الأبواب الخلفية

9.6.08 |


بقلم على باب الله

أعدت الدكتورة منى ذو الفقار بحثاً عن التمييز و قدمته للمجلس القومي للمرأة و من بين ما جاء فيه

أن عقوبة الزنى تختلف في حالة الرجل عنها في حالة المرأة .. ففي حين تعاقب المادة ( 274 ) من قانون العقوبات الزانية بالحبس لمدة لا تزيد عن سنتين , تعاقب المادة ( 277 ) الزاني بالحبس لمدة لا تزيد عن ستة أشهر !!

كما تختلف أركان الجريمة أيضاً , ففي حين لا يشترط لنسبة جريمة الزنى إلي المرأة سوي إتيان الجريمة نفسها فقط بغض النظر عن مكان وقوعها , فإن القانون يقصر شروط نسبتها إلي الرجل علي وقوع جريمة الزنى في منزل الزوجية
بالإضافة إلي ذلك , تنص المادة ( 237 ) علي إنه إذا فاجأ الرجل زوجته في حالة زنى و قتلها في الحال تعتبر هذه جُنحة و تعاقب بالحبس فقط , أي لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات .. و ذلك تعاطفاً مع مصابه و صدمته و مراعاة لشعوره .. و هذا إستثناء للمادة ( 234 ) أما إذا فعلت الزوجة نفس الشيء فضبطت زوجها متلبساً بخيانتها و قتلته , فتعتبر جناية عقوبتها إما السجن المؤبد أو المشدد أي السجن لمدة لا تتجاوز 15 عاماً .. وفقاً لأحكام المادة ( 234 ) .. دون إستثناءات هذه المرة .
لقد أجازت المادة ( 274) للزوج وقف تنفيذ الحكم النهائي الصادر بإدانة زوجته الزانية , بينما لم يسمح القانون للزوجة بهذا الحق , في حالة إدانة زوجها بجريمة الزنى بموجب حكم نهائي .
و أخيراً فإن شهادة المرأة أمام القضاء تعادل فقط نصف شهادة الرجل و هذا شيء غير مقبول و غير واقعي و لا يتماشي مع ما تطلقة الحكومة من وعود و خطط و مشاريع تهدف بها لتمكين المرأة و مساواتها مع الرجل في جميع الحقوق و الواجبات .
__________________________________

حرية العقيدة مكفولة للجميع , عبارة تلوكها الألسن في مناسبات عديدة و في الحقيقة فإن الدستور المصري نفسه يقر حرية العقيدة و أحكام المحكمة الدستورية العليا كلها تصب في هذا الإتجاه , و لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقولون .. فمثلاً إشهار الإسلام هو الإجراء الوحيد المسموح به من قبل مختلف مكاتب الشهر العقاري , و لا تُقبل الحالات العكسية مطلقاً .

فبعد التعديل الأول للدستور في عصر الرئيس أنور السادات عام 1971 و إضافة المادة الثانية و إعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع أصدرت مصلحة الشهر العقاري المنشور رقم 5 لسنة 1971 مبينة إنه حيث أن الردة عن الإسلام هي إجراء لا تقره الشريعة الإسلامية , فلا يجوز إذاً لمكاتب الشهر العقاري أن تصدر هذه الشهادات , بإعتبار أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام في مسائل الأحوال الشخصية . و من ثم لا يجوز إصدار شهادات غير جائزة شرعاً , و هكذا ألغت قرارات الشهر العقاري ما قد سبق و أقره الدستور , و علي المتضرر أن يبل الدستور و يشرب ميته .

هذا المنشور و معه الأحكام القضائية المعوقة للحريات الدينية في مصر هو الذي يقف ضد حرية العقيدة و ضد المادة 46 من الدستور و ضد تفسير المحكمة الدستورية العليا لحرية العقيدة , فإن حرية الإنسان في أختيار عقيدته التي يؤمن بها .. بدون تهديد أو إجبار من أي نوع هو حق أصيل للإنسان أعترفت به جميع العهود و المواثيق الدولية و هو ركيزة أساسية من ركائز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
------

إن كنا ننادي بتمكين المرأة المصرية و منحها دوراً أكثر فاعلية في المجتمع المصري لأنها ظلت لسنين طويلة طاقة كامنة لا تجد من يستغلها بالشكل الأمثل إلا في حدود ضيقة و وفق معايير مقننة محدودة
إن كنا ننادي بالمساواة الحقيقية بين الرجل و المرأة .. و التطبيق العملي و الحقيقي لمبدأ المواطنة حيث تتاح للجميع فرص متساوية للنجاح و التقدم تكفلها لهم الدولة و القانون بنصوص واضحة صريحة ليس لها أبواب خلفية للهرب
إن كنا ننادي بتفعيل مبدأ المواطنة حيث يكون جميع المصريين سواء أمام القانون بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الديانة أو العرق, لهم جميعاً نفس القدر من الحقوق و عليهم القدر ذاته من الواجبات
إن نادينا بهذا دون أن نلتفت لإصلاح القانون نفسه و تنقيته من الأبواب الخلفية التي تعود بنا مرة أخري إلي المربع رقم صفر و من شوائب القوانين التي تقف عائقاُ بيننا و بين مهمة الإصلاح التي لطالما حلمنا بها للنهوض بمصر , تصبح جهودنا و كلماتنا تلك مجرد طق حنك و جعجعة فارغة لا أكثر

-----