مصر.. بتاعة مين؟

10.11.08 |


بقلم محمد شادي

كالعادة في صباح كل سبت، أخرج من بيتي في ضاحية مصر الجديدة التي لاتزال تحتفظ ببعض جمال كان يغمرها في يوم من الأيام، تأخذني للحظات صورتها القديمة التي رأيتها عليها أيام المدرسة الابتدائية منذ بضعة وثلاثين عاماً مضت. يأخذني الكسل لأن أترك سيارتي لأتمشى في شارع الأهرام الجميل تحت البواكي الممتدة بطول الشارع لأفيق على مرارة تكسو وجوه الناس في الشارع.
لم تعد مصر الجديدة وميدان روكسي كما كانا، فقدا الكثير من بريقهما، كما فقدت أنا دهشة الطفولة أمام الفاترينات الرائعة. لون التراب لم يعد فقط يكسو واجهات العمارات، بل امتد ليكسو وجوه الناس. عدت أدراجي سريعاً، لأدير محرك سيارتي ولأنطلق نحو الملاذ الأخير كلما احسست بوجع القلب، إلى ميدان سيدنا الحسين، لأختبئ في أي من مقاهيه المتعددة، وحيداً

في الطريق، لاحظت أن المصريين لم يعودوا ودودون كما كانوا، وكما كانت شهرتهم على مر الزمن. قررت الهروب مرة أخرى، هذه المرة إلى داخل الحواري الضيقة لخان الخليلي. وفي نهاية المطاف وصلت إلى وجهتي، مقهى السكرية، أو ما تبقى منه.

جلست في مكاني المفضل بعد أن القيت السلام على صديقي العجوز، عم محمد، لم احتج لأن أطلب أي شيء، فعم محمد يعرف طلبي جيداً، (قهوة على الريحة بن غامق في كباية)، وبينما اختفى عم محمد داخل المقهى الذي تقلصت مساحته مؤخراً عدة مرات، راحت عيني تتجول في المكان، وبدأت أصوات الورش المجاورة تتسلل إلى أذني على استحياء.

مر علينا عم سيد صاحب ورشة الصدف المجاورة للمقهى، دخل إلى عم محمد وبيده كوب فارغة، وخرج والكوب ممتلئة بالماء الذي تتصاعد منه الأبخرة. ألقيت عليه السلام فلم يسمعني، كررت المحاولة رافعاً صوتي فالتفت نحوي راداً السلام وراسماً ابتسامة باهتة على وجهه المجعد بفعل الزمن.

جاء عم محمد بالقهوة فطلبت منه أن يأتيني بها عند عم سيد، وجلس ثلاثتنا حول الطاولة التي يعمل عليها عم سيد.

سألت صديقاي العجوزان: لماذا يبدو المكان فارغاً، كان خان الخليلي خلية نحل لا تهدأ، على أن ما أراه اليوم كما لو كان قاعة مهجورة في متحف، قلما تدخل اليها أقدام الزائرين.

بدا عم أحمد كمن كان ينتظر السؤال: "لم يعد هناك الكثير، فصاحب المقهى كلما زاد الضغط المادي عليه، يبيع جزءاً من المكان حتى لم يعد باقياً سوى ما يقرب من ربع المساحة الأصلية، فالمرتادون لم يعودوا يأتون كعادتهم، تحت وطأة الأزمة المالية التي يعيشها كل الناس اليوم. لم يعد لدينا سوى القليل من الرواد والباقي هم أصحاب الورش المجاورة والذين هم أيضاً صاروا يكتفون بالماء الساخن، عوضاً عن الطلبات. الحال أصبح صعيباً" على حد تعبير عم محمد.

طول ذلك الوقت كان عم سيد يجهز شايه بهدوء ثم عاد لمقعده ليبدأ العمل في هدوء، وبطريقة ميكانيكية آلية لا روح فيها، نظرت إلى عينيه المركزتان على اصبعه المبلل بالغراء فبدأ يتكلم ببطء: "كان السائحون فيما مضى يأتون إلى الورشة ليروا بعيونهم كيف تصنع تلك المشغولات التي يرونها تامة الصنع في المحال بالخارج، وعندما كانوا يفعلون ذلك، يدركون مدى صعوبة الصنعة وجمالها، فكانوا مستعدون لدفع كل ما نطلبه، أما اليوم، فلم يعد هناك صنايعية ولا ورش، لقد قتلت الصين والمنتجات الصينية كل ما تبقى لنا من أمل، فلم يعد لدينا اليوم سوى أن نعمل هذه المنتجات من علب وصناديق وإطارات الصور فقط للمحال التي لا تستطيع أن تستورد المنتجات الصينية. قل ثمننا وراحت أيام عزنا، وضاعت الصنعة."

سألت عم سيد عن اختلاف الصنعة اليوم عن الماضي، توقفت يديه عن العمل، ونظر في عيني مباشرة ليقول بنبرة فيها الكثير من الندم والحسرة: "أين هي الصنعة اليوم؟ لم يعد في مقدورنا أن نشتري الصدف الحقيقي، وها هي الصين تبيعنا القطع سابقة التشكيل والمصنوعة من البلاستيك، وأصبحنا مضطرين لاستخدامها فهي أقل كلفة. وأصبحنا نقدم منتج من الدرجة الثانية، بينما نرى مثلاً منتجات رائعة مستوردة من سوريا وإيران، كنا والله في الماضي نعمل أروع منها."

توقف الحديث فجأة كما بدأ فجأة وعاد عم سيد لأدائه الميكانيكي الآلي، وانهمكت أنا في التقاط بعض الصور له، قبل أن تفرغ أكواب الشاي والقهوة. ويسود الهدوء مرة أخرى.
خرجت من المكان ماراً على نقطة شرطة السياحة التي كان عساكرها يتناوبون النظر إلي باستغراب بينما الضابط الجالس بالداخل مشغول بهاتفه المحمول.

عبرت الدرج الواقع تحت اللوحة التأسيسية للمكان، وشعرت بالمرارة حين تذكرت كيف كان هذا المكان من قبل.

وأنا في طريقي نحو وسط البلد، عبرت عيني على ما تبقى من سقف المسرح القومي بعد الحريق، تأكد لي أن السقف الرائع قد سقط تماماً كما ذكرت التقارير الصحفية منذ ليلة الحريق، بينما وفي ذات الوقت تبقت القبة المعدنية التي كانت الهيكل الداخلي للسقف، فتأكد لي كذلك أن المسئولين لم يكذبوا حين نفوا سقوط السقف!!!

نزولاً من كوبري الأزهر وعبر شارع عدلي ثم يساراً إلى شارع شريف، على امتداده عبر البنك المركزي المصري، محل ملابس الأهرام، ومحل شاهين الشهير للأسماك المملحة، ثم التوحيد والنور ثم مقهى البرابرة، فيميناً في شارع محمد محمود، الجامعة الأمريكية ومكتبتها، ثم ماكدونالدز وبيتزا هت وهارديز الذي احتل مكان مقهى أسترا الشهير الذي اختفى منذ ما يربو على العشرين عاماً، طفت بسيارتي حول ميدان التحرير. استوقفتني إشارة المرور فأغمضت عيني للحظة متذكراً صورة قاعدة التمثال المهيبة التي انتصبت في وسط الميدان في يوم من الأيام قبل أن يجتاح مكانها ساحة انتظار المجمع بواجهته المتجهمة، أخذت طريقي ببطء واستدرت إلى اليمين عبر النفق الصغير، ثم إلى كوبري قصر النيل حيث أخبرتني وجوه العابرين على الكوبري عما لم استطع أن أتفهمه في حينه. حالة الوجوم تكسو الوجوه، حتى صور الأحباء اختلفت، زالت البسمات من على وجوههم، بينما وقف الكثيرون، متوحدون شاخصي الأبصار، أو موجهين نظرهم نحو الماء تحتهم، كمن يحاول أن يتذكر شيئاً نسيه منذ زمن. التساؤلات على الوجوه والأجوبة محتجبة عنهم.

رفعت رأسي لأرى إن كانت الإشارة المرورية قد تغير لونها من الأحمر إلى الأخضر فقابلني مشهد برج القاهرة المهيب، استدرت إلى اليمين ثم يساراً باتجاه شارع البرج، اوقفت سيارتي وتوجهت إلى شباك التذاكر، لم أكن قد صعدت البرج منذ عدة أعوام.

من فوق البرج نظرت نحو القاهرة، لأرى الدخان يكسوها بسحابة قاتمة، لم يعد بإمكاني أن أرى الأهرام من هنا كما تعودت، بينما على الجانب الآخر وتحت أقدام البرج تلألأت على صفحة النيل صفوف من المراكب السياحية الضخمة، لا يستطيع الكثيرين منا أن يدفعوا فقط الحد الأدنى لدخولها، ناهيك عن تناول وجبة فيها.

عائداً على كوبري قصر النيل ولكن سيراً هذه المرة، استوقفني مشهد ثلاثة أطفال يلهون على فلوكة صغيرة تكاد لا تظهر إلى جوار المطاعم النيلية العائمة بضخامتها البادية. سألت نفسي سؤالاً وخجلت حين لم أجد له رداً، "هي مصر بقت بتاعة مين؟."







Copy rights Reserved © Mohamed Shady


النص الكامل للمقال

مستقبل أوباما

9.11.08 |


بقلم إيجي اناتوميست


المهمة الأساسية لأي رئيس أمريكي هي ابتكار وصياغة وتنفيذ سياسات تحقق الأهداف الأمريكية العليا.

هذه الأهداف العليا تحددها نخبة الحكم في أمريكا. نخبة الحكم الأمريكية تتكون من كبار الرأسماليين الأمريكان، كبار قادة القوات جيش، كبار المنظرين والمفكرين، كبار موظفي الدولة (الرئيس وإدارته)، أو ما يسمى اختصارا بالمجمع العسكري-الاقتصادي، أو المؤسسة حسبما يحلو للبعض أن يطلق عليها

تحديد هذه الأهداف العليا ليس أمرا غاية في التعقيد، ولا يستند لاجتهادات شخصية. الأمور واضحة وشبه معلنة أيضا. الهدف الأعلى الأول: استمرار الوضع المهيمن لأمريكا في العالم بما يضمن يد أمريكية عليا في رسم قواعد اللعبة العالمية (سياسيا واقتصاديا).

دور الرئيس وإدارته في هذا النموذج هو رسم، ثم اختيار وتنفيذ أفضل السياسات الممكنة لتحقيق هذا الهدف وما يتفرع عنه من تفاصيل.

قبل أن نشرح دور الرئيس وحدود قدرته على التأثير، نبدأ أولا بتفصيل أكبر للهدف الاستراتيجي الأمريكي.

يعني الحفاظ على الوضع المهيمن الأمريكي في العالم أن تمتلك الولايات المتحدة وحدها أكبر قدر ممكن من أدوات التأثير، بمفهومها التحفيزي والعقابي، بما يسمح لها بفرض رؤيتها وإرادتها على القوى العالمية الأخرى. لاحظ: القوى العالمية الأخرى وليس كل دول العالم. الصراع الرئيس في العالم هو صراع بين القوى الأكبر ذات المصالح الواسعة والقادرة على دفع ثمن التناطح (السياسي والاقتصادي).

الجزء الثاني من الهدف الاستراتيجي الأمريكي هو التحكم في سرعة إيقاع نمو هذه القوى الدولية الأخرى.

نبدأ بالوضع المهيمن وكيفية الحفاظ عليه كما ترى نخبة الحكم الأمريكية. لا شك أن أخطر ما يهدد الوضع المهيمن لأمريكا حاليا هي أزمة الرأسمالية التي يُفتتح بها القرن الحادي والعشرين!

أمام أوباما تحد شديد الصعوبة هو إعادة ضبط الاقتصاد الأمريكي من الداخل. هناك خلل هيكلي عميق في الاقتصاد الأمريكي يعرفه المتخصصون جيدا. أمريكا – بمنتهى البساطة – تستهلك أكثر مما تنتج، فتستدين من العالم كله (بالذات أوروبا واليابان). أمريكا في اقتصادها تشبه البلطجي الذي يأكل من نتاج غيره اعتمادا على سطوة قوته وعضلاته! أوباما سينهمك في إحداث تغييرات حقيقية في الاقتصاد الأمريكي الذي يتسم بأنه - بالرغم من عيوبه البنيوية - حيوي ومرن بما يكفي لأن يُعاد ضبطه بما يسمح ربما بتحقيق نقلة جديدة فيه. وهذا يقود للاقتصاد العالمي الذي لا تستطيع أمريكا ضبط اقتصادها إلا في إطاره.

مات نظام بريتون وودز بالفعل ويتبقى إشهار الوفاة واعتماد الشهادة بالختم الأمريكي!

فمؤتمر النقد الدولي الذي عقد في مدينة بريتون وودز بالولايات المتحدة عام 1944 والذي أسفر عن تأسيس منظمتي بريتون وودز الشهيرتين بإسم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد استنفد جميع أغراضه منذ عدة سنوات.

فليست مفاجأة أن نذكر أن الدراسات والأبحاث عن فشل نظام بريتون وودز وعيوبه الكامنة قد نشرت ونوقشت منذ مايزيد عن 3 سنوات! وليست مفاجأة أن نذكر أن أزمات الرأسمالية الدورية مما لا يجب أن يدهش أحدا! وليست مفاجأة أن نؤكد أن الرأسمالية قادرة – ككل مرة – على تصويب مسارها والتعلم من أخطاءها! وليست مفاجأة أيضا أن نشرح أن نظام بريتون وودز قد فشل بعد أن أدى ما عليه بالنسبة لمن صمموه ووضعوه موضع التنفيذ. وليست مفاجأة أخيرا أن نوضح أن هذا سيحدث هذه المرة أيضا – سيتم التفاوض على نظام جديد يحقق مصلحة من سيصممه - وأن هذه هي أولوية أوباما القصوى.

النظام الاقتصادي الدولي الحالي يقوم على مجلس إدارة لشؤون الاقتصاد العالمي ترأسه أمريكا ويضم في العضوية باقي دول الـ جي 8. هذا نظام لا يتجاوب مع العالم الحالي ولا يعبر عن الوضع الدقيق لاقتصادات العالم. تغيرت الدنيا كثيرا منذ انتهت الحرب الباردة وسادت العقيدة الرأسمالية أنحاء العالم!

خذ عندك: أعضاء مجموعة الثمانية هم أمريكا، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، فرنسا، إيطاليا، كندا! هؤلاء – بقيادة أمريكا – هم من يقررون كل ما يتعلق بشؤون الاقتصاد الدولي: مؤسساته، قواعده، أولوياته، اتجاهاته، الخ. ولكن المفاجأة أن هذه ليست أكبر اقتصادات العالم!

فالاقتصاد الصيني أكبر من 7 من الأعضاء (كل على حدة) ولا يفوقه حجما إلا الاقتصاد الأمريكي فقط، ومع ذلك فإن الصين ليست عضوا في هذا النادي حصري العضوية!

الاقتصاد الهندي أكبر من اقتصادات 6 من الأعضاء – ولا يفوقه إلا الأمريكي والياباني. وبالطبع فإننا نعرف أن الهند ليست عضوا في المجموعة. وقل نفس الشئ عن البرازيل وأسبانيا وهم أيضا غير أعضاء. ولا تنسى جميع دول جنوب شرق آسيا المتجمعين في تجمع آسيان.

نشير إلى أن مصر أيضا تقول رسميا أنها طرف مؤهل للانضمام لنادي الصفوة بناء على ما تحققه من نمو اقتصادي يرشحها لأن تكون قريبا من الدول البازغة اقتصاديا. لا أعلم هل هذا التفاؤل المصري له ما يبرره أم لا؟ سنرى.

إذن الأولوية الأولى حاليا هي التفاوض الدولي حول نظام جديد يقوم على أعمدة أكثر ثباتا ورسوخا، وهذا سيبدأ في الحال وقبل حتى أن يتولى أوباما مقاليد الحكم وإن كان سيتم وضعه في الصورة والحصول على موافقته قبل إقرار أي شئ.

ما سيحدث أن دولا حديثة العهد بالتقدم الاقتصادي ستشارك في إدارة الشؤون الاقتصادية العالمية وسيُسمع صوتها بشكل أكبر وسيتجه العالم بلا شك نحو تعددية أكبر في نظامه الاقتصادي. ستميل الرأسمالية يسارا ولا شك، وستتبوأ الدول التي حققت تقدما اقتصاديا نوعيا خلال العشرين سنة الماضية مكانة تليق بوقتها الحالية في نظام متعدد الأطراف يدير أمور اقتصاد الدنيا.

لن يجد أوباما مشاكل كثيرة في تنسيق هذا النظام وإدارة التفاوض حوله، فالكارثة ضخمة والجميع خائفون ومستعدون للوصول لحلول وسط تخفف آثار الأزمة الحالية.

ويقودنا هذا للجزء الثاني من الهدف الاستراتيجي الأمريكي الأعلى: التحكم في سرعة إيقاع نمو القوى الدولية الأخرى. يمكن ترتيب هذه القوى حاليا على النحو التالي: روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي، اليابان.

أمام كل من الاتحاد الأوروبي واليابان عشرات السنوات (ليس أقل من 50 سنة) ليفيقوا من الصدمة المروعة التي سببها الانسحاق المهول في الحرب العالمية الثانية. لا إرادة سياسية كافية عند جموع الشعبين الأوروبي والياباني لتبني دورا سياسيا مختلفا عن هذا الدور الحيادي الهادئ الذي اضطلعوا به طيلة النصف الثاني من القرن العشرين. فالشعوب لا تتجاوز صدماتها إلا بعد فترات طويلة تصل أحيانا لقرون.

يتبقى كل من روسيا والصين.

الصين خطر مؤجل. خطر أمامه ما لا يقل عن 20 سنة إن لم يزد حتى يتبلور وينضج. فبالرغم من تفوق اقتصاد الصين وسرعة تقدمها مقارنة بروسيا، إلا أن الاستراتيجية الصينية مسالمة، وديعة، هادئة، بطيئة التحول. وتحت سيطرة الحزب الشيوعي الصيني فإن احتمالات تغير هذه الاستراتيجية قريبا تبدو بعيدة. الصين متشبعة بروح آسيا وتتجسد فيها عصارة الحكمة الآسيوية: لا تضرب قبل أن تتحول قوتك لاعصار لا قِبَل لأحد به. لا تتحرك إلا وأنت فيضان يغرق الجميع. قبل أن تصبح الصين اعصارا وفيضانا لا خوف على أمريكا.

المشكلة القريبة هي روسيا.

انهار الاتحاد السوفيتي وتبددت أيديولوجيته السابقة، فتبنى دين المنتصر. تتحول روسيا للرأسمالية ربما أكثر من أمريكا نفسها. يقود الثنائي بوتين-ميدفيديف المشبع بروح القيصرية الروسية هذا البلد نحو تصادمات لا شك فيها. تتعزز سيطرة النخبة الروسية التي يمثلها هذا الثنائي على الحكم في روسيا ولن يكون هناك تغييرا منظورا في الخط الروسي. روسيا لا ترضى بدور المتفرج على إدارة شؤون العالم. تريد أن تشارك في صنع قواعد اللعبة الدولية وأن يُسمع رأيها ولا تدار أمور الدنيا بعيدا عنها. تريد الاستفادة من كل ذلك لتأمين موضع تنافسي وسط عالم شديد التنافسية.

روسيا ليست بالقوة التي يجب أن تخشاها أمريكا ولكنها تتماس مع جائرة استراتيجية عظمى: أوروبا. أضف لهذه الميزة الاستراتيجية الكبيرة أن الروس – على عكس الصينيين – عقيدتهم هجومية، متغطرسة، ذات تاريخ صراعي طويل مع الولايات المتحدة بالذات.

وبناء عليه نخلص لأن قوة روسيا تأتي من امتلاكها عسكريا لأوروبا. تستطيع روسيا أن تمحو أوروبا – والخوف على الغربية تحديدا – من الخارطة الجغرافية وليست السياسية فقط.

من هنا تأتي ذروة الصراع الحالي: الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك.

نوضح هنا أن الهدف الاستراتيجي الأعلى لأمريكا لا ينص تحديدا على إقامة الدرع الصاروخي. هو يتحدث – كما أوضحنا – عن تحقيق هيمنة أمريكية عالمية وإبطاء نمو القوى الأخرى. كيف يتم ذلك هي مسؤولية الإدارة وفي قلبها: الرئيس. أوباما حاليا.

ربما يلغي أوباما الدرع الصاروخية ويستبدله باستراتيجية أخرى يراها أكثر فعالية في التقرب من الهدف الأعلى. وربما لا يلغيه ويراه أفضل البدائل المتاحة.

يعتمد هذا القرار على العدسة التي من خلالها سينظر أوباما للموضوع. فإذا اعتمد على نظرية "معضلة الأمن" الشهيرة في علم العلاقات الدولية والتي تخلص إلى أن أي تحرك يستهدف تقوية دفاعاتك سيراه خصمك تهديدا له ويرد عليه بما تعتبره أنت تهديدا جديدا يستدعي رد فعل وهكذا حتى تصل الأمور لنقطة الغليان ثم الانفجار، فإنه سيلغي الدرع الصاروخية لاستدعاءه حتميا رد فعل روسي (درع صاروخي روسي أو حروب صغيرة على حدود أوروبا) وبالتالي فالأمور ستؤدي لحرب بادرة جديدة قد تسخن يوما.

وربما يرى أوباما أن الرد الروسي مهما كان سيكون أقل خطرا من استمرار التهديد الروسي لأوروبا وبالتالي فإن الدرع ستستمر، وستتطور الأمور بلا شك لحرب باردة.

الأقرب لأفكار أوباما ورؤاه وفلسفته هو التفاوض مع الروس حول معاهدة أمنية جديدة تحمي أوروبا من شرور الدببة الروس – مع التخلي عن فكرة الدرع الصاروخي - وتؤجل الصراع لمرحلة تاريخية تالية. مشكلة هذا الحل تتلخص في نقطتين. الأولى أن الصراع قادم قادم، وتأجيله لا يعني إزالته من الوجود. فالنمو الروسي بلا شك سيستدعي – بحكم قوانين الطبيعة والسياسة – دورا روسيا متزايدا لن ترضاه أمريكا لأنه سيتعارض مع بعض أهم مصالحها. الثانية أن هذا الصراع عندما يأتي ربما سيتزامن مع صراع آخر – يلوح في الأفق – مع التنين الصيني، ووقتها فإن أحد أهم قوانين الصراع سيكون في حالة انتهاك خطير: لا تقاتل أبدا عدوين كبيرين علاقتهما البينية طيبة.

ومع ذلك، فلا أظن أوباما سيفضل إشعال الأمور مع روسيا حتى مع ذلك الخطر في الحسبان. ليس هو من النوع البوشوي الصغير (نسبة لبوش) الذي تختلط حساباته الاستراتيجية باللون الأيديولوجي الغامق. وأساس انتخابه رئيسا للولايات المتحدة هو وعده الذي صدقه الناخب بقدرته حل المشاكل التي تسبب فيها بوش.

الخطر الثاني لروسيا هو الغاز الطبيعي الذي تبتز به أوروبا وتسيطر عليها كسيدة حرة ضُبطت متلبسة بجريمة الزنا وتخشى الفضيحة. عندما تعلم أن بعض أهم الدول الأوربية (ألمانيا مثالا) تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 50% تقريبا من استهلاكها المحلي فسوف تدرك خطورة الأمر. بعض الدول الأوربية الأخرى (اليونان، فنلندا، النمسا) تبتلع 75% + غازا روسيا من إجمالي استهلاكها المحلي. أمريكا تبذل جهودا ضخمة مع الأوروبيين من أجل السيطرة على هذا النهم للطاقة عن طريق البحث عن بدائل أخرى. الغاز الروسي لا يقل أهمية عن النفط العربي.

الأزمة مع إيران لا يجب أن تقرأ بمعزل عن الصراع الأكبر.

لإيران أهميتان وليس واحدة. الأولى هي قدرتها على السيطرة على خزان نفط العالم: منطقة الخليج. الثانية هي إمكانية أن تصبح مخلب قط روسي إذا ما تعقدت الأمور مع روسيا. إيران قد تؤدي نفس الدور الذي أدته مصر خلال فترة المد الناصري في الخمسينات والستينات من القرن الفائت. نعم ولا تتعجب، إيران الشيعية تتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق أهدافها أو هدفها: تحقيق سيطرة سياسية وعسكرية إقليمية معترف بها دوليا في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج خصوصا تؤمن لها تحقيق مكاسب اقتصادية تنقل إيران سريعا لمصاف الدول المتقدمة وخاصة على الصعيد التكنولوجي وكل ذلك في إطار الثورة الإسلامية التي تتغير تكتيكاتها ولا تتغير وجهتها.

السيطرة على الوحش الفارسي يمثل أهمية فائقة لأوباما. يعرف أوباما جيدا حجم الخطء الرهيب الذي ارتكبه بوش. هو رهيب لأنه خرق واحدة من أهم قواعد علم السياسة الدولية: توازن القوى. هدم بوش توازن القوى في منطقة الخليج بإزالة قوة العراق فعاثت قوة إيران سيطرة وتمردا.

أرى أوباما وهو يرسي قواعد صفقة مع إيران. لا بديل أمامه عن هذا. ستضغط إسرائيل بعنف عليه – خاصة إذا فاز نتانياهو ولا أظنه سيفعل في الانتخابات القادمة – لكي يضرب إيران أو يتركها تقوم بالمهمة. لن يوافق أبدا على ذلك مهما بلغ الضغط الإسرائيلي ولن تفعلها إسرائيل بدون موافقة أمريكية صريحة وإلا فإنها تكون قد خطت أول خطوة نحو تحطيم علاقتها الخاصة بأمريكا.

سيتقاسم أوباما منطقة الخليج مع إيران مقابل تخليها عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم وهجرها لفكرة معرفة سر القنبلة النووية.

أكبر متضرر من هذه الترتيبات ستكون مصر. ولولا أن مصر خارج سياق هذا التحليل لاستفضت حديثا عن بدائلها. لكن أكتفي هنا بذكر أن السياسة الخارجية المصرية ستشهد تغيرا حادا بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني وستعود مصر للسياسة الخارجية الهجومية بعد عقود من التمسك الصبور بالعقيدة الدفاعية. النتيجة النهائية: دور أكبر لمصر في إدارة شؤون الشرق الأوسط مع إيران وإسرائيل. دور أكبر من دورها الحالي ولكنه أصغر من دور كل من إسرائيل وإيران. ومع ذلك، فإن هذا الدور سيكفي مصر إذ سيكون بمقدورها أن تلعب دور "المعطل" إذا ما استُخِفَّ بطلباتها ومصالحها.

أما بالنسبة لعملية السلام بالشرق الأوسط، فلا تتوقف على أوباما وإنما على إسرائيل. فإذا فاز نتانياهو فلا سلام في الأفق. أما إذا فازت ليفني، وهو ما أراه الأقرب للحدوث بسبب تأثر الناخب الإسرائيلي كثيرا بالنموذج الأمريكي. فالناخب الإسرائيلي سيريد أن يظهر في صورة الأمْيَل للسلام (الذي تمثله ليفني أكثر من نتانياهو) فضلا عن انتخابه لإمرأة (رغم أنها ليست الأولى في تاريخ إسرائيل) مما يؤكد أيضا صورته الذهنية كنسخة لأمريكا في الشرق الأوسط. فإذا فازت ليفني فهناك تسوية عربية/إسرائيلية ولا شك. ستبدأ ربما بسوريا لكي يُنزع سلاح إيران مبكرا ثم تمر بلبنان وأخير الدولة الفلسطينية. وربما تبدأ بفسلطين وتنتهي بسوريا. يتوقف الأمر على توافق أوباما وليفني الذي سيتأثر بعض الشئ برؤية مبارك التي تميل بقوة للبدء بفلسطين لارتباط ذلك – كما هو معروف – بالمصالح المصرية المباشرة المتأثرة سلبا بالقضية الفسلطينية قبل أي شئ آخر.

للتلخيص أكرر: الاقتصاد، روسيا، إيران، السلام في الشرق الأوسط. هذه هي الملفات الساخنة حاليا فوق طاولة أوباما. وبعد ذلك تأتي أمور مثل الإرهاب الدولي، الصين، السودان، وغيرها. للسودان أهمية خاصة إذ أن الغرب بقيادة أمريكا يريد أن يتخذ من منطقة دارفور قاعدة استراتيجية له تمكنه من السيطرة على مستودع الثروات المعدنية والبترولية في وسط أفريقيا. الحلقة الضعيفة هي دارفور.

في النهاية، الحاكم الأول لتصرفات أوباما خلال فترته الرئاسية الأولى ستكون هي رغبته في إعادة انتخابه عام 2012. لذا فإنه لن يكون هناك على سبيل المثال ضغط أكثر من اللازم على إسرائيل كيلا تغضب ايباك (اللوبي الإسرائيلي في واشنطن) بما قد يؤثر سلبا على فرص انتخاب أوباما. الحاكم الثاني لتصرفاته سيكون رغبته في إثبات جدارته بالمنصب وحل المشاكل التي سببتها إدارة بوش، لذا فإن كل شئ سيصب في حل أزمة الاقتصاد أولا حتى تصدق توقعات الأمريكيين بالنسبة لأداءه. بالنسبة للسياسة الخارجية فإن جو بايدن (نائب الرئيس) سيضطلع بدور كبير وهام في مجال السياسة الخارجية التي يفتقر فيها أوباما للخبرة العملية.

وفي كل الأحوال، فلا شك أن العالم – إذا تخلص سريعا من آثار الأزمة المالية الحالية ولم تتحول لكساد عالمي – سيشهد فترة أفضل على صعيد السياسة والتفاهم بين الدول المختلفة. وأظن أن نوعا من دبلوماسية الحوار والتفاوض ستسود الساحة الدولية على حساب دبلوماسية التهديد والتصعيد المتبادل


النص الكامل للمقال

تفنيد مصطلح التطرف الليبرالي البليد

8.11.08 |


بقلم بلاك لايت

نسمع كثيرا مصطلح التطرف العلماني أو الليبرالي، يتكرر على مسامعنا سواء من الأصوليين أو الهلاميين، لذلك قررت اليوم تخصيص مقال كامل يفند هذا الوصف الذي ليس سوى تدليس ومحاولة دس سم بالعسل مكشوفة. مصطلح التطرف الليبرالي بحد ذاته مصطلح متناقض، فكيف لأيدولوجية أساسها نبذ التطرف أن تكون متطرفة؟

نفس الشيء ينطبق على المصطلح المتناقض الثاني "الأصولية العلمانية". كلمة أصولية نفسها تعريفا ومعنى تعني بكل اختصار "التزام شمولي تام"، وهذا المنطق ينطبق تماما على أصحاب المرجعية الدينية، فالدين قائم على النقل وأساساته ثابته لا مجال لنقاشها وتغيرها. كيف يسمى العلماني اصوليا وهو يريد ان يلغي الاصولية السياسية؟ هذا تناقض كبير، فالأصولية تعني أيضا العودة الى الجذور والأصل، فكيف للعلمانية أو الليبرالية وكلاهما يدعو للتجديد والتغيير أن يلقبا بالأصولية؟ هل يوجد فقيه أو مفتي او مرشد يمثل العلمانيين؟

في الحقيقة ما دفعني لكتابة هذا المقال هو النهج التدليسي الذي يعتمده الكتاب العرب والقوميين، فهم أول من اطلق صفات الأصولية والتطرف على العلمانية وشجعوا أنصاف المثقفين وأنصاف الكتاب على ترديدها كالبغبغاوات دون وعي. وعلى سبيل المثال وليس الحصر مقالة فهمي هويدي -صاحب مصطلح الأصولية العلمانية- الأخيرة، تتكلم عن الاوضاع السياسية التركية, فلماذا توريط العلمانية ووصفها بالتطرف؟ هل تركيا وحدها علمانية؟ هل العلمانية تركية المنشأ ونحن لا ندري؟ ما تفعله تركيا بإسم العلمانية يمثل تركيا فقط وليس بالضروره يمثل الأيدولوجية العلمانية التي نراها باليابان وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الكيانات المتحضرة. وبالمناسبة، ان كنا سنرى النموذج السياسي التركي الذي قد عانى الامرين بسبب لعنة الإسلام السياسي على أنه متطرف علمانيا بسبب قانون منع الحجاب بالجامعات، أنا أرى ان النموذج الخليجي متطرف وهمجي أصوليا بسبب فرض الحجاب اجتماعيا واستحقار من لا ترتديه . رغم أن الحجاب وارتداءه من عدمه ليس مؤشرا على العلمانية، ولكن للأسف بسبب هذا النهج المضلل الذي قد تكرر مثل الإسطوانه المشروخه سيظل رجل الشارع العربي مؤمنا بهذه المعادلة
علمانية= تركيا + منع الحجاب + اضطهاد الإسلام

ليس فقط فهمي هويدي، هناك الكثير من الكتاب العرب، بسبب رواسب القومية العربية العفنه، نجد ان خطابهم يصف الليبرالية والعلمانية بالتطرف والغاء الآخر، بسبب حقدهم على النظام العالمي، ظنا منهم أنه يدعم الصهيونيه ودولة اسرائيل، وعقدة المؤامرة الكبرى والكيان الصهيوني، الخ من هذه الخزعبلات التي آن الأوان لها أن تفنى، فنحن ب2008 ولسنا ب1973. توجد امور اهم وأولويات اكبر من اسرائيل ومشاعر الحقد والكراهيه القومية والدينية

ونرجع لمحور موضوعنا، يرى البعض أن الأصوليه تعني ادعاء الحقيقه المطلقة وامتلاك الحلول السحرية لكل المشاكل، وهذا الأمر يتهم فيه الليبراليين عموما و العرب منهم خصوصا. حقيقة أنا لا أمثل الليبرالين العرب ولست سفيرا للفكر العلماني أو الليبرالي، لكني كفرد اؤمن بهذه الأيدولوجيات اجد نفسي بموضع المنتقد للمنظومة الإسلاميه الحالية وأسعى لتغييرها فكريا كي تصبح منظومة مدنية حضارية. الذي أعتمد عليه بمطالبي هي النماذج المتحضرة الأخرى، وهذه فطرة بشرية، فالمرء يقتدي بمن كان أفضل منه كي يطور نفسه ويصلحها. مع التذكير أنه لا توجد بالعالم منظومة حضارية مطلقة بلا عيوب، فحتى الدول الأوروبية على سبيل المثال فيها عيوب، لكن هذا لا ينفي الحقيقة والواقع، أنها هي بالصدارة وكل دول العالم الثالث تسعى للإقتداء بها والإستفاه منها

قد يقول البعض: "لماذا لا نأخذ فكرهم ونطبقه بإطار إسلامي؟" الرد بكل بساطة: المنظومة الإسلامية والمنظومة المدنية كالماء والزيت، لا يختلطان، فإما هذه و إما تلك. ونماذج التوازن لن تخلق سوى منظومة مشوهة منافقة، وهذه نراها اليوم ونتعايش معها . فالمنظومة المدنية قائمة على المنطق والإستدلال العقلاني، أما المنظومة الإسلامية فلأنها دينية هي قائمة على الإيمان الغيبي وفيها العديد من الشبهات التاريخية والروائية التي أدت لإختلافات عقائدية ومذاهب يطالب كل منها أن يتم فرض مرجعيته هو.


السؤال يطرح نفسه: لماذا الدين؟ هل نحن نسيء للدين ان ركزنا على حياتنا الحديثة لذلك نشعر بالذنب ونود أن يشاركنا فيها؟ بمعنى آخر، نحن بتنا نعامل الدين كمخلوق حي يحس ويتضرر من تصرفاتنا، والدليل على ذلك ردود الفعل المتطرفة التي تصف كل الآراء غير المقبولة دينيا بالإساءة و الإهانة له، والرغبة العارمة بالإقتصاص من أصحابها والإنتقام منهم .أوليس هذا هو التطرف بأم عينه قرائي الكرام؟

نرجع الى التطرف. ماهو التطرف؟ التطرف بإختصار شديد هو سلوكيات عدوانية غالبا ناتجة عن افكار متحيزة، مع مراعاة أن التحيز الفكري أو بالرأي مختلف تماما عن التطرف. الغريب بالموضوع ان الأنشطه الليبرالية والعلمانية بمنظوماتنا القمعية ليست سوى أفكار مبعثرة ثقافيا، سواء بالصحف أو المنتديات والمنابر المتواضعه، بينما نرى الجماعات الإسلامية تحصل على الدعم المادي الحكومي وتحصل على مساحات عقارية وتصاريح قانونية لنشر فكرها الأيدولوجي!

أليس المتطرف من يبيح قتل أخيه الإنسان؟ أليس المتطرف من يريد أن تترجم آرائه واجتهاداته الى قوانين تسيطر على حياة الناس (الهيئة بالسعوديه – لظس بالكويت ), يلقبوننا بالإقصائيين والمتطرفين لأننا لا نتقبل الإسلاميين؟ نعم، نحن لا نتقبل الإسلاميين فكريا، اما شخصيا فنحن لم نقم بتحليل دمهم أو اتهامهم بالإنحلال الأخلاقي وغيرها من الإتهامات كما هم يفعلون بنا على مرأى ومسمع الهلاميين والمنافقين الذين عندما يدعون الحياد، لا يختلفون عن الغانيه عندما تدعي الشرف

يستند معارضي النهج العلماني سواء كانوا أصوليين او هلاميين على الوضع الإجتماعي الحالي الداعم للفكر الديني الاصولي وسطوة الوعاظ والأئمة. فبنظرهم، العلماني أو الليبرالي يعتبر متطرفا، لأنه رافضا للوضع الاجتماعي قائم من سنين طويلة ويحاول تغييره. ولعمري أن هذه لهي الأصولية بأم عينها .الأصولية أن تلغي غيرك المختلف عنك وذهابك بنفسك انت –اللاغي- متهما اياه وهو الطرف الملغي والمقصى بأصولية أنت مرتبكها وصاحبها ليست سوى تطبيق للمثل "ضربني وبكى وسبقني واشتكى". وقد تقنع بعض الحمقى بمنطقك، لكنك تعلم أنك أنت الأصولي بالحقيقة

وهذا بالضبط ما يحدث للليبراليين عندما يقوم أشباه الكتاب وأشباه المثقفين بمعارضتهم وتشتيتهم بدافع الخنوع والخضوع لسطوة المجتمع الديني ووصايته. كيف نتهم افرادا بالتطرف والغلو بينما في الحقيقة هم ضحيته؟

ولكي نضع النقاط على الحروف، نستطيع الجزم أن معظم الهلاميين الذين يتهمون العلمانيين والليبراليين بالتطرف يعانون من التشتت الفكري, تجدهم برمضان وغيرها من المناسبات الدينية يقفون جنبا الى جنب مع الأصوليين يشدون من ازرهم ظنا منهم أنهم يمارسون نوعا من العبادة والإلتزام الديني . لكن عندما تحدث كوارث سياسية واجتماعية سببها الفكر الديني المتزمت، سواء تمثل بالطائفية او القمع الرقابي والتطاول على الحريات العامة، تجد هؤلاء يناجون الليبراليين قائلين ما "أحوجنا لدولة مدنية"!!

رغم المشاكل المرتبطة بالنموذج الديني والإنتهاكات الإنسانية التي يرتكبها يظل محل احترام هؤلاء، وفوق ذلك يرونه النموذج الاخلاقي المثالي رغم ان الاخلاق كما أسلفنا وأسلف غيرنا لا هوية دينية لها، بل إنسانية

مشكلة هؤلاء أنهم لا يعرفون ماذا يريدون. كذلك هم غير مستوعبين انه لا وجود لوتيرة ثابتة بالحياة . فعلى سبيل المثال وليس الحصر، مفهوم الحريات العامة، التي تعاديه الجماعات الدينية تحت ذريعة الثوابت والدين الحنيف، سينقرض

ولا اجد أفضل من مثال الكويت. ولنقارن كويت الثمانينات وأوائل التسعينات بكويت اليوم, الفرق كبير وواضح، أن منحنى الحريات العامة قد انحدر، وهو آخذ بالإنحدار، لن يتوقف إلا ان حدثت نتيجة كارثية، كتغيير المادة الثانية وانشاء هيئة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف

ختاما:لا يوجد شيء ثابت، فالتغيير قادم سواء بوجهه الأصولي او وجهه التحديثي, سكوتنا اليوم علامة رضا لما تفعله القوى الأصولية، فهل نحن قادرين على التغيير وتسجيل موقف تاريخي وان باءت محاولتنا بالفشل ؟


النص الكامل للمقال

الحلال بين والحرام بين.. ارحمونا بقى

7.11.08 |


بقلم د. وجية رؤوف


كثيرا ما تعترى الدهشه بعض اصدقائى حينما يجدونى اتمسك اثناء حديثى معهم بلغه الحوار الاسلامى بما يحتويه من آيات كريمة او احاديث أو اقوال اسلامية مأثورة، ومع الوقت تزول دهشتهم لعلمهم بكثرة اطلاعاتى الادبية والاسلامية، كما ان نشأتى بجوار اخوتى وجيرانى المسلمين الذين اعتز بصحبتهم وجيرتهم قد حبتنى عندهم بمحبة خاصة ومنزلة مقربة، ولا اخفيكم سرا اذا قلت لكم ان الغالبية من اصدقائى هم مسلمين واعتز بصحبتهم، بل وافخر بها

فالمسيحية اوصتنا بمحبة الجميع وودهم كمثل نفسك , كما ان الرسول بولس الذى كان يهوديا يضطهد ويقتل المسيحيين صار مسيحيا واصبح فيلسوف المسيحية قال فى اقواله المأثورة : صرت مع اليهودى يهودى لكى اكسب اليهودى، وصرت مع الاممى اممى لكى اكسب الاممى. فبعد ان كان سلاحه هو القتل والدمار اصبح سلاحه هو المحبة, ولايختلف الامر كثيرا عند اخوتى المسلميين الذين يسيرون على القول الكريم القائل: ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى احسن, والحقيقة انا من اشد الحزانى لما وصلت اليه حال الاحتقان الطائفى فى الفتره الاخيرة، وتسمع من هذا الجانب اشياء مثيرة وايضا من الجانب الآ خر اشياء اكثر اثارة!! ولكن لنقف قليلا ونسآل الجميع : هل فيكم من رشيد ؟؟!! ان الاديان والمعتقدات قد جائت لشىء واحد وهو عبادة الله الواحد الذى نعبده جميعا بالاضافة الى عمل الخير والمودة واجتناب الشرور من قتل وزنا وحسد .....الى آخره , ولكن المثير للعجب ان الجميع قد ترك هذه التعاليم السمحة وتفرغ للاقتتال واثارة الفتن وهو الشىء الذى نهت عنه الاديان جميعها، كما ادى تصاعد وتيرة الاحتقان الى سياسة الفرز الطائفى والتمييز العنصرى بين ابناء الوطن الواحد.

ولا يستطيع احد ان ينكر مظاهر هذا الفرز التى وصلت خطورتها الى معقل وزاره العدل المنوط بها الحفاظ على العدل وعدم التمييز بين ابناء الوطن الواحد مهما تعددت انتمائاتهم وعقائدهم , ولكن لنقف قليلا ونتريث ونتدبر الامر , ان الحديث الشريف الذي يقول : (ان الحلال بين والحرام بين وبينهما امور متشابهات ) لهو حديث واضح، اى ان الحلال حلال والحرام حرام فى الثوابت والعموم، فلن تجد مثلا ان الاسلام حرم القتل بينما ايدته اليهودية او المسيحية، وبنفس القياس الزنا والقتل .....ألخ. ولكن يتوهم البعض ان الكلام المنمق والمقوى بالسلطة سيذهب العقل ويغيب الفكر، فاذا كانت المحاكم تصدر الاحكام فهناك من يراقب تلك الاحكام وسوف يتبين مع الوقت تجاوز الاحكام لطرف على حساب الطرف الآخر، ولن يبرر الكلام المعسول الذى يقول لك فى كل حكم انظر الى حيثياته حيث انه ليس من العدل ولا من الفطنة ان تكون دائما حيثيات الحكم تغلب طرفا بعينه على الطرف الاخر.

ومعلهش سامحونى، احنا مش هنادوة ( وبنفهم برضه ) والغريبة ان الرأى العام الليبرالى يستنكر هذا وبوضوح، واننى لافخر انه يوجد تيار ليبرالى اسلامى داخل مصر يفخر به اى مواطن حر، وقد اعجبنى جروب على الفيس بوك باسم "مسلمون من اجل ماريو واندرو ". ياللفخر، ماذا اقول؟ لقد اهتزت جوارحى لرؤيه جروب مثل هذا يصرخ ويقول : نعم نحن مسلمون، نعم، ونؤكد اننا مسلمون، ولكن لا للظلم ولا لظلم ماريو واندرو. هكذا تكون روح المواطنة والمحبة، تلك الروح التى تركت القيادات اصحاب السلطة والنفوذ والقانون وسكنت القلوب الطاهرة التى تعلم الحق وتنطق به دون خوف من لومة لائم. تحياتى الى هؤلاء الاخوة المسلميين الطيبيين العادليين الذين يعرفون الحق ويبتعدون عن الباطل، الذين يعلمون ان: الحلال بين والحرام بين..

تحيه الى هؤلاء جميعا الذين يرفعون مشعل التنوير فى مصر والذين تعقد عليهم الآمال للخروج من الظلمة التى نعيش فيها فى الوقت الحالى, ودعوة الى الله عز وجل ان ينير بصيرة المسؤولين عن الامن والمسؤولين عن العدل ان يهديهم الله الى عدله والى حكمته لكى يصونوا هذا الوطن ويحفظوا العدل الحق، لكى يكونوا سببا لاستقرار هذا الوطن بدلا من أن يكونوا سبب فتنة هذا الوطن, وقانا الله شر الفتنه وصانعيها


النص الكامل للمقال

الحرية حق مشروع

6.11.08 |


بقلم حنان الشريف


هل يعلم من يسعى لسلب الآخر حريته دون جريمة إقترفها أنه يمارس ضده أقوى وأبشع أنواع العنف؟ فالمتهم يصرخ امام القاضى: "أنا بريء"، حتى وإن كان ارتكب الجرم حقاً فى حق الآخرين ويستحق عليه العقاب، لأنه يخشى العقاب لأنه سوف يسلب حريته لبعض الوقت على حسب الجرم الذى ارتكبه، ولكن ماذا تفعل من لم ترتكب أى جرم لكن قدر الله لها ان تخلق انثى فى مجتمع ذكورى متخلف يجحد دائماً دور المرأة ولا يعترف بها؟

مجتمع يلصق بها دائماً جميع الاتهامات مما لا تدري عنه شيئا، ولكن كل الذى تعلمه انها طالما تحمل صفة انثى اذن هى مقيدة الحرية.. طالما تحمل صفة انثى إذاً لابد انت تكون عبدة هذا قانون الذكورى المتفشى فى المجتمع اليوم، فهى دائما خطأ، وزيها دائما منتقد لأنه مثير للذكر المستعد للإثارة 24 ساعه وطوال ايام الاسبوع، حتى وان كانت تتخفى خلف قطعة من القماش! وبدلاً من البحث عن جذور المشكلة لبترها، تفننوا فى كيفيه اخفاء المرأة، فاليوم لابد لها من الحجاب، ولكنه اصبح غير كاف، فغدى نقابا، ولكنه ايضا غير كاف، فكان الحل هو ان تتخفى كليا لترى بعين واحدة، لان ظهور العينين الاثنتين عورة مثيرة للرجل! فبأى حق يحكمون عليها انها مجرد أداة للشهوة؟ وبأى حق يفرضون طريقة لبسها ومعيشتها وسيرها؟ هل تغير مفهوم الحرية من التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه إلى مسابقة كبرى فى من سيربح المليون لإخفاء المرأة؟؟ مسابقة كبرى لتحطيم طموحها وقتل الروح بداخلها لتتمثل الكائن المسمى بانثى فى جسدها فقط لا غير؟ ألم تكن رسالة النبى محمد ص تنص على التخلص من الرق والعبودية؟ ألم ينتهى عصر الجوارى والعبيد لتكون السيدة عائشة أعلم النساء مفتية؟ إذا كان من يتفنن فى إخفاء المرأة هم من يسمون أنفسهم برجال الدين، فأى دين هذا الذى يفتون بإسمه ومن عند من؟؟؟ إذا كانوا لا يفقهون ما يقرأونه من القرآن الذى ذكر الملكة بلقيس وضرب الله سبحانه وتعالى بصلاحها المثل!! ولن ألتفت لكتب التاريخ وأذكر الآلهة من النساء فى مصر الفرعونية حتى أتفادى الكلام الذى يخرج كنثار الريق عند العطس دون ضوابط من احدهم لتكون اول مبرراته انها مجرد كتب دنيوية لا طائل منها والاهم هو الكتب الدينية، فماذا سيقولون اذن بعد ذكر انثى وكانت ملكة واسمها بلقيس بكتاب الله سبحانه وتعالى اعظم الكتب؟ أرى ويرى الآخرون معى أننا بعد كل هذه الاتهامات الموجهه للمرأة وسلب حريتها قد سقطنا من اعلى الجبل للهاوية، فحضارة اى شعب تبدأ من إحترام الآخر واحترام حريته، دون النظر لنوعه او جنسه. إذن حان الوقت لتشرع الدولة قانونا لردع الذكور ومراقبة الخرافات التى تبث علينا ليل نهار، فالحرية فى ممارسة الحياة الطبيعية حق مشروع للجميع دون استثناء ودون الالتفات الى نوع. ولكن لو ظلت هذه القيود المعنوية مفروضة على كل من تحمل فوق عاتقها صفة أنثى، وظلت السموم التى يسمعها الفقراء وينفذوها بحذافيرها دون التفكير فيها اومحاولة معرفة الهدف منها، فهنيئا لنا بمجتمع احتل فى السنوات الاخيرة مركز الصدارة بين الدول المتخلفة بجدارة


النص الكامل للمقال

فقه العجز

5.11.08 |


بقلم د. أحمد صبحي منصور
غير حصري

أولا :
1 ـ في العصر المملوكى ـ فى القلعة مركز الحكم ـ فى يوم الثلاثاء 21 من جمادى الأولى سنة 876هـ عقد السلطان قايتباي مجلساً لعلماء الشرع كي يفتوه في مشكلة تتعلق بأوقاف إحدى المدارس، وحضر القضاة والعلماء وكبار الفقهاء واحتدم الخلاف بينهم جميعاً أمام السلطان وشتم بعضهم بعضاً واتهم بعضهم بعضا بالكفر، وقال الشيخ الكافيجي أحد العلماء الكبار وقتها للسلطان قايتباي عن الشيخ قاسم الخفجي : هذا الرجل محجور عليه من الفتوى لأنه يأخذ عليها رشوة، وتطورت الاتهامات المتبادلة بين الفقهاء الكبار فتركهم السلطان بعد أن أمرهم أن يظلوا في الاجتماع إلى يصلوا إلى فتوى يتفقون عليها . وعاد لهم السلطان فوجدهم على حالهم من الصياح والخصام وفي النهاية أفتى قاضي القضاة المالكي باللجوء إلى حكم السلطان ليعلن بذلك أن السلطان العسكري أفقه من قضاة الشرع بأمور الشرع

2 ـ وحيث كان فقهاء الشرع فى العصر المملوكى يجتمعون في أي مجلس، فلا بد أن يدور بينهم الخلاف ويتحول إلى خصام واتهام متبادل بالكفر والفسوق
وعلى سبيل المثال كان ذلك يحدث في مناسبة سنوية معتادة هي ميعاد صحيح البخاري، حيث كان السلطان المملوكي يستضيف العلماء في القلعة لقراءة صحيح البخاري وقد بدأ السلطان الأشرف شعبان هذه العادة يوم الاثنين أول رمضان سنة 775هـ واستمرت بعده وصارت تقليداً يبدأ بأول شعبان ويختم في 27رمضان. ويقول المقريزي عن اجتماعات العلماء في ذلك المجلس"فكانت تحدث بينهم بحوث (أى مناقشات علمية ) يسيء بعضهم إلى بعض فيها إساءات منكرة" ويقول "وصار المجلس صياحاً ومخالفات يسخر منها الأمراء وأتباعهم "
وكان المقريزي في تاريخه يسجل ما يحدث في ذلك المجلس بسبب أهميته وأهمية الحاضرين فيه من أعيان الدولة وأشياخها وكان يستنكر ما يحدث فيه من خصومات بين العلماء إلى درجة أنه يقول عن ميعاد البخاري " وهو منكر في صوت معروف ومعصية في زي طاعة" إلى أن يقول "بل دأبهم دائماً أن يأخذوا في البحث عن مسألة يطول صياحهم فيها حتى يقضى بهم الحال إلى الإساءات التي تؤول إلى أشد العداوات ، وربما كفر بعضهم بعضاً وصاروا أضحوكة لمن أن عساه يحضر من الأمراء والمماليك "
3 ـ والخلاصة إن علماء الشرع ـ فى عصر تطبيق الشريعة السنية فى العصر المملوكى ـ كانوا إذا تناقشوا في أمر اختلفوا فيه إلى درجة الاتهامات المتبادلة بالكفر .
والسؤال هنا لماذا؟ لماذا يختلفون دائما ولماذا إذا اختلفوا كفَّر بعضهم بعضاً ؟
والجواب لأن الفقه والأحاديث قامت على أساس الاختلاف والتناقض فهناك مذاهب في الفقه ، وفي داخل المذهب الواحد اختلافات ، فآراء أبي حنيفة يخالفه فيها تلميذاه أبو يوسف ومحمد الشيبانى ، والمزني يخالف شيخه الشافعي، وهكذا ، بل إن الامام مالك فى ( الموطأ )مثلاً يورد أحاديث في أن من مس عورته انتقض وضوؤه ، ويورد في نفس الصفحة أحاديث أخرى في أنه لا ينتقض وضوؤه ، وفي البخاري مئات الأحاديث المتناقضة منها مثلاً حديث يجيز الاختصاء للرجل وأحاديث تنهى عن ذلك ..
وكان ذلك الخلاف هو السمة البارزة في عصور الاجتهاد إلى درجة أن عبارة (اختلف فيها العلماء) من أهم العبارات التي تتكرر في أمهات الفقه ومن يقرأ (تفسير القرطبي) الذي يركز على الأحكام الفقهية للآيات القرآنية يتأكد أنه ما من حكم فقهي اتفق عليه العلماء.
وكان ذلك في عصور الاجتهاد.
ثم جاء العصر المملوكي بالتقليد والجمود والانغلاق . فتحول الاختلاف الذي كان بين الأئمة إلى اختلاف أعتى وأشد بين صغار الفقهاء الذين كانت لهم سطوة هائلة في الدولة المملوكية مع قلة علمهم وضعف مستواهم العقلي والخلقي أيضا، ولذلك كان من السهل أن تتحول خلافاتهم إلى صياح وتكفير ..

4 ـ ونأتي إلى السؤال الأخير الموجع . وأين موقع أشياخنا في عصرنا من ذلك؟ أهم ينتمون إلى عصر الاجتهاد والاختلاف المؤدب أم ينتمون إلى عصر الجمود والاختلاف الذي يفضي إلى الاتهامات والسباب ؟
أظن الإجابة سهلة .. واقرأوا ما حدث بين الفقهاء حين اختلفوا في موضوع فوائد البنوك وفي حرب الكويت ، فما أسهل أن يختلفوا وما أسهل أن يتبادلوا الاتهامات .. ثم بعد ذلك يطالبون بتطبيق الشريعة..!!

5 ـ ومن حقنا أن نتساءل :
ألا تتفقون أولاً حول ماهية الشريعة ؟
وهل يصلح مستواكم العلمي للاتفاق على صياغة قوانين محددة تتفق مع القرآن وروح القرن الحادي والعشرين ؟
هذا هو التحدي فهل أنتم على مستوى ذلك التحدي ؟

ثانيا :
1 ـ كتبت هذا المقال ونشرته جريدة الأحرارالمصرية فى 28 يونيو 1993م . أى مضى عليه حتى الآن 15 عاما ..
فهل تحسن مستوى الشيوخ بعد هذا المقال عن فقه العقم والعجز ؛أوعقم الفقهاء وعجزالشيوخ ؟.
من أسف أن أحوالهم تدهورت أكثر ، فعلى الأقل فالقضايا المطروحة عليهم واختلفوا فيها منذ 15 عاما كانت اكثر احتراما ، إذ كانت تشغل الرأى العام العربى و الاسلامى من نوعية حكم ربا البنوك و حكم المشاركة فى حرب تحرير الكويت مع صدام أو ضد صدام .
فزع اليهم الناس فاكتشفوا عجزهم وتفاهتهم وأنهم لا يجتمعون كشيوخ رسميين إلا عندما يأمرهم سيدهم الحاكم المستبد ، ثم هم لا يتفقون على حكم إلا نزولا على رغبة سيدهم الحاكم .
بعد أن فقدوا احترام الرأى العام (المحترم الجاد ) وبعد الانهيار المتواصل فى البنية العقلية للناس عموما هبط مستوى الأسئلة المطروحة عليهم الى نوعية حكم الشذوذ مع الزوجة ، وبعد أن انتهت كل الأسئلة و الفتاوى البذيئة بدأ الشيوخ أنفسهم يثيرون قضايا تعبر عن مستواهم العقلى والخلقى والاجتماعى من نوعية ( هل يصح التبرك ببول النبى ) و( رضاعة الكبير ) . ولا ندرى ماذا ستتفتق عنه عقلية هذه النوعية من الشيوخ ؟

2 ـ بل ندرى ماذا ستتفتق عنه عقلية هذه النوعية من الشيوخ .!! لماذا ؟
لأنهم ينتمون الى نفس عقلية العصرين المملوكى والعثمانى الذى لا تزال مناهجهما مقررة فى الأزهر فى الفقه والحديث والتفسير والتوحيد ..
وقد انحدر الفقه وعقليات الفقهاء فى العصر العثمانى الى افتراض أسئلة منحطة والرد عليها بأجوبة أكثر انحطاطا ،من نوعية ( من زنا بأمه فى جوف الكعبة وهو صائم فى نهار رمضان فماذا عليه من الاثم ؟) ( من جاع ولم يجد سوى جسد أحد الأنبياء هل يجوز له الأكل منه ؟) ( كان نائما على سطح منزله فانهار المنزل وسقط من على السطح فوقع على أمه ففعل بها وهو يظن انها زوجته فهل يكون زانيا ؟ )( من كان لقضيبه فرعان وزنى بامرأة فى فرجها ودبرها ، فماذا عليه من الاثم ؟ )
وأعتذر عن كل ما سبق ولكنه الفقه الذى كان مقررا علينا فى الاعدادى الأزهرى حين كنا صبية بين براءة الطفولة وجرأة المراهقة .. وظل هذا الفقه مقررا حتى بعد أن فتح الأزهر ابوابه للبنات ، فأصبحت الفتاة المسلمة فى براءة الطفولة مجبرة على أن تجتهد فى قراءة هذا الاسفاف .
وإن أنس لا أنسى يوم أن جاءنى جارى وصديقى يرحمه الله فى الثمانينيات ومعه اخته الطفلة العاتق ( أى بين الطفولة و المراهقة ) يرجونى أن أشرح لها بعض صفحات لم تفهمها من كتاب ( الاقناع فى حل ألفاظ ابى شجاع ) فى الفقه الشافعى المقرر عليها فى الاعدادى الأزهرى ، وكانت تلك الصفحات تتكلم عن الاستنجاء (أى غسل الأعضاء التناسلية والشرج بعد قضاء الحاجة ) وهو باب هائل من أبواب الفقه ، فيه من الصور العقلية المفترضة ما يدل على أن أولئك الفقهاء كانوا مرضى حقيقيين ،ومنهجهم حديث كاذب احتفل به الغزالى فى (إحياء علوم الدين ) يقول ( كان عليه السلام يعلمنا كل شىء حتى الخراءة ).!!
وقد جاء كتاب (الاقناع ) بصفحات عن كيفية استنجاء الذكر والأنثى بالحجر و بالماء ، وأخذ يشرح بألفاظ صريحة، ويعطى استنتاجات وتاويلات واستثناءات ومحترزات ، وهذا يجوز وذاك يحرم ، ..ألخ ..
لم تفهم الفتاة أو لعلها فهمت ولم تصدق ما تقرأ. وبمجرد رؤية الكتاب تذكرت إحساسى بالخجل عندما قرأت هذا الكلام قبلها بنحو عشرين عاما حين كنت فى نفس العام الدراسى. إعتذرت لصديقى بالنيابة عن الأزهر والفقه الشافعى و العصرين المملوكى و العثمانى..!! ..
من هذا الرجس أو من تلك (المجارى) ترعرع الفقه لدى أساطين وأئمة دين السنة الذى تخصص أكثر فى التشريع للنصف الأسفل ، فكنت أسميه وأنا طالب فى الثانوى ( فقه النصف الأسفل ).
مذ كنت صبيا رفضت هذا التلوث ، ولكن اولئك الشيوخ عاشوا فى هذا العفن فسكن عقولهم وسرى فى أوردتهم وشرايينهم فأصبحوا لا يتحرجون من الافتاء به وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .
وأتذكر تلك المصيبة الى حدثت فى جريدة الأهرام فى أوائل التسعينيات ـ على ما أظن ـ حين قام المفتى الأسبق بكتابة سلسلة من المقالات عن شهر رمضان فى الصفحة الدينية عن الصيام ، وملأها بتلك الأحكام الفقهية البذيئة المنحطة ، ومنها : (أن من ابتلع بزاق (أى بصاق ) صديقه لا يفطر ) و ( من دخل أصبعه فى دبر صديقه لا يفطر ) ، وهاج بعض القرّاء فأوقفت الأهرام نشر تلك السلسلة من المجارى الفقهية ..
وأتذكر أن د. فرج فودة كتب مقالا يتندر فيه على هذا المفتى و فتاويه ، وكان ـ رحمه الله أستاذا فى فن السخرية وشاعرا مطبوعا لا يشق له غبار ، وأتذكر سخريته من فتوى (أن أصبع الصديق فى دبر صديقه لاتفطر ) إذ كتب شعرا يقول :
أنا كنت واقف على الكوبرى
حسيت باصبع فى دبرى..
صيامى راح ..!!
ثم نسى الناس هذا العفن .
ولكن سرعان ما تطوع شيوخ اليوم باثارته ، لذلك تطفو على السطح نفايات من ذلك الفقه الذى أشربوه فى قلوبهم فيتقيأونه فى أجهزة الأعلام فيأتى حمقى كثيرون يأخذون الاسلام متهما بجرائمهم .

3 ـ ولكن هل هم يتنفسون ذلك العفن ويتقيأونه تلقائيا أم أنها سياسة دولة ؟
هذا الاسفاف الذى يتميزون به ويختلفون فيه فى نفس الوقت يزداد مع نفوذهم المتزايد داخل النظم المستبدة لأنهم السند الأخير للاستبداد ، وهم ورقة التوت التى يستر بها الاستبداد عورته متذرعا بوجودهم (كرجال الدين ) ضمن أدواته فى السيطرة و الحكم .
بالاضافة الى دورهم فى تسويغ الاستبداد و الفساد فانهم يقومون بوظيفة أخرى أخطر وهى التعتيم على القضايا الهامة وشغل الراى العام بفتاوى مضحكة ومثيرة للنقاش والاختلاف . والدليل على ذلك أنه كلما تعالت صيحات الاحتجاج ضد التعذيب أو تعالت أصوات الأحرار تنادى بالديمقراطية ظهرت فتوى مضحكة مفجعة تستأثر باهتمام الرأى العام ، فتتلقفها القنوات الفضائية وتعقد حولها الندوات ، وتقيم عليها الصحف الدنيا ولا تقعدها ما بين تأييد و اعتراض وينسى الرأى العام قضية الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتضيع فى الزحام المصطنع صرخات ضحايا التعذيب وهتافات المنادين بالحرية و العدل وحقوق الانسان.
تلك فقط هى المهمة التى ينجح فيها شيوخ رضاعة الكبير وعلماء السلطة . أما إذا طلب السلطان رأيهم فى مشكلة فقهية شرعية كما فعل السلطان قايتباى في يوم الثلاثاء 21 من جمادى الأولى سنة 876هـ فلا يمكن أن يصلوا الى حل ، لأنهم غير مؤهلين للاجتهاد فى أى عمل سوى الرقص فى موكب سيدهم السلطان والدعاء له بطول العمر..(.. وأن ينصر عسكره وان يهزم الكفار المشركين ويجعل اموالهم وأولادهم ونساءهم غنيمة للمسلمين )..!!.
ثالثا :
دائما أهرب من الاحباط بأحلام اليقظة فأتخيل ما يعيننى على تجاوز الواقع الأليم للمسلمين.
تخيلت يوما أن قامت ثورة سلمية فأسست حكما يرعى حقوق الانسان والعدل والديمقراطية وفق المواثيق الدولية التى هى اقرب الكتابات البشرية الى الشريعة الاسلامية الحقيقية .
وأخذنى الخيال الى مشكلة ستواجه الحكم الجديد : ماذا سيفعل بأولئك الشيوخ ؟ وكيف سيتصرف مع مئات الألوف من الشيوخ الذين لا حاجة لهم ؟؟..
ظللت فى أحلام اليقظة أفكر فى مستقبل أولئك الشيوخ بعد أن انتهى عهدهم ودورهم ، وتعين العثور لهم على عمل مهنى شريف ليأكلوا بعرق جبينهم ، فاقترحت على نفسى بأن يعملوا فى تربية الدواجن وتسمين المواشى لأنه المستوى الملائم لعقليتهم وليكونوا فى البيئة المناسبة لهم .وتخيلت الشيخ فلان وهو يحمل مقطف التبن ، والشيخ علان وهو يسرق البيض والشيخ تركان وهو يختلى بدجاجة يراودها عن نفسها ..
وانطلقت فى ضحك مكتوم فاهتز السرير فاستيقظت زوجتى أم محمد .. وكالعادة سلمت أمرها لله وتركتنى فى عالمى الخاص الذى أهرب اليه قرفا من دنيا يسيطر عليها شيوخ الثعبان الأقرع


النص الكامل للمقال

ليس بالامكان اخيب مما كان

4.11.08 |


بقلم فانتازيا

عايزة أكتب عن موضوعات كتير أوي.. وكل ما فكرة مقال تبدأ تتشكل في دماغي يحصل حدث جديد، وألاقي نفسي بكتب مقال تاني وتالت وهكذا.. ولأن اطلالتي عليكم من خلال مصر الجديدة عزيزة عليا جدا، فبحاول بقدر الامكان اني اجتهد في الخروج عن الموضوعات المألوفة اللي بتناولها على مدوناتي

ف الآخر لقيت ان فيه 3 مواضيع ملحين عليا جدا في الوقت الحاضر، وكان لازم اختار واحد منهم.. أولا، فوز اوباما برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.. ثانيا، انتصار نهى رشدي وانتصار القضاء المصري ثم اخفاق المجتمع اخلاقيا بمحاولة تشويه هذا النموذج.. ثالثا، المؤتمر السنوي للحزب الوطني الديمقراطي وما نتج عنه

وأكتشفت اني لن اتنازل عن مناقشة أي واحد منهم، لأنهم بالنسبالي موضوعات في غاية الأهمية ومليئة بالدلالات والمؤشرات.. واسمحولي أعرض عليكم مصيبة تأكد ليا اننا بنعيشها حاليا، وممكن تمنعنا عن التقدم لمدة قرن قدام بالمستريح

المصيبة دي مالهاش علاقة بالاطراف اللي أنا اتكلمت عنهم في لستة الموضوعات، يعني مالهاش علاقة لا بأوباما ولا بنهى رشدي ولا حتى بالحزب الوطني.. إنما ليها علاقة بالعقل الجمعي المصري واللي من وجهة نظري أصبح بيجمع ما بين الطفولية والضحالة وتشوش الرؤية وضيق الأفق والعنصرية بشكل مفزع.. أضف إلى ذلك الجهل، واللي أنا شخصيا شايفة انه اختيار أكتر منه قدر فرض على المصريين.. يعني حاليا الانسان المصري بقى بيكره العلم ولا يطيق عبء تحصيل المعرفة أو التفكير الجاد، وكل همه هو انه يبان "ناصح" أو "فتك" وسط مجتمع من الجهلة

خلينا نتكلم بوضوح أكتر.. بالنسبة لفوز المرشح الديمقراطي اوباما مثلا، تلاقي ردود أفعال كثير من المصريين تبعث على الضحك الممزوج بالمرارة من الاشفاق على حالتهم العقلية.. أولا، موضوع قدرة النظام الليبرالي على تغيير نفسه وتصحيح اخطاءه والسمو بمعنى الديمقراطية وتكافؤ الفرص دي قلة اللي اتكلموا عنها.. الاغلبية راحت تقولك "واحنا استفدنا إيه؟ واوباما هيعملنا إيه؟" كأننا مجموعة شحاتين لمؤاخذة قاعدين مستنيين الحسنة!! عايزين الشعب الأمريكي يختار رئيس عشان يحل لنا احنا مشاكلنا!! إيه الهم اللي يفطس م الضحك ده؟ هل فعلا اصبحنا بهذه السذاجة ؟

لأ ولا قعدات المصاطب اللي اتنصبت على القنوات الفضائية، واديلو تريقة وسخرية من الناس الهبلة اللي يا عيني فرحانة ان اوباما كسب الانتخابات.. ومحاولة التسفيه والتقليل من أهمية الحدث، بل والايحاء بأن مفيش فرق بين اوباما وماكين من أصله.. ليه بقى يا ولاد؟ عشان احنا هنفضل زي ما أحنا!!! مش مهم المواطن الامريكي يحس بفرق، المهم احنا اللي نحس بفرق!! شوفتوا الحلاوة؟
بجد احنا ما نستحقش أكتر من الاسلوب اللي بنتحكم بيه.. وفعلا هو اللي اثبت نجاحه معانا من أيام الفراعنة لغاية انهاردة.. لأننا مستنيين التغيير يجيلنا من فوق على طبق من فضة، ولا يعنينا الدلالات الانسانية العميقة اللي ورا حدث زي ده.. يعني إيه ان واحد كان من 30 سنة بس مايقدرش انه ينتخب حد في بلده ثم يصبح هو رئيسها.. يعني إيه ان واحد كان لون بشرته كفيل انه يخليه عبد ذليل مالوش أي حقوق وممكن ينضرب بالرصاص زي الكلاب الضالة لو مجرد فكر انه يكسر أمر سيده، ولا حد يقدر يحاسب اللي قتله.. يعني إيه ان حفيد الراجل ده يبقى رئيس أكبر قوة سياسية واقتصادية في العالم.. مش مهم.. مش مهم ان فيه مجتمع راقي قدر انه يرتفع ويسمو بانسانيته فوق التاريخ الطويل ده من التمييز العنصري، ويختار ان واحد من الأقلية السوداء (15% من الشعب الامريكي) يرأس بلده ويكونوا جميعا تحت زعامته.. يعني إيه ان واحد ابيض يروح يدي صوته للمرشح الاسود من غير دا ما يسببله أي غضاضة، لأنه بيحكم بمعايير موضوعية وليست شخصية.. كل دا لا يعنينا طبعا.. المهم احنا هناخد إيه؟؟ دا طبعا لأننا منفصلين عن العالم، وعمرنا ما هنفكر في معاني زي الليبرالية والديمقراطية والعدل والمساواة والحاجات العبيطة دي

طبعا احنا لغاية ما نتحول لمومياوات ونتحط في متاحف العالم المتقدم هنفضل نضطهد بعض ونمارس التمييز ضد بعض عادي جدا.. عادي جدا نرفض ننتخب واحدة ست عشان هي ست.. أو واحد قبطي عشان هو قبطي.. أو واحد نوبي عشان نوبي.. بصرف النظر عن امكانيات الشخص دا إيه أو تعليمه إيه أو إيه اللي ممكن يقدمه لبلده.. المهم انه ابن\بنت البطة السودة.. ما احنا البطة السودة بتاعتنا مش بتجيب بط اسود بس، لأ دي بتجيب اشكال وألوان من المضطهدين

خلينا في عنصريتنا وتعصبنا وتخلفنا، مش مهم.. بس نشتم ونسب ونلعن في غياب الديمقراطية!! يا حالولي!! إيه الجمال ده يا ولاد؟
وخلينا برضه قاعدين كدا زي خيبتها، ولا عايزين نعمل تغيير ولا تحديث ولا أي حاجة.. نستنى بقى لغاية ما المعجزة تيجي، وممكن كمان 100 سنة كدا يجي رئيس مصري لأمريكا يحللنا مشاكلنا.. مش مهم نقدر نحمي نفسنا بالعلم والتصنيع والاقتصاد القوي والتسليح المتطور.. لا لا، دي صعبة أوي ومحتاجة شغل ووجع دماغ.. خلينا كدا احسن.. نستورد كل حاجة من برة وبعدين نشتم الناس اللي بيصنعوا الحاجات دي.. نتعالج بالدوا اللي هما اخترعوه عشان نلعنهم بعد صلاة الجمعة.. وماله؟ مش عيب.. المهم نفضل زي ما احنا كدا والحلول تجيلنا ع الجاهز، لأحسن احنا ناس مش بتوع بهدله

نيجي بقى للحزب الوطني ومولد الشتيمة وماسورة التريقة اللي انفجرت وغرقت الدنيا.. على إيه؟؟ مش فاهمة.. عشان حزب بيجتمع؟ هو الاجتماع ده هيقرروا فيه انهم يحكمونا مثلا؟ إيه الجديد؟ والاعتراض على إيه بالظبط؟ على انهم بيجتمعوا؟ هي دي حاجة وحشة؟ يعني عايزنهم يشتغلوا كدا جهجهوني من غير خطة عشان تتبسطوا؟ هو التخطيط والعمل المنظم بقى بيجيبلكم ارتيكاريا خلاص؟
لو الاعتراض على سياسات الحزب، ما السياسات دي موجودة طول السنة!! إيه الجديد؟ اشمعنا 3 ايام المؤتمر اللي الدنيا قامت فيهم يعني؟ ولا انتم فاكرين انه فرح بلدي وعايزين تضربوا كرسي ف الكلوب وخلاص؟ إلا ما سمعت انتقاد واحد منطقي! ما شفتش حد مثلا بينتقد ان تليفزيون الدولة، اللي من فلوسنا، حاطط شعار حزب سياسي ومسخر لتغطية فاعليات مؤتمره السنوي 24\24 ساعة!! كله عمال يشتم في السياسات الفاشلة وبتجتمعوا على إيه يا حسرة!! يا اخي بيجتمعوا عشان يشوفوا هيدولك الخازوق الجاي منين بالظبط، انت مال أهلك؟ هو انت كلفت خاطرك وعملت حاجة مفيدة؟ دا انت حتى مش عارف تقول نقد محترم، انت شخصيا مش عارف انت معترض على إيه، لكن أهي هيصة وخلاص

طب ع الأقل أهم خصصوا 56 كرسي للمرأة في البرلمان.. وأنا ولو اني زي شعبان عبد الرحيم ما بحبش الكراسي، إلا اني مش لاقية حل تاني للبلوة اللي حطت على التمثيل البرلماني للمرأة، لأن بسلامتك لا عاجبك ان واحد اسود بقى رئيس امريكا ولا مستعد انك تبقى محترم وتدي صوتك للي أحق بيه في الانتخابات بصرف النظر عن نوعه.. أهو البرلمان مليان شنبات أهه يا أخويا.. افرح بيه بقى
وبمناسبة موضوع المرأة والبرلمان، أحب أقول ان تحديد أماكن للمرأة والأقباط في المجلس هو في الواقع سبة على جبين الشعب المصري، اللي بينادي بالحرية والديمقراطية وهو أبعد الناس عن هذه القيم. لأنه من الآخر عنصري وبشكل مقزز. كفاية الفضيحة اللي حصلت بعد ما طلعت اشاعة ان نهى رشدي، البنت اللي سواق اتحرش بيها واتحكم عليه ب 3 سنين سجن، تحمل جنسية اسرائيلية، لمجرد ان جدها من عرب 48!! أول مرة أعرف الصراحة ان عرب 48 دول اسرائيلين ويجوز التحرش ببناتهم جهارا نهارا في شوارع بلدنا!! ما عزمي بشارة من عرب 48.. مش كدا وبس.. دا كان عضو في الكنيست الاسرائيلي!.. والشاعر العظيم محمود درويش رحمه الله كان من عرب 48! هل دول خونة مثلا؟ هل ممكن حد يعتبر التحرش ببناتهم عمل وطني؟؟!! بالذمة الناس دي ليها عين تتكلم عن الديمقراطية وحقوق الانسان؟

أكيد طبعا لازم نسخر من فوز اوباما لأننا نستمتع ونستلذ بممارسة العنصرية والاضطهاد ضد بعض.. وأكيد ما نستاهلش غير حكومة الحزب الوطني الديمقراطي جدا.. وأكيد ما نستاهلش شرف ان نهى رشدي تكون بنت مصرية.. أنا بقول نخلينا في خيبتنا أحسن، ونقضيها شوية هزار على شوية شتيمة على شوية تحرش على شوية فساد.. ويجعله عامر


النص الكامل للمقال