الجنس و المرأة و المجتمع المحافظ

9.2.09 |


بقلم ماجد ماهر


الدفاع عن الفضيلة‍!

ما هو المجتمع المحافظ؟ هو ذلك المجتمع الذي تحكمه و تتحكم فيه أعراف و تقاليد أجتماعية بحجة الحفاظ علي الأخلاق و المبادئ، مجتمع يمتلك أي شخص فيه حقا مزيفا للتطفل علي الحياة الشخصية للأخرين بحجة تحقيق الفضيلة و تجنب الرذيلة، حقا مكتسبا من سلطة اجتماعية قامعة تبني شرعيتها علي جثث الحريات الفردية متذرعة بواجب قومي وهمي وهو التحكم في سلوكيات أفراد المجتمع لينعم بالقداسة و الفضيلة

وحقيقة الأمر أن هذا المجتمع هو مجتمع مريض بأمراض أجتماعية عديدة منها الانكار و التسلط و الكبت و أهمها غياب العدالة، هو مجتمع غير ناضج، لا يعي كيف يتعامل مع واقع الحياة فيدفن رأسه في الرمال حتي لا يري المشكل
أما الجنس فهو ذلك الاحتياج العميق جدا إلي الحب و التلاقي روحا و جسدا، هو الاحتياج للمسة الحانية و هو الأحتياج للتفهم العميق ، هو الاحتياج للحضن الدافئ و هو الاحتياج لمتعة الأخذ و روعة العطاء، و هو علاقة تعبر عن احتياج الكيان الانساني للأتحاد بآخر و الشوق و اللهفة اللذان لا ينطفائان للحظات من العذوبة و الدفء نتاج هذا الأتحاد
و العلاقات كما أدركها تتمايز إلي نوعين، علاقات سلطوية مبنية علي أن يسيطر طرف علي أخر، طرف أقوى و طرف أضعف، و أخرى تكافؤية مبنية علي التكافؤ و المساواة في الحقوق و الواجبات و لا يوجد فيها أضعف و اقوى بل فيها نديين. و بما أن الجنس هو علاقة فلابد لها أن تأخذ شكل من الأثنين
و بما أن المجتمعات المحافظة تخشي الحرية و دائما ما تربط بين الحرية و الانحلال و بين التقييد و الفضيلة، لذلك أختارت المجتمعات المحافظة أن تتعامل مع الجنس بالتقييد حتي تضمن الفضيلة الظاهرية بالطبع و التي تخفي ورائها الكثير و الكثير من مظاهر الظلم البين و الجلي
أما المرأة فهي الطرف الذي قررت المجتمعات المحافظة أن عليه أن يدفع الثمن، فلابد علي طرف أن يخنع حتي تستقر العلاقة السلطوية. تدفع الثمن من حريتها و من أنسانيتها، من كونها راشدة تمتلك زمام حياتها الي كيان تحت الوصاية حتى ولو كانت في الأربعين من عمرها، من كونها كيان قائم بذاته و ليست مجرد تابع لانسان أخر كل ما يميزه هو امتلاكه لعضو ذكري، من كونها إنسانة تمتلك كل ملكات الانتاج المهني بكافة صوره الي مجرد زوجة و أم. إن الذكر في هذة المجتمعات سلب المرأة الكثير و الكثير من حقوقها و أعطي لنفسه في المقابل حقوقا لا يستحقها بحجة الدفاع عن الفضيلة
هذة المجتمعات التي تدعي الفضيلة، هي مجتمعات تمارس ظلم منهجي و أنتهاك منظم للمرأة، فمن البداية و هي طفلة تتلى عليها التعليمات العسكرية "ما تتضحكش بصوت عالي، ما تلعبش كتير مع ولاد، ما تعليش صوتك، أتكلمي بأدب، البنت المؤدبة لازم صوتها يكون واطي" و كأن حتى الغضب و الأنفعال أمر غير مشروع
و قبل ان تصير فتاة تخضع لعملية أقل ما يقال عنها أن قذرة و وحشية لبتر جزء من جهازها الجنسي أيضا بحجة الدفاع عن الفضيلة، و بالطريقة الشنيعة تلك تتعرف المخلوقة الغلبانة على المدعوق الجنس في لقاء لا يتميز إلا بالصراخ و الدم و الصدمة النفسية التي غالبا ما ترتبط في نفسها بالجنس لاحقا
و لما تدخل المراهقة و ينضج جسدها و تظهر عليها علامات الأنوثة تبدأ معها المراقبة العسكرية المشددة، و يا سلام بقي لو ليها أخ ذكر يمارس كل عقده النفسية و يطلع كبته عليها و طبعا المجتمع سيشيد به و يأمرها أكتر بالطاعة و الخضوع
و تيجي تدخل الجامعة تتحدد و تتحجم اختياراتها و غالبا ما تُمنع من السفر لكلية في العاصمة مثلا، ما هو يعني ازاي تعيش لوحدها من غير ما يبقي في راجل يراقب سلوكها و يتحكم فيها؟
و الطامة الكبري لما تتخرج، تبدأ الأسرة فورا في البحث عن أي ذكر و تعمل جاهدة علي شنكلته علشان الجواز سترة، أو بمعني أخر الزواج هو الشكل الأجتماعي الوحيد المقبول من المجتمع للفتاة، فالحياة أصلا للرجالة و الستات أتخلقوا علشان يبغددوا و يدلعوا الرجالة و بالتالي يعني ايه بنت تقعد لسن خمسة و عشرين و لا تلاتين من غير جواز؟ و ده طبعا يدي الحق للبواب و بتاع العيش و المكوجي إنهم يسألوا في السر أو في العلن ليه لحد دلوقتي لم يتم أدخال هذة الأنثى و التي هي خطر فاضح علي المجتمع تحت وصاية ذكر؟
وبما أن المجتمع قرر أن تلعب الأنثى دور الطرف الضعيف في العلاقة السلطوية بينها و بين الذكر، لذلك فهي دائما الملومة. فلو مارست الجنس خارج الزواج تتفضح و لو امكن تتدبح، (أحصائيا عدة الاف من النساء سنويا يتم قتلهن في الوطن العربي تحت مسمي جرائم الشرف.) أما هو لو قام بنفس الفعل فله الفخر، فهو الواد المخلّص! وهكذا تتحول العلاقة بين الراجل و الست الي علاقة صياد بفريسته، و لو تم أغتصابها يبقي أكيد كانت لابسة لبس خليع و هي السبب اللي حركت غريزة الحيوان اللي أغتصبها. و حيوان هنا ليست شتيمة و أنما هي الوصف الأدق للكائن الفاقد السيطرة تماما علي غرائزه
و لما تتجوز تفقد ملكيتها لجسدها (ما هو اللي عامل مشاكل من الأول) و حتي لو أغتصبها جوزها يبقي حقه، ما هو جسدها ده أصلا ملكه، فضلا عن أنها موجودة لأشباعه جنسيا ، مش أن هما الأتنين موجودين لأشباع بعض، و بعدين هو يعمل اللي هو عايزه في السرير لأنه الزوج صاحب الحقوق المقدسة مهما كان شاذ أو غريب، وبغض النظر عن رضاها من عدمه. إنما هي لو عبرت عن أحتياجها لشئ معين منه تبقي ست عينيها مفتوحة و مش متربية و طبعا ده ممكن يخليه يشك في أخلاقها و ماضيها
و لو طلع راجل عصبي و لا بخيل و لا عنيف لازم تستحمله. مش هو راجلها؟ و لو طلبت الطلاق يطلع عينيها، و لو أتطلقت يبدأ المجتمع الشريف الطاهر في ممارسة كافة أشكال الوصم و التمييز ضدها، ازاي يعني نسيبها من غير راجل يلمها و يحمينا من شرها و فتنتها؟
وده طبعا فضلا عن التمييز في العمل و التمثيل في الحياة العامة، بمعنى عندنا كام وزيرة و لا كام عضوة في البرلمان؟ و هل ممكن تترشح واحدة ست للرئاسة؟
أه يا مجتمع فاسد يدعي الشرف و يذبح الضعيف، أه يا قلبي الموجوع علي مجتمع قدس الظلم و أله التمييز
كام ست عملت خدها مداس و عاشت طول عمرها تتضرب من جوزها سبع البرمبة علشان لو أتطلقت المجتمع هينهشها؟
كام ست سكتت و كتمت في قلبها أحساسها بالاهانة من كلب أتحرش بيها في الضلمة لأنها لو أتكلمت المجتمع هيدبحها و برضه تحت مسمي الفضيلة؟
كام ست كانت ممكن تبقي عالمة أو مخترعة و قعدت في البيت بالغصب و الضرب و مالقيتاش اللي يدافع عنها و يساندها في مجتمع ذكوري ظالم؟
كام ست كانت ليلة دخلتها عملية أغتصاب كاملة من راجل مكبوت أو مريض و اتحرمت حتى من الكلام عن وجعها لأنه عيب؟
كام ست جوزها راماها و أتجوز عليها أتنين و تلاتة و عاشت تطالبه بحقها في ربع راجل و أمعن هو في إذلالها؟
كام ست صرخت لسنين في الكنايس اللي رافضة الطلاق و طلقوها بعد ما راح شبابها أو سابوها متعلقة؟
كام ست عانت من تحرشات و إنتهاكات من مديرها و لا من صاحب المصنع اللي أستغل فقرها و حماية المجتمع له لأنه بس ذكر و مقدرتش تتكلم؟
كام ست عانت بدون رضاها من ممارسات جنسية شاذة و يمكن سادية من جوزها و اللي مفروض يكون أحن الناس عليها؟
كام ست أتقتلت لمجرد الشك في سلوكها و الجريمة أتطبخت و الراجل طلع برئ و يمكن بطل؟
في النهاية بصفتي رجل أشعر أني مدين للنساء كلهن باعتذار عما بدر من أبناء جنسي من أسوأ أستغلال لمعني و قيمة الرجولة لفرض السلطة و الهيمنة الذكورية عليهن منذ فجر التاريخ و حتى الأن حتى لو لم أشترك في ذلك أنا شخصيا

4 comments:

Anonymous said...

انا هاقول رأيى وامرى للة
اسلوبك حاد لدرجة انى اترددت اكتب تعليق
الاسرة نواة المجتمع والغرب رغم تمتعة بالحرية الا انة بيفقتقد للدفىء الاسرى والترابط الاجتماعى علشان كدة انا شايف انة من الضرورى اننا نحافظ على الترابط الاجتماعى دة لكن الكيفية هى دى اللى نتكلم فيها
معروف عن الشرق تمسكة بالدين ايا كان اسلامى او مسيحى او يهودى وانا معاك فى ان العادات والتقاليد خلتنا نتصرف بشكل غلط فى بعض الامور ونتعامل معاها على انها عادى لكن دة بردة ما يخليناش نخلط الامور ببعضها
الجنس هو الاحتياج العميق للحب..انا شايف انه العكس يعنى الحب بيدى احتياج للجنس علشان العلاقة تكمل بتلاقى الروح والجسد مع بعض مش الجنس هو اللى بيدى احتياج للحب لان فى علاقة جنسية الغرض منها المتعة الجسدية بس من غير اى روابط او احتياج للحب
موافقك فى ان المجتمعات الشرقية هى مجتمعات ذكورية ودة خلل كبير فى ثقافتنا وفى رأيى ان مكانة المرأة فى المجتمع بيعكس مدى تحضر المجتمع دة لكن بردة لو شوفت حال المرأة الامريكية وتعامل الرجل معاها هتصعب عليك وانا هنا باتكلم عن الامريكية تحديدا مش الاوروبية
علشان ما اطولش عليك فانا شايف ان الحرية بتبدأ من فوق مش من تحت قصدى من العقل يعنى.. العقل لو اتحرر واتنور كل حاجة بعد كدة هتمشى بطبيعتها الصح

Anonymous said...

As a lady went through an experience of divorce and meet with many others who suffer from male abuse in many sides, I'm happy to read an article written by some Egyptian expressing all we need to cry for.It gives me a great relief and hope that the males who recgonize and understand such unfairness in woman treatment all along her life to say this loudly and begin to clean up their minds from the ideas they inherited from the society. Women should be aware of their rights and defend them and open minded men should support the idea of being same in privilges and duties, of being human being but different only in sex;male and female, which makes the harmony in this life.

Hypatia said...

Dear Maged
Chapeau :)

****

الحقيقة يا ماجد احنا أتعلمنا اننا نكره اجسادنا لانها عارنا
و نكره جسد الآخر لانه حاجة "تقرف" اتربينا على كده و اى بنت من جيلي تخرج من الشرنقة و تفكر انها تحب جسدها او جسد الاخر تبقي عاهرة و فاسدة و فاسقة و مجنونه و مخها ضارب و اخلاقها بايظه
عشان كدة الاعتذار الاول لازم يكون من الافاضل اولياء امرنا و بعدين اعتذار تاني من الافاضل بتوع التربية و التعليم و بعدين نبقي نشوف موضوع اعتذار الرجاله ده

Anonymous said...

متشكر جدا علي تعليقات حضراتكم و أرحب بأي تعليقات أخري و لمزيد من التواصل ده عنوان بروفايلي علي الفيس بوك
http://www.facebook.com/home.php#/group.php?gid=131012565721

ماجد ماهر
تحياتي