الطريق الثالث

8.4.08 |


بقلم عم مينا

دائماً ما يتََهم الإسلاميين، الُممَثَلين في مصر بتيار الإخوان المسلمين، الحزب الوطني بانه سبب كل مشاكل البلد بإدارته السيئة للدولة علي مدار الثلاثين سنة الماضية. ثلاثة عقود من الزمن انتشر فيها الفساد كما لم ينتشر من قبل وزادت معدلات البطالة وغابت المسائلة والمحاسبة من حياتنا وانتقلنا من طوابير اللحمة إلي طوابيرالعيش وأصبحت كرامة الإنسان المصري لا تساوي شيئاً

الحياة أصبحت قاسية على فئة كبيرة من الشعب التي أصبحت لا تتمنى أكثر من أن تحصل على القليل من الطعام يكفي لاطعام أفراد أسرتهم. الإتهام الأساسي يكمن في أن الصراع الطبقي أصبح على أشده.. فهناك في البلد أشخاصاً يمتلكون ثروات هائلة و يزدادون ثراءاً , في حين أن الفقراء يزدادون فقراً، حتي أصبح الحقد والنصب من صفات المواطن المصري الأساسية.

من الجهة الأخرى، دائماً ما يَتَهم رجال الدولة الإخوان المسلمين, أو الجماعة المحظورة كما يحلو لهم تسميتها, و مؤيدينهم من شيوخ و دعاه بأنهم من أوصلوا حال البلد الى ما هو عليه الآن من تسطيح للعقول و تدَيٌن مظهري حتي أصبحنا نعيش في زمن اختفت فيه قِِيَم العمل والأمانة ليحل محلها الحجاب والزبيبة والجلباب القصير. فلا تتعجب أن يأتي موظف حكومة ويطلب منك رشوة لكي يقوم باتمام أوراقك في حين أن زبيبة الصلاة تكاد تأكل نصف وجهه. أضِِِِفْ إلى ذلك أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين هي الأسوأ منذ أن عاشوا سوياً علي أرض هذا الوطن منذ أكثر من ١٤٠٠ عام. فالكثير من المسلمين يثاروا من أي مظاهر مسيحية كبناء الكنائس و يعتبرونها استفزازاً لمشاعرهم, مرددين شعارات طائفية مثل "دي بلد اسلامية واللي مش عجبه يمشي". ومن الجهة الأخرى قرر المسيحيين اعتزال الحياة الإجتماعية و اختصار حياتهم خلف أسوار الكنائس, مرددين شعارات غبية مثل "احنا سكان البلد الأصليين والبلد اتسرقت مننا". إذن الإتهام الأساسي يكمن في أن الصراع الطائفي أصبح أيضاً علي أشده.. حتى أصبح التعصب وعدم تقبل الآخر من صفات المواطن المصري الأساسية أيضاً.

إذن اذا جمعنا النظريتين سنجد أنه أصبح لدينا مواطن حقود و نصاب و متعصب و غير متقبل للآخر. يا لها من صفات تدمر مستقبل أي أمة تحاول النهوض و التقدم. عن أي دولة نتحدث اذا كان المواطن لا يستطيع أن يتعايش مع أخيه المواطن, إما لأنهم ينتمون إلي طبقات اجتماعية مختلفة, أو لأنهم لا ينتمون لنفس الدين؟

كل هذا يحدث و نحن قررنا أن نكون في مقاعد المتفرجين. لا أتكلم هنا عن المؤيدين للطرفين, لأن من هو شاهد علي ما ارتكبه الحزب الوطني و الإخوان المسلمين في حق هذا الوطن من جرائم و لا يزال من مسانديهم فهو بالتأكيد ليس من يملك الحل لأزمة هذا البلد. الحل يكمن في الأغلبية الصامتة التي تشاهد الطرفين يدمرون هذا الوطن يوما تلو الآخر ولا يفعلون شيئاً. الحل في يد الفئة التي قررت أن تنتظر حتى ترى من الطرفين سيربح المعركة, هل سينتصر الحزب الوطني ليعم الفساد والاستبداد في البلد؟ أم سيفوز الإخوان ليعيدوننا مئات السنين إلي الوراء لدولة الخلافة و يتحكم في مصيرنا مجموعة من الشيوخ علي حسب تفسيراتهم الشخصية للدين؟ الحل عند هؤلاء المثقفين و المتنورين من أبناء هذا البلد.. هؤلاء الذين يتسمون بالسلبية لدرجة انهم يعلنون تأييدهم لجمال مبارك لخلافة والده و يستندون للمقولة الشهيرة "اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش". فعلاً ما أغباها هذه الجملة! فكيف يكون اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش اذا كان الي نعرفه مِِنَيِلْ بستين نيلة. فهل تتحرك الأغلبية الصامتة من أجل ايجاد طريقاً ثالثاً بعيداً عن الطريقين الذين يقودوننا اليهم الحزب الوطني والإخوان؟ فكما قال مارتن لوتر كنج "المصيبة ليست في ظلم الأشرار.. بل في صمت الأخيار".






النص الكامل للمقال

البدء بالنفس اولا

7.4.08 |


بقلم حفصة


في سنة 1993 تعرفت على صديقة المانية عن طريق وكالة الشباب الدولية, و من يومها و نحن مازلنا اصدقاء مع اننا لم ترى احدنا الاخرى

طبعا كعادة التعارف في مراحله الاولى نسال بعضنا عن كل التفاصيل الشخصية حتى نجد ارضية مشتركة لاقامة صداقة عليها

دخلنا في تفاصيل ماذا تحبين من الموسيقى، الافلام، الماكولات و الى اخر اللستة المعهودة من تساؤلات

طبعا كان هذا وقت الجوابات العادية التي تصل بعد شهر من ارسالها و لكن كان لها طعم و شخصية.

فلك ان تتخيل أيها القارئ الكريم مدى السعادة والشغف اللائي يعترياني عند حصولي على جواب داخل صندوقي البريدي الحقيقي بالفعل.
و ليس الالكتروني

من ضمن تبادلتنا الثقافية كان ان رشحت لها كتب لانيس منصور, لانه الوحيد المتوافر باللغة الالمانية و متوافر في منطقتها, و اقترحت هي كتب لكتاب ألمان آخرون. ثم كان جوابا بعثته لي ومن خلال مضمونة احسست انها لا تعترف بوجود خالق، كان هذا لفتاة شرقية تعيش في جو معتم اشبه بانفجار نووي اطار بعنصر الامن و الامان و التسليم من عقلي

تناقشنا في هذاالموضوع, كل حسب قدرته الثقافية و المعلوماتية, و فهمت منها انها تعرف باهمية وجود خالق لهذا الكون و لكنها لم تعد تذهب للكنيسة منذ فترة طويلة جدا

بالنسبة لي كان هذا اطمئنانا انها مؤمنة بالله لكنها لا تذهب للكنيسة ، ما من مشكلة.. براحتها يعني, مش حجبرها على المرواح غصبا، اقله انها تؤمن بالله

ثم ضبطت نفسي متلبسة بشعور غريب، شعور من يعتقد انه صحيح و ان الخطأ لا يجانبه, و ان هذه هي مهمتي لاعادة توجيه هذة المسكينة للدين و عبادة الرب. كان هدفي هو أسلمتها, و إن لم افلح فعلى الاقل حثها على الذهاب للكنيسة مع اهلها، شفتوا البجاحة؟؟ بشتغل داعية لديني و دين غيري كمان، يعني إلزامها بالدين كان شئ حيوي و ضروري اوي ليا، على انهي اساس؟ الله اعلم

لكنه شعور متضخم بالأنا العليا و تفوقي على غيري من البشر في ذلك الوقت البوهيمي التفكير


بعد فترة اقترحت عليها ان تبحث عن نسخة من القرآن الكريم باللغة الالمانية و تقرأها, مع اضافة كلام من نوعية ما يقوله العطار عن مدى استفادة المشتري لعطارته و الدعاء بالشفاء العاجل ان شاء الله

بالفعل اشترت الفتاة النسخة و قرأتها و فوجئت بها تسألني عن ورود آيه في سورة النساء تبيح القتل لغيرنا من الناس لمجرد انهم مختلفين عنا في التفكير؟

اذا كان علمي بعدم اعترافها بالله خالقا يشبه الانفجار النووي, فلك ان تتخيل مرة اخرى عزيزي القارئ ماذا حدث لي عندما قرأت سؤالها.

استجمعت نفسي و عدت لنسختي من القرآن و قرأت الآيه التي اشارت اليها فحمدت الله لأن الآية كانت تقول فيما معناه ان الذي اعتدى عليكم ردوا عليه الاعتداء و حاربوه؟ اطمأننت أن الآية لا تحث على القتال و لكنها تبيح الرد و الدفاع في حالة ابتداء القتال من الغير. كان من الواضح ان هناك خطأ ما في الترجمة الألمانية، وضحت لها التفسير و ما عنته الآية و تقبلت هي التفسير لاعتقادها ان مؤكد لغة النص الاصلية اصدق من اللغة المترجمة.

الى هنا و انتهى فصل محاولة التبشير بالإسلام في عقلي، لماذا؟ لاني وجدت أنني الأحق بالفهم, و كيف لي ان ابشرها بالإسلام و أنا لا أعرفه؟ صحيح أنا مسلمة و لكن ماذا أعرف عن إسلامي حتى اذهب به الى آخرون و اقنعهم به؟؟

كيف اشرح درسا لطالباتي و أنا لم أحضره و لم اقتله بحثا و تقصيا لدقة المعلومات التي وردت فيه؟؟ صحيح ان النسخة المترجمة هي التي كانت مخطئة في الترجمة, لكن ألم يكن هذا الخطأ في صالحي أنا؟؟؟

من يومها هذا ، أي مما يقارب ال15 عاما ،و أنا قد اقسمت أني لن احدث احدا بموضوع ما من دون علم به, و بالذات عندما اتكلم عن ديني ، عن إسلامي الذي اعرفه أنا و ليس كما يراد له أن يفسر على حسب أهواء كل عصر و كل مفسر يقول ما يريد له أن يظهر كحلال أو كحرام

ومن يومها لم اعد اهتم الا بنفسي فقط, في محاولات مستميته لإفهام نفسي كيف و لماذا و أين و متى.. و الأهم من هذا كله.. ما هو المنطق من وراءه؟؟

الغرور هو أخطر آفه ممكن أن تهيمن على شخص و تجعله يعتقد أنه الأفضل, و الأخطر منها هو الاستمرار في نفس الطريق المؤدي حتما للهلاك

احمد الله اني تعلمت سريعا من خطأي. لكن ماذا عن هؤلاء الذين يصرون على اخضاع المجتمع لنمط واحد و منهج واحد و عقلية تفكير واحدة, وإن لم تقتنع فانك مستحق للقتل؟؟

ماذا عنهم؟





النص الكامل للمقال

جيش الرب .. وحزب الله .. والإخوان المسلمين

6.4.08 |

بقلم إيجي أناتوميست

أكيد فيه حد من اللي بيقروا المقال ده سمع في يوم من الأيام عن "جيش الرب".

"جيش الرب" ده عبارة عن تنظيم مسلح متمرد في أوغندا.

أوغندا دي طبعا – للي ما يعرفش – دولة في أفريقيا!

ليه التنظيم ده إسمه "جيش الرب"؟

البداية في تمانينات القرن العشرين. فيه قبيلة كبيرة في أوغندا اسمها "أكولي". القبيلة دي كانت مسيطرة على دولة أوغندا وعاملة بلاوي سودة في القبايل التانية. لكن حصل تغيير في الحكومة أدى لإن امتيازات ومكانة قبيلة "أكولي" بقت مهددة. طبعا خافوا من إن القبائل الأخرى تقوم بالانتقام منهم نظرا للفظائع التي ارتكبوها في حق باقي القبائل.

فيه بقى في قبيلة "أكولي" واحدة ست اسمها "أليس أوما" طلعت على الناس في قبيلتها – واللي كانوا خايفين ومش عارفين باقي القبايل هتعمل فيهم ايه – وقالتلهم انا اتصلت بربنا عن طريق الأرواح وقالتلي لازم نعمل جيش ونروح نستولي على العاصمة كمبالا (عاصمة أوغندا)، ولما نحقق النصر نستغفر ونطهر نفسنا من البلاوي اللي عملناها زمان ونحكم بالعدل.

المهم الحرب قامت. بين قبيلة "أكولي" بقيادة الست "أوما" اللي بتقول انها متصلة بربنا وبالأرواح وبين الحكومة المركزية في العاصمة. طبعا اتغلبوا والست "أوما" هربت لكينيا.

بعد كام سنة، الأستاذ "جوزيف كوني" ابن أخو الست "أوما" قاللك انا كمان ربنا بعتلي وقاللي تعمل جيش تسميه "جيش الرب" وتبدأ حرب "تحرير" أوغندا.

ومن ساعتها يا سيداتي وسادتي والحرب الأهلية في أوغندا مولعة. عشرين سنة لغاية دلوقتي. "جيش الرب" دبح حوالي 100 ألف فلاح وقروي أوغندي ربعهم أطفال. وكله تحت اسم الرب وفدا الرب وعشان خاطر عيون الرب.

"جيش الرب" خطف 8 آلاف طفل وجندهم وشيلهم سلاح. وكله عشان خاطر الرب يرضى عنهم.

"جيش الرب" فيه آلاف المقاتلين اللي مصدقين انهم فعلا بيرفعوا اسم الرب وبينصروه وبيحاربوا بأمر منه.

حد فيكم مصدق ان "جيش الرب" ده فعلا بتاع ربنا؟

أصلا مش الإسم فيه احتكار للكلام بإسم ربنا؟ هوه ربنا ليه جيش؟ محتاج جيش أصلا؟

طيب.

"حزب الله" .. ممكن أعرف ايه الفرق بينه وبين "جيش الرب" من ناحية التسمية؟

يعني ده الحزب بتاع ربنا؟ ربنا عامل حزب ليه؟ اشمعنى عمله مع الناس بتوع "حزب الله" دول؟

"جيش الرب" و "حزب الله" مش نصب ودجل سياسي؟

مش ملاحظين احنا ان أهدافهم دنيوية بحتة ومالهاش علاقة بالدين ولا بالرب؟ لكن بيتغطوا تحت التسميات دي عشان المثاليين والطيبين في أنحاء العالم يصدقوا ويضحوا بحياتهم عن طيب خاطر؟

طيب و "الاخوان المسلمين"؟

يعني ايه اخوان مسلمين؟

مش نفس الموضوع؟ وإن كان بدرجة أقل شوية.

لإمتى العقل العربي هيفضل أسير الشعارات والعناوين والأسماء الرنانة والكلام الفاضي ومش قادر يشوف أي حاجة وراء السطور وبجانب العناوين؟

لإمتى "حزب الله" و "الإخوان المسلمين" و "حركة المقاومة الإسلامية" هتفضل تقود العقول العربية وتشكل الوجدان العربي في اتجاه الدمار والخراب والضياع؟ مين قال إن المقاومة المشروعة للشعوب المحتلة لازم تبقى تحت غطا ديني؟ مين قال إن المقاومة لازم تكون مسلحة على طول وبغض النظر عن موازين القوى؟ مين قال إن الرسول عليه الصلاة والسلام معملش هدنات ومفاوضات وسلام لما كان أضعف وأقل عددا؟

لإمتى الخلط بين الدين والسياسية هيفضل جاثما على صدورنا؟

أموت واعرف ليه الحكومة الأوغندية معملتش تنظيم وسمته مثلا "جيش الإله" أو "جنود المسيح" أو اي حاجة كده بحيث انها توازن الحرب مع "جيش الرب" شوية. ماهو "جيش الرب" هيحارب مين غير "جيش الشيطان"؟ والإخوان المسلمين هيعارضوا مين غير الإخوان غير المسلمين (ده في أحسن تقدير) وحزب الله اللي يناقشه يبقى من "حزب الشيطان" والعياذ بالله.

أنا لو من مكان حكومتنا الغبية أعمل جماعة محظورة موالية للحكومة اسميها "الاخوان الملتزمون دينيا" أو "المتطرفون الإسلاميون" واطلقها على الاخوان تاكلهم.

والجماعة بتوع "14 آذار" في لبنان بدل ماهم تاعبين قلوبهم مع "حزب الله" يسموا نفسهم "طائفة الرحمن" أو "جماعة مكة والمدينة" أو حاجة زي كده. خلي اللعب يحلو.

من جيش الرب إلى حزب الله إلى إخواننا المسلمين.. التخلف ممتد وموصول من أفريقيا إلى آسيا...




النص الكامل للمقال

هو الملك

5.4.08 |

بقلم على باب الله


طوي درجات السلم الكبير المفضي إلي بوابة القصر طياً ... كاد ان يتعثر أكثر من مرة و هو يصعد كل ثلاث درجات في الخطوة الواحدة

و مع إنتهاء السلالم أستقبله الحراس الواقفين علي بوابة القصر ... تبادل معهم نظرة واحدة ... فأفسحوا له الطريق

كانوا يعرفونه جيداً .. إنه رسول الملك العائد من المملكة حاملاً للملك آخر الأخبار

نظرة واحدة إلي وجهه كانت كافية ليفهموا ... و يرتجفوا ... إنها أخبار سيئة

بنفس الكيفية .. إنفتحت له كل الأبوب داخل القصر ... فمن يجروء أن يقف في طريقه ؟


---


هرع الرسول إلي غرفة الملك حيث كان الأخير ينتظره .. وقف أمامه و قال لاهثا:ً

" تأكدنا من الأنباء يا مولاي ... خانك صديقك و قفز علي الحكم في غيابك "



تجهم وجه الملك و سأل الرسول:

" و لكن كيف يرضى شعبي أن يحكمهم الأراجوز ؟ "


قال الرسول بحسرة:

" إنه يُسمعهم ما يريدون أن يسمعوه يا مولاي .. لذلك يحبونه "


قال الملك:

" سيدفعهم ليرقصوا علي حافة الهاوية ... و لن يروا في عصره إلا الموت "


قال الرسول:

" يعدهم بجنات و فراديس .. و عالم من المسرات و العربدة "


سأله الملك بغضب:

" و يصدقونه ؟ "


أجاب الرسول:

" قوته في لسانه ... أقنعهم بحسن البيان و معسول الكلام أنه مُرسل من الله و أنه يحكم بحكمه و وفق شريعته "


قال الملك:

" ليس للأراجوز من إله إلا المال ... بريء هو الله من أكاذيبه "



ثم أنتصب الملك قائماً من جلسته ... و قال لرئيس الحراس:

" أسرجوا لي الفرس الأبيض ..و أعدوا الموكب ... أنا عائد إلي مملكتي "

ثم إلتفت إلي رسوله و قال:

" من كان يظن أن في إستطاعة الأراجوز أن يمكر و يحيك المؤامرات و المكائد ؟ "

قال الرسول:

" آن الأوان أن تنبت للقط مخالب "

-----


وقف الملك و هو ممتطياً فرسه الأبيض أمام بوابة المدينة المغلقة


أقبل إليه رئيس الحرس و هو يقول:

" الدخول إلي المدينة ممنوع بأمر من الملك "


قال الملك:

" أنا هو الملك .. كنت غائباً و الآن أعود لمملكتي ... آمرك أن تفتح البوابة "


وقف الحارس مشدوهاً لبرهة .. كان الفارس بالفعل يتكلم كصاحب سلطان .. كان يتكلم كملك

فأقترب من الفارس أكثر ليتبين ملامح وجهه ..و سأله:

" من أنت ؟ "


أجابه الملك قائلا:
ً
" أنا العقل"


..............







النص الكامل للمقال

أن تكون شرقياً

3.4.08 |

بقلم عباس العبد


مساكين , هؤلاء من يسكنون هناك . فلنشفق عليهم قليلاً.
..
...
....

أن تكون شرقياً ... هو أن تكون مهموم بقضايا أمتك و منشغلاً بمنعطفاتك التاريخية و خطاباتك الثورية و ايديولوجياتك النهضوية و رؤاك الفكرية و حضاراتك الثقافية , تاركاً هؤلاء الساكنين هناك لتفاهتهم التكنولوجية و تعفناتهم الأقتصادية و حقارتهم العسكرية .

أن تكون شرقياً ... هو أن تكون متديناً, مؤمناً, عاملاً بأيمانك, داخلاً فسيح الجنات و شارباً من أنهار ملكوتك , تاركاً هؤلاء الساكنين هناك الى ماديتهم الأرضية و ترفهم الدنيوى و هلاكهم الأخروى .

أن تكون شرقياً .... هو أن تظل فى جهادك الأكبر لتحرير روحك من الشيطان الذى يسعى للسيطرة عليك و إعثارك و دفعك إلى إرتكاب المعاصى و الخطايا , أن تحافظ على شرف نساءك , أما الساكنين هناك , من أستباحوا نسائهم , فالشيطان قد استحوذ على أرواحهم , هل سمعت عن أحد الساكنين هناك يكذب , يحلف , يصل متأخراً الى عمله , يشتم ؟ طبعاً لا ... هل تعلم لماذا ؟ لأن الشيطان قد أستحوذ على روحه فلم يعد بحاجة لأن يدفعه الى الخطيئة . أما أنت أيها الأبن البار للديانات التوحيدية فجهادك عظيم لأنك رفضت أن تبيع روحك القدوس بأرخص الأسعار لشيطان التقدم و العلم و المعرفة و قد كافئتك السماء لذلك .

أن تكون شرقياً ... هو أن يكون مصحفك و أنجيلك صينيان , هى أن يكون صليبك و سجادة صلاتك تايوانيان لكى تتفرغ للعبادة و للصلاة . فالرب قد سخر الساكنين هناك لسعادتك . لا ترهق نفسك , سيصنعون كل شىء من اجلك . فهذه هى مكافأة السماء لك , أنت المُخَلَص و العبد الصالح , تعيش فى سكينة على الأرض , تصلى و تتأمل و تنتظرك نهاية سعيدة فى جنات الخلد و ملكوت السماوات , بينما الساكنون هناك - المسخرين لخدمتك فى الدنيا - هابطون الى جحيم فى الأخرة .

أن تكون شرقياً ... هو ان لا تترك شيئاً للصدفة . فأنت تدرس كل شىء , هل دخول الحمام بالرجل اليمنى أم اليسرى ؟ , هل صورة قديس واحدة تكفى لكى تنجح فى الأمتحان أم لابد من صورتين ؟ , اما المساكين الساكنين هناك , الذين يحلّون فوائد البنوك , مرتكبو المعاصى , يذاكرون جيداً قبل الدخول الى الأمتحانات تاركين عن جهل و قلة إيمان , بركة الرب الذى من عنده التوفيق.

أن تكون شرقياً ... هو أن تشرب ماءاً ملوثاً و تأكل طعاماً مسرطناً و تموت فى طابور العيش , شاكراً الله على نعمه التى أعطاك , محافظاً عليها , المحروم منها الكثير من شعوب العالم . أما المساكين الساكنين هناك جاحدو النعمة و رافسوها , الذين يزرعون طعامهم و يلقون بفوائضهم فى البحر للسمك , فسيأتى اليوم الذى ستزول فيه تلك النعم من وجوههم لانهم لم يتعلموا منا , أن يقبلوا أيديهم " وش و ضهر " , تلك العادة التى تحفظ النعمة من الزوال .

أن تكون شرقياً ... هو أن تعلم أن حكامك و رؤسائك و قادتك , هم عطايا الهية و هبة من الرب لعباده الصالحين . و أنه لا يجوز الخروج عليهم أو أن تعصى لهم امر , أو يرفض أحد نعم الله و عطاياه ؟ . فلا يجوز الخروج على الحاكم , بل تجب الطاعة و الخضوع لكل من له سلطان لأنه من الله . اما المساكين الساكنين هناك , الكفار و الخارجون عن الملة , المهرطقين و الخلقدونيين , فهم يؤمنون بالعلمانية و الديموقراطية , وقانا الله و أياكم من شرورها و فسوقها .

أن تكون شرقياً ... هو أن تقتنع بأن كل ما يحدث لك من مصائب و مشاكل و أمراض هو بلاء و أبتلاء و تجربة , أو لا يُبتلى المؤمن ؟ . أما الهالكون فى الدنيا و فى الأخرة , الساكنون هناك , فهم يطلقون على المرض ... مرض , و المصيبة ... مصيبة , و الكارثة الطبيعية ... كارثة طبيعية , لا حول و لا قوة الا بالله . و لعنادهم قد درسوا الطبيعة و عرفوا قوانينها و تعلموا من اخطائهم و أكتشفوا علاج للامراض و أطلقوا عليه " دواء " , أعوذ بالله , فالله هو الشافى . و لأن إيمانك قد شفاك فانت لا تحتاج الا الى رقية أو قنديل أو بخور مع قليل من بول الأبل و مسحة من زيت الميرون .

أن تكون شرقياً ... هو أن تمتلك ساعتين , ساعة لقلبك و ساعة لربك . هو أن تمتلك قناتين , واحدة دينية و اخرى كليباتية . هو أن تمتلك ذمتين , واحدة لصلاة الضهر و اخرى لفلوس الدرج . هو أن تمتلك صليبين واحد خشب للذهاب الى الكنيسة و أخر ذهب لتخرجه فوق القميص أثناء لعب الكرة . و هذه الثنائية و المضاعفة فى كل شىء هى موهبة روحية و نعمة سماوية فالله يضاعف لمن يشاء . أما هولاء المساكين السكانين هناك , فلا يملكون إلا ساعة العمل و قناة الفكر و ذمة الضمير و خشب صندوق الأنتخابات الذى سُخط نتيجة لعنة من السماء الى زجاج .

أن تكون شرقياً ... هى أن تجلس فى أستوديو ذى اضاءة سويدية , مبنى على الطراز الأيطالى , مكيفاً بتكييف يابانى , امام لاب توب امريكى بلغة برمجة هندية مصنوع فى الصين , متعطراً بعطور فرنسية الايحاء , جالساً على كرسى من الخشب الدانمركى أمام ميكروفون ألمانى مريحاً قدميك على سجادة مخملية أيرانية الصنع لتعلن ان الغرب كافر و ملعون فى كل كتاب . و يجلس فى الأستوديو المجاور لك و يبث على نفس القمر الصناعى التى أطلقته فرنسا , ذلك الكاهن الظريف ذى اللحية القصيرة يكفر اخوته فى الوطن ليعلى كلمة الرب و ليجعل سبله مستقيمة .

أن تكون شرقياً ... هو أن تعلن أن المسلم الماليزى أقرب اليك من المسيحى العربى و تدعوه الى التدخل فى الشؤون الداخلية بأسم الوحدة الدينية . فى نفس الوقت , تتعجب و تستنكر - بأسم الوحدة الوطنية – و تطلب من مسيحييى الشرق الا يتدخل مسيحييو الغرب فى شئوننا الداخلية .

أن تكون شرقياً ... هو أن تفرح للنقض الغريب و الحقير من قبل القنوات الدينية المسيحية لأيمان اخوتك فى الوطن . و فى نفس الوقت , تتعجب و تستنكر عليهم أن يخرجوا عليك بقنوات مماثلة تنقض دينك بحجة أنها تطعن فى إيمانك , لأن المحبة المسيحية و السماحة الأسلامية هى فوق كل شىء .

أن تكون شرقياً ... هو ان تكون كل أنجازاتك تاريخية , لأنها حدثت " زماااان " . هو أن تكتفى بشرف المحاولة , لأنك فشلت . هو أن تفرح بالتمثيل المشرف , لأنك لم تصل . هو أن تُفضل أن تكون صاحب تاريخ فقط , لأنه أفضل من أن تكون " صاحب عيا " . هو أن تتفاخر إن اجدادك صنعوا التاريخ , لأنك كالأبن الخائب قد بددت المستقبل .

أن تكون شرقياً ... هو ان تعلن من امام خيمتك الكبرى مرتدياً جلبابك و أنت جالس على جملك ماسكاً سيف البطولة فى يدك , تعلن لأطفالك الجوعى و العرايا أن الأصوات التى يسمعونها تحلق فوق رؤوسهم هى لشىء أسمه طائرات , و أن النيران التى تنهال علينا من السماء هى لشىء أسمه صواريخ تُطلق من تلك الطائرات . تطلق سبة و تنعتهم ب " أولاد الكلب " ثم تكمل - بعد أن تصيب الصواريخ أطفالك و ترديهم أمام عينيك- أننا نحن الشرقيون لنا عظيم الفضل و الأثر , و أنه بدوننا ما وصل هؤلاء الكلاب الى ما هم عليه الأن .

أن تكون شرقياً ... هو أن تعلن و أنت رائق البال مستريح الضمير , ان الساكنين هناك مغفلين جهلاء ذاهبين الى جهنم و بئس المصير . اما انت العارف بالله , الأبن المدلل للسماء التى لن تخذله أبداً , فتعرف كل شىء و تعلم كل شىء و لا داعى للاجتهاد و التعب فأنت ذاهب الى جنة الحياة و ملكوت النعمة .

أن تكون شرقياً ... هو أن تعى جيداً انك الوطنى الوحيد . أبوك خائن , اخوك عميل , امك التى ولدتك تقبض من أحدى السفارات , اختك التى تعلمت فى مدارس بلدك تتخابر مع الساكنين هناك , جارك جاسوس , قريبك شيوعى , زميلك أرهابى أصيل , صديقك ليبرالى دخيل . اما المختلفين معك فى الرأى فجهنم و بئس المصير .

=========

و بما أنى وطنى ملتزم , شرقى أصيل و مؤمن متدين , فأسمحوا لى أن أنتعش بشرقيتى كما ينتعش السمك فى الماء , ما اجمل و ألذ ان تكون شرقياً . دعونى أستمتع بخلاصى و نجاحى و كفاحى و ثوراتى و أنتصاراتى و صولاتى و جولاتى , و ... , و ... .

لو لم أكن شرقياً لوددت ان اكون شرقياً





النص الكامل للمقال

التوجه المدني لدولة الرسول-2

2.4.08 |

بقلم د. إياد حرفوش



حق في حياة .. و حياة في حق


نستكمل اليوم بإذن الله مسيرتنا، مطالعين مجموعة أخرى من الركائز التي قامت عليها الدولة المدنية الأولى في تاريخ الإسلام، و هي دولة النبي في المدينة المنورة

حين شملت حرية التعبير رأس الدولة

قد نتفق على كون استثناء رأس الدولة من النقد، و تقديسه و تأليه تعليماته، هما أهم سمات الديمقراطيات الهيكلية، و التي نجدها وافرة في عالمنا العربي اليوم، فتجد الواحد من "الصحفجية" المدجنين و المعينين، يهاجم الوزراء، و أحياناً رئيس الوزراء، ثم تراه ينبطح على بطنه مناشدا "حكمة الرئيس" أن تتدخل !!! كم مرة نطالع هذا النموذج المقزز كل يوم في كل الصحف القومية و كثير من الصحف المعارضة؟ و كم مرة تعرض من يخرج عن هذا السياج للمساءلة القانونية و أحكام الحبس؟ و لعل آخرها كانت بالأمس القريب، فكيف كان النموذج الذي قدمه الإسلام لحرية التعبير ؟

نعلم قصة الرسول حين كان يوزع الغنائم بعد معركة حربية ، فإذا بأعرابي يخاطب النبي بوقاحة ظاهرة قائلاً: أعطني من هذا المال، فليس المال مالك، ولا مال أبيك ، و نعرف من مختلف المصادر أن الرسول كف عنه غضب أصحابه و أعطاه حاجته، و كذلك موقفه صلى الله عليه و سلم ممن قال له "اعدل يا محمد" و ممن كان له عند الرسول دين فأغلظ له القول، فهذا هو رأس الدولة، يتعرض لمواقف فيها وقاحة تتجاوز حدود حرية التعبير و تصل إلى ما يعاقب عليه القانون المدني في زماننا، لكنه يقبل الحديث كرأس للدولة، و يعفو عن المسيء بأخلاق النبوة، و قد اتبعه الراشدين من صحابته، فسمح عمر ابن الخطاب لسيدة من الأنصار أن تراجعه على الملأ و هو خليفة، و قال قولة نذكرها جميعاً "أصابت امرأة و أخطأ عمر"، بينما نجد اليوم واحدا من عامة الناس لا حيثية له و لا وضع خاص، يستنكف أن يدعي غيره القدرة على التفكير في الدين و التفقه فيه، و أن يختلف معه بناءً على ما فقه، فيقول بوقاحة "يعني كل واحد عاوز يبقى عمر عبد الكافي؟" !!! و لن أطيل هنا في ذكر شواهد حلم الرسول و الراشدين في تحمل النقد و الهجوم، فهي أمور مرددة كلنا بها عالم و لها حافظ، لكنني أردتها هنا شاهداً على المناخ العام لحرية التعبير، فلو علم واحد من هؤلاء المهاجمين و الناقدين أن الرسول أو خلفائه يقابلون النقد و التعبير عن الخلاف بالسجن أو السيف لما تجرأ على المعارضة، و تلك شيمة مناخ عام تسوده الحرية، على عكس ما ساد بعد ذلك في الملك العضوض لبني أمية و بني العباس، حيث تحولت الدولة الديمقراطية إلى ملكية بحتة بكل ركائز الملكيات الغير دستورية في التاريخ، و منها القهر و تأليه الملوك.

هارون الرشيد في حرسه الحديدي، حين تحولت الخلافة إلى ملكية غير دستورية

حديث الإفك و دلالته على حظر استخدام السلطة

حديث الإفك بدون الخوض في تفاصيله هو واقعة تقول فيها الناس بالمدينة المنورة و خاضوا في عرض واحدة من أمهات المؤمنين، بل أحب زوجات الرسول إليه، و لا يهمنا هنا الحديث بذاته، و لكن يهمنا أننا نفهم من مختلف الأخبار، أن الحديث بدأ أولاً بين جماعة المنافقين، و هؤلاء تراوحت تقديراتهم من بضعة و سبعين إلى ثلاثمائة فرد، ثم انتشر الحديث كأي همس لئيم بين غيرهم من فئات المجتمع المدني، و نعرف أن الرسول همه ذلك و أكربه كربا عظيماً، و قضى بهذا الحال أياماً حتى نزل الوحي الإلهي ببراءة السيدة عائشة، و نعرف من الأخبار أيضاً أن عقاب من عوقب بالجلد ممن بدأ هذا الحديث، و هم ثلاثة ، حسان بن ثابت شاعر الرسول، و أخت لزوجة من زوجات النبي، و قريب لأبي بكر، و لم يعاقب به أحد من المنافقين لعدم وجود شهود أنهم اشتركوا و إن كانت الروايات كثيرة أن عبد الله بن أبي هو أول من خاض به، فلو تخيل الواحد منا نفسه بموضع النبي في هذا الأمر، أفلا يثور ثورة قد تورطه في جريمة؟ و لو كان حاكماً ذا سطوة، أفليس من الممكن أن يسفك بحراً من الدم في فورة غضبه لعرضه؟ خاصة و النفر الذي بدأ الخوض كان عدداً قليلاً؟ فهنا نجد أن الرسول تعامل مع الموقف كرجل غير ذي سلطة، أما جلد من ثبت بحقه رمي السيدة عائشة فهو عقاب طبيعي لمن يسيء لسمعة غيره بدون بينة و لا دليل

تعدد العقائد كحقيقة أثبتها القرآن

مجتمع التعدد و التباين هو النموذج الذي أراده الله بحكمته للبشر، حتى في العقيدة، و الأدلة البينة على هذا من القرآن أكثر من أن نحصيها، و لكننا نعرض منها نماذجاً قليلة، فانظر لقول الحق في سورة المائدة " وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" و نفس المعنى تقريباً يرد في سورة هود، و سورة النحل و سورة الشورى، و كذلك نجد في سورة يونس " وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" فهذا استفهام للاستنكار، يفيد و يؤكد قاعدة عدم الإكراه في الدين، و هو ما سنأتي له لاحقاً.

التعدد، إرادة الله لهذا الكون

لكن لماذا تركنا الله نختلف؟ ألم يكن ممكناً أن يحسم هذا الخلاف في الدنيا؟ ما هي الحكمة وراء هذا التعدد ما دمنا مكلفين بالإيمان؟ لماذا هبطت كل الأديان بصيغ إيمانية غير سهلة على أواسط الناس؟

الأسباب كثيرة، لكن أهمها يتبين لنا حين نطالع تطور الفكر البشري عبر التاريخ، فنجده يقترن وجوباً بتطور الفكر الديني و الفلسفي، فبعد أن انتظم الإنسان بمجموعات بشرية و توفرت له رفاهية التفكير بعد أن أمن على حياته و غذائه نوعياً، بدأ يتساءل، ما الحكاية؟ لماذا نحن هنا؟ ما موضوع هذا الكون و هذه الشمس و تلك النجوم اللامعات؟ فبدأت من هنا الميثولوجيا، ثم الفلسفة لتجيب على هذه الأسئلة الغامضة، و من هنا تعلم الإنسان طرق التفكير و الاستدلال، من محاولة الإجابة على سؤال وجوده الذي أرقه، و بعدها حاول أن يستثمر ملكة التفكير المنطقي التي طورها في تطويع ظواهر الطبيعة له، فظهرت علوما مثل الطب و الكيمياء و الفلك و غيرها من وعاء الدين و رجال الدين أو الفلاسفة في مرحلة لاحقة، و حتى اليوم، مازال اختلاف الأديان و المذاهب و الأنماط الفكرية و العقائد الاجتماعية يؤدي إلى مزيد من الجهد للشرح و النقد و الرد، فهذه هي التعددية الخلاقة، و لقد صرح القرآن لنا بأنها كانت حكمة الله و مشيئته في الكون.

الميثولوجيا اليونانية ، من أقدم المحاولات البشرية على الأسئلة الكونية

و من واقع هذا القبول للتعدد، نجد أن مجتمع المدينة المنورة قد بدأ حين هاجر إليها الرسول بثلاث أديان في حالة تعايش سلمي، فكان فيها المسلمون، و اليهود، و المشركين، و استمر الوضع على ما هو عليه لسنوات عديدة حتى تغيرت الظروف بمضي الوقت و تتابع الأحداث

حرية الاعتقاد و بطلان القول بنسخها

في القرآن الكريم تعددت الآيات الدالة على حرية العقيدة ، فنجد تكرر هذا المعنى الوارد بسورة البقرة " لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ" في قرابة الأربعة و عشرين آية من القرآن، من سور الكهف و الإنسان، و الكافرون و الإسراء و غيرها، و تلك الآيات التي يعضد بعضها بعضاً يقول البعض بأنها نسخت جميعاُ بالآية الخامسة من سورة التوبة " فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" و قالوا أيضاً أن هذه الآية الواحدة قد نسخت نيف و مائة آية من القرآن !!! و هذا قول مردود من وجهين

الأول: أن الآية الخامسة من سورة التوبة آية خاصة بتحريم تواجد المشركين حول الحرم المكي بعد تاريخ و مهلة معينة، و ذلك ما عدا من ارتبط الرسول معهم بعهود تعطيهم حرية الزيارة لمكة، و هذا أمر طبيعي، فليس من المعقول أن أذهب كمسلم إلى بازيليكا "سان بيتر" في الفاتيكان و أفرش سجادة و أشرع بالصلاة بحجة حرية العقيدة! لكل دين مقدساته و من احترامها عدم ممارسة شعائر أخرى داخل هذه الأماكن المقدسة، فهل هناك قانون مدني على وجه الأرض يكفل للمواطن ممارسة شعائره في دار عبادة خاصة بدين آخر؟ بالطبع لا، و معنى الآية واضح في سياقها من السورة، و نعجب ممن يدعي بعمومها كل العجب

الثاني: أن النص القرآني وضح وضوحاً لا ريبة فيه أن الآية تنسخ بآية مثلها أو أكثر، لكن ليست هناك آية "كاسحة" تنسخ أكثر من مائة آية من القرآن في سور عدة، و كذلك لا تنسخ الآية بحديث شريف، و هذا ما نفهمه من نص الآية الكريمة من سورة البقرة " مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فلابد للناسخ أن يكون آية أو أكثر ليكون مثل الآية المنسوخة أو خيراً منها، و هذا شاهدنا الذي عليه نعتمد، فعلى أي قاعدة اعتمد القائلين بالنسخ على الصورة التي ذكرناها؟

فلماذا إذاً يكثر الحديث عن الردة و حد الردة؟ و هل طبق هذا الحد فعلياً في دولة الرسول؟ و ماذا عما يعرف بحروب الردة في التاريخ الإسلامي؟

هذه كلها أسئلة نجيبها مع غيرها الشهر القادم مع مصر الجديدة إن شاء الله




النص الكامل للمقال

انا مش فى انتظارك

1.4.08 |

بقلم نسرين بسيوني



يا ترى فيه حاجه فى ماء الشرب بتاعه النيل هي السبب في ان البنت\الست المصريه في حالة انتظار دائم لشيء او لشخص ما؟ يا ترى تم برمجتنا على وضع الوايتينج ده من زمان ولا ديه حالة جديدة على الجنس الناعم المصري؟

ايا كان اصل الحالة او سببها ف هي موجوده بشكل بشع, مقزز, لدرجه ان البنت المصريه بقت محصورة فى نموذجين او تلاتة.. إما بنت هادئة الطباع, ملتزمة, لا تعرف شئ عن العالم الخارجي, منتظره عريس؛ أو بنت فاكرة نفسها متحررة, بتروح الكليه عشان تستدرج عريس, بتتصفح الانترنت عشان تستدرج عريس, بتزور صحباتها عشان تستدرج عريس, عندها موبايل عشان تستدرج بيه عريس, بتمشي في الشارع عشان تستدرج عريس, بتاكل وتشرب وتتنفس عشان تعيش لغايه ما العريس ييجي, وطول الوقت هي في حاله انتظار لان اي واحد من اللي هي استدراجتهم يقرر انه يكون عريسها.. مسكينة, الله يحرقها

النماذج ديه هي الأغلبية الساحقة الماحقة من البنات في مصر للاسف. وفى الوقت اللى باشوف فيه كل صحابي اللي في سني وأصغر بشوية كمان بيتجوزوا من رجالة فوق الاربعين من نوعية أقرع وبكرش, الاقي واحدة ست جميلة في الخمسين من عمرها بكل قوة وبكامل ارادتها بتتخلى, مش عن ضل راجل, لا, عن زوج لعشرين سنة, اعلن على شاشات التلفزيون انه بيحبها واهداها قصر الاليزيه ورئاسة الجمهورية والسلطة والمكانة الاجتماعية

سيسليا هى النموذج المضاد بشكل صارخ لنموذج البنت او الست المصرية. سيسليا لم تنتظر من ساركوزى ان يحقق لها ذاتها, بالعكس, هي لما حست ان وجوده كرجل في حياتها اصبح بيرهقها وبياخد من اعصابها اديتله ضهرها من غير ما تكسر قله ولا حتى ازازه شامبنيا, وبعتتله اوراق الطلاق مع المحامى وصرحت بكل بساطه ان "نيكولا اصبح يعانى مشاكل سلوكية لا استطيع تحملها ولا اعتقد اني املك القدرة على تعديل سلوكه, لذلك لا يمكن ان استمر"..
"نيكولا لم يعد يشعل شعله قلبي. احب ريتشارد لكنى لا اغادر بسبب حبي لريتشارد فقط ولكن احتراما لذاتي, لا استطيع ان اتقبل طفلا من اخرى مثل دانيال ميتيران"
ريتشارد عطيه هو الراجل اللى ارتبطت بيه سيسيليا حاليا.. مستقره نفسيا وعاطفيا وقوية, لم تهتز صورتها ولو للحظة, في حين انخفضت شعبيه ساركوزي بعد الطلاق وحسب اقوال المقربين منه "فقد نيكولا عموده الفقري بعد انفصاله عن سيسليا"

انا شبه متأكده ان لو سيسليا انفصلت عن ريتشارد مش حتنكسر او تنهار زى ما بيحصل مع اي واحدة هنا بتقطع شرايين ايديها او بتاخد علبه حبوب منومة او بتولع فى نفسها بالجاز بتاع الوابور, حسب الطبقة الاجتماعية اللي هي منتميه ليها. لان ببساطه سيسليا كيان مستقل في حد ذاته, مش منتظرة من حد انه يكملها, مش منتظرة من حد انه يحسن مظهرها الاجتماعي, مش منتظرة حد يحسسها بالثقة والرضا عن نفسها, مش منتظرة من حد يحميها

احساس جميل بالأمان اني اكون مش منتظره حد بيتوقف عليه وجودي,
لانى فعلا موجودة, انا مش انفزيبل ولا خيال على الحيطة, انا موجودة لحم ودم وعقل وروح, ولو قررت انى مش موجودة وانى خيال على الحيطة هافضل طول عمري خيال على الحيطه


النص الكامل للمقال

إنهم يسرقون التنمية البشرية

|

بقلم فانتازيا

شيل التيكت, حط التيكت.. كدة.. بكل بساطة

ليا واحدة صاحبتي سافرت الصين. وهي هناك حبت تشتري هدايا للأهل والاصدقاء. لقت محل مكتوب عليه بالانجليزي "لدينا جميع الماركات العالمية". قالت لما نشوف. دخلت المحل لقت ملابس جميلة جدا, رجالي وحريمي وأطفال وشنط وجزم وخلافه.. وكلها فعلا ماركات عالمية.. كريستيان ديور وجافينشي وشانيل وفرساتشي وغيره

المهم نقت شوية حاجات, وفيه قميص رجالي عجبها لونه لكن ماركته ماكنتش معروفة.. ف راحت للبياع وقالتله يا ريت تشوفلي اللون دا في ماركة معروفة. قالها حضرتك تحبي ماركة إيه؟ قالتله أي ماركة مشهورة.. فالانتينو, بوس, أي حاجة.. راح قالها, حاضر من عينيا الاتنين. وراح دقيقة ورجع ومعاه علبة كبيرة مليانة تيكيتس من اللي بتكون متخيطة على قفا القميص, عليها كل الماركات اللي في الدنيا.. وقالها اختاري براحتك.

صاحبتي في الأول افتكرته ما فهمش هي عايزة إيه. راحت عايدة تاني الطلب بتاعها وقالتله أنا عايزة قميص مش ماركة.

الراجل قالها ما أنا عارف.. وراح قال يوريها تطبيق عملي.. جاب تيكت عليه ماركة فالانتينو, وراح بمنتهى البساطة فاكك التيكت اللي على القميص اللي هي اختارته وحط التيكت اللي عليه ماركة فالانتينو.. وقالها أهوه.. القميص اللي انتي عايزاه ماركة فالانتينو..

البنت ذهلت طبعا.. هي أكيد عارفة ان كل اللي في المحل تقليد.. ولا فيه أي حاجة من منتجات الماركات الكبيرة دي.. والسعر مش ممكن طبعا يكون سعر منتج أصلي.. لكن اللي عمله البياع قدامها عملها حالة صدمة ماعرفتش سببها غير بعدين. لأنها اكتشفت ان موضوع الماركة دا هو مجرد تسويق لسلعة واستغلال لرغبة المستهلك الدغف ولعب على نفسية البشر اللي بيحبوا المنظرة وبيهتموا بالمظاهر اللي ع السطح

طب وماله؟.. ما التجار الشطار من حقهم يستخدموا أي طريقة تثبت نجاحها للتسويق لمنتجاتهم.. عندك مثلا الاعلانات اللي كل هدفها اللعب على نفسية المشاهد ودفعه انه يقبل على السلعة المعروضة حتى لو مش محتاجها. إعلانات الفيلات اللي في المنتجعات مثلا! مفيش حد يقدر يشتريها.. لكن الإعلان بيخليك تحس ان المكان دا هو جنة الله في الأرض وإن اللي مش عايش هناك يبقى مش عايش من أساسه.. فتلاقي اللي ممكن يسرق أو يرتشي عشان يجيب تمن السكن في المكان ده. وبعد ما يسكن, يكتشف إنه مكان عادي جدا, وفي حتة مقطوعة, وإن الجناين كانت في الإعلان بس.. والبلكونة اللي بتطل على البحيرة والخضرة كانت تركيب.. وإن العيال اللي زي القمر اللي بتركب عجل في الشوارع ملهمش وجود. وخلاص على كدة.. هما هما الأربع حيطان

وعندك الموجة بتاعة استغلال البنات الحلوين في الاعلانات.. كانت الإعلانات في التمنينات مثلا كلها بنات بترقص وتغني. فاكر إعلان الشمعدان؟ وإعلانات السمنة اللي المفروض اللي تاكل منها يكون وزنها 2 طن.. مش فراشة عمالة ترقص ع الشاشة!

لكن مع دخولنا الألفية التالتة.. طبعا على الورق بس.. تركيبة المجتمع ونفسيته اختلفت.. وبقت البنت الحلوة أم شعر طويل وخصر نحيل اللي بتترقص وتدلع مش هي أحسن وسيلة تسوق للسلع.. لإن المجتمع عندنا بقى بيحب الحشمة المظهرية, والمستهلك بقى بيحب يشوف الصورة اللي عايز يعكسها عن نفسه في الاعلان. فظهرت موجة من الإعلانات اللي بتعتمد على أفكار وسيناريو, أكتر من اعتمادها على الأغاني والموديلز. وبقى فيه الاسرة اللي قاعدة تاكل وليمة معمولة من السمنة الفلانية, بدل ما بنت أمورة تمسك العلبة وترقص بيها. وبقى فيه الموديل المحجبة.. اللي ممكن جدا تكون مش محجبة في الواقع, لكنها بتقرب من الستات اللي هيستهلكوا المنتج اللي هي بتعلن عنه. حتى اعلانات الشامبو, عملوا شامبو مخصوص للمحجبات! مش عارفة دا يفرق إيه عن أي شامبو تاني.. لكن يللا.. أهو شغل تسويق

للأسف, الدين دخل في موضوع التسويق, لانه اتحول لسلعة رائجة. وشكل التدين بقى هو الموضة اللي الناس بتقبل عليها. ودا خلق سوق من المنتجات وطريقة جديدة في تسويقها. زي مثلا رنات الموبايل الإسلامية!! نفسي أفهم إيه اللي دخل الاسلام في رنة موبايل! وزي المسابقات الاسلامية, اللي هي عبارة عن قمار برضه, لكن عليه تيكت الدين.. فيقولك سؤال عويص جدا, زي "ما هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن؟".. والمفروض طبعا إن الشخص الفذ اللي يعرف يجاوب عن السؤال العويص أوي دا يستاهل يكسب عشر تلاف جنيه! أو يروح عمرة! تخيلوا واحد يلعب قمار على عمرة!

ويا ريت الموضوع وقف على كدة.. لأ.. دا فيه ناس كمان دخلت في الزحمة واخترعوا مهنة غريبة كدة, إسمها "داعية إسلامي"! أنا أعرف الداعية دا اللي كان بيروح يتطوع ويسافر آخر الدنيا عشان يعرف الناس بالدين وبالله. وكان ممكن يموت في السكة وهو مسافر كمان. لكن إيه الداعية الفضائي ده؟ واحد يطلع على التليفزيون ويتكلم في أي موضوع إجتماعي عادي ويدخل فيه كام آية على كام حديث وياخد ملايين!! لأ والمصيبة إنه بيكلم مسلمين! طب هو بيدعوهم لإيه؟

وطبعا البرامج بتاعة الداعية الفضائي دي بتجيلها إعلانات زي الرز.. وأكبر شركات بيعرضوا يكونوا رعاة للبرنامج, بإعتبارهم شركات متدينة برضه. وأهو الأخ الداعية دا ينففع ويستنفع. والعروض تنزل ترف عليه من كل ناحية. ويعبي شرايط على سي ديهات على دي في ديهات على كتب ويقلب رزقه.. والسوق كبير ويساع من الحبايب ألف.. وكله على حساب الزبون

طبعا سوق الداعية الطائر دا لما انتعش, الموضوع وسع.. واتعملت قنوات مخصصة للموضوع دا فقط 24 ساعة. ماهو الرزق يحب الخفية. لكن مع الوقت السوق اتشبع. وابتدى الموضوع يفقد بريقه.. زي أي سلعة بتنجح ويحصلها رواج, فيبدأ ناس كتير يدخلوا فيها ويقلدوها لغاية لما السوق تجيله تخمة منها, فيحصل كساد بعد ما يكون كل الناس اشترتها

التاجر أو المصنع هنا عنده حلين.. يا إما يغير النشاط, يا إما يجدد السلعة ويطورها, فتبدو كأنها جديدة. زي مثلا شامبو المحجبات دا.. هو هو نفس الشامبو بتاع اللي مش محجبات, لكن بالنسبة للمستهلك دا منتج جديد. وعندك مثلا أدوات التجميل.. تلاقي نفس الشركة اللي بتصنع كريم كذا, تغير إسمه وتقولك أصل دا فيه عسل, أصله فيه لوز, أصله بزيت جوز الهند.. وهو هو نفس الكريم القديم.. لا فيه عسل ولا مكسرات

مشكلة الداعية الفضائي إن هو ذات نفسه السلعة.. ف ما يقدرش يغير النشاط.. لكن يقدر يحط التيكت بتاعه على سلعة تانية ويسطو عليها. ودا اللي حصل مؤخرا لما تم السطو على علوم اجتماعية وبشرية معروفة للجميع من قبل الدعاة الجدد عشان يقدروا يوسعوا نشاطهم يضمنوا استمرارهم في السوق.

ابتدا الموضوع دا داعية شهير جدا, دماغه من دهب, واستاذ في البيزنس والماركتينج, دا غير انه في الاصل محاسب!.. لما قال الكلمتين المعروفين والناس كلها سمعتهم وحفظتهم, شغل دماغه وابتدا يدور على سكك تانية يدخلها تحت عباية الدين ويقدمها للناس بشكل جديد. الراجل دا حط عينه على علم مش منتشر عندنا ولا يدرس في جامعتنا للأسف, مع إن كل جامعات العالم المتقدم حاليا عندها أقسام خاصة بتدريسه وبتمنح فيه درجات الماجيستير والدكتوراه

العلم دا هو علم "التنمية البشرية" وفيه ناس كتير متخصصين فيه, وأسماء شهيرة على مستوى العالم بتشتغل في المجال دا, ومؤلفاتهم بتكون دايما على راس قائمة الكتب الأكثر مبيعا عالميا. زي الكتب اللي دايما بتستخدم كلمة "النجاح".. طرق النجاح, أسرار النجاح, مفاتيح النجاح,.. إلخ

باختصار التنمية البشرية هي طرق توجيه الذات نحو النجاح في الحياة, سواءا الحياة الشخصية أو العملية.. ودا بيكون عن طريق تحفيز الفرد ودفعه لمعرفة قدراته ومساعدته في تحديد أهدافه وافضل السبل لتحقيقها. ومن العلم دا بقى فيه حاجة اسمها "لايف كوتشنج", أو التدريب الحياتي.. ودا بيعتمد على أفراد متخصصين في المجال دا بيقدموا النصح والخبرة والمشورة للشباب اللي بيبتدي حياته, ودا بيكون عن طريق محاضرات وتجمعات بيتم من خلالها تأهيل الشباب دول نفسيا وبدنيا واجتماعيا وعمليا

في مصر مافيش حد متخصص في الموضوع دا غير الدكتور إبراهيم الفقي, اللي درس التنمية البشرية في كندا. لكن الشرق الأوسط عامة بيفتقر للكوادر وبيفتقر للمتخصصين في المجال دا, اللي يعتبر جديد نسبيا, لكنه أثبت نجاحه وفايدته عالميا

الأخ الداعية إياه طبعا لقى في الموضوع دا ضالته المنشودة. والصراحة عمل مجهود في متابعة أشهر النجوم في المجال دا.. خصوصا نجم الاعلام الامريكي دكتور فيل ماك جرو.. اللي بيقدم برنامج يومي بيعرض على أشهر شبكات التليفزيون الأمريكي بإسم "دكتور فيل" وصاحب مؤسسة دكتور فيل الخيرية , وله كتب "الإهتمام بالنفس", "الأسرة أولا", "استراتيجيات الحياة" وغيرها.. طبعا الاستيلاء على الأفكار واضح ومفضوح جدا

طبعا الأخ الحرامي يشكر على أي حال.. لإن توصيل الأفكار دي مهم ومفيد للمجتمع عموما. لكن للأسف هو غير مؤهل للموضوع دا, ولا يأخذه بمحمل الجد, لانه مدخل الدنيا في بعض وعايز يمسك العصايا من النص. لا عايز يصارح الناس إن الموضوع دا هو علم مستقل بذاته, ولا عايز يفضل في المنطقة بتاعته بعد ما تم تشبع السوق بيها. فالنتيجة كانت إن علم مهم زي التنمية البشرية تم تسفيهه وتشويهه وتقديمة بشكل سطحي كل الغرض منه هو تلميع الأخ وتسويقه لنفسه بتيكت جديد

هذا السطو على علم التنمية البشرية ألهم مجموعة أخرى من مقلدين الأخ واللي داخلين الكار جديد. وابتدوا يعملوا نفس الموضوع في برامجهم وندواتهم. وطبعا الزبون فرحان بالسلعة الجديدة, طالما هي إسلامية والحمد لله. وخلي بالك من العلامة يا واد يا دقدق


النص الكامل للمقال