هييييه .. حنعارض .. حنعارض

14.2.09 |



بقلم اسماعيل النجار

الأول العنوان ده مستوحى من يونس شلبي في إحدى مسرحياته .. لما اللي معاه قرروا يعملوا إضراب .. ففرح وقعد يهيص هييييه .. إضراب.. إضراب إضراب، وبعدين لما حد سأله طب يعني إيه إضراب؟ معرفش يجاوب بطريقته الكوميدية الجميلة اللي بتتوه كل حاجة في بعض. وطبعا برضه استخدمته عشان هتاف "حنحارب حنحارب" بتاع هزيمة يونيو، يعني في الحالتين الناس بتهيص وخلاص من غير منطق ولا فهم ولا هدف

أنا بقالي فترة كبيرة عايز اكتب عن طريقة المعارضين المصريين في التعبير عن معارضتهم، واللي شجعني إن حد في تعليقه على مقال ليا قال كلام شكر في الرئيس مبارك وقال إنه قائد حكيم، فلقيت الناس نزلت عليه مرحمتهوش كإنه أجرم! استغربت جدا مع إن ده مش غريب على المصريين .. فقررت اكتب الكلام اللي تحت مع إن ده ليه مخاطر كبيرة والأسلم (في الزمن ده) هو إني امشي مع الموجه وأطلق الشتائم والسباب والاتهامات سواء عن أو من غير حق لمبارك والحكومة وأمريكا والإمبريالية والصهيونية والرأسمالية المتوحشة وغزاة الشمال عشان ابقى جامد ومعجباني ويدوني صفة معارض ومناضل! بس بصراحة مش عايز من حد ألقاب ولحد دلوقتي سعيد بلقب مترجم

المهم أسلوب المعارضة في مصر بيتميز بشوية حاجات كوميدية أعتقد إنها صعب تلاقيها في أي معارضة تانية في الدنيا، وهشرح وجهة نظري بطريقة أبيض وأسود. أبيض = الوضع المثالي.. وأسود = الوضع الحالي في مصر، وبعدين هقول رأيي في الموضوع

أبيض: في كل دول العالم بتلاقي مجموعة مؤيدة للحكومة ومجموعة معارضة
أسود: الكل في مصر لازم يكون معارض والكل ساخط وناقم واللي مش معارض بيعوم مع الموجه .. وميقدرش يقول إنه بيحب أو مش بيكره الحكومة أو مبارك أو إن الحكومة رشيدة أو إن مبارك زعيم حكيم ألخ حتى لو ده في نقطة معنية مش بشكل عام .. عشان لو قال كده هتلاقي الكل بينتقده ويبهدله فبيضطر يسكت أو بيمشي مع القطيع ويشتم في الحكومة.. (يعني المعارضة والجماهير الناقمة هي نفسها فرضت قيود شعبية مش رسمية على التعبير على عكس الأول محدش كان يقدر يشتم الحكومة والكل بيقدسها وبيقدس الزعيم الخالد مهيب الركن) يعني مش سهل تلاقي واحد أو واحدة من أي طبقة ومن أي وظيفة ومن أي محافظة مش بيعلن عن معارضته وسخطه ونقمته على نظام الحكم في مصر وعلى الرئيس مبارك شخصياً والحكومة وناس من بره الحكومة كمان، وده بيشمل النخبة المثقفة والمتعلمين وطلاب الجامعة والتكنوقراط زي ما بيشمل عمال المصانع والفلاحين وغيرهم

أبيض: المعارضين لازم يكونوا موضوعيين .. يعني المعارضة مش بتكون بغرض المعارضة وخلاص.. ولابد تستخدم ألفاظ دقيقة
أسود: المعارضين عندنا بيعتبروا المعارضة وصب اللعنات على النظام الحاكم منذ نظام السادات وحتى الآن مسألة مبدأ وخيار استراتيجي ولا صوت يعلو فوق صوت المشتمة .. زي ما ممثل في فيلم السفارة في العمارة قال على لسان شخصية شيوعية "إنما خلقنا لنعترض".. يعني الواحد يصحى من النوم يلاقي مراته بتتخانق معاه يشتم في مبارك .. وواحد مخنوق من شغله يشتم في الحكومة وواحد مرتبه مش مكفيه يشتم في رجال الأعمال الاستغلاليين الفاسدين الأغنيا ولا الكلب اللي معندهمش ضمير ولا ذمة (اللي بقوا وزراء في الحكومة) وواحد غزة بتنضرب يشتم في الحكومة وميشتمش في إسرائيل .. ألخ

أبيض: المعارضين بيكون ليهم رؤية ودور إيجابي ولا يكتفون بالنقد.. عن طريق تقديم البدائل والحلول بما يتفق مع نظرتهم للأمور باعتبار أنهم يرون النظام الحالي (بشكل عام في أي مكان) سيء أو غير كفء ويحاولون الإصلاح وتقديم بديل له وسياساته
أسود: المعارضين عندنا مش بيعملوا حاجة غير النقد والشتيمة والتهويل والصراخ وشد الشعر.. والتظاهر عند نقابة المحامين والصحفيين وكتابة المقالات النارية في الصحف المستقلة والمعارضة وعلى النت وإلقاء الاتهامات والتهويل.. يعني مثلا في أي أزمة هيكون رد الفعل الوحيد للمعارضة والجماهير هو السخط والتظاهر الهستيري على الأرض أو على النت والشتيمة من غير تفكير.. وليس لهم هدف غير التهييج دون تقديم رؤى أو حلول أو بدائل للنظام وسياساته الفاشلة زي ما حصل مع أزمة الغذاء العالمية وما تلاها من ارتفاع في الأسعار .. واقصد إضراب 6 أبريل

أبيض: من الطبيعي أن تتصيد المعارضة الأخطاء للحكومة الحالية أو النظام الحالي
أسود:ما يحدث في مصر مستفز لأشخاص مثلي لا يؤيدون الحكومة والنظام ويعارضوها.. مثلا مع بدء العام الدراسي انتقد منسق حركة كفاية الحكومة لأنها كما تقول تأمرت بجعل بداية العام الدراسي متزامنة مع رمضان!!!!!!!!!! والهدف هو إفلاس المواطن المصري .. بصراحة قعدت اضحك من غيظي .. وفيه أمثله تانية كتير ليساريين بيصرخوا ليل نهار ضد الرأسمالية المتوحشة وشديدة الفساد التي يتبناها النظام المصري المتحالف مع (والتابع لـ) قوى الشر الإمبريالية الأمريكية الصهيونية وأبو الغضب.. وحد المفروض ليبرالي مثقف ومش غوغائي بيقول إن نظام مبارك بيقتلنا كل يوم وبدم بارد.. وحد تاني بيقول إن مبارك مش سياسي يخطئ ويصيب وإنه رئيس عصابة ومجرم.. ومعظم الناس بتحسسني إنهم مقاومة مسلحة وبتكافح ضد المحتل الأجنبي الغاصب وهما بيولعوا ثورة عشان تطرده.. الإسلاميين بقى حكايتهم حكاية انتم عارفنها وشامله كل اللي فات ده غير الحاجات الخاصة بيهم وهي اللعب بورقة الدين والتدين .. يعني ما اسخم من سيدي إلا ستي

دلوقتي بقى هتكلم عن نفسي

مش معنى الكلام اللي فوق إني ضد إن يكون فيه معارضة .. وأنا بشوف نفسي معارض لأسباب كتيرة منها إني بتمنى مصر تبقى في وضع وظروف ونظام حكم أفضل بكتير جدا من النظام الحالي غير الكفء والفاشل والرئيس الحالي اللي بقاله بيحكم ما يقرب من 3 عقود والذي أفلس منذ زمن .. نفسي أشوف في مصر نظام ليبرالي حقيقي يقوم على أساس الدولة المدنية الحديثة والتعددية السياسية والتنوير وإطلاق الحريات السياسية والاقتصادية والمدنية والدينية والفردية وإصلاح اقتصاد مصر على أساس نظام السوق وتوفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات

رغم إني معارض للنظام إلا إني مش بنتقده طول الوقت بحدة زي باقي الناس لسبب .. وهو إني مش شايف إن المشكلة مشكلة نظام أو حزب حاكم بس .. وإضافة إلى كل وجميع وكافة الحاجات اللي كل البشر بتقولها عن النظام (سواء متفق أو مختلف معاها جزئيا أو كليا).. الشعب كمان مسؤول مسؤولية مباشرة عن كل الحاجات دي وبنفس الدرجة.. الشعب ده هو اللي أفرز النظام ده وسمحله يستمر لمدة أكتر من خمسين سنة .. من لحظة انقلاب يوليو والشعب ده هو اللي خرج في مظاهرات ضد الديمقراطية والشعب ده هو اللي أفرز النخب دي والمعارضة والمتعلمين دول والشعب ده هو اللي اتعود على الكسل والدعم وكإن الحكومة هي أمه وأبوه ولازم تدفعله نفقة.. والشعب ده هو اللي بيقتل الإبداع أو الابتكار في أولاده وفي إخواته وفي نفسه ومش بيحترم الحريات الفردية لأي حد قريب منه أو بعيد عنه والشعب ده هو اللي بيضطهد الأقليات الدينية والمرأة وبيعادي المثقفين والعلمانيين وأي أشخاص بيرفضوا يبيعوا دماغهم ويمشوا مع القطيع ..والشعب ده هو اللي بيغيب نفسه والشعب ده هو اللي بيرجع بنفسه لورا بعد ما خد خطوات مهمة لقدام قبل عقود.. الشعب ده هو اللي بيدفع الرشوة وبياخدها، مش شعب تاني، والشعب ده هو اللي مدمن لنظرية المؤامرة من جوه ومن بره ومن طول الأرض

يعني الحل مش تغيير النظام الحالي غير الكفء الذي تتطاير حوله شبهات الفساد والتزوير والقمع والدكتاتورية وخلاص يعني ده مش هدف في حد ذاته ده وسيلة لخلق وضع جديد أحسن وأفضل.. لإن تغييره وخلاص سيأتي بنظام له نفس الثقافة ونفس السياسات لإنه من نفس الشعب ومن نفس الظروف وفي نفس البيئة ده غير فقدان الاستقرار الأمني الموجود دلوقتي ... والمرشح الأكبر في اللحظة دي هو نظام ديني يضيف إلى كل ما سبق القهر الديني ومزيد من الكبت والقهر والتغييب

بدل ما ندخل في دوامة مين السبب في التاني .. يعني النظام هو اللي خلى الشعب كده.. ولا الشعب ده هو السبب في إن النظام كده .. خلونا نشوف حل بدل الصريخ

الحل هو التثقيف .. الحل هو التنوير مش التثوير والتهييج اللي ملوش هدف .. . الحل هو توعية ملايين الشباب بأهمية الدولة المدنية وقيم الليبرالية السياسية والاقتصادية وأهمية الإبداع والابتكار والتثقيف الذاتي والحريات الفردية و.....

يعني فعلا النظام لازم يتغير لإنه فاشل وغير كفء .. وأنا في الجملة دي بقصد بكلمة النظام النظام المصري بكل مكوناته الحكومة والمعارضة والنخب والشعب بكل أفراده .. يعني لازم الكل يتحول للأحسن عشان يفرز نظام أفضل مش نظام أسوأ

بالتأكيد ده هياخد وقت ... ووقت كبير كمان بس لازم نبدأ

مرة أخيرة الحل –يا معارضة يا محترمة- هو التنوير مش التثوير

يعني نبطل نقول عايز اشتغل يا كبير ونقول هنبدأ نشتغل بنفسنا

1 comments:

Anonymous said...

كنت مرة باتناقش مع واحد صاحبى امريكانى ايام احداث غزة فقال لى انة لاحظ ان المظاهرات فى مصر المرة دى ما فيهاش عنف ولا تكسير فبينى وبينك استغربت فى الاول لان كلامة معناة انة كان متابع المظاهرات والاحداث قبل كدة المهم قلت لة دة ناتج الممارسة فسالنى يعنى اية فجاوبتة ان احنا فى مصر قبل كدة ما كانش مسموح لنا بعمل مظاهرات او اعتصامات فمع بداية ظهور ثقافة التظاهر(ودة من نتايج الفكر الجديد) كانت عبارة عن تكسير وتدمير وبمرور الوقت ومع الممارسة حصل وعى عند الناس وبقت المظاهرات لها شكل وهدف تانى
اللى عاوز اقولة هنا ان الوعى والممارسة هما اساس الديموقراطية ولو اتكلمنا عن شعبنا فانا شايف انة من الظلم انك تطلب موقف سياسى من شعب بيعانى من الفقر والامية والنظام بيرسخ النقطتين دول وبيزود الدواير على الشعب علشان يلهية فى امورة الحياتية وبالتالى ما يزيدش وعيه و يطالب بحقوقه