الجنس:انثى...للأسف

6.7.08 |


بقلم نسرين بسيوني

كنت ممتنة جدا لكوني خلقت أنثى، وحتى عندما كانت تراودنى بعض الاحلام التى اتخيل بها نفسي شخصاً آخر في زمان و مكان مختلفين عن واقعي كان دائماً هذا الشخص انثى. لم اتخيل او اتمنى نفسي رجلاً ابدا. ولكن اصبحت أتساءل الآن عن الجدوى من وجودي-كأنثى- ان كنت اعيش في مجتمع يجردني من كل حقوقي الآدمية لكوني أنثى
مجتمع لا يحترم رغباتي ولا يسمح لي بالمشاركة في وضع قوانينه ولا يسمح لي حتى بالاعتراض, لا يسمح لصوتي ان يعلو على صوت عاداته البالية و اعرافه المتخلفة.. فاعتراضي انحلال، ورغباتي بالتأكيد رغبات ملتوية منحرفة، و ما ارغب فى وضعه من قوانين ما هي إلا ستار لتنفيذ وتفريغ رغباتي الملتوية المنحرفة!!

هل وجدت وخلقت لكى ينشغل المجتمع بترويضي وتعليمي كيف و ماذا ارتدي؟ ماذا اقول ومتى اصمت؟ هل خلقت كي أُُطيع؟؟؟ اطيع اعراف لم ينزل الله بها من سلطان.. اطيع أب ليس بالضرورة ان يكون دائما على حق.. اطيع زوج سئ المعشر لم اختره ولم يخترني.. ثم اطيع أبناء أنانيين تعلموا اننى مجرد أداه لهم ولوالدهم.. أداه تطبخ و تمسح وتعلم وتعمل وتخضع وفى احيان كثيره تُضرب وتُغتصب وتُهان وتُنبذ، ولا يستنكر أحد ذلك لانه "شئ طبيعي" فأنا انثى مفعول بها دائماً وفاعلة لأجل آخرين

سخطي الحالي على انوثتي هو نتيجه طبيعية لفترة طويلة من السخط على المجتمع والاعتراض والصراخ الذي "كان" على أمل ان يتغير شئ، ان يتبدل الحال وتتحقق احلامي البسيطة في العيش بكرامة كإنسان يعمل ويحصد، يحب ويكره، يُظلم و ينصف، يرتدي مايشاء كيفما يشاء، ويأكل ما تشتهيه نفسه.. يُحترم ويقدر على قدر احترامه لنفسه واجتهاده، واذا ظُلم يجد من ينصفه .. يُحب ويتزوج ويمارس الجنس ويتمتع فى زواجه بقدر متعة الطرف الآخر.. يترقى فى عمله على قدر امكانياته دون النظر لجنسه

كل ما سبق كان من البديهي ان يكون حق لا مطلب

لكنى وجدت انوثتي عائق بيني وبين حقوقي، ووجدت نفسي فى موقف دفاع دائم عن هويتي ومُطالِبِة دائماً بحقوقي -وهو موقف لم اختره ولكن أُجبرت عليه بالتأكيد- لأجد رغم كل ذلك من يلومني حتى على المطالبة، ليصبح المطالبين بحقوق المرأة موضع سخرية ونقد بدلاً من ان يكونوا -على اقل تقدير- موضع " احترام".
اتعجب حقاً من المستهزئين بدعوات تحرير المرأة، فلو لم تقيدوني ايها المغفلون الغافلون الجهلاء لما طالبت اصلاً بفك القيد.

الصراخ المتزايد بشأن حقوق المرأة هو نتيجة للقيود المتزايدة عليها –بديهية لا يريد احد فهمها.
حسناً اذن.. أنا الآن انثى، سلبت مني حقوقي، ليس لي حق فى المطالبة بها، ليس لي حق في التمرد على أية قوانين مجحفة مهدرة لحقي، ليس لي الحق فى الاعتراض! اذن لما لم ترحموني وتدفنوني في المهد كما كان في عصور من الظلم نطلق عليها الآن جاهلية؟