الدين السياسى

10.2.09 |


بقلم حنان الشريف


أرى ويرى معى صاحب كل بصر وبصيرة ما يحدث حولنا اليوم فى العالم العربى، والمقصود هنا بكلماتى هو تسيس الدين. فكلٍ أصبح يلعب على وتر "هذا ما أنزله الله" حتى وان كان لم ينزل الله به من سلطان فى اى كتاب، بل إن اغلب ما يقال برئ منه الله. فجميع ما يلقى على مسامع البشر ما هو الا شعارات تلعب بمشاعر الآخرين، ويالعجب العجاب، فالبعض اكتشف فجأة أنه كان بعيداً عن الله كل البعد وأن انسياقه خلف هذه الشعارات حتما سيدخله الجنة من اوسع ابوابها

اصبح الدين هو الكلمة السحرية لكل صاحب بضاعة يريد رواجها. أنظر حولى نظرة سريعة واذهب إلى تاريخ اليوم لأجد أننى أحيا فى العصر الحديث بل فى الألفية الثالثة ولست ما قبل التاريخ، مع كامل احترامى وتقديرى لاجدادنا الذين برغم ظروف الحياة القاسية التى كانوا يحيونها فى تلك الحقبة الزمنية إلا انهم دللوا لنا على كيفية استخدام العقل، بدءاً من العصر الحجرى مروراً بعصر المعادن وصولاً إلى العصر الحديث، ومن المفترض أنه مع تقدم الزمان والتطور التكنولوجى الذى يؤهل الإنسان لمزيد من الإبتكار والإختراع ليفيد نفسه ويفيد مجتمعه، إلا أن الواضح اليوم هوعكس ذلك تماما! فكلما تطور الزمان كلما وجدنا حولنا من يقف مكانه متجمدأ، وليته يملك من مقومات المعرفة ابعد من تحت قدميه! وليته يعلم قدر الوهن الذى يعانيه ويتعلم من غيره أو حتى يصمت، كلا، إنه يريد ان تقف عجلة التطور وآلة الزمن ويلخصها فى ثرثرة لا تثمن ولا تغنى من جوع. وإن أخطأت وفكرت فى التحاور معه ينعتك بالكفر، فإما تصمت وإما تصب عليك اللعنات والويلات! حقاً هؤلاء يستحقون الشفقه والرثاء. فكل ما يعانون منه هو نتيجة للخطاب الدينى الذى يلقى على مسامعهم ليل نهار، وهم لا يدرون الغرض وماذا يريد منهم من يصر على اختزال الدين فى المظهر والبعد عن الجوهر وتغيير التعريف الصحيح للدين، وهو المعاملة.

الفاجعة أن هؤلاء المغيبون لا يدركون حجم الكارثة التى سيحياها المجمتع إن هو انصاع خلفهم. حيث المثقفون كفرة، والفنانون فجرة، والمرأة عورة، والحرية ذنب لابد له من عقاب، بينما لا غضاضة فى مأجورين واصحاب مصالح يروجون لمثل هذا الفكر حتى تتحقق مآربهم ومطامعهم الشخصية! وكل يوم تتزايد فجاجة الخطاب الدينى وتتزايد الشعارات الرنانة واللعب على مشاعر الطبقة الدنيا مستمر، فلم يعد هناك مكان بيننا لكلمة شورى وتلاشت الأخلاق وانتفى الذوق العام.

ليس العيب فى الدين وإنما العيب فى فظاعة الخطاب الدينى الذى يلقى على مسامعنا، وبنظرة سريعة على بعض المجتمعات الإسلامية نجد أن المفهوم السائد هو أن المرأة العورة صوتها حرام وخروجها من المنزل دون محرم حرام وقيادتها السيارة ذنب لا يغفر الا بإراقة دمها، وعن المعاملات فمن حق الكفيل ان يأكل مال العامل كيفما يشاء ومتى شاء، ولا يهم "اعطوا الأجير حقه قبل ان يجف عرقه"! لن اذهب بعيدا، وساعود إلى المشتركة معنا فى الحدود، فلسطين، تلك الكلمة التى تلاشت حروفها لتتمثل فى غزة وحماس! فمن حرب داخلية الى مجزرة صهيونية لا يهم الشعب ولا تهم الأرواح، الأهم هو الحفاظ على السلطة! وسأعود إلى داخل الحدود حتى لا اتناسى بالطبع "طز فى مصر وشعبها" والتى رددها مرشد مرتدى عباءة الدين السياسى، ولا ادرى لما كل هذا اللهاث خلف حكم بلد لا تهم ولا يهم شعبها؟ فرفقاً بالعقول! فليس الجميع بمستمع الى تلك الخطابات ولا هو مصدق لتلك الشعارات مهما على صوتها.

وإن كان لكل مرحلة شعار يلتف حوله مؤيديه ويردده معتنقيه، فأنا شعارى الدائم والذى لم ولن يتغير.. "الانسان هو الحل

2 comments:

Anonymous said...

علي ضوء الموضوع اللي بتتكلم فيه، انا سعات بشوف ان فكرة تسيس الدين او اقحام الدين وتوظيفة عمال علي بطال هو نتاج طبيعي لفقدان المصداقية في اي مشاركة سياسية او عملية تغيير او اصلاح او حتي فرص تطوع او اي حاجة اجتماعية الانسان ممكن يشارك فيها...يتبقي في الاخر الدين املا في مكاسب او طمعا في وضع احسن فيما بعد الموت، زائد ان رجال الدين اقدروا يحشدوا الناس كويس حوليهم لانهم بيسمعوا الناس اللي هما عايزينه..والحاجة الوحيدة اللي الناس واثقة فيها هي الدين! عشان كده بيبقي في حالة من المغالاة الدينية وسلوكيات اقرب للتطرف

tarek alghnam said...

الاستاذة حنان
انا لست من مع الذى لايعرف من دينه غير اللحيه وتقصير الجلباب ولا يعرف من القرأن الا ايه الجهاد ولا يعرف من ااديث الرسول الاحديث واحد وهو تغير المنكر باليد
ولست مع من يحتكر الدين فالاسلام ليس فيه احتكار
وليس مع من يتاجر بالدين
ولكن فرق كبير جدا بين الاسلام والمسلمين فأوامر الاسلام ونواهيه يجب ان تنفذ ونؤمن بها والله فى اغلب ايات المصحف يأمرنا بأن نستخدم عقولنا ونعمل ونبدع ويؤمرنا بأن الدين ليس عبادة فقط بل الدين هو المعامله
ونساء المسلمين الاوائل كان لهم دورهم فى المعارك وفى العمل جنبا الى جنب الرجل
ياسيدتى انا مسلم وموحد بالله والمسلم الحق لايكفر احد وهناك اشكال كبير فى الحوار الدينى مثله مثل جميع مشاكل العرب والمسلمين
تحياتى لحضرتك