اعطنى صندوقي.. اطلق يدي

5.3.08 |


بقلم دروبس فروم ذي أوشن


اكيد مش انا بس اللى كل يوم بتخبط فى بياع صناديق ، يناديني من صندوقه المتذوق ويطلع من بنطلونه صندوق تاني شبه بتاعه بالظبط (اصل بنطلونه عامل زى بتاع الجنى فى كارتون علاء الدين) ويفتحهولي ويقولي اتفضلي ، ده اللى هيريحك .. شرح وبرح ومتخافيش من الخنقة, ده فيه نظام تكييف والله ..حتى بصي ده كل الناس مستريحة فيه .. ويشاورلي على قبيلة صناديق مستنسخة حواليه .. ويقعد يقنعني ان الصندوق ده هو بالظبط كل اللى انا محتاجاه عشان ابقى انسانة كويسة.. (نظام الصندوق هو الحل .. مرشح مستقل –رمز البتنجانة –يامواطن صوتك ميهمنيش ، بس هتخش النار لو ماصوتليش ) .. كالعادة بقوله شكرا انا عندي فوبيا من الاماكن المغلقة .. واجري على طول عشان هو والقبيلة بيطلعوا يجروا ورايا دايما بالطماطم والبيض .. تخلص من واحد تخبط فى ستين واحد تاني ، معاهم صناديق مختلفة فى الشكل والحجم ، لكنهم متشابهين في انهم لازم يطلعوا يجروا وراك في الاخر .. سوق الصناديق الفكرية عندنا من كام سنة كده شغال الله ينور .. مشكلته في قوانينه العجيبة ، يعني مثلا بمجرد مابتشترى بتتحول اتوماتيكي لبياع ، وكمان دايما بيبقى مع كل صندوق ضمان مش بس مدى الحياة لأ ده المفروض ضمان دنيا و آخرة! ودايما الصندوق المباع لايرد ولا يستبدل ، ولو فكرت في كده بيبقى الثمن غالي اوي (ممكن يكون راسك) ! ده غير ان اختلاف الصناديق مش بيعمل تنافس لأ بيعمل عداوة مطلقة .. رغم كل ده.. كله بقى يشتري !


ثقافة الصناديق سهل اوي انها تسود من غير ما حتى ناخد بالنا ان ده بيحصل اساسا ، "ميراث الغابة" جوانا بيقول اننا هنبقى كلنا اقويا لو كل واحد مننا فكر بنفس الطريقة ، واتكلم نفس الكلام ، ومشي في نفس الاتجاه ، حتى لبس نفس اللبس ! .. اصل "القطيع" فكرة كويسة استخدمها اصدقاءنا الحيوانات (من اول عجول البحر لحد الحمير المخططة ) عشان يحموا نفسهم ونفعت ! ، فتقريبا بقايا الجزء الحيواني فى عقول البشر لسه بيخليهم يحسوا بالامان بالطريقة دى بردو :) ، فلازم ولابد وحتما نمشي كلنا بربطة المعلم ورا نفس الراعي ، ونخاف من ذئب (اى ذئب بقى .. سواء موجود او لأ).. ايديولوجيات كتير بتشتغل بنفس الفكرة السحرية المسروقة من المملكة الحيوانية ، تنصّب راعي و تحدد شوية ذئاب ويتوكلوا على الله ..على فين العزم يارجالة ؟؟ احنا كده طالعين ع الجنة بالصلاتو ع النبى .. تركب ولا تولع ؟ ماعلينا ،المشكلة الحقيقية في الثقافة دي انها بتخلى الافراد مجرد "عناصر متماثلة " بتكون القطيع ودي كل وظيفتهم في الحياة ، دورك انك تبقى معانا من اجل مصلحة القطيع العليا ، اصلك لو سرحت وكل واحد سرح هيفضل فيه قطيع؟ لأ طبعا .. يبقى ازاي تسرح بقى !! انت كده بتخون رسالتك السامية اللى هي طبعا تكوين القطيع الاعظم .. مشكلة المتشددين دينيا انهم فاكرين الدين عبارة عن ماكنة (زي اللي في اعلان ميرندا) اول ماتدخلها تسيح جوا وتتصب فى قالب واحد فتتحول لحاجة مطابقة لموصفات فكرهم ساعتها بس يبقى الف الف مبروك يافندم ، اخدت الختم الالهي انك مسلم كويس ، لكن لو انا طلعت مش شبه القالب ده معناه اني عنصر مشوه ومرفوض ولازم يا إما يظبطونى يا إما يرمونى .. اخوانا السلفيين مثلا يبيحسسوك انهم عايزين يخلوا الاسلام عبارة عن "بلوك بشرى" كبيييير (بس ناحية للرجال وناحية للنساء طبعا) ، والطريقة الوحيدة اللي تخلي البلوك ده يتماسك ان كل وحداته تبقى زي بعضها ومتنساش اليونيفورم ، لو بقيت مختلف تبقى مشكلة !انت مش لابس زينا ليه ؟ مش بتقول كلامنا ليه ؟؟ يالهوى انت عايز تبوظ البلوك بتاعنا ولا إيه ؟؟ اقيموا عليه الحد !

التوجهات "الشمولية" دي على رأي بولين "بتضع العقول في حالة عبودية, وتعيقها في منبعها الحي عن كل تمرد , وتلغى فيها حتى إمكانية تبلور النية في ذلك" ، المصيبة انك ممكن تلاقي واحد ميبقاش عارف انه معمول فيه كده ، وفرحان بنفسه وفاكر انه كده مجاهد وبيقيم شرع الله فى مجرة درب التبانة والمجرات المجاورة, اصلهم منحوه "الختم الالهى" مع انه في الحقيقة مختوم على رقبته من ورا .. مجتمعنا اتحكم كتير بأنظمة شمولية على مر التاريخ, بس الشمولية دي بتبقى جايه له من برة او من فوق ، من النظام الحاكم وانصاره, فمش بيتقبلها وبمتعض من النظام ، لكن دلوقتى التوجهات دي جاية من وسطنا متذوقة وبتلمع .. وبتقول بكل فخر "قادمون"

لما بلاقى ناس وسطنا ومننا وحاطة "سيوف" فى شعارهم ، مع ان الكفار خلصوا من زمان .. على طول بفتكر الشمولية

لما بلاقى واحد مثلا بيقولك الاسلام هو الحل .. "ايه يامواطن انت عندك اعتراض على الاسلام؟؟ عندك اعتراض على الحل؟؟ .. لا طبعا .. يبقى تتكتم خالص واوعى تفتح بقك" على طول بفتكر الشمولية

لما بلاقى واحد بيعيشنى في الاوهام ويقنعنى ان حل كل مشاكل الكون في جيبه ، ويقنعني بإسطورة دولتهم اللي هيبقى فيها عدالة عمر بن الخطاب ، واقتصاد عمر بن عبد العزيز ، وهيبة هارون الرشيد .. على طول بفتكر الشمولية

لما بلاقى الفرد بيتلغي عشان الجماعة المقدسة ، وتبقى الجماعات هي اللي المفروض تخلق الفرد وتشكله ، مش الافراد هما اللى بيكونوا الجماعات .. ويبقى الهدف انهم يشوهوا في الفرد هيكيلية "الانسان" المستقل بطبعه ، المختلف بطبعه ، الناقد بطبعه .. ويحولوه لمسخ اعمى لازم يكره حد ولازم يخاف من حاجة .. ومفيش اسهل من السيطرة على ناس ماليها الخوف والكراهية ... ساعتها على طول بفتكر الشمولية

لما بلاقى واحد بيكلمنى عن خطة عالمية عشان ايديولوجيته تسود العالم ، ياجماعة ده طبعا عشان مصلحة العالم الغبي اللى مش عارف فين مصلحته ، ماهما الستة مليار بنى ادم لو كانوا عارفين مصلحتهم وشايفين الخير فين كانوا اكيد اكيد مشيوا وراه على طول ، وبما انهم مش فاهمين حاجة فهو اوتوماتيكي بقى له الوصاية عليهم ، ساعتها على طول بفتكر ..كارتون بينكى وبرين


الفكر الشمولي المتذوق بيبقى عامل زى الخلايا السرطانية في مصر ،بينتشر فيها واحنا مش حاسين ، لو اكتشفناه بدرى وقولنا لأ ساعتها يبقى فيه حل ... هو استئصاله .. لكن لو احنا فضلنا نايمين وانهكنا نفسنا فى رفض شمولية السلطة الحاكمة الواضحة ادامنا وسايبين دماغنا للشمولية المتذوقة اللى شغالة من ورانا ، يبقى للأسف اتأخرنا و الاستئصال مش هينفع وساعتها مش هتموت الخلايا السرطانية دي غير بموتنا !

بيصعب عليا نفسنا اوي واحنا مطحونين الطحنة السودا دي ، بين حكومة ابدية فردية مسيطرة على التعليم والاعلام و عايشة بدعم رجال المخابرات ولصوص القروض بدل ماتعيش بدعم الشعب .. وبين "الاسلام هو الحل" المسيطر على التيار المضاد ، بس احنا مش مضطرين نختار بين حكم المعتقلات وحكم السيوف ، مش مضطرين نختار بين اننا نسمى اللي يخالفنا "المرتد عن الدين" ولا "المعارض للنظام الحاكم" .. محتاجين نخلق خيار تالت والطريق الوحيد هو الوعي ، لما يبقى عندي وعي حقيقى مش شكلي ولا شعارات اني انسانة والاخر انسان بردو (يامحاسن الصدف!) ، ويبقى عندي وعي ان حرية الافراد هي الطريق الوحيد لوطن حر ،ساعتها بس مش هبقى مضطرة اشتري اي صندوق !!