هو رجلٌ مصريٌ نبيل

2.5.08 |


بقلم إيجي أناتوميست

سلامة موسى هو اختصارا رجل أفنى حياته يقرأ ويفكر ويتأمل ثم ينقل خلاصة ما فهمه لأبناء شعبه من المصريين.

هو اختصارا رجل ساءته أحوالنا المتدهورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فوهب نفسه لأن يدعو لتغيير هذه الأحوال واصفا الطريق والدواء

هو اختصارا رجل أحزنه كوننا خاضعين للاحتلال (ولد ونشأ موسى تحت الاحتلال الانجليزي) وأفجعه كوننا تابعين للقوى العظمى تقرر مصائرنا وأدهشته استكانتا لهذه الأوضاع بل وهروبنا للماضي لنهرب من مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.

هو اختصارا رجل علم أننا لن تقوم لنا قائمة ولن نكون أحرارا كرماء إلا عندما نتحرر من الجهل والتخلف وسيطرة الخرافات على أذهاننا.

هو اختصارا رجل أيقن أن العلم الحديث والتكنولوجيا والثقافة والفكر الحر ليسوا جميعا منتجات غربية وإنما هي منتجات إنسانية أولا وأخيرا. بقدر ما كان تقدم المسلمين العلمي في العصور الوسطى منتجا إنسانيا أيضا استفادت منه الحضارة البشرية بأسرها.

هو اختصارا رجل قرأ كما لم يقرأ أحد من قبله. تعلم كما لم يتعلم أحد من قبله رغم عدم حصوله على أية شهادات أكاديمية سابقا بذلك شهرة العقاد الذي لم يتعلم أكاديميا أيضا. هو رجل لم تكن له غاية أو أيديولوجية سوى حب الوطن ووجه الحقيقة.

هو رجل آمن في قدرة مصر وأبناءها على خلق حضارة جديدة أعظم من الفرعونية التي شيدها أجدادنا. هو رجل اعتاد أن يصدق في "العبقرية المصرية ولكن دون أن ينزلق في فخاخ الشوفينية والتعصب القومي.

هو رجل عرف يقينا أن لا صلاح لحال بلدنا إلا بعنصري الأمة في مساواة وتناغم. وعنصري الأمة ليس المقصود بهما المسلمين والمسيحيين. بل المقصود بهما الذكر والأنثى أو الرجل والمرأة.

هو رجل دعا دعاء حارا إلى تثقيف المرأة وترفيع مستواها الفكري والثقافي حتى ينصلح حال المجتمع بأسره وتخرج مصر من بوتقة التخلف. دعا إلى إشراكها في التنمية كطرف كامل العضوية وليس انتسابا وتفضلا.

هو رجل آمن بسماحة جميع الأديان وانفتاحها وكتب عن الدور التقدمي المؤثر الذي قامت به الأديان في ترقية شعور الإنسان وإعداده لمواجهة الموت وما بعده.

هو رجل كتب عشرات الكتب والمقالات وعلم ونور عقول مئات المثقفين والطلاب.

هو رائد الكتابة السهلة المباشرة الواضحة العميقة في عشرات المواضيع التي يحتاج التبحر في إحداها لعمر كامل. فكيف أحاط بها جميعا ذلك الموسوعي المعرفة؟ كَتَبَ في علم النفس، السياسة، الاقتصاد، التاريخ، الأحياء، الأدب، وغيرهم كثير.

إقرأ ماذا يقول سلامة عن شروط الرجل المثقف في كتابه المذهل "محاولات". يقول: [.. شرطان للمثقف لا بد منهما. الأول: أن تتصل ثقافته بالمجتمع بحيث يربط تفكيره كله واهتمامه كله بما ينفع هذا المجتمع ويرقى بأفراده. والشرط الثاني: أن يطلب الشمول والعموم لا التخصص. وليس في هذا إنكار لقيمة التخصص الذي يحتاج إليه عصرنا. ولكن يجب على المتخصص ألا يكون دارسا فقط وإنما يكون مثقفا إذا خرج من تخصصه المحدود إلى الشمول والعموم............... والمثقفون قليلون في كل عصر، لأن الذين يستطيعون استغلال العمر القصير كي يصلوا إلى النظرة الشاملة قليلون.]

كتب موسى ما يزيد عن الخمسين كتابا من أهمهم: أحلام الفلاسفة، حرية الفكر، أسرار النفس، نظرية التطور، ما هي النهضة، مصر أصل الحضارة، الشخصية الناجعة، حرية العقل في مصر، التثقيف الذاتي، عقلي وعقلك، تربية سلامة موسى، هؤلاء علموني، الإنسان قمة التطور، وغيرهم.

إقرأ سلامة موسى – على ضمانتي – لتصبح شخصا آخر: أفضل، أشرف، أقوى، أكثر فهما وعقلا وعلما و نبلا.

سلامة موسى اختصارا هو رجل مصري نبيل