بقلم محمد زكي الشيمي


عرضت في الجزء الثاني من هذا الموضوع ملخص الوضع الإقتصادي المصري لكي يكون واضحاً أمامنا ماهي المشاكل من الناحية الرقمية وما هو المطلوب لحلها.

ماهي مشكلة مصر الحقيقية في رأيي؟

المشكلة الحقيقية هي غياب الرؤية لدي قطاع كبيرجداً من الحكومة والمعارضين علي حدِ سواء، وهذا بدوره ناتج عن وضع أهداف وهمية أو افتراضية أو مبنية علي غير أساس منهجي ثم العمل علي تحقيقها أو المطالبة بها باستمرار دون أن تكون حقاً أهدافاً سليمة أو منطقية،وهذا ناتج عن أن التفكير الاستراتيجي في مصر ينطلق من مقولات سياسية ليحرك الوضع ،وليس من دراسات اقتصادية ، وبرغم أن كلاً من السياسة والاقتصاد يتداخلان بشكل هائل، فإن عدم قدرة الجميع علي التقاط طرف الخيط الذي يبدأ الانطلاق منه هو المشكلة، ليست النظريات أو المواقف السياسية هي طرف الخيط بل الدراسات الاقتصادية ،ومن ثم تدخل السياسة لتحقيق أهداف الدراسة الاقتصادية ،ومن ثم تعاد تعديل الدراسات لتوافق التوجه السياسي ،ويعاد توجيه السياسات وهكذا في عملية تغذية عكسية مستمرة.

انطلاق البرامج السياسية والمشاريع من منطلقات سياسية كأن يكون صاحبها من اليمين أو اليسار ،شيوعي ،اشتراكي ، رأسمالي ، ليبرالي ، إسلامي أو منتمي إيديولوجياً بشكل عام ،هو سبب ما نحن فيه ،لكن لو درسنا الموضوع بشكل منهجي وعلمي وحددنا أهدافاً واضحة ،ثم وضعنا سياساتنا وفق احتياجنا (مهما كانت إيديولوجية هذه السياسة)لنجحنا في اجتياز حالة الاستقطاب الشديدة والاستعداء بين الجميع، وقديماً قالوا الحاجة أم الاختراع ، فالحاجة هي التي تفرض النظرية والسياسة ،وليست النظرية هي التي تفرض علينا ما نحتاج ،وبرغم أني ليبرالي ووجهات نظري الاقتصادية والسياسية معروفة لكن الحقيقة أن وجهات النظر هذه ناتجة في الأساس عن رؤيتي للوضع العام ، وليس العكس أن تكون رؤيتك للوضع العام منطلقة من وجهات نظر مسبقة، وهو الخطأ الذي يقع فيه كثيرين للأسف الشديد من تيارات مختلفة.
ومادامت الحقائق دائماً متفق عليها ووجهات النظر مختلف فيها ، فأنا لا أريد أن أكون ديكتاتوريا وافرض استنتاجاتي- التي قد تكون خاطئة- علي الآخرين فإني عندما وضعت رؤيتي الشاملة للحل قمت ببناءها من أجزاء صغيرة جداً ومبسطة ثم إعادة تجميعها جزءاً جزءاً ودراسة تأثير كل جزء علي الذي سبقه،وتأثير التشكيل الجديد علي كل العوامل حتي تتكامل الصورة كلها .

ولهذا فأنا ساكون ديمقراطياً جداً في رؤيتي للحل ، واترك كل شخص يقرر ما يشاء في لعبة الميكانو الضخمة المسماة السياسة والاقتصاد (إدارة الدولة) وليري كل شخص إلي أين تقوده سلسلة قراراته. لهذا تعالوا نتفق أننا لنضع سياسة لمصر ينبغي أن نضع خطة اقتصادية لمصر،ثم نضع سياساتنا علي أساسها ثم نعدل كل منهما ،وهكذا باستمرار،ولكي نضع خطة اقتصادية كاملة ينبغي أن نلجأ في البداية لتبسيط الأمور ومن ثم تركيبها فوق بعضها شيئاً فشيئاً ،لأني أريد من كل شخص أن يضع خطته الخاصة جزءاً بعد جزء،ويري نتائج تطبيقها بنفسه

وسوف ألجأ هنا لهذا التبسيط ( المعتمد علي العامل الأساسي المؤثر فقط دون بقية العوامل) لندرك تسلسل المشاكل المبنية علي بعضها، لحل إشكالية السؤال المعقد (من أين نبدأ الحل)المواضيع الاقتصادية متشابكة جداً ويؤثر كل منها ويتأثر بالآخر لذا فإن وضع خطة الحل ككتلة مصمتة لن يكون في مقدور الكثيرين فهم أسبابها ونتائحها لو لم نقم بتفكيكها إلي قطع وإعادة تجميعها جزءاً جزءاًلندرك تأثير كل إضافة جديدة علي السابق،وتأثير السابق نفسه علي اختياراتك المتاحة في التالي ،لذاسوف أطرح كل بدائل التعامل مع كل المشاكل واحدة بعد أخري، وبإمكان كل شخص أن يختار ما يشاء منهاً علي أنه سيتحمل مع كل إضافة جديدة نتيجة اختياراته المتتالية هذه، ليدرك أن الحلول الاقتصادية ليست أموراً عبثية ،ولا يمكن أن نعيداختراع العجلة فيها باستمرارثم سأعرض الحل الذي اختاره،وشيئاً فشيئاً ستكتمل السيناريوهات الكاملة أمام الجميع لنري إلي أين تقودنا كل منظومة فكرية وكل حزمة اختيارات

وعلي هذاسأقوم بعرض تراتب المشاكل بشكل مبسط لنستطيع أن نراها بصورة عكسية علي النحو التالي :
1- لكي تكون مصر دولة قوية فينبغي أن يكون لها ثقل سياسي.
2-ولكي يكون لها ثقل سياسي ينبغي أن تتمتع باستقلالية واعتمادية علي الذات تمكنها من اتخاذ قراراتها بحرية.
3- ولكي تتمتع بهذه الاستقلالية لا بد أن تكون قوية اقتصادياً
4- ولكي تكون قوية اقتصادياً فلا بد لها من أن تتمتع بوضع مالي جيد.
5- ولكي تتمتع بوضع مالي جيد فلا بد أن تتخلص من نسبة كبيرة من ديونها الداخلية والخارجية.
6- ولكي تتخلص من هذه الديون فلا بد ألا تعاني من عجز في الموازنة يدفعها لتغطيته بالاقتراض.
7-ولكي لا تعاني من عجز في الموازنة – بالنظر مبدئياً إلي صعوبة تخفيض النفقات- ينبغي أن تزيد إيراداتها المالية.
8- ولكي تزيد إيراداتها المالية ينبغي بشكل أساسي أن تزيد الحصيلة الضريبية.
9- ولكي تزيد الحصيلة الضريبية لا بد من أن يزيد فيها النشاطان الصناعي والخدمي بالذات فيها–باعتبارهما عماد الاقتصاد الحديث القوي - فضلاً عن النشاط الزراعي، بالقدر الكافي لتحقيق المزيد من الحصيلة الضريبية من دون أن تسحق الزيادة الفقير تماماً أو بالعكس تنفر المستثمر من الاستثمار فيزداد الفقر.
10- ولكي يزيد النشاطان الصناعي والخدمي فلا بد من أن يحقق الميزان التجاري وميزان الخدمات فائضاً وعوائد إيجابية
11- ولكي يحققا عوائد إيجابية فلا بد من زيادة حجم الصادرات الصناعية والخدمات التجارية.
12 – ولكي تزيد الصادرات الصناعية فلا بد أساساً من أحد نقطتين
أ- رفع كفاءة الانتاج، ولكي تزيد كفاءة الانتاج لا بد من زيادة كفاءة العنصر البشري،ولكي تزداد كفاءة العنصر البشري لا بد من إتاحة تعليم متميز،ولكي يتاح تعليم متميزفنياً وتقنياً فإن هذا يعود بنا إلي زيادة مصروفات التعليم ،وبالتالي إلي مشكلة عجز الموازنة مرة أخري (دائرة مفرغة)
ب- الاعتماد علي صناعات لا تتطلب تفوقاً فنياً عالياً كمصدر لتحسين الوضع ومن ثم نعود لرفع الكفاءة التعليمية لاحقاً
13- ولكي ننطلق اقتصادياً بصناعات لا تتطلب تفوقاً فنياً عالياً ينبغي ألا نضطر لاستيراد موادها الخام بشكل كبيروإلا فإن العملية لن تكون مجدية بالشكل الكافي.
14- ولكي لا نستورد المواد الخام اللازمة لهذه الصناعات ينبغي أن تكون صناعات تتوافر غالبية موادها الخام في الأراضي المصرية،وبالتالي لابد من الاعتماد علي الزراعة والتعدين.
15- و لكي يتم الاعتماد علي الصناعات القائمة علي الزراعة فلا بد من تطوير النشاط الزراعي ليحقق زيادة عن الاستهلاك يتم تشغيلها في هذه الصناعات بالإضافة إلي التصدير.
16- ولكي يتطور النشاط الزراعي ليسد كل هذه الفجوة فلا بد أن يقل الفارق بين احتياجاتنا الإستهلاكية المباشرة والفائض.
17- ولكي يقل الفارق بين احتياجاتنا الاستهلاكية المباشرة والفائض فلا بد من أحد نقطتين :
أ- زيادة الانتاجية المحصولية للأرض الزراعية بما يحقق هذا الفائض الكبيروهذا أمر وإن كان ممكناً ولكنه لن يفي باحتياجنا منفرداًبالنظر إلي ضخامة التغيير الذي نريد صنعهو نظراً للحاجة إلي تقدم فني كبير في هذا المجال ومدة زمنية طويلة مما يعود بنا مرة أخري للعجز في الموازنة وعدم القدرة علي الانفاق علي البحث العلمي والبحوث الزراعية بالشكل الكافي لتحقيق هذه الطفرة الهائلة التي نحتاجها.
ب- زيادة مساحة الأرض الزراعية ، بالإضافة للعامل السابق وعوامل أخري
15- ولكي تزيد مساحة الرقعة الزراعية لتتناسب مع هذا الهدف الطموح ينبغي أن نزيد مساحة الأرض المستصلحة و نحظر البناء علي الأرض الزراعية.
16- ولكي تزيد مساحة الأرض المستصلحة للزراعة بشكل مناسب فينبغي –ضمن شروط أخري كثيرة-أن نوفر لها المياه اللازمة للري .
17- ولكي نوفر المياه اللازمة للري في ظل مشاكلنا المائية،وثبات حصة مصر من مياه النيل فلا بد من خفض نسبة الاستهلاك السكني للمياه أمام الاستهلاك الموجه لخدمة النشاطين الزراعي والصناعي عموماً.
18- ولكي نخفض نسبة الاستهلاك السكني للمياه فينبغي ترشيد الاستهلاك.
19 – ولكي يتم ترشيد الاستهلاك فلابد من خفض نسبة الهالك الفردي من المياه – في غير الأنشطة الصناعية والزراعية.
20-و لكي يتم هذا فلا بد من حزمة متنوعة من البرامج واللوائح والقوانين ، بالإضافة إلي نقطة هامة جداً وهي ضمان ألا يبتلع النمو السكاني هذه الإجراءات بما يحتاجه كل فرد جديد في المجتمع من حصة مائية.
21-وهكذا فإن المشكلة رقم واحد والتي يتتابع بعدها سيل المشاكل هي معدل النمو السكاني.

بالطبع فإن أي خطة اقتصادية تمشي في خطوط متوازية لأنها تتداخل مع بعضها،والتقدم يحدث في كل المجالات بنسب صغيرة بشكل متزامن ،ولا تمشي بهذه الصورة الهرمية المبسطة،ولكني وضعتها بهذا الشكل ليري الجميع كيف يتم بناءالخطة شيئاً فشيئاً أمام عينيه بناءاً علي اختياراته،وعندها سيكون قد شكل كل الخطوط المتوازية معاً بالفعل.
لهذا سنبدأ بطرح هذه المشاكل واحدة بعد أخري مع سيناريوهات حلها وفقاً لماتم اتخاذه في كل مشكلة وهو ما سأشرحه في الجزء اللاحق
أنا شخصياً أريدكم أن تعتبروا هذه الموضوعات التي أكتبها نوعاً من ألعاب الفيديو القائمة علي التخطيط الإستراتيجي ،وأتمني ألا تملوا سريعاً من عرض هذه الخطة الضخمة ، اعتبروا نفسكم بتتسلوا بمعارضة جدية ،بدل التسلية بمعارضة الصراخ والعويل.


النص الكامل للمقال

احدث وسائل الربح دون جهد

12.3.09 |


بقلم حنان الشريف



جميعنا يعلم أن العمل عبادة، لذلك فعلينا بالسعى لجلب الرزق، وأن الله بصير بعبادة ويرزق كل المخلوقات على قدر سعيها سواًء انسان أو حيوان أو طائر.. ولكن هذه الايام تبدلت كلمة السعى فى الرزق إلى تجارة وربح باسم الدين، فنرى كل من ليست له مهنة وقد إمتهن الدين، لا يهم دراسته ولا يهم مؤهله، الاهم انه يتقن جيداً فن عمله

فالموضوع سهل وبسيط جداً.. رسم تكشيره على الوجه وحفظ آية وحديث للإستشهاد بهم وقت اللزوم والباقى على المشاهد! فبعد أن أصبح الناس لا يلقون السلام إلا بفتوى من أحدهم، تتسابق الفضائيات على إنشاء القنوات الدينية، وكل ما يحتاجه مالك القناة هم عمة وجلابية وخلفية اسلامية! وبالطبع من يرتدى العمة هو المشاهد اولاً ثم الشيخ الذى يلقى على مسامعه فتواه الرنانة التى تحرم وتجرم كل ماهو عقلى وتدعو وتبتهل الى الله بالدعاء لكل من يحمل سلاح ويرهب به الآخرين تحت مسمى الدين.. فجماعة الجهاد الاسلامى لا تختلف عن حماس، والاثنتين لا تختلفتان كثيراً عن الإخوان ، وإن أختلفت المسميات ، فالويلات كل الويلات والتكفير لكل من يفكر ويبتكر ويخترع لإفادة مجتمعه، ووجب الدعاء عليه بكل من يملكون من طاقة! فهؤلاء المخترعون والمبتكرون هم أزلام الغرب الكافر، والذين يقضون اوقاتهم فى عمل الابحاث والدراسات العلمية للوصول إلى مبتغاهم والنهوض بمجتمعهم هم مجرد مهرجون يقلدون الغرب الكافر وهم أتباع أحفاد القردة والخنازير والدعاء عليهم بالهلاك وعلى اطفالهم باليتم ونسائهم بالترمل هو الحل!

أما من يجلس ليفكر فى كيفية تغطية المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها ويضربها حتى يضاجعها ويسجنها خلف أربع جدران لأن خروجها للعمل حرام حرام حرام فهنيئا له. فذلك المخلوق المسمى بالمرأة لا يستحق الحياة الآدمية، فقد خلقها الله مجرد إناء لإفراغ شهوات الرجل الذى تم تنصيبه من قبل شيوخ الفضائيات كنصف إله على الأرض، من حقه أن يفعل ما يحلو له وقتما يحلو له.. أما المرأة، فهي لا تستحق الحياة.. هى سبب الفتنة وهى العورة، وهى التى وإن جالسها رجل فحتماً الشيطان ثالثهما. بهذه الصورة وبعد هذا الكم الهائل من الفتاوى يمتليء عقل الرجل بأن من تجلس امامه فى العمل أو فى المواصلات أو فى اى مكان يراها فيه ما هى الا "فرج" خلق لمجرد اشباع رغباته! ولا عجب فى ان يردد كلام الله وكلام الرسول وفي ذات الوقت يلهث خلف أنثى بالكيلو مترات، فشيوخ البزنس قد افتوا بأنها عورة وبأنها مجرد متاع وأن الشيطان لابد وأن يكون دائما الثالث بينها وبين الرجل.

ففضلاً أيها العقلاء، تفكروا جيداً فى حال المجتمع الذى أصبح التدهور فيه من أهم سماته. هل توجد مهنة تسمى رجل دين؟ فأى هراء هذا الذى تطالعنا به الشاشات؟ مفتى لكل مواطن يفتيه على حسب مزاجه وهواه الشخصى.. ومفسر للأحلام بالقرآن، وسبحان الله جميع المتصلين دائماً رأوا الرسول فى المنام!.. وأخر يصرف الجن.. لدرجة أن بعض العامة ممن لا يجيدون فك الخط اتخذوا من الدين بزنس للتربح دون بذل أدنى مجهود، فالموضوع غير مكلف والربح صافي. فهل كان الرسول يتربح من الرسالة السماوية التى بعث بها؟

أخيرا.. رفقاً بعقول العامة، فما يطالعنا به الاعلام اليوم اصبح: كلام فارغ في كلام فارغ


النص الكامل للمقال

أشتاق الي العدالة

11.3.09 |


بقلم ماجد ماهر


ليس لدي أي نوع من المعرفة عن ما جعلني منذ طفولتي أشتاق أليها و أبحث عنها بكل طاقتي، و لست أعلم لماذا و أنا في سن يلهو كل زملائي فيه كانت تؤرقني أسئلة عن الحياة و معناها، و كانت تتحرك بداخلي مشاعر غضب عظيمة و هائلة كلما رأيت مظهر من مظاهر غياب العدالة

و أنا طفل كان يؤرقني مشهد الشحات، كنت وقتها لا أفهم لماذا لا يجد هذا الانسان لباسا جيدا مثل باقي الناس!! و لماذا يجلس ساعات و ساعات علي الرصيف و يمد يده للمارة ليستعطفهم و يطلب منهم أقل القليل حتي يأكل أو يكتسي!! كان هذا هو المشهد الرئيسي الذي يعبر عن أقصى صور غياب العدالة في ذاكرتي و أنا طفل، و يا ليتني لم أكبر حتى أدرك ما هو أقسى و أيقن أن هذا المشهد ربما يكون الأكثر ترفا من مشاهد لا حصر لها تصرخ معبرة عن غياب العدالة بكافة صورها و أشكالها، حتي تنحصر العدالة الأن في ذهني وكأنها مجرد فكرة مثالية لا مكان لها في واقع مجتمع أحيا بداخله كل يوم من أيام حياتي.

فالعدالة هي احترام الحقوق، هي الأيمان بأن الأنسان يستحق، ليس لأنه مؤمن، و ليس لأنه ذكر، و ليس لأنه كبير سنا أو مقاما أو صاحب ثراء و لكن لأنه أنسان. العدالة هي أحترام حق كل أنسان في أختيار شكل و أسلوب حياته ، في أختيار معتقده، في أختيار مبادئه و أفكاره ، و حتي في أختيار طريقة لبسه و نوع غذائه.

وللأسف عندما أنظر لمجتمعي ، أراه أبعد مايكون عن العدالة، أري الطفل فيه يُهان و التلميذ يُضرب في المدرسة و الطفل العامل تُنتهك آدميته و تُغتال برائته، أرى الرجال يتحكمون في النساء، أرى الرجل يفخر بذكورته و كأنه صاحب فضل لأنه ولد ذكرا و كأن المرأة قد ارتكبت ذنبا كي تولد امرأة. أرى رجالا يمارسون كافة اشكال العنف النفسي و البدني ضد زوجاتهم و أطفالهم و أرى مجتمعا يصمت أمام هذا العار و يتجاهله. أرى الفقراء يموتون جوعا و تتحطم أبسط أحلامهم أمام واقع أقتصادي مرير يسلبنا الكثير و الكثير من حقوقنا الانسانية. أرى صاحب كلمة الحق ينهال عليه أصحاب المصالح و المنافع هجوما و كأنه هو الخطر المبين.

و ما بين سلطة تعمل من أجل نفسها و تتجاهل الأوضاع المزرية للبسطاء و علماء دين يحللون القهر و الغصب و يهاجمون الحرية و كأنها الشيطان الأعظم و شعب بسيط تم حرمانه من الثقافة الفعلية التي تحثه على انتزاع حقوقه فأصبح يتمتع بدرجات غير انسانية من تحمل الظلم و القهر دون أدنى مقاومة، تختفي العدالة.

هذا حال مجتمعي الذي أراه. مجتمع يفتقر إلى العدالة في أبسط صورها و معانيها. فليس من العدل أن أشعر بغربة في وطني و ليس من العدل ألا يمارس المواطن أبسط حقوق المواطنة، و كأنه ضيف في بيته.

إن ما أشعر به في هذة اللحظة هو ألم عميق من شدة الاحساس بالظلم و العجز، احساسا بالظلم الذي ألمسه في كل امرأة تتحمل ضرب و أهانة من زوجها و يحثها المجتمع على الصمت. أشعر به في كل طفل يبكي من خوفه من مدرسه الذي لا يحميه منه أحد بل و ربما أيضا يؤيد المدرس والد الطفل ليعنفه أكثر و أكثر.

احساسا بالعجز يقتلني. كم من مرة صرخت ألتمس العدالة لضحايا مثل هؤلاء لأجد مجتمع أصم لا يسمع، و إن سمع لا يتحرك و يفضل أن يحيا مؤمنا بثوابت تدمره على أن يعيد النظر فيها، لأجد المسئولين عن تحقيق العدالة إما غير مكترثين أو لا يمتلكون دقائق قليلة يستمعون فيها لمعاناة عشرات الضحايا، مفضلين أن يعطوا وقتهم لاجتماعات الصالات المكيفة عن أن يتحملوا النزول للشارع ولو مرات قليلة في طوال سنوات مسئوليتهم. كم من مرة لم ينظر صاحب السلطة الى المظلمة إما لأنه لا يهتم أو لأنه محكوم هو الآخر بمن لا يهتم، و بالطبع يفضل الحفاظ على مكانه على أن يدافع عن مظلمة كائن ليس له أي سند يحميه.

إن العدالة الغائبة هي اختيار مجتمع بأكمله.. اختيار بممارسة الظلم المنهجي من أفراد المجتمع تجاه بعضهم البعض.. اختيار قبول المسلمات مهما كانت مدمرة على أن يتم اعادة اختبارها حياتيا و فكريا.. اختيار بتفضيل الصمت و التحمل على الغضب و اقتناص الحقوق. إن العدالة الغائبة ليست قدرا و لا عقابا إلهيا على ما فعلناه، و إنما هي اختيار الجهل و الغيبية و عدم المسئولية و التواطؤ على الضحية.

إن أكثر ما يؤلمني في هذة الجدلية هم الأطفال الذين لم يختاروا أي شيء بعد في هذة الحياة و لكنهم أكثر من يتحملون ثمن اختيارات آبائهم و أجدادهم. و السؤال الذي يؤرقني اليوم و عليه أن يؤرقك أيضا هو: هل سيفخر أحفادنا و أبنائنا باختياراتنا في الحياة؟؟ أم سيعيشون يتحملون ثمار ظلم تم تكريسه لسنين و سنين كما نتحمل نحن الآن ثمار صمت أهالينا؟؟


النص الكامل للمقال

شاهدت لك : أميلي بولان .. وسحر التفاصيل

10.3.09 |


بقلم أميرة طاهر

في يوم 3 سبتمبر .. من عام 1973 ..

و في تمام الساعة 6 مساءا والدقيقة 28 والتانية32 ..

حطت ذبابة زرقاء تصل سرعة خفقان جناحيها الى 14.670هزة في الثانية على أرض شارع سان فنسنت .. في نفس الثانية في شرفة المطعم , كانت الرياح تداعب المفرش , مما جعل الكؤوس تتراقص دون أن يلحظ احد .. في الوقت ذاته , في الدور الخامس عمارة 28 شارع ترودان

مسح العجوز يوجين يوكر اسم صديقه العزيز المرحوم اميل مينو من دفتر التليفونات بعد عودته من الجنازة .. وأيضا في نفس الوقت .. كان هناك حيوان منوي يخص السيد رفايل بولان حاملا كروموزم اكس يشق طريقه الى بويضة السيدة أماندين بولان المعروفة باسم أماندين فوييه .. بعد تسعة أشهر ولدت طفلة ..أميلي بولان..!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذا الفيلم بالذات , القصة بسيطة تكاد أن تكون هامشية , كما أفضل ألا أفسد متعة مشاهدته على من لم يشاهده , إن قوة الفيلم وجماله يكمنان في سحر الألوان والتفاصيل و الرؤية الحساسة المرهفة لعالم من نوع آخر.. معظمنا لم يكن يعرفه .

اميلي بولان .. الفتاة الطيبة الساذجة التي عاشت في عزلة ووحدة .. والتي تعمل نادلة في مقهي بشارع مونمارتر بباريس .. على وشك أن يتغير مصيرها بالكامل في خلال الأيام القليلة .. عندما تعثر على الكنز : صندوق ملئ بذكريات الطفولة يرجع عمره الى نصف قرن مضى مختف خلف بلاطة في حائط شقتها.. في نفس اللحظة التي يذيع فيها التلفزيون خبر موت الأميرة ديانا بباريس.

الصندوق في فيلم اميلي رمز غاية في العمق , فالصندوق في الوعي الجمعي للبشرية رمز خالد وشديد التعقيد يحوي كل غال وثمين ومخيف .. من صندوق باندورا إلى كنوز الملك سليمان .. الصندوق هو كل سر مغلق .. كل كنز ثمين .. لقد حفل الأدب العربي و العالمي وأدب الرحلات بقصص كثيرة لم تحمل هدفا الا العثور على الكنز .. وقد اختلف معنى الكنز في كل مرة .. و الكثيرون يذكرون حكاية الرجل الذي قطع رحلة طويلة من أجل العثور على الكنز , وفي النهاية اكتشف أن الكنز كان في الرحلة بحد ذاتها.

الصندوق في الفيلم أيضا, رمز لركن الذاكرة في العقل الإنساني .. مترب وقديم ويعلوه الصدأ , ولكنه حافل بالذكريات الجميلة عن أيام سعيدة لم نكن نحمل فيها هما .. أيام الطفولة التي تبدو لنا وكأنها تعود إلى زمن سحيق .. وتقرر اميلي البحث عن صاحب الصندوق الذي لابد أن عمره الآن يتجاوز الخمسين من العمر و أن التأثر الذي سيبدو على وجهه سيدفعها إلى لعب دور الملاك الحارس في حياة الآخرين .. ويتأثر الرجل بالفعل ويعود للتواصل مع ابنته وحفيده الذي لم يره قط ..ومن هنا تتوالى الأحداث حتى يتغير مصير اميلي بالكامل.

من أفضل مشاهد الفيلم في رأيي هو المشهد الذي تندفع فيه اميلي إلى رجل أعمي يتحسس الطريق بعصاه .. وبالطاقة المشعة من الخير التي تجتاحها وبالرغبة في مساعدة البشرية .. تندفع إليه فجأة وتصحبه إلى محطة المترو .. وبينما هي في الطريق معه تروي له تفاصيل الشارع الغنية .. إن أميلي تعير الرجل عينيها لدقائق ليرى الدنيا , ثم تتركه فجأة أمام محطة المترو وقد عرف طريقه كما اصطحبته فجأة .. مأخوذا ومذهولا , وممتنا للفتاة الغامضة التي وهبته النور للحظات.

ولكن أميلي كما تقرر لعب دور الخاطبة والملاك الحارس للناس من حولها .. فإنها تقرر أن تنتقم من كولينيون البقال الشرير الذي يعامل صبيه المسكين لوسين بخشونة وفظاظة , رغم أن أميلي كانت تحمل له محبة انسانية خالصة لأن لوسين طيب القلب مثلها ومهذب ولا يستحق هذه المعاملة الفظة من كولينيون , فتتسلل الى شقته - شقة كولينيون - وتمارس عليه الألاعيب الصبيانية لكى تفسد عليه تفاصيل حياته وتشككه في سلامة عقله .. كولينيون الفظ السخيف يفقد الثقة في نفسه وعقله ويكاد أن يجن تقريبا .. وتشمت فيه اميلي.

وتتوالى الأحداث الشيقة .. حتى يتنهي الفيلم بمشهد غرامي رقيق , يجسد الدعوة للإنسان الغربي المستقل الذي يعتمد على نفسه ولا يحتاج للآخر , ويعيش في عزلة ووحدة , لكي يسترجع ذكريات الطفولة العذبة و يعيد بناء العلاقات الإنسانية .. إن الإنسان في عالم اليوم يعيش في أزمة الفردية والوجودية , وبحاجة إلى العواطف ليخرج من أزمته وقد وجد صانعو الفيلم الحل في ذكريات الطفولة والتفاصيل البسيطة المميزة للحياة اليومية .. وفي الحب الصادق أيضا.

في فيلم أميلي ..لا يوجد شيء في الحياة اسمه شئ تافه .. إن سر الحياة يكمن في التفاصيل البسيطة الساحرة ..إن التفاصيل هي التي تصنع ملامح حياتنا الكبرى ..منذ النطفة الأولى وحتى خيارات الآخرين التي تؤثر على حياتنا بشكل غير مباشر .. إن حياتنا ليست معزولة عن حيوات الاخرين فكل البشر يحيون في دوائر متداخلة وفي منسوب من السائل واحد كنظرية الأواني المستطرقة .. كلما صببت السائل في احداها ارتفع منسوب الماء في الأنابيب الأخرى .

تميز الفيلم بموسيقا البيانو ممزوجة بالأوكورديون الباريسي المحبوب , للموسيقار يان تيرسان , وهو نفس مؤلف موسيقا فيلم ( وداعا يا لينين) .. اللغة التشكيلية في الفيلم عالية للغاية ومفعمة بالتفاصيل والألوان الحية .. فالأحمر صارخ وقوي , والوردي زاه , والأصفر مشع , والبرتقالى دافئ وحيوي.. حتى الظلال المتمثلة في الأسود أحسن المخرج استخدامها .. إن الألوان الزاهية الدافئة سمة مميزة للفيلم الفرنسي بشكل عام .. ولكنها هنا تزداد وضوحا .. القيم الجمالية في الفيلم مرتفعة بشكل يلفت النظر والفضل لمهندس المناظر آلان بونيتو .. المؤثرات الصوتية أيضا أحسن المخرج استخدامها مع حركة الكاميرا .. حتى صوت الراوي والذي يعتبر عادة نقطة ضعف في العمل الدرامي لأن المفروض أن الفن يشرح نفسه بنفسه .. كان نقطة قوة وتحسب بذكاء للدراما بدلا من ان تكون عبئا علينا أو تشعرنا بالغباء , إن الراوي أعطانا الشعور بأننا اطفال يحكي لنا الوالد حكاية شيقة .. فأعاد لنا شعور الطفولة الماضية حين كان الأهل يحكون لنا قصص ما قبل النوم .. ونسهر مشدوهين منتظرين النهاية.

لقد أثبت صناع فيلم اميلي أن السينما (الجميلة ) ليس من الضروري أن تكون زاعقة وصارخة تتبنى القضايا الاجتماعية الحرجة , ولا الأفكار السياسية والفلسفية الخطيرة , ولا الحروب الكبرى .. ليس من الضروري أن تكون السينما مثيرة للضجة و (تخدم المجتمع ) و تفرز أفلاما ممسوخة وقبيحة بدعوى الواقعية والواقعية الجديدة .. يكفي فقط أن يكون الفن انسانيا ويجسد مفهوم المواطن العالمي و الإنسان .. إن فيلم أميلي متعة لكل الناس من كل الثقافات و الأعمار من عمر الخامسة حتى عمر الثمانين .. لقد لاقى الفيلم استحسانا عالميا من قبل الجمهور والنقاد .. واكتسح في شباك التذاكر في معظم البلدان .. وحصد الجوائز .. فقط ليثبت أنه مازال هناك أمل في الحب وفي الخير وفي ايجابية البشر وفي متعة تذوق سحر التفاصيل في الحياة .. هنا فقط قد نشعر بالسعادة.

هذه السعادة هي بهجة التفاصيل الحلوة التي قد نجدها في ثمرة فراولة ندسها في أفواهنا .. في نفخ فقاقيع الصابون .. في لعبة او دمية بسيطة .. في تساقط صف الدومينو .. في اللعب بالكؤوس الموسيقية .. في رشف الحليب من الكوب حتى الرشفة الأخيرة .. في نفخ بالونة .. في صورة لسحابة بيضاء .. في عملة معدنية تدور كنحلة .. في بلية صغيرة نلعب بها .. في ملمس الزلط الأملس حين نلقيه في جدول ماء متدفق .. في بخار الماء المتكثف من أنفاسنا الحارة على سطح زجاجي بارد ..في لعبة القص واللصق .. في ترتيب الأشياء وتنظيمها .. في حلم يقظة بالتضحية من أجل الأخرين .. ومحاولة تحقيقه أيضا.

أنتم جميعا مدعوون إلى إعادة اكتشاف حياتكم ومشاهدة فيلم أميلي بولان .. إلى كل انسان حزين .. إلى كل فاقد للأمل .. إلى كل انسان يظن أن حياته تافهة وليست حياة عظيمة أو حافلة بالإنجازات ..كل انسان لا يجيد الإستمتاع بحياته او بسحر التفاصيل في حياته اليومية .. أنتم جميعا مدعوون لمشاهدة فيلم أميلي بولان .. !

إن الحياة دائما جميلة , وبسيطة , وتستحق أن نحياها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

http://www.youtube.com/watch?v=2T9dUBO4pv0&feature=related

قام بدور أميلي بولان : أودري تاتو

قصة : جيليوم لوران

مهندسو المناظر : آلين بونيتو ، ماريلور فالا

موسيقا : يان تيرسان

سيناريو واخراج :جان بيير جينيه



النص الكامل للمقال

خرمنجي - قصة قصيرة

9.3.09 |


بقلم محمد الوزيري

رطوبة غرفة بير السلم او كما هو مكتوب تهذيبا فى بطافة الرقم القومى خاصته الدور الارضى التى تمتزج مع هفهفات متقطعة من روايح غرفة التفتيش التى يصطدم بها بابه الخشبى المتلصم كل مرة عند فتحه تجعل اى حجة واهية دافعا حثيثا للهروب المقنع من حالة رضا اجبارية


فما بالك بالصلاة والسعى الى بيوت الله

كان قبل استلام كرسيه المتحرك من جمعية المسجد الخيرية يصلى فى اقرب زاوية يقوده اليها خطوة عكازه الخشبى القصيرة البطيئة المؤلمة لابطى رجل عجوز مثله


ساعة وتغيب تلك الشمس التى يسمع عن جبروتها الصيفى دوان ان يشعر به مباشرة الا وقت خروجه من غرفته المصمتة تلك


بدا فى الاستعداد للصلاة ولاول مسافة تطويها عجلات الكرسى الجديد

امتدت يده تلك ذات الجلد اللامع المصقول والتى يثير اهتمام الناظر اليها تماسكها وضخامتها بالنسبة الى رجل سبعينى مثله الى مقبض معدنى صدا مثبت فى منتصف الباب يستخدم لفتحه بقوة الدفع البشرية الى الخارج

احتكاك كعب الباب مع الارض الاسمنتية الرمادية وصوته المزعج يجعله يجز على ما تبقى من اسنان عالقة فى فكيه مع انهماك فى حالة دفع سريع ومرتبك للباب

يرتاح الباب على غرفة التفتيش المرتفعة عن مستوى ما يحيطها من ارض ويرتاح معه الرجل العجوز من هذا العناء محدثا الفتحة الوحيدة فى تلك الغرفة التى تكفى بالكاد لخروجة وهو على كرسيه الجديد

وصل الى المسجد الذى كان يزوره فقط من ظهر الجمعة الى ظهر الجمعة
بعد مشوار عامر بالرجرجات من اثر الشوارع المكسرة المتعرجة السطح

دخل بمساعدة المؤمنين الى ساحة بيت الله مع ارتفاع اذان الاقامة بنداء
قد قامت الصلاة
قد قامت الصلاة

هرول مستخدما كلتا يديه دافعا عجلات كرسيه للحاق بمكان فى الصف الاول
راجيا مكانة ذلك المكان وثوابه الخفى الجليل من الله سبحانه وتعالى

كان الصف قد اكتمل
لم يجد فيه منفذا ينفذ منه اليه
فا اصطف فى الذى يليه

الله اكبر

كبر المصطفون تكبيرة الاحرام الا هو
تحركت شفتاه بهمس لم يصل حفيفه الى اذنيه حتى (معقولة هو)

لامته بقايا نفس متماسكة
اخشع انت فى حضرة الحق

امين
(امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون )

هو هو صوت ابنى اللى عجزنى


تعالى كل الاكل سخن
مش هاكل من فلوس حرام تانى فلوس خرمنجى نبيت والعياذ بالله

سمع الله لمن حمده
الله اكبر

لا يركع مع الراكعين ولا يسجد مع الساجدين

بتقول ايه؟ والعياذ بالله
اه سمعتنى ومش هاعيد تانى فلوسك حرام
مين اللى قال كده
ربنا
وربنا قالك تتكلم مع ابوك كده
لا طاعة ولا ادب مع العصاه

امين
(وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا)

احتد الاب على الابن
فصيره الابن عاجزا بعاهه مستديمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله

هرول خارجا من المسجد يتكفى لائذا بالشارع

وهرول المؤمنون للسلام على امامهم الجديد
وابتدت جلسة الدرس الاول فى حضرة الامام


النص الكامل للمقال

تحيا العولمة

8.3.09 |



بقلم فانتازيا

فيه ناس مفترية بتعتبر تأييدي للعولمة نوع من الجنوح أو الانسلاخية أو التفريط في الهوية. وبما أني تحدثت عن تشبثي بهويتي المصرية في مقالي السابق، وأتمنى أن يكون ذلك كفيلا بصد تلك الافتراءات، فقد رأيت أنه ربما تكون تلك أفضل مناسبة للتعبير عن مشاعري تجاه العولمة

أيوة التعبير عن مشاعري.. لأني باختصار بحب العولمة ومش خايفة منها، ونفسي الناس كلها تحبها لأن هو دا المستقبل شئنا أم أبينا. ومن وجهة نظري الخاصة فإن العولمة هي السبيل لتحقيق جنة الانسان في الارض حيث التكامل والتناغم والتواصل والتطور والنماء.

للأسف فيه ناس كتير واخدة منجزات العالم الحديث كأنها شيء مسلم به، ومش حاسين بالاعجاز اللي ورا المنجزات دي لأنهم لم يساهموا فيها. فتلاقي الواحد منهم بكل بلادة وتناحة يقولك يا سلام على أيام زمان.. يا ريت ترجع تاني!! ترجع تاني؟ أنا شخصيا مش قادرة أرجع إلى ما قبل الموبايل.. ما بالك بما قبل الانترنت وما قبل الكمبيوتر اللي أنا بأكتب عليه مقالي ده؟ الناس اللي بتقول للزمان ارجع يا زمان دي مش متخيلة إن حتة الحديدة اللي رايحين جايين بيها في جيوبهم وبتوصلهم بأي حد في أي وقت بضغطة زر هي نتاج العولمة اللي عمالين يشتموها ليل نهار ويلعنوا سلسفيل اللي جابوها! طيب إيه البديل عن العولمة؟ الانكفاء والانغلاق على الذات؟ وبعدين؟ هنروح فين؟ هننقرض أكيد، لأن سنة الحياة هي البقاء للأصلح. وبما أننا لا نملك مقومات المنافسة، يبقى الانغلاق هيحرمنا حتى من الانتفاع بمنجزات الغير

باستغرب أوي من واحد مغيب يجي يقوللي إنه عايز الخلافة ترجع تاني؟؟ وبعدين وبكل بساطة يتكلم عن الديمقراطية!! طيب تركب إزاي دي؟ الديمقراطية هي نتاج العولمة، وهي تطور لأسلوب الحكم الذاتي في ظل الانفتاح على العالم. يجي واحد فتك مش فاهم أي حاجة بقى يقولك ما أحنا نلخبطهم على بعض زي السلطة، لأنه مش لاقي حل لمعضلة أنانيته في إنه عايز كل حاجة.. عايز منجزات العالم الحديث (اللي هو بيكرهه وبيحتقره المفروض) وفي نفس الوقت بيحلم بالشرنقة اللي هيستخبى فيها عشان ما يواجهش فشله في التماشي مع حركة التطور اللي بيشهدها العالم المتقدم. لكن المسكين ده مش فاهم إنه بكدا بيحلم بكائن خرافي زي الرخ كدا، مش ممكن يتوجد، وإن وجد هيكون مسخ وهتكون نهايته مأساوية ومضحكة في نفس الوقت. زي أفلام الفانتازيا اللي بيجي فيها شخصية من الماضي وتحاول تعيش في الحاضر، الفيلم دا رغم المأساة اللي بيجسدها من فشل الشخصية دي على التأقلم مع واقعها الجديد، إلا أننا كمتفرجين لا نملك سوى الضحك والسخرية منها، لأننا نحكم على تصرفاتها من مستوى إدراكي مختلف يجعلنا نرى الفارس بزيه الحديدي وهو يعتلي حصانه في وسط شارع يضج بالحركة والسيارات على أنه مشهد كوميدي وحسب، وبسبب هذا الادراك المتطور يعجز هذا المشهد أن يحرك فينا أي حنين للماضي أو تعاطف حقيقي مع الشخصية الماضوية. رؤية الصورة المتباينة أمام أعيننا، جعلتنا وبشكل تلقائي نفضل الحداثة لأننا أبنائها، ونرفض الزي الحديدي ونتوقع زواله أو زوال صاحبه.

هذه هي حركة التاريخ، لا مفر منها. حركة التاريخ هي دوما للأمام، وتطور البشر هو المحرك لذلك، فمن كائن هزيل يسكن الخلاء بلا سقف يحميه ولا أدوات تعينه على الحياة، إلى إنسان عصري يسخِّر الطبيعة لخدمته، قطع الانسان شوطا هائلا من التطور وحقق إنجازات عظيمة في كل المجالات. قد يتقدم البعض عن غيرهم وقد يتخلف البعض عن غيرهم، ولكن المنظومة البشرية تظل سيمفونية فريدة تسعى دوما للكمال وللبناء.

طيب ليه كل الخوف من العولمة؟ وليه كل الفزع على الهوية واعتبار العولمة عنصر تهديد للهوية المتفردة؟

أولا خلونا نتفق إن اللي عندهم هذا النوع من الخوف هما الدول الفقيرة والتي لا تساهم بقدر ولو ضئيل في حركة التطور. الخوف ذات نفسه كشعور نابع من حرص على الأصالة والتفرد هو شعور طبيعي، لكن الذعر اللي ممكن يؤدي للتقوقع والانغلاق هو دا الخطر. وما يعنيني بالطبع هو مصر. أنا كمصرية أخاف على هويتي ليه؟ آه بأتكلم لغات، لكن بأكتب بالعربي أهوه. أيوة باروح آكل في كنتاكي، لكن برضه بآكل كشري وبصارة وفول. أيوة فيه غزو للاسواق من السلع الأجنبية، لكن ما أنا بأصدر، وأنا وشطارتي بقى، أتعلم وأحسن انتاجي وأطور مهاراتي وأنافس عالميا. لو أنا معنديش ثقة في نفسي إني أقدر أعمل ده، يبقى الانغلاق مش حل، بالعكس، دا هيعمق المشكلة، لأني هأقفل على نفسي حتى باب المحاولة، يا سيدي يمكن إنت خايب، لكن إيش عرفك إبنك ولا بنتك ممكن يعملوا إيه؟ ليه تحكم عليهم بالفشل؟

الأصالة ممكن جدا الحفاظ عليها باحيائها، بممارستها، مش إني أحطها في المتحف وأقفل عليها وأقول دي بتاعتي! لو إنت ركنتها على الرف يبقى دا اعتراف منك إنها لا تصلح للاستمرار، وبما إنك إنت نفسك حكمت عليها بكدا يبقى لا تتوقع من الغير إنه يحافظلك عليها. احنا كمصريين تاريخنا طويل وعظيم، والمفروض دا يكون عنصر إلهام لينا يقوي من ثقتنا في نفسنا، إننا زي ما قدرنا نبني أول وأكبر وأعظم حضارة في التاريخ هنقدر نبني تاني ونتعلم اللي فاتنا ونزيد عليه، هنقدر نمتص كل الثقافات الوافدة ونمصرها زي ما مصرنا حاجات كتير على مر تاريخنا. لكن شرط الاستيعاب هو التقبل، إنما الرفض لن ينتج عنه شيء سوى العوم عكس التيار والسير عكس عقارب الساعة، وهو ما لا يمكن استمراره وهتكون نتائجه فادحة مستقبلا

إحنا بنفرح أوي لما مصري ياخد جايزة نوبل، وننسى إن لولا العولمة مكنش دا حصل. بنفرح أوي لما نسافر برا ونشوف فيلم مصري، وننسى إن دا نتاج العولمة. بص حواليك وقولي بيتك دا كان هيبقى عامل إزاي لولا العولمة. إنت نفسك كان هيبقى حالك إيه لو مفيش عولمة؟ فكر في الاجهزة الطبية والعلوم الطبية نفسها. وأبسط مثال، لو تعرف حد مريض بالسكر، وهو مرض شائع في مصر، اسأله كان هيعمل إيه لو إبر الانسولين لم تتطور بما يتيح له حقن الجرعات لنفسه، وكان هيتعذب قد إيه لو الإبر دي مش متوفرة في مصر. طيب اللي بيشتغل في شركة عالمية وبياخد مرتب كبير وبعدين يشتم العولمة، بذمتك مش دا قليل الأصل؟ تخيل إنك تكون فاتح بيت واحد وهو داير يشتمك في كل حتة! ليه؟ عشان فيه ناس فشلة قعدوا يقولوا إنك مفتري ومش عايز الخير لحد! هتقول ماهو شايف خيري اللي فاتحله بيته، إزاي يصدق كلام زي ده؟ أقولك لولا تغلغل ثقافة القطيع لتغيرت أشياء كثيرة في بلدنا.

وخلاصة الكلام، العولمة هي تجسيد لما كافح من أجله البشر لآلاف السنين. حلم بدأ منذ أن سلك الانسان طريقه في البحر ليتعرف على أماكن بعيدة ويستكشف ما يحمله العالم من تنوع وفي نفس الوقت يوجد لنفسه مكانا مميزا داخله. التنافس هو قانون الانتقاء الطبيعي، ومن دونه لما استطعنا فرز ما بين ايدينا لنبقى على ما هو مفيد ونتخلص مما هو ضار. ولأن الكمال لله وحده، فمن الطبيعي أن تشوب العولمة بعض العيوب، لكن يبقى دور الانسان هو العمل المستمر على الاصلاح والتنقيح والتطوير الايجابي.

فيفا جلوبالايزاشن


النص الكامل للمقال