مكشوف عنها الحجاب

3.7.08 |


بقلم حفصة

المخزون الثقافي لنا كشعوب عربية ثري جدا بالعديد و العديد من الامثلة و الاقوال الشهيرة الجميلة في اللفظ، منها ما هو جيد في المعنى و منها ما هو سيء .. و منها ما اعتدنا عليه و لكننا لم نفكر به ابدا. و يحضرني هنا كبداية مقولة اعتدنا اطلاقها على اي شخص عصبي و سريع الغضب، فنقول " ده بيتخانق مع دبان وشه". يعني مقولة زي دي طالما استوقفتني في معناها. بنوصف الانسان اللي خُلقه ضيق او عصبي انه حتى دبان وشه بيتخانق معاه!

طيب انا مش فاهمة..هل الطبيعي اني اسيب الدبان يهف على وشي من غير ما اهشه؟؟ مش الدبانة دي حشرة بطالة برضو و بيعلمونا اننا لازم نهشها لو جت على وشنا؟ و غير كده علمونا انها بتنقل الامراض لو وقفت على اكلنا. طيب يبقى طبيعي اني لو جت دبانة او حتى اي حشرة تانية تقف على وشي او تقرب مني اني اهشها.
يبقى مين العصبي هنا؟؟
انا و لا الدبانة؟؟
طيب مين فينا اللي اعتدى على التانية؟؟
انا اللي رحتلها و لا هي اللي جاتلي؟؟

مقولة زي دي بتوصم الشخص اللي بيهش دبان وشه بالعصبية بينما ممكن يكون هو شخص مسالم جدا، غير انها بتُأصل لمعنى من معاني القذارة و تساعد على انتشار الامراض كوننا حنرضى باقامة الدبان على وشنا و اننا لازم نتكيف مع الموضوع يعني. هل بالغت انا في تفسيري لهذه المقولة ام انها بالفعل وصمة عار لمخزون ثقافي عتيد التأصل؟

انتقل لمثال اخر او مقولة مشهورة نصف بها من يكون ذكاءه مرتفع و له خبرة و عين متفحصة و حكمة لا تتأتى لكثيرين بقولنا " بيقولوا مكشوف عنها/ عنه الحجاب"
طيب كيف لنا ان نفسر هذه المقولة التي لا اعلم زمن حدوثها و انتشارها في الثقافة الشعبية؟؟ ما دلالة ان مقولة مثل هذه تعني انه عند انكشاف الحجاب يزدادا المرء بصيرة و فهم و ادراك؟ ما الذي حدث امام عامة الشعب في هذا الوقت حتى يتخذوا من هذة المقولة اشارة لحكمة الشخص المشار اليه و اعتمادهم عليه و ثقتهم به؟

اقتبس المقولة المشهورة التي تقول :
ظهر الحق و زهق الباطل
ان الباطل كان زهوقا

يعني حتى في الفكر الشعبي.. في الامثال الشعبية .. في المفهوم اللغوي الوراثي.. كلهم بيؤيدوا فكرة ان الحجاب لما بينكشف بتزداد بصيرة الانسان و تتفتح مداركه و تتطور مخيلته و يعرف ما لا يعرفه حتى القارؤون للكتب الذين لا يكلفون انفسهم عناء تحليل ما قراؤه و استوعبوه

يعني زي ما احمد زكي الله يرحمه وقف يخطب في اخواته عن موضوع خسارتهم لأبوهم و ضياع مستقبل الأسرة بحاله في المسرحية الرائعة "العيال كبرت" فتصدى له سعيد صالح ان الكلام ده "صعب اوي خليك في الكلام الشعبي السهل السلس البسيط"
و انا اتبع احمد زكي و أوجه كلامي لهؤلاء الذين يصرخون عاليا بالحجاب و الحجاب و صحته و روعته و فائدته للفتاة (لا اعرف اي فائدة الى الآن إلا أن شعري سقط سقوطا مريعا من بعد حجاب طويل ممتد الأمد) لم آتِ لكم بكلام كبير متعرفهوش.. لقد اتيت لكم بالكلام الشعبي السهل السلس البسيط

فهل من تفسير؟