تحيا العولمة

8.3.09 |



بقلم فانتازيا

فيه ناس مفترية بتعتبر تأييدي للعولمة نوع من الجنوح أو الانسلاخية أو التفريط في الهوية. وبما أني تحدثت عن تشبثي بهويتي المصرية في مقالي السابق، وأتمنى أن يكون ذلك كفيلا بصد تلك الافتراءات، فقد رأيت أنه ربما تكون تلك أفضل مناسبة للتعبير عن مشاعري تجاه العولمة

أيوة التعبير عن مشاعري.. لأني باختصار بحب العولمة ومش خايفة منها، ونفسي الناس كلها تحبها لأن هو دا المستقبل شئنا أم أبينا. ومن وجهة نظري الخاصة فإن العولمة هي السبيل لتحقيق جنة الانسان في الارض حيث التكامل والتناغم والتواصل والتطور والنماء.

للأسف فيه ناس كتير واخدة منجزات العالم الحديث كأنها شيء مسلم به، ومش حاسين بالاعجاز اللي ورا المنجزات دي لأنهم لم يساهموا فيها. فتلاقي الواحد منهم بكل بلادة وتناحة يقولك يا سلام على أيام زمان.. يا ريت ترجع تاني!! ترجع تاني؟ أنا شخصيا مش قادرة أرجع إلى ما قبل الموبايل.. ما بالك بما قبل الانترنت وما قبل الكمبيوتر اللي أنا بأكتب عليه مقالي ده؟ الناس اللي بتقول للزمان ارجع يا زمان دي مش متخيلة إن حتة الحديدة اللي رايحين جايين بيها في جيوبهم وبتوصلهم بأي حد في أي وقت بضغطة زر هي نتاج العولمة اللي عمالين يشتموها ليل نهار ويلعنوا سلسفيل اللي جابوها! طيب إيه البديل عن العولمة؟ الانكفاء والانغلاق على الذات؟ وبعدين؟ هنروح فين؟ هننقرض أكيد، لأن سنة الحياة هي البقاء للأصلح. وبما أننا لا نملك مقومات المنافسة، يبقى الانغلاق هيحرمنا حتى من الانتفاع بمنجزات الغير

باستغرب أوي من واحد مغيب يجي يقوللي إنه عايز الخلافة ترجع تاني؟؟ وبعدين وبكل بساطة يتكلم عن الديمقراطية!! طيب تركب إزاي دي؟ الديمقراطية هي نتاج العولمة، وهي تطور لأسلوب الحكم الذاتي في ظل الانفتاح على العالم. يجي واحد فتك مش فاهم أي حاجة بقى يقولك ما أحنا نلخبطهم على بعض زي السلطة، لأنه مش لاقي حل لمعضلة أنانيته في إنه عايز كل حاجة.. عايز منجزات العالم الحديث (اللي هو بيكرهه وبيحتقره المفروض) وفي نفس الوقت بيحلم بالشرنقة اللي هيستخبى فيها عشان ما يواجهش فشله في التماشي مع حركة التطور اللي بيشهدها العالم المتقدم. لكن المسكين ده مش فاهم إنه بكدا بيحلم بكائن خرافي زي الرخ كدا، مش ممكن يتوجد، وإن وجد هيكون مسخ وهتكون نهايته مأساوية ومضحكة في نفس الوقت. زي أفلام الفانتازيا اللي بيجي فيها شخصية من الماضي وتحاول تعيش في الحاضر، الفيلم دا رغم المأساة اللي بيجسدها من فشل الشخصية دي على التأقلم مع واقعها الجديد، إلا أننا كمتفرجين لا نملك سوى الضحك والسخرية منها، لأننا نحكم على تصرفاتها من مستوى إدراكي مختلف يجعلنا نرى الفارس بزيه الحديدي وهو يعتلي حصانه في وسط شارع يضج بالحركة والسيارات على أنه مشهد كوميدي وحسب، وبسبب هذا الادراك المتطور يعجز هذا المشهد أن يحرك فينا أي حنين للماضي أو تعاطف حقيقي مع الشخصية الماضوية. رؤية الصورة المتباينة أمام أعيننا، جعلتنا وبشكل تلقائي نفضل الحداثة لأننا أبنائها، ونرفض الزي الحديدي ونتوقع زواله أو زوال صاحبه.

هذه هي حركة التاريخ، لا مفر منها. حركة التاريخ هي دوما للأمام، وتطور البشر هو المحرك لذلك، فمن كائن هزيل يسكن الخلاء بلا سقف يحميه ولا أدوات تعينه على الحياة، إلى إنسان عصري يسخِّر الطبيعة لخدمته، قطع الانسان شوطا هائلا من التطور وحقق إنجازات عظيمة في كل المجالات. قد يتقدم البعض عن غيرهم وقد يتخلف البعض عن غيرهم، ولكن المنظومة البشرية تظل سيمفونية فريدة تسعى دوما للكمال وللبناء.

طيب ليه كل الخوف من العولمة؟ وليه كل الفزع على الهوية واعتبار العولمة عنصر تهديد للهوية المتفردة؟

أولا خلونا نتفق إن اللي عندهم هذا النوع من الخوف هما الدول الفقيرة والتي لا تساهم بقدر ولو ضئيل في حركة التطور. الخوف ذات نفسه كشعور نابع من حرص على الأصالة والتفرد هو شعور طبيعي، لكن الذعر اللي ممكن يؤدي للتقوقع والانغلاق هو دا الخطر. وما يعنيني بالطبع هو مصر. أنا كمصرية أخاف على هويتي ليه؟ آه بأتكلم لغات، لكن بأكتب بالعربي أهوه. أيوة باروح آكل في كنتاكي، لكن برضه بآكل كشري وبصارة وفول. أيوة فيه غزو للاسواق من السلع الأجنبية، لكن ما أنا بأصدر، وأنا وشطارتي بقى، أتعلم وأحسن انتاجي وأطور مهاراتي وأنافس عالميا. لو أنا معنديش ثقة في نفسي إني أقدر أعمل ده، يبقى الانغلاق مش حل، بالعكس، دا هيعمق المشكلة، لأني هأقفل على نفسي حتى باب المحاولة، يا سيدي يمكن إنت خايب، لكن إيش عرفك إبنك ولا بنتك ممكن يعملوا إيه؟ ليه تحكم عليهم بالفشل؟

الأصالة ممكن جدا الحفاظ عليها باحيائها، بممارستها، مش إني أحطها في المتحف وأقفل عليها وأقول دي بتاعتي! لو إنت ركنتها على الرف يبقى دا اعتراف منك إنها لا تصلح للاستمرار، وبما إنك إنت نفسك حكمت عليها بكدا يبقى لا تتوقع من الغير إنه يحافظلك عليها. احنا كمصريين تاريخنا طويل وعظيم، والمفروض دا يكون عنصر إلهام لينا يقوي من ثقتنا في نفسنا، إننا زي ما قدرنا نبني أول وأكبر وأعظم حضارة في التاريخ هنقدر نبني تاني ونتعلم اللي فاتنا ونزيد عليه، هنقدر نمتص كل الثقافات الوافدة ونمصرها زي ما مصرنا حاجات كتير على مر تاريخنا. لكن شرط الاستيعاب هو التقبل، إنما الرفض لن ينتج عنه شيء سوى العوم عكس التيار والسير عكس عقارب الساعة، وهو ما لا يمكن استمراره وهتكون نتائجه فادحة مستقبلا

إحنا بنفرح أوي لما مصري ياخد جايزة نوبل، وننسى إن لولا العولمة مكنش دا حصل. بنفرح أوي لما نسافر برا ونشوف فيلم مصري، وننسى إن دا نتاج العولمة. بص حواليك وقولي بيتك دا كان هيبقى عامل إزاي لولا العولمة. إنت نفسك كان هيبقى حالك إيه لو مفيش عولمة؟ فكر في الاجهزة الطبية والعلوم الطبية نفسها. وأبسط مثال، لو تعرف حد مريض بالسكر، وهو مرض شائع في مصر، اسأله كان هيعمل إيه لو إبر الانسولين لم تتطور بما يتيح له حقن الجرعات لنفسه، وكان هيتعذب قد إيه لو الإبر دي مش متوفرة في مصر. طيب اللي بيشتغل في شركة عالمية وبياخد مرتب كبير وبعدين يشتم العولمة، بذمتك مش دا قليل الأصل؟ تخيل إنك تكون فاتح بيت واحد وهو داير يشتمك في كل حتة! ليه؟ عشان فيه ناس فشلة قعدوا يقولوا إنك مفتري ومش عايز الخير لحد! هتقول ماهو شايف خيري اللي فاتحله بيته، إزاي يصدق كلام زي ده؟ أقولك لولا تغلغل ثقافة القطيع لتغيرت أشياء كثيرة في بلدنا.

وخلاصة الكلام، العولمة هي تجسيد لما كافح من أجله البشر لآلاف السنين. حلم بدأ منذ أن سلك الانسان طريقه في البحر ليتعرف على أماكن بعيدة ويستكشف ما يحمله العالم من تنوع وفي نفس الوقت يوجد لنفسه مكانا مميزا داخله. التنافس هو قانون الانتقاء الطبيعي، ومن دونه لما استطعنا فرز ما بين ايدينا لنبقى على ما هو مفيد ونتخلص مما هو ضار. ولأن الكمال لله وحده، فمن الطبيعي أن تشوب العولمة بعض العيوب، لكن يبقى دور الانسان هو العمل المستمر على الاصلاح والتنقيح والتطوير الايجابي.

فيفا جلوبالايزاشن

4 comments:

عم مينا said...

فانتا انتي فكرتيني بواحد من الداعيين للدولة الدينية من كام يوم في جروب علي الفيسبوك راح فاتح توبيك و قال اللي مش بيكتب بحروف عربي ما يردش عليه أصلاً لأنه اللي ما يعتزش بلغته يبقي ما يستاهلش يعيش أصلاً
الشاب اللطيف ده نسي ان الفيسبوك اللي هو بيستخدمه للدعاية للدولة الدينية بتاعته هو نتاج للعولمة اللي مش عاجباه و اللي متمثلة في ان فيه ناس كتير مش بتقدر تكتب بحروف عربي لأن أصلاً الكيبورد بتاعها ما عليهوش الحروف العربي

Anonymous said...

Tamer Hitler
العولمة عملية تاريخية غير قابلة للارتداد وهتستمر سواء قبلناها او رفضناها يعنى امر واقع لا محالة..وما فيش شك انها وفرت للانسان كتير من سبل الراحة والرفاهية الجسدية وادت لزيادة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الانسانية ولكن..
ولكن هى مباراة من جانب واحد..جانب مرسل وجانب مستقبل تماما وغير قادر على فلترة ما يرسل الية (طبعا احنا من المستقبلين)..الوضع دة بيفرض علينا ثقافة مختلفة عن ثقافتنا و بيؤدى لحدوث تخبط فى المجتمع ووجود حالة من الفوضى خصوصا لو كان مجتمع يتسم بعدم الانسجام الذاتى زى مجتمعنا المصرى اللى اتغير النظام فية من الملكية الى الجمهورية الاشتراكية الى الانفتاحية فى سنين معدودة فهذا القدر من التحولات يحتاج لانسان حديدى علشان يقدر يستوعب التغيرات المتتالية دى دون ان يصاب بالصدمة الثقافية والتوتر..فى الحالة دى الفرد بيبقى مضطر ان يضحى بذاتيتة نزولا على مقتضيات العالم الخارجى وبالتالى بيفقد هويتة
(روجية جارودى تساءل مرة وقال الى متى سيظل العالم مستسلما لقيم الدولة التى تحتل المرتبة الاولى فى الجريمة عالميا)

Anonymous said...

انا مؤمن بفكره الانسان العالمي بس في نفس الوقت اللي بيحافظ علي هويته علشان مايصير مسخ الا حتفاظ ب الهويه مش معناه الانغلاق او العنصريه اقصد يكون بين الثقافات تلامس و تقاطع بدون ذوبان علشان الحراك الانساني و الحضاري يتطور

Egyptian Feminist Chic said...

previous poster... what do you mean " maskh"??? kalamak 3am mesh mowada7 7aga!! ya3nee eeh law ma7afezsh 3ala elhaweya yeb2a maskh? we ya3nee eeh ye7afez 3ala elhaweya ?? el3awlama welltakadom malhomsh da3wa belhaweya... belmonasba azdak eeh behaweya?? ya3nee badal manta ensan 7ateb2a farkha?? mesh fahma kalamak besara7a!!