مستقبل أوباما

9.11.08 |


بقلم إيجي اناتوميست


المهمة الأساسية لأي رئيس أمريكي هي ابتكار وصياغة وتنفيذ سياسات تحقق الأهداف الأمريكية العليا.

هذه الأهداف العليا تحددها نخبة الحكم في أمريكا. نخبة الحكم الأمريكية تتكون من كبار الرأسماليين الأمريكان، كبار قادة القوات جيش، كبار المنظرين والمفكرين، كبار موظفي الدولة (الرئيس وإدارته)، أو ما يسمى اختصارا بالمجمع العسكري-الاقتصادي، أو المؤسسة حسبما يحلو للبعض أن يطلق عليها

تحديد هذه الأهداف العليا ليس أمرا غاية في التعقيد، ولا يستند لاجتهادات شخصية. الأمور واضحة وشبه معلنة أيضا. الهدف الأعلى الأول: استمرار الوضع المهيمن لأمريكا في العالم بما يضمن يد أمريكية عليا في رسم قواعد اللعبة العالمية (سياسيا واقتصاديا).

دور الرئيس وإدارته في هذا النموذج هو رسم، ثم اختيار وتنفيذ أفضل السياسات الممكنة لتحقيق هذا الهدف وما يتفرع عنه من تفاصيل.

قبل أن نشرح دور الرئيس وحدود قدرته على التأثير، نبدأ أولا بتفصيل أكبر للهدف الاستراتيجي الأمريكي.

يعني الحفاظ على الوضع المهيمن الأمريكي في العالم أن تمتلك الولايات المتحدة وحدها أكبر قدر ممكن من أدوات التأثير، بمفهومها التحفيزي والعقابي، بما يسمح لها بفرض رؤيتها وإرادتها على القوى العالمية الأخرى. لاحظ: القوى العالمية الأخرى وليس كل دول العالم. الصراع الرئيس في العالم هو صراع بين القوى الأكبر ذات المصالح الواسعة والقادرة على دفع ثمن التناطح (السياسي والاقتصادي).

الجزء الثاني من الهدف الاستراتيجي الأمريكي هو التحكم في سرعة إيقاع نمو هذه القوى الدولية الأخرى.

نبدأ بالوضع المهيمن وكيفية الحفاظ عليه كما ترى نخبة الحكم الأمريكية. لا شك أن أخطر ما يهدد الوضع المهيمن لأمريكا حاليا هي أزمة الرأسمالية التي يُفتتح بها القرن الحادي والعشرين!

أمام أوباما تحد شديد الصعوبة هو إعادة ضبط الاقتصاد الأمريكي من الداخل. هناك خلل هيكلي عميق في الاقتصاد الأمريكي يعرفه المتخصصون جيدا. أمريكا – بمنتهى البساطة – تستهلك أكثر مما تنتج، فتستدين من العالم كله (بالذات أوروبا واليابان). أمريكا في اقتصادها تشبه البلطجي الذي يأكل من نتاج غيره اعتمادا على سطوة قوته وعضلاته! أوباما سينهمك في إحداث تغييرات حقيقية في الاقتصاد الأمريكي الذي يتسم بأنه - بالرغم من عيوبه البنيوية - حيوي ومرن بما يكفي لأن يُعاد ضبطه بما يسمح ربما بتحقيق نقلة جديدة فيه. وهذا يقود للاقتصاد العالمي الذي لا تستطيع أمريكا ضبط اقتصادها إلا في إطاره.

مات نظام بريتون وودز بالفعل ويتبقى إشهار الوفاة واعتماد الشهادة بالختم الأمريكي!

فمؤتمر النقد الدولي الذي عقد في مدينة بريتون وودز بالولايات المتحدة عام 1944 والذي أسفر عن تأسيس منظمتي بريتون وودز الشهيرتين بإسم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد استنفد جميع أغراضه منذ عدة سنوات.

فليست مفاجأة أن نذكر أن الدراسات والأبحاث عن فشل نظام بريتون وودز وعيوبه الكامنة قد نشرت ونوقشت منذ مايزيد عن 3 سنوات! وليست مفاجأة أن نذكر أن أزمات الرأسمالية الدورية مما لا يجب أن يدهش أحدا! وليست مفاجأة أن نؤكد أن الرأسمالية قادرة – ككل مرة – على تصويب مسارها والتعلم من أخطاءها! وليست مفاجأة أيضا أن نشرح أن نظام بريتون وودز قد فشل بعد أن أدى ما عليه بالنسبة لمن صمموه ووضعوه موضع التنفيذ. وليست مفاجأة أخيرا أن نوضح أن هذا سيحدث هذه المرة أيضا – سيتم التفاوض على نظام جديد يحقق مصلحة من سيصممه - وأن هذه هي أولوية أوباما القصوى.

النظام الاقتصادي الدولي الحالي يقوم على مجلس إدارة لشؤون الاقتصاد العالمي ترأسه أمريكا ويضم في العضوية باقي دول الـ جي 8. هذا نظام لا يتجاوب مع العالم الحالي ولا يعبر عن الوضع الدقيق لاقتصادات العالم. تغيرت الدنيا كثيرا منذ انتهت الحرب الباردة وسادت العقيدة الرأسمالية أنحاء العالم!

خذ عندك: أعضاء مجموعة الثمانية هم أمريكا، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، فرنسا، إيطاليا، كندا! هؤلاء – بقيادة أمريكا – هم من يقررون كل ما يتعلق بشؤون الاقتصاد الدولي: مؤسساته، قواعده، أولوياته، اتجاهاته، الخ. ولكن المفاجأة أن هذه ليست أكبر اقتصادات العالم!

فالاقتصاد الصيني أكبر من 7 من الأعضاء (كل على حدة) ولا يفوقه حجما إلا الاقتصاد الأمريكي فقط، ومع ذلك فإن الصين ليست عضوا في هذا النادي حصري العضوية!

الاقتصاد الهندي أكبر من اقتصادات 6 من الأعضاء – ولا يفوقه إلا الأمريكي والياباني. وبالطبع فإننا نعرف أن الهند ليست عضوا في المجموعة. وقل نفس الشئ عن البرازيل وأسبانيا وهم أيضا غير أعضاء. ولا تنسى جميع دول جنوب شرق آسيا المتجمعين في تجمع آسيان.

نشير إلى أن مصر أيضا تقول رسميا أنها طرف مؤهل للانضمام لنادي الصفوة بناء على ما تحققه من نمو اقتصادي يرشحها لأن تكون قريبا من الدول البازغة اقتصاديا. لا أعلم هل هذا التفاؤل المصري له ما يبرره أم لا؟ سنرى.

إذن الأولوية الأولى حاليا هي التفاوض الدولي حول نظام جديد يقوم على أعمدة أكثر ثباتا ورسوخا، وهذا سيبدأ في الحال وقبل حتى أن يتولى أوباما مقاليد الحكم وإن كان سيتم وضعه في الصورة والحصول على موافقته قبل إقرار أي شئ.

ما سيحدث أن دولا حديثة العهد بالتقدم الاقتصادي ستشارك في إدارة الشؤون الاقتصادية العالمية وسيُسمع صوتها بشكل أكبر وسيتجه العالم بلا شك نحو تعددية أكبر في نظامه الاقتصادي. ستميل الرأسمالية يسارا ولا شك، وستتبوأ الدول التي حققت تقدما اقتصاديا نوعيا خلال العشرين سنة الماضية مكانة تليق بوقتها الحالية في نظام متعدد الأطراف يدير أمور اقتصاد الدنيا.

لن يجد أوباما مشاكل كثيرة في تنسيق هذا النظام وإدارة التفاوض حوله، فالكارثة ضخمة والجميع خائفون ومستعدون للوصول لحلول وسط تخفف آثار الأزمة الحالية.

ويقودنا هذا للجزء الثاني من الهدف الاستراتيجي الأمريكي الأعلى: التحكم في سرعة إيقاع نمو القوى الدولية الأخرى. يمكن ترتيب هذه القوى حاليا على النحو التالي: روسيا، الصين، الاتحاد الأوروبي، اليابان.

أمام كل من الاتحاد الأوروبي واليابان عشرات السنوات (ليس أقل من 50 سنة) ليفيقوا من الصدمة المروعة التي سببها الانسحاق المهول في الحرب العالمية الثانية. لا إرادة سياسية كافية عند جموع الشعبين الأوروبي والياباني لتبني دورا سياسيا مختلفا عن هذا الدور الحيادي الهادئ الذي اضطلعوا به طيلة النصف الثاني من القرن العشرين. فالشعوب لا تتجاوز صدماتها إلا بعد فترات طويلة تصل أحيانا لقرون.

يتبقى كل من روسيا والصين.

الصين خطر مؤجل. خطر أمامه ما لا يقل عن 20 سنة إن لم يزد حتى يتبلور وينضج. فبالرغم من تفوق اقتصاد الصين وسرعة تقدمها مقارنة بروسيا، إلا أن الاستراتيجية الصينية مسالمة، وديعة، هادئة، بطيئة التحول. وتحت سيطرة الحزب الشيوعي الصيني فإن احتمالات تغير هذه الاستراتيجية قريبا تبدو بعيدة. الصين متشبعة بروح آسيا وتتجسد فيها عصارة الحكمة الآسيوية: لا تضرب قبل أن تتحول قوتك لاعصار لا قِبَل لأحد به. لا تتحرك إلا وأنت فيضان يغرق الجميع. قبل أن تصبح الصين اعصارا وفيضانا لا خوف على أمريكا.

المشكلة القريبة هي روسيا.

انهار الاتحاد السوفيتي وتبددت أيديولوجيته السابقة، فتبنى دين المنتصر. تتحول روسيا للرأسمالية ربما أكثر من أمريكا نفسها. يقود الثنائي بوتين-ميدفيديف المشبع بروح القيصرية الروسية هذا البلد نحو تصادمات لا شك فيها. تتعزز سيطرة النخبة الروسية التي يمثلها هذا الثنائي على الحكم في روسيا ولن يكون هناك تغييرا منظورا في الخط الروسي. روسيا لا ترضى بدور المتفرج على إدارة شؤون العالم. تريد أن تشارك في صنع قواعد اللعبة الدولية وأن يُسمع رأيها ولا تدار أمور الدنيا بعيدا عنها. تريد الاستفادة من كل ذلك لتأمين موضع تنافسي وسط عالم شديد التنافسية.

روسيا ليست بالقوة التي يجب أن تخشاها أمريكا ولكنها تتماس مع جائرة استراتيجية عظمى: أوروبا. أضف لهذه الميزة الاستراتيجية الكبيرة أن الروس – على عكس الصينيين – عقيدتهم هجومية، متغطرسة، ذات تاريخ صراعي طويل مع الولايات المتحدة بالذات.

وبناء عليه نخلص لأن قوة روسيا تأتي من امتلاكها عسكريا لأوروبا. تستطيع روسيا أن تمحو أوروبا – والخوف على الغربية تحديدا – من الخارطة الجغرافية وليست السياسية فقط.

من هنا تأتي ذروة الصراع الحالي: الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك.

نوضح هنا أن الهدف الاستراتيجي الأعلى لأمريكا لا ينص تحديدا على إقامة الدرع الصاروخي. هو يتحدث – كما أوضحنا – عن تحقيق هيمنة أمريكية عالمية وإبطاء نمو القوى الأخرى. كيف يتم ذلك هي مسؤولية الإدارة وفي قلبها: الرئيس. أوباما حاليا.

ربما يلغي أوباما الدرع الصاروخية ويستبدله باستراتيجية أخرى يراها أكثر فعالية في التقرب من الهدف الأعلى. وربما لا يلغيه ويراه أفضل البدائل المتاحة.

يعتمد هذا القرار على العدسة التي من خلالها سينظر أوباما للموضوع. فإذا اعتمد على نظرية "معضلة الأمن" الشهيرة في علم العلاقات الدولية والتي تخلص إلى أن أي تحرك يستهدف تقوية دفاعاتك سيراه خصمك تهديدا له ويرد عليه بما تعتبره أنت تهديدا جديدا يستدعي رد فعل وهكذا حتى تصل الأمور لنقطة الغليان ثم الانفجار، فإنه سيلغي الدرع الصاروخية لاستدعاءه حتميا رد فعل روسي (درع صاروخي روسي أو حروب صغيرة على حدود أوروبا) وبالتالي فالأمور ستؤدي لحرب بادرة جديدة قد تسخن يوما.

وربما يرى أوباما أن الرد الروسي مهما كان سيكون أقل خطرا من استمرار التهديد الروسي لأوروبا وبالتالي فإن الدرع ستستمر، وستتطور الأمور بلا شك لحرب باردة.

الأقرب لأفكار أوباما ورؤاه وفلسفته هو التفاوض مع الروس حول معاهدة أمنية جديدة تحمي أوروبا من شرور الدببة الروس – مع التخلي عن فكرة الدرع الصاروخي - وتؤجل الصراع لمرحلة تاريخية تالية. مشكلة هذا الحل تتلخص في نقطتين. الأولى أن الصراع قادم قادم، وتأجيله لا يعني إزالته من الوجود. فالنمو الروسي بلا شك سيستدعي – بحكم قوانين الطبيعة والسياسة – دورا روسيا متزايدا لن ترضاه أمريكا لأنه سيتعارض مع بعض أهم مصالحها. الثانية أن هذا الصراع عندما يأتي ربما سيتزامن مع صراع آخر – يلوح في الأفق – مع التنين الصيني، ووقتها فإن أحد أهم قوانين الصراع سيكون في حالة انتهاك خطير: لا تقاتل أبدا عدوين كبيرين علاقتهما البينية طيبة.

ومع ذلك، فلا أظن أوباما سيفضل إشعال الأمور مع روسيا حتى مع ذلك الخطر في الحسبان. ليس هو من النوع البوشوي الصغير (نسبة لبوش) الذي تختلط حساباته الاستراتيجية باللون الأيديولوجي الغامق. وأساس انتخابه رئيسا للولايات المتحدة هو وعده الذي صدقه الناخب بقدرته حل المشاكل التي تسبب فيها بوش.

الخطر الثاني لروسيا هو الغاز الطبيعي الذي تبتز به أوروبا وتسيطر عليها كسيدة حرة ضُبطت متلبسة بجريمة الزنا وتخشى الفضيحة. عندما تعلم أن بعض أهم الدول الأوربية (ألمانيا مثالا) تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 50% تقريبا من استهلاكها المحلي فسوف تدرك خطورة الأمر. بعض الدول الأوربية الأخرى (اليونان، فنلندا، النمسا) تبتلع 75% + غازا روسيا من إجمالي استهلاكها المحلي. أمريكا تبذل جهودا ضخمة مع الأوروبيين من أجل السيطرة على هذا النهم للطاقة عن طريق البحث عن بدائل أخرى. الغاز الروسي لا يقل أهمية عن النفط العربي.

الأزمة مع إيران لا يجب أن تقرأ بمعزل عن الصراع الأكبر.

لإيران أهميتان وليس واحدة. الأولى هي قدرتها على السيطرة على خزان نفط العالم: منطقة الخليج. الثانية هي إمكانية أن تصبح مخلب قط روسي إذا ما تعقدت الأمور مع روسيا. إيران قد تؤدي نفس الدور الذي أدته مصر خلال فترة المد الناصري في الخمسينات والستينات من القرن الفائت. نعم ولا تتعجب، إيران الشيعية تتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق أهدافها أو هدفها: تحقيق سيطرة سياسية وعسكرية إقليمية معترف بها دوليا في منطقة الشرق الأوسط عموما والخليج خصوصا تؤمن لها تحقيق مكاسب اقتصادية تنقل إيران سريعا لمصاف الدول المتقدمة وخاصة على الصعيد التكنولوجي وكل ذلك في إطار الثورة الإسلامية التي تتغير تكتيكاتها ولا تتغير وجهتها.

السيطرة على الوحش الفارسي يمثل أهمية فائقة لأوباما. يعرف أوباما جيدا حجم الخطء الرهيب الذي ارتكبه بوش. هو رهيب لأنه خرق واحدة من أهم قواعد علم السياسة الدولية: توازن القوى. هدم بوش توازن القوى في منطقة الخليج بإزالة قوة العراق فعاثت قوة إيران سيطرة وتمردا.

أرى أوباما وهو يرسي قواعد صفقة مع إيران. لا بديل أمامه عن هذا. ستضغط إسرائيل بعنف عليه – خاصة إذا فاز نتانياهو ولا أظنه سيفعل في الانتخابات القادمة – لكي يضرب إيران أو يتركها تقوم بالمهمة. لن يوافق أبدا على ذلك مهما بلغ الضغط الإسرائيلي ولن تفعلها إسرائيل بدون موافقة أمريكية صريحة وإلا فإنها تكون قد خطت أول خطوة نحو تحطيم علاقتها الخاصة بأمريكا.

سيتقاسم أوباما منطقة الخليج مع إيران مقابل تخليها عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم وهجرها لفكرة معرفة سر القنبلة النووية.

أكبر متضرر من هذه الترتيبات ستكون مصر. ولولا أن مصر خارج سياق هذا التحليل لاستفضت حديثا عن بدائلها. لكن أكتفي هنا بذكر أن السياسة الخارجية المصرية ستشهد تغيرا حادا بعد الاتفاق الأمريكي الإيراني وستعود مصر للسياسة الخارجية الهجومية بعد عقود من التمسك الصبور بالعقيدة الدفاعية. النتيجة النهائية: دور أكبر لمصر في إدارة شؤون الشرق الأوسط مع إيران وإسرائيل. دور أكبر من دورها الحالي ولكنه أصغر من دور كل من إسرائيل وإيران. ومع ذلك، فإن هذا الدور سيكفي مصر إذ سيكون بمقدورها أن تلعب دور "المعطل" إذا ما استُخِفَّ بطلباتها ومصالحها.

أما بالنسبة لعملية السلام بالشرق الأوسط، فلا تتوقف على أوباما وإنما على إسرائيل. فإذا فاز نتانياهو فلا سلام في الأفق. أما إذا فازت ليفني، وهو ما أراه الأقرب للحدوث بسبب تأثر الناخب الإسرائيلي كثيرا بالنموذج الأمريكي. فالناخب الإسرائيلي سيريد أن يظهر في صورة الأمْيَل للسلام (الذي تمثله ليفني أكثر من نتانياهو) فضلا عن انتخابه لإمرأة (رغم أنها ليست الأولى في تاريخ إسرائيل) مما يؤكد أيضا صورته الذهنية كنسخة لأمريكا في الشرق الأوسط. فإذا فازت ليفني فهناك تسوية عربية/إسرائيلية ولا شك. ستبدأ ربما بسوريا لكي يُنزع سلاح إيران مبكرا ثم تمر بلبنان وأخير الدولة الفلسطينية. وربما تبدأ بفسلطين وتنتهي بسوريا. يتوقف الأمر على توافق أوباما وليفني الذي سيتأثر بعض الشئ برؤية مبارك التي تميل بقوة للبدء بفلسطين لارتباط ذلك – كما هو معروف – بالمصالح المصرية المباشرة المتأثرة سلبا بالقضية الفسلطينية قبل أي شئ آخر.

للتلخيص أكرر: الاقتصاد، روسيا، إيران، السلام في الشرق الأوسط. هذه هي الملفات الساخنة حاليا فوق طاولة أوباما. وبعد ذلك تأتي أمور مثل الإرهاب الدولي، الصين، السودان، وغيرها. للسودان أهمية خاصة إذ أن الغرب بقيادة أمريكا يريد أن يتخذ من منطقة دارفور قاعدة استراتيجية له تمكنه من السيطرة على مستودع الثروات المعدنية والبترولية في وسط أفريقيا. الحلقة الضعيفة هي دارفور.

في النهاية، الحاكم الأول لتصرفات أوباما خلال فترته الرئاسية الأولى ستكون هي رغبته في إعادة انتخابه عام 2012. لذا فإنه لن يكون هناك على سبيل المثال ضغط أكثر من اللازم على إسرائيل كيلا تغضب ايباك (اللوبي الإسرائيلي في واشنطن) بما قد يؤثر سلبا على فرص انتخاب أوباما. الحاكم الثاني لتصرفاته سيكون رغبته في إثبات جدارته بالمنصب وحل المشاكل التي سببتها إدارة بوش، لذا فإن كل شئ سيصب في حل أزمة الاقتصاد أولا حتى تصدق توقعات الأمريكيين بالنسبة لأداءه. بالنسبة للسياسة الخارجية فإن جو بايدن (نائب الرئيس) سيضطلع بدور كبير وهام في مجال السياسة الخارجية التي يفتقر فيها أوباما للخبرة العملية.

وفي كل الأحوال، فلا شك أن العالم – إذا تخلص سريعا من آثار الأزمة المالية الحالية ولم تتحول لكساد عالمي – سيشهد فترة أفضل على صعيد السياسة والتفاهم بين الدول المختلفة. وأظن أن نوعا من دبلوماسية الحوار والتفاوض ستسود الساحة الدولية على حساب دبلوماسية التهديد والتصعيد المتبادل

0 comments: