الثانوية العامة: خلل في عقل أمة

8.7.08 |


بقلم عم مينا

السؤال الي دايماً بيُطرح بين الناس في مصر هو عن مصدر المشكلة، عن مصدر حالة التردي و التخلف اللي وصلتلها البلد، لدرجة ان فيه ناس كتير فقدت الأمل في امكانية الإصلاح أو التغيير و بيقولوا دي "شكلها باظت" علي رأي الكاتب الساخر عمر طاهر

الحديث بيقودنا دايماً الي ظواهر هذا التردي و ينسينا أصل المشكلة. أساس المشكلة أننا أمة أمية و اما بتكلم عن الأمية فأنا ما بأقصدش نسبة ال٤٠٪ اللي مبيعرفوش و لا يقروا و لا يكتبوا، أنا بتكلم علي ال٦٠٪ الباقيين اللي المفروض انهم اتعلموا و معظهم معاه ثانوية عامة و دخل الجامعة. هذه الفئة المفروض انها تكون عجلة المجتمع. و لكن للأسف هم السبب في عدم تقدم هذا البلد لأنهم التحقوا بنظام تعليمي، في رأيي، هو الأفشل في العالم كله. هذا النظام الكفيل بقتل أي موهبة أو عبقرية و هي في مقتبل العمر.

و دي هي الأسباب:
أولاً النظام التعليمي عندنا يعتمد علي التلقين و ليس التفكير، و علشان كده لو الطلبة حفظت المنهج كله يبقي الكل متساوي، فإزاي ممكن تظهر لك عبقرية مثل أحمد زويل؟ احنا اللي اخترعنا تعبير "الإجابة النموذجية" و هي الإجابة اللي لازم تحفظها علشان ترجعها في إمتحان الثانوية العامة و تاخد الدرجة النهائية.. انما تفكر بقي و تقول رأيك، اجابتك ممكن تكون صح بس مش نموذجية و ساعتها تنقص درجات. ده حتي التعبير عندنا له جمل معينة لازم تحفظها علشان تحطها في الإمتحان و موضوع التعبير بتاعك يبقي نموذجي! يا جماعة حرام عليكو ده اسمه "تعبير"!.. و كأن التعليم عندنا بيُعدك للحياة الحقيقية ، زي ما أنت مالكش الحق انك تعبر عن نفسك في الحياة السياسية فيبقي من الأول مالكش الحق تعبر عن نفسك في ورقة الإمتحان لاحسن تصدق إنك بني آدم و ليك رأي و لا حاجة.

بمناسبة الاجابة النموذجية، أنا متخرج من نظام البكالورية الفرنسية و كان عندنا كتب بيبقي فيها الإمتحانات القديمة و كان بيبقي فيها إجابات الأسئلة بس كانوا دايماً علي رأس الصفحة بيكتبوا "هذه الإجابات ما هي إلا احدي الطرق لحل هذه الأسئلة فمن الممكن أن تكون اجباتك مختلفة و صحيحة أيضا"ً.

ثانياٌ نظام القبول في الجامعات يعتمد علي شيء واحد و هو امتحان الثانوية العامة. يعني حضرتك ممكن تكون طالب ممتاز من أولي ابتدائي لغاية تانية أو تالتة ثانوي، تيجي يوم امتحان الثانوية العامة تحل سؤال غلط فمتدخلش الجامعة اللي انت عاوزها. المشكلة هنا ليها شقين.. أولاً فكرة ان يكون امتحان واحد هو اللي يحدد مستقبلك، و ده السبب الرئيسي في وجود الدروس الخصوصية لأن دور المدرس الخصوصي هو انه يعدك لهذا اليوم المشئوم، و لكن لو كان انجازك اليومي في المدرسة هو اللي هيحدد مصيرك ما كانش هيبقي فيه لازمة للمدرس الخصوصي لأنه مش ممكن هيقدر يتابع ٣٠٠ طالب كل واحد فيهم في مدرسة شكل. الشق التاني هو فكرة ان المجموع هو اللي يحدد تخصصك. من هنا ولدت فكرة كليات القمة و كليات القاع، مش احنا الي جبناها من عندنا.. الدولة هي الي بتقولك لو انت شاطر و جبت ٩٩٪ تبقي دكتور بس لو جبت ٧٨٪ يبقي كفاية عليك آداب أو حقوق، و النتيجة ان ولا الدكتور ..دكتور بجد.. ولا المحامي ..محامي بجد.. لأن كل واحد فيهم مكتب التنسيق هو الي قرر له مستقبله.

الحل للمشكلتين دول بسيط جداً. في أوروبا و الدول المتقدمة حلوا المشكلة الأولانية بإن الجامعات بتطلب منك درجاتك في آخر ٣ سنين ليك في المدرسة، امتحانات في الفصل، مشاريع، امتحان آخر السنة، كل حاجة.. و بكدا ميكنش فيه امتحان واحد هو اللي يا يطلعك السما يا ينزلك سابع أرض. أما المشكلة التانية فحلوها بفكرة ان قبولك في تخصص معين في الجامعة مش قائم علي مجموع و خلاص و لكن بيتم بطريقة علمية بيشوفوا فيها كل درجاتك و بالذات في المواد المتعلقة بالتخصص ده و ممكن كمان يعملولك امتحان قدرات أو مقابلة شخصية علشان يعرفوا مدي اهتمامك و حبك للمجال اللي انت عاوز تتخصص فيه. و لو كان حلم حياتك مثلاً تبقي مهندس فمش معني ان درجاتك مش عالية انك لازم تخش حقوق، ممكن تدخل هندسة بس في جامعة أقل مستوى، يعني بدل ما تدخل هندسة القاهرة، تروح هندسة طنطا. و من هنا تلاقي انه الطلبة برة هدفهم مش انهم يدخلوا تخصص معين لان في الآخر كل واحد هناك بيدرس اللي هو غاويه و لكن التركيز كله بيبقي انه يدخل جامعة كويسة و ليها اسمها.

اذا كنا عاوزين نبقي دولة منتجة يبقي أول حاجة لازم كل واحد يبقي في مكانه المناسب اللي هو بيحبه و يقدر يبدع فيه، وعلشان ده يحصل لازم ننسف نظامنا التعليمي كاملاً و نبنيه من جديد، مش نغير اسم شهادة الثانوية العامة لشهادة اتمام التعليم الثانوي زي ما اقترح سيادة الرئيس