حالنا واقف كدة.. مش محتاجين لا وقفة مصرية ولا مستوردة

البلاد النايمة، اللي بندلعها ونقول عليها نامية، كلها بتعاني من نفس المشكلة. البلاد اللي قررت تصحى من النوم عملت برامج جادة للسيطرة على الزيادة السكانية.. برامج فعالة مش شحاتة واستجداء من الناس. دا مصير بلد، مسألة نكون أو لا نكون. لو عايزين نكون يبقى تتطبق اجراءات صارمة تحد من زيادة النسل. زي برنامج الصين. الدولة تتكفل بطفل واحد لكل أسرة، هو اللي يستحق اللبن المدعم والتعليم الحكومي والرعاية الصحية المجانية. اللي عايز يخلف أكتر يبقى يصرف على عياله من جيبه.

الأزمة في مصر مش بحجم الأزمة في الصين طبعا، لكنها أزمة حقيقية. (مثال.. في ستينات القرن العشرين بلغ تعداد سكان كلا من مصر وكوريا الجنوبية 25 مليون نسمة.. اليوم تعداد مصر 78 مليون ، بينما تعداد كوريا 45 مليون.) هذه الأزمة تستوجب برنامج جاد وفعال مدعوم بقوانين حازمة تجبر المواطنين على تحمل مسؤليتهم تجاه المجتمع. يعني الدولة تتحمل الدعم لطفلين فقط لكل أسرة واللي عايز يخلف أكتر من كدة يتفضل يورينا شطارته. مش نقوله أصل الدنيا زحمة؟ دا آخر همه! ياخي اياكش تولع.. هو اللي بيخلف طابور عيال ده عارف يعني إيه واجب وطني ولا يعني إيه تنمية ولا يعني إيه اقتصاد؟ هتقعد تستعطفه بقى وتقوله إعمل وقفة؟ وقفة إيه؟ طب وقفة يا دكتور ماشي، مبلوعة.. لكن واقفة يا بلدينا؟ المفروض إنه هيسيب الفاس ويقف يفكر بقى ويحلل ويجيب احصائيات ويبص ع الموازنة العامة للدولة ويقول "ياه، دي الزيادة السكانية دي عائق كبير في طريق التنمية"؟؟!!

الأسطى وبلدينا شعارهم احييني انهاردة وموتني بكرة. ما بيشوفوش غير تحت رجليهم بالكتير، دا لو بصوا تحت رجليهم من أصله. دول لازم معاهم قوانين واجراءات. يا إما تعلمهم بقى.. وخد عندك يا حلو.. هتعيد نظام التعليم كله من أوله لآخره.. وعقبال ما ده يحصل هنكون وصلنا 120 مليون. وعقبال ما يجيب نتيجة هيكون مفيش مكان لحد يتعلم من أساسه

عايز توعي الناس، سيبك من الاعلانات الشيك دي، خليها للناس بتوع الباتون ساليه. إنزل بحملات توعية وسط الناس وروحلهم عقر دارهم وغير ثقافتهم. ضخ استثمارات واعمل مشروعات. خاطب عاداتهم وتقاليدهم الشعبية وبين تهافت منطقها. طور بيئتهم وخليهم يشتغلوا. ساعد بناتهم يتعلموا ويشتغلوا، مش فاتحلي دراعاتك للناس اللي بيرجعوا الستات لزمن الحرملك! طب ما الحرملك كان مليان عيال، عايز الستات يعملوا إيه في الحرملك غير إنهم يجيبوا عيال؟ فكرت تدرج المرأة بجد في الانتاج؟ ولا كل همك إنك تداري فشلك في خلق فرص عمل حقيقة تستوعب الجميع، وجاي على هواك أوي الغنيوة بتاعة "الست مالهاش إلا بيتها" عشان تريح دماغك من حق المرأة في إيجاد فرصة عمل؟

ما هو لو عايزين الناس تصدق إن فيه نية للاصلاح والتنمية يبقى لازم يكون فيه بشاير لده. ولا عايزين بعد التاريخ الطويل اللي انعدمت فيه ثقة الناس بالحكومة يستجيبوا كدة لحملات تنظيم الأسرة من غير ما يشوفوا أي كرامات للتنمية اللي انتم بتقولوا عليها؟

موضوع الرقص ع الحبل ده ماعدش ينفع. اعلانات الضرايب جابت نتيجة عشان قانون الضرايب اتغير، دا غير ان كل واحد كان متهرب من الضرايب كان ضميره واجعه لكن مضطر يتهرب في ظل القانون الغبي القديم اللي كان بيمص دمه، يبقى كان على إيه يروح للقضا برجليه؟ آه الاعلان كان جميل ودمه خفيف، لكن السبب الرئيسي اللي أدى للتغيير الجوهري كان تغيير القانون. إنما موضوع تنظيم الأسرة ده ما ينفعش بالاعلانات بس، لازم برنامج قوي متكامل وجاد. لازم كمان الارتقاء بمستوى التعليم وتشجيع المرأة على تحمل مسؤليتها تجاه المجتمع والاشتراك في عملية التنمية كعضو فاعل بها، مش ديكور وكلام بروباجندا عن تمكين المرأة وحقوق المرأة! حقوق مرأة إيه؟ إذا كانت المرأة لا تؤدي واجبها تجاه الوطن والمجتمع، يبقى هتاخد حقوق منين وفي مقابل إيه؟ غنيتوا علينا كتير بالاسطوانات إياها دي.. كفاية بقى. لو عايزنها جد يبقى لازم كله يكون جد

المرأة مش عايزة تمكين ولا زفت، المرأة عايزة تتحرر من القيود اللي مفروضة عليها واللي بتهمش دورها وبتحصره في وظائفها البيولوجية. المرأة محتاجة تحس إنها انسان له كيان وله قيمة وله مكان حقيقي داخل منظومة التنمية. من غير كدة هتفضل تجيب في عيال تشيلهم همها وترضعهم من فشلها واحساسها بالدونية وثقافتها السطحية وموروثاتها الشعبية. هتدفع المجتمع كله تمن جرايمه في حقها. هتتحول لقنبلة عنقودية، وبدل ما تبني هتهدم.

متهيألي مصر مش عايزة واقفة.. مصر عايزة زقة

زقة يا هندسة


النص الكامل للمقال