البدء بالنفس اولا

7.4.08 |


بقلم حفصة


في سنة 1993 تعرفت على صديقة المانية عن طريق وكالة الشباب الدولية, و من يومها و نحن مازلنا اصدقاء مع اننا لم ترى احدنا الاخرى

طبعا كعادة التعارف في مراحله الاولى نسال بعضنا عن كل التفاصيل الشخصية حتى نجد ارضية مشتركة لاقامة صداقة عليها

دخلنا في تفاصيل ماذا تحبين من الموسيقى، الافلام، الماكولات و الى اخر اللستة المعهودة من تساؤلات

طبعا كان هذا وقت الجوابات العادية التي تصل بعد شهر من ارسالها و لكن كان لها طعم و شخصية.

فلك ان تتخيل أيها القارئ الكريم مدى السعادة والشغف اللائي يعترياني عند حصولي على جواب داخل صندوقي البريدي الحقيقي بالفعل.
و ليس الالكتروني

من ضمن تبادلتنا الثقافية كان ان رشحت لها كتب لانيس منصور, لانه الوحيد المتوافر باللغة الالمانية و متوافر في منطقتها, و اقترحت هي كتب لكتاب ألمان آخرون. ثم كان جوابا بعثته لي ومن خلال مضمونة احسست انها لا تعترف بوجود خالق، كان هذا لفتاة شرقية تعيش في جو معتم اشبه بانفجار نووي اطار بعنصر الامن و الامان و التسليم من عقلي

تناقشنا في هذاالموضوع, كل حسب قدرته الثقافية و المعلوماتية, و فهمت منها انها تعرف باهمية وجود خالق لهذا الكون و لكنها لم تعد تذهب للكنيسة منذ فترة طويلة جدا

بالنسبة لي كان هذا اطمئنانا انها مؤمنة بالله لكنها لا تذهب للكنيسة ، ما من مشكلة.. براحتها يعني, مش حجبرها على المرواح غصبا، اقله انها تؤمن بالله

ثم ضبطت نفسي متلبسة بشعور غريب، شعور من يعتقد انه صحيح و ان الخطأ لا يجانبه, و ان هذه هي مهمتي لاعادة توجيه هذة المسكينة للدين و عبادة الرب. كان هدفي هو أسلمتها, و إن لم افلح فعلى الاقل حثها على الذهاب للكنيسة مع اهلها، شفتوا البجاحة؟؟ بشتغل داعية لديني و دين غيري كمان، يعني إلزامها بالدين كان شئ حيوي و ضروري اوي ليا، على انهي اساس؟ الله اعلم

لكنه شعور متضخم بالأنا العليا و تفوقي على غيري من البشر في ذلك الوقت البوهيمي التفكير


بعد فترة اقترحت عليها ان تبحث عن نسخة من القرآن الكريم باللغة الالمانية و تقرأها, مع اضافة كلام من نوعية ما يقوله العطار عن مدى استفادة المشتري لعطارته و الدعاء بالشفاء العاجل ان شاء الله

بالفعل اشترت الفتاة النسخة و قرأتها و فوجئت بها تسألني عن ورود آيه في سورة النساء تبيح القتل لغيرنا من الناس لمجرد انهم مختلفين عنا في التفكير؟

اذا كان علمي بعدم اعترافها بالله خالقا يشبه الانفجار النووي, فلك ان تتخيل مرة اخرى عزيزي القارئ ماذا حدث لي عندما قرأت سؤالها.

استجمعت نفسي و عدت لنسختي من القرآن و قرأت الآيه التي اشارت اليها فحمدت الله لأن الآية كانت تقول فيما معناه ان الذي اعتدى عليكم ردوا عليه الاعتداء و حاربوه؟ اطمأننت أن الآية لا تحث على القتال و لكنها تبيح الرد و الدفاع في حالة ابتداء القتال من الغير. كان من الواضح ان هناك خطأ ما في الترجمة الألمانية، وضحت لها التفسير و ما عنته الآية و تقبلت هي التفسير لاعتقادها ان مؤكد لغة النص الاصلية اصدق من اللغة المترجمة.

الى هنا و انتهى فصل محاولة التبشير بالإسلام في عقلي، لماذا؟ لاني وجدت أنني الأحق بالفهم, و كيف لي ان ابشرها بالإسلام و أنا لا أعرفه؟ صحيح أنا مسلمة و لكن ماذا أعرف عن إسلامي حتى اذهب به الى آخرون و اقنعهم به؟؟

كيف اشرح درسا لطالباتي و أنا لم أحضره و لم اقتله بحثا و تقصيا لدقة المعلومات التي وردت فيه؟؟ صحيح ان النسخة المترجمة هي التي كانت مخطئة في الترجمة, لكن ألم يكن هذا الخطأ في صالحي أنا؟؟؟

من يومها هذا ، أي مما يقارب ال15 عاما ،و أنا قد اقسمت أني لن احدث احدا بموضوع ما من دون علم به, و بالذات عندما اتكلم عن ديني ، عن إسلامي الذي اعرفه أنا و ليس كما يراد له أن يفسر على حسب أهواء كل عصر و كل مفسر يقول ما يريد له أن يظهر كحلال أو كحرام

ومن يومها لم اعد اهتم الا بنفسي فقط, في محاولات مستميته لإفهام نفسي كيف و لماذا و أين و متى.. و الأهم من هذا كله.. ما هو المنطق من وراءه؟؟

الغرور هو أخطر آفه ممكن أن تهيمن على شخص و تجعله يعتقد أنه الأفضل, و الأخطر منها هو الاستمرار في نفس الطريق المؤدي حتما للهلاك

احمد الله اني تعلمت سريعا من خطأي. لكن ماذا عن هؤلاء الذين يصرون على اخضاع المجتمع لنمط واحد و منهج واحد و عقلية تفكير واحدة, وإن لم تقتنع فانك مستحق للقتل؟؟

ماذا عنهم؟