العلمانية هي الحل و لكن ما هي الوسيلة؟

5.5.08 |


بقلم عم مينا

كتبت في مقالة قبل كده ان العلمانية هي الحل و قلت بعض الأسباب اللي بسببها بشوف انه لا يوجد سبيل لتقدم أي دولة إلا بتطبيق نظام علماني ديمقراطي, بمعنى ان يكون هذا النظام مبني على تعددية حزبية حقيقية تهدف إلى تداول فعلي للسلطة و ألا يتم تطبيقه بنائاً على شريعة دينية محددة, بل يجب أن يستند على قوانين مدنية صريحة

في الحقيقة كتير من المثقفين مؤمنين بإن العلمانية هي الحل و لكنهم منقسمين على الوسيلة لتحقيقها.

للأسف معظم المثقفين في هذا البلد جتلهم العدوة من أغلبية الشعب في حبهم للكسل.. فبدل ما يبحثوا عن حل لنهضة هذه الأمة قرروا ان الحل هو في انتظار المهدي المنتظر أو البطل الخارق اللي هيجي و هيغير كل حاجة و هتأتي على ايده كل الحلول. بمعني تاني, هم في انتظار أتاتورك آخر يقوم بتغيير شكل البلد زي ما حصل في تركيا اللي انتقلت على يد أتاتورك من الإمبراطورية العثمانية إلى جمهورية تركيا العلمانية. ولكن هل هو ده الحل فعلاَ؟

لو شفنا اللي بيحصل في تركيا انهاردة هنلاقي ان علمانيتهم في خطر و ده سببه ان الشعب التركي قد انتخب حكومة لها مرجعية دينية, واللي بدورها رشحت رئيس جمهورية يحمل نفس الفكر. صحيح هؤلاء وعدوا بالحفاظ علي الهوية العلمانية للدولة و لكن السؤال هو: لماذا ينتخب الأتراك أشخاص لديهم مرجعية دينية في الوقت اللي همَا شايفين فيه النقلة الحضارية اللي انتقلت لها بلدهم في ظل النظام العلماني؟ السبب الرئيسي لذلك هو ان الأتراك لم يختاروا العلمانية و لكن العلمانية هي اللي اختارتهم.. فهم لم يسعوا اليها و لكنها جاتلهم علي يد أتاتورك دون أن يبذلوا أي مجهود.

اذا كنا نريد نظام علماني حقيقي في مصر، نظام قوي يدوم طويلاً و لا يتم الانقلاب عليه من قبل الشعب في أول فرصة ممكنة، فيجب أن يكون الشعب هو من اختار هذا النظام, و علشان يحصل ده مفيش غير وسيلة واحدة: التعليم ثم التعليم ثم التعليم!!

التعليم هو الوسيلة للنهوض بهذه الأمة، فأمة بلا علم هي أمة بلا مستقبل. فكيف تطلب من شعب أن يتفهم معنى و مميزات الدولة العلمانية اذا كان نص هذا الشعب جاهل و أغلبية النص الآخر يحصل على ما يسمى بالتعليم الحكومي أو التعليم المجاني الي بيخرجلنا كل سنة أشخاص اتعودوا على الحفظ و ليس على التفكير. فهموهم في المدرسة ان فيه اجابة واحدة صح لكل سؤال و لو غيرت كلمة واحدة في الإجابة دي تبقي غلط و انه مش من حق الطالب انه يحاول أنه يبتكر. ده طبعاً غير المناهج اللي بتحض على كراهية الآخر و حصص الدين اللي بتقسم الطلاب الي قسمين من وهمَ عندهم ٧ سنين.. يبقى العيل لسة مش فاهم حاجة في الدنيا و نبتدي نقوله ان المسلمين حاجة و المسيحيين حاجة تانية.

ازاي منتظرين من واحد مر بكل ده في الوقت الرئيسي لنمو عقله و شخصيته أنه يتقبل العلمانية؟
ازاي يرفض الدولة الدينية صاحبة الرأي الأوحد في كل شيء و هو اتعود من صغره ان كل سؤال له اجابة واحدة؟

ازاي يؤمن بمبادئ العلمانية اللي بتركز على ان كل المواطنين سواسية أمام الدولة بينما هو اتربى على تقسيم التلاميذ على الفصول على حسب ديانتهم؟

اذا كنتم تريدون تطوير هذا البلد و توجيهه نحوالعلمانية فابدأوا بتطوير التعليم, فليس هناك وسيلة اخرى