المواطن: مصري

14.12.08 |


بقلم وائل نوارة

يتناول هذا المقال مفاهيم الوطن، والمواطنة، والانتماء للوطن، باعتبارها مفاهيم ترتبط بتحقيق منافع مادية ومعنوية للمواطن، الذي يقبل ضمنياً الانتماء للوطن، باعتبار أن هذا الانتماء يحقق له هذه المنافع، ويتيح له حقوقاً تتيح له الحياة بصورة أفضل مما كان الحال في حالة غيابها، وأنه في مقابل هذه المنافع والحقوق، يأتي انتماء المواطن للوطن، ويأتي استعداده للدفاع عن هذا الوطن وعن النظام العام الذي ينخرط فيه المواطنون، من أجل رفعة هذا الوطن، وبالتالي رفعة المواطنين الذين ينتمون له. وينظر المقال "للانتماء" باعتباره "الحبل" أو "الخيط" الذي ينتظم المواطنون في عقده حول مفهوم الوطن، ليربطهم ببعضهم البعض ويربطهم جميعاً بذلك الوطن

الوطن
يرتبط مفهوم الوطن برقعة جغرافية معينة، يسكنها شعـب بصورة مستقرة لفترة طويلة، تشكلت معها هويته الحضارية وانتماؤه لهذا الوطن، وكون فيها دولته القومية التي تجسد مفهوم هذا الوطن. فقد بدأ البشر منذ عشرات القرون، ينتظمون في مجتمعات تعاونية حضارية، بدأت كقرى صغيرة، تطورت لتصبح مدناً ثم دولاً اكتسبت تدريجياً الشكل الذي نجده اليوم. فقد نشأت الدول كحل إداري وتشريعي تطور بالاتفاق الضمني بين أفراد المجتمع ومجموعات المصالح المختلفة، وجاءت القوانين لتنظم العلاقة بين أفراد المجتمع ومجموعاته. ولكي تستقيم الأمور، كان على أفراد المجتمع أن يتنازلوا عن جزء من حريتهم المطلقة في العمل والحركة، ويسددوا جزءاً من عوائد أنشطتهم الاقتصادية للدولة التي ينتمون إليها، ويشاركون في بناء المجتمع كمواطنين فيه، من أجل أن يحصلوا على متطلبات أساسية، لا يمكن لأي منهم أن يوفرها لنفسه أو لمجموعته بصورة منفردة. ومن هذه المتطلبات الجماعية، الأمن، والعدالة، والمرافق والخدمات العامة، من مياه وكهرباء وطرق ومواصلات ونظم ري، وتعليم وصحة، ... إلخ. ويرتبط مفهوم الوطن عادة بمفهوم الدولة، رغم أن بعض الجماعات قد تنظر لرقعة جغرافية ما على أنها الوطن الموعود أو القومي أو التاريخي لها، رغم عدم وجود دولة على تلك الرقعة، تجسد مفهوم هذا الوطن.

المواطنة
المواطنة، ما هي إلا انتماء مواطن لوطن، يتمتع معه المواطن بوضع قانوني وسياسي ومزايا والتزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالمواطنة تعبر عن انتماء الأفراد للوطن بما يتضمنه ذلك من حقوق للأفراد، وواجبات ومسؤوليات تقع عليهم تجاه الوطن الذي ينتمون له.

وتشمل المواطنة الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الوطن الذي يحتضنهم، بما يضمن تمتع جميع المواطنين بالمساواة دون أن يقع على أي منهم أي نوع من أنواع التمييز القائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.

العلاقة بين الوطن والمواطن
فالعلاقة بين الوطن والمواطن إذن تظهر على أكثر من محور:

قانوني: فهذه العلاقة لها شق قانوني يشبه التعاقد الضمني، يشمل الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي تقع عليه، ولعل الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تجسد بنود هذا العقد الاجتماعي
سياسي: أن يشارك المواطن في صنع القرار المجتمعي
ثقافي: هو مخزون تراكمي من القيم المشتركة والتراث التاريخي والحضاري، تتجسد في مجموعة ضخمة ومتشابكة من العادات والتقاليد والسلوكيات ونظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالقيم المشتركة هي التي تشكل الضمير والعقل الجمعي للمواطنين، وهي التي تحدد بنيان وطبيعة نظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، التي ترسم طريقة الحياة أو "كتالوج الحياة" على أرض الوطن
اقتصادي: أن يستطيع الفرد نتيجة لهذا الانتماء أن يحصل على احتياجاته الأساسية، من خلال انخراطه في المنظومة الاقتصادية لهذا الوطن وتفاعله معها، وهذا هو مفهوم المواطنة الاقتصادية، ويرمز له البعض بالعدالة الاجتماعية
اجتماعي: أن يتمتع الفرد بالعلاقات الاجتماعية التي تربطه بهذا الوطن، من خلال علاقات قرابة وصداقة وزمالة وجيرة لمواطنين آخرين
معنوي أو نفسي: ونتيجة لكل ما سبق، يتولد لدى المواطن شعور بالانتماء للوطن، وهو شعور نفسي لدى الفرد بعضوية كيان اعتباري هو الوطن، والتضامن مع المواطنين الآخرين بناء على الاشتراك في التاريخ والمصير.

فالعوامل أو الروابط التي تتحكم في الانتماء لوطن لها شقان على الأقل، أحدهما يقع في الماضي بتراثه وذكرياته، والآخر يكمن في الموافقة الجماعية على العيش المشترك في الحاضر والمستقبل. ويمكن أن نقول أن الشق الأول الذي يقع في الماضي هو شق قدري لا يملك المواطن أن يتحكم فيه، ولكن الشق الثاني هو شق اختياري، لأننا قد نجد بعض المواطنين وقد عجزوا عن الحياة في الوطن، أو عجزت الحياة في ذلك الوطن عن أن توفر لهم احتياجاتهم الحياتية الأساسية، فيلجأون للانتساب لوطن آخر بصورة اختيارية عقلانية و – أو عاطفية.

ويمكننا أن نتصور هذه العوامل أو الروابط، مثل الخيوط الدقيقة المغزولة معاً، والتي تتجمع لتكون حبل الانتماء. وعندما تتآكل تلك الخيوط واحداً بعد الآخر، يهترئ حبل الانتماء، حتى ينقطع أو يكاد.

فعندما يفقد المواطن حقوقه القانونية المكفولة له بموجب الدستور، أو تفتئت الدولة أو من يمثلها من موظفي العموم أو ضباط الشرطة على حريته أو كرامته كمواطن، أو يفتقد الشعور بالأمن، أو تتعطل منظومة العدالة، أو تغتال ممارسات الدولة والمجتمع أبسط قواعد المساواة وتكافؤ الفرص، أو يشعر "المواطن" أن رأيه لا يقدم ولا يؤخر، وأن صوته الانتخابي مهدر، وأن القرارات الاجتماعية تصدرها طبقة حاكمة بمعزل عنه، والأسوأ أنها لا تمثله ولا تراعي مصالحه، عندها، تنفصم بعض خيوط الانتماء.

وعندما يشعر المواطن بالاغتراب الثقافي، وبأن القيم الحاكمة في المجتمع، لا تتوافق مع قيمه الشخصية، بل وتتعارض معها في تضاد وتنافر، وأن منطق الحياة في المجتمع لم يعد يكافئ المجد أو الماهر أو الموهوب، بل أن المنافق والفاسد والممالئ للطبقة الحاكمة على حساب مصالح الوطن والمواطنين، هو الذي يتبوأ مقاليد الأمر والنهي ... عندئذ لابد وأن تتآكل خيوط أخرى.

وعندما تعجز قوانين ونظم الدولة التي تجسد مفهوم الوطن في الوفاء باحتياجاته الحياتية، من رعاية صحية، وخدمات تعليمية، وتأمين اجتماعي، وأمن وعدالة، فيضطر للجوء لقوانين ونظم بديلة في الدولة الموازية، يصبح فعلياً ولاؤه مزعزاً بين الدولة الرسمية والدولة الموازية. وقد يسأل سائل، أليست "الدولة الموازية" هي فكرة نظرية، بمعنى أنه لا توجد فعلياً دولة "رسمية" باسم الدولة الموازية، طبقاً لتعريف الدولة الموازية نفسها؟ فكيف ينتمي المواطن لدولة غير موجودة رسمياً؟

وهنا نرد بمثال بسيط، عندما يضعف أو يختفي دور الدولة في المجالات التي ذكرناها، وتأتي جماعة أو حزب أو جمعية أو شخص، ليقوم بتقديم هذه الخدمات بدلاً من الدولة الرسمية، فيفتتح عيادة طبية بأسعار رمزية في مسجد مثلاً أو كنيسة، كبديل عن الخدمات الطبية المنعدمة أو فاحشة التكلفة في تلك المنطقة مثلاً، ثم يلحق بها عدة فصول للتقوية تعويضاً عن فشل أو عجز أو تدهور أو قصور النظام التعليمي الرسمي، ثم يبدأ في تخصيص مبالغ شهرية من عائد الزكاة أو النذور أو التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بتخصيص "معاشات" شهرية لتلك الأسر، كبديل عن الضمان الاجتماعي الذي لم تقدمه الدولة الرسمية، وهكذا.

مع كل هذا، ألا يتحول ولاء المواطن ليصبح مرتبطاً بهذه الجماعة أو الجمعية أو المسجد أو الكنيسة، بسياساتها وشخوصها ومصالحها، بدلاً من ولائه للوطن الأصلي؟ وعندما تعرض له قضية وطنية أو سياسية، ألا يأتي قراره بناء على مصالح أو توجيهات قادة الدولة الموازية التي تفي باحتياجاته؟ هنا نكتشف أن انتماء وولاء المواطن يصبح للمسجد أو الكنيسة أو الجمعية أو صاحب العمل أو عضو مجلس الشعب الذي يفي باحتياجاته الحياتية، وتصبح مصلحة تلك الدولة الموازية مقدمة على مصلحة الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن الأصلي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، إذا لم يجد المواطن العمل الشريف الذي يساعده على توفير احتياجات الحد المعقول من الحياة الكريمة لنفسه ولمن يعول، أو شعر بأنه لا يحصل على النصيب العادل من القيمة المضافة في المجتمع، نتيجة لتشوهات إدارية أو تشريعية، أو نتيجة للفساد والاحتكارات وتزاوج السلطة والثروة، عندها تتآكل خيوط الانتماء بصورة خطيرة، لأن الاحتياجات الأساسية لا يمكن الاستغناء عنها أو التغاض عن نقصها.

وإذا احتدمت المنافسة بين أفراد المجتمع، واستشرت ثقافة التزاحم والندرة، وتمركزت علاقة الفرد بمن حوله في التصارع على مكان في طابور العيش، أو طابور العمل، أو طابور التحاق الأبناء بالمدارس أو الجامعات، أو موطئ لقدم في المواصلات العامة، أو مكان للسيارة في الشارع أو الجراج، وتفشت حالة من "الاحتراب المجتمعي"، عندئذ تصبح علاقة الفرد بالمجتمع علاقة تنافس وتناحر، ويجد كل شخص نفسه وهو يتمنى السوء لغيره، حتى يفسح له مكاناً، ثم يتحول هذا الشعور لشعور عام، غير مرتبط بمنافسة محددة، فيسود المجتمع موجات من الطاقة السلبية بل وكراهية الآخر، وحالة من العداء والغضب الكامن، الذي يطفو على السطح وينفلت مع أي استثارة اقتصادية أو طبقية أو طائفية أو حتى حادث سيارة منفرد على طريق سريع.

وفي نفس الوقت، ومع المصاعب الاقتصادية، التي تحول بين المواطن وبين الزواج مثلاً أو تؤخره، يعاني الأفراد من حالة من الحرمان العاطفي والجسدي، ويفتقدون الحب، وتكوين الأسرة، التي تربط الفرد بالوطن في العادة، أو يكونون أسراً هشة البنيان، سرعان ما تنهار تحت ضغوط الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فيخرج الفرد من هذه التجربة وقد ازداد شعوره بالمرارة تجاه المجتمع والوطن أضعافاً مضاعفة، عندئذ تكون روابط الانتماء على وشك الانفصام بصورة تامة.

هنا، يشعر المواطن بأن الوطن قد خذله، وبأنه قد وقع ضحية لانتمائه القدري لهذا الوطن، ويفقد تدريجياً الإحساس بالتضامن مع زملائه المواطنين.

عندها، قد يأخذ المواطن واحداً من عدة طرق. فالبعض يلجأ للهجرة، والبعض يستمر في حياته محاصراً بهذه الضغوط، يقاوم الإحساس باليأس والعجز والإحباط كلما استطاع، أو يسقط فريسة للأمراض النفسية والعصبية والعضوية، والبعض يعيش حياته الخاصة غير عابئ بما يحدث حوله، مجتهداً أن يبني سوراً منيعاً، يحميه من أذى المجتمع المحيط، ويمنع ذلك الأذى عنه وعن أسرته.
الفساد
هناك تعريفات عديدة للفساد، ولكن ببساطة، يمكننا أن نعرف الفساد بأنه خلل في منظومة الحقوق والواجبات في المجتمع، يعطي أفراداً أو جماعات حقوقاً غير مستحقة، على حساب الافتئات من حقوق الآخرين، أو يعفي مجموعة معينة من الواجبات أو الخضوع للقوانين المتفق عليها في المجتمع نتيجة لاقترابهم من السلطة أو قدرتهم على التأثير فيها بالمال أو غيره. ويأخذ الفساد في مصر عدة أشكال:
• شبكة الفساد الصغير: وهذه الشبكة عبارة عن قنوات محددة للاستثناءات، تمكن الوكلاء السياسيين للدولة من القفز فوق القوانين المانعة، أو تيسير الإجراءات البيروقراطية، ليس بالضرورة عن طريق الرشاوى الصريحة، بل أيضاً عن طريق سوء استخدام السلطة
Abuse of Power

  • شبكة الإقطاع الجديد:
مع خروج مصر من مرحلة رأسمالية الدولة
State Capitalism
حيث امتلكت الدولة كل أدوات الإنتاج لتسيطر على الحياة الاقتصادية بصورة كاملة، دخلت مصر في مرحلة "رأسمالية وكلاء الدولة"
State Agents' Capitalism
تحولت فيها مصر لنظام يشبه إلى حد ما النظام الإقطاعي في القرون الوسطى. أصبحت مصر مثل وكالة تمنح التوكيلات للشركاء التجاريين، على شكل مجموعة من الإقطاعيات في مختلف المجالات الاقتصادية، حيث يقوم "وكلاء النظام" بالقيام بدور رأسمالية الدولة ولكن هذه المرة لصالح النظام والحكام وبالمشاركة في الريع معهم ومع كبار المسئولين بصورة مؤسسية، مثل قطاعات الحديد والأسمنت والسيراميك والسجاد والاتصالات والسياحة والعبارات والبث التليفزيوني الخاص والمدن الجديدة واستصلاح الأراضي، عن طريق مجموعة محددة من "رجال الأعمال" الذين تقتصر عليهم التصاريح والتراخيص والأراضي والقروض وهكذا، علاوة على مجموعة من الشركات الأمنية التي تحصل على تعاقدات بمئات الملايين أو المليارات بالأمر المباشر بعيداً عن أي رقابة أو تدقيق. وهذه الشبكة تضخ جزءاً من ريع مثل تلك الأنشطة الاحتكارية في صندوق الولاء، الذي يمول بدوره رواتب "موازية" (مظاريف الولاء) لكبار موظفي الدولة، لضمان ولائهم للنظام، وغيرها من نفقات "موازية" خارج المنظومة الرسمية.


ومع تمدد "الدولة الموازية" وتغول شبكات الفساد المؤسسي، ترسخ شعور المواطن بالظلم وانعدام المساواة، وانهيار العدالة وتكافؤ الفرص، وخاصة مع عدم قدرة معظم المواطنين على الحصول على حقهم العادل من موارد المجتمع.
الهجرة
رأينا كيف يتولد شعور المواطن بالانتماء للوطن والمجتمع من وجود روابط ثقافية واقتصادية واجتماعية بينه وبين أفراد المجموعة، وأن قوة هذا الانتماء تتوقف على مدى قدرة المجتمع على تحقيق توازن في المصالح بين المواطنين، وبين الفرد والمجتمع، بحيث يستطيع كل فرد أن يحقق قدراً معقولاً من أهدافه الشخصية ويشبع حاجاته الأساسية.

وقد اجتمع عجز المواطن عن تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة، مع الخواء الثقافي والتناقضات الصارخة والمعايير المزدوجة في منظومة القيم، مع انتشار "الاحتراب المجتمعي"، وأدى هذا كله لظهور حالة من الاغتراب القومي نتيجة لإحساس الكثيرين بأن "البلد مش بلدنا"، ونتج عن هذا وجود شعور قوي بالحاجة إلى الهجرة، وشعور بالانفصام القومي، نتيجة لمجموعة ضخمة من المتناقضات والمتباينات، وأخيراً حالة مزمنة من الإحباط والاكتئاب القومي وشعور عام بالحصار وفقدان الأمل في الخروج من هذا الحصار.

وقد رأينا أنواعاً عديدة من الهجرة التي عبرت عن تلك الحالة، فعلى سبيل المثال نجد من يلجأون إلى الهجرة المكانية، فيحاولون مثلاً الهجرة إلى دول الشمال الغني، أو شرقاً أو غرباً إلى دول النفط. ورغم أن تحويلات العاملين بالخارج والمهاجرين قد تشكل مصدراً هاماً من مصادر الدخل القومي والنقد الأجنبي، إلا أن خسارة الدولة بهجرة خهيرة عقولها ومواهبها ليضيف هؤلاء للمزايا الاتنافسية لاقتصاد مجتمع ودولة أخرى، هي خسارة فادحة، وخاصة عندما يكون منطق الأمور و"كتالوج الحياة" في مصر لا يسمح غالباً بنجاح الموهوب أو المتقن أو ارتقائهما، عندها يصبح الحجم العددي الكبير مجرد إضافة أرقام ضعيفة الفاعلية والأداء لمجتمع أداؤه أصلاً ضعيف.

وهناك من يحاولون الهجرة الزمانية بالتشبه بملابس ومظاهر المجتمعات الإسلامية الأولى مثلاً، ونجد من يعجزون عن الهجرة المكانية فيلجئون إلى الهجرة العقلية إلى الشمال أيضا بأن يحيطوا أنفسهم بمظاهر الحياة في المجتمعات الغربية من موسيقى وملابس وأثاث ومعمار وغيرها من مظاهر الحياة الغربية، ونجد آخرون وقد وجدوا العلاج في ذهاب العقل برمته باللجوء للمخدرات في أشكالها المختلفة، ولا يجب أن ننسى من يهاجرون إلى الآخرة سواء بالانتحار أو "بالاستشهاد" في عمليات فدائية تحاول مقاومة الواقع المرير بمبادلته بأغلى وأقصى ما يستطيع إنسان أن يقدمه، وهو حياته.

العصيان المدني غير المعلن

ومع تفشي الظلم وغياب العدالة الاجتماعية وتآكل روابط الانتماء، يدخل المواطن في حالة "عداء" مع الحكومة أو الدولة التي تمثل الوطن وتجسده، ويبدأ المواطن في "الانتقام" من تلك الدولة التي افتئتت على حقوقه وفشلت بصورة مزمنة في توفير الحياة الكريمة له كمواطن، ونتيجة لما يلمسه من فساد القوانين وتخلفها وتعنتها، وفقدان النظام للشرعية، ومختلف الأسباب التي أدت إلى تراكم الإحباط والتعاسة والاكتئاب له ولأسرته ولباقي المواطنين. ويظهر هذا العداء في عدم احترام القوانين، والتنصل من أداء واجبات "المواطنة"، مثل التهرب من الضرائب والجمارك، بل والتحايل مثلاً لعدم أداء الخدمة العسكرية، في حالة تشبه العصيان المدني غير المعلن، لدرجة التباهي بالتحايل على القانون وخرقه، بعكس الدول المتقدمة حيث يكون هذا مدعاة للخزي والنبذ من المجتمع.

استعادة الانتماء

رأينا كيف يؤدي تآكل روابط الانتماء لحالة خطيرة من "العداء" بين المواطن و"الدولة" التي تجسد مفهوم الوطن، بما يقف كعقبة كؤود أمام التقدم والتنمية، بل ويؤدي لانفراط عقد المجتمع، نتيجة لاهتراء خيوط الانتماء التي تربط المواطنين ببعضهم ببعض من ناحية، وتربطهم "بالوطن" من ناحية أخرى.

ولذلك، لابد من اتخاذ التدابير والسياسات على المدى القصير والطويل، بهدف إعادة بناء وغزل خيوط الانتماء، حتى تنتظم الحبات المنفرطة في عقد الوطن مرة أخرى، ليتحرك المواطنون في اتجاه واحد لتحقيق رؤية واحدة، تؤدي لرفعة الوطن وتقدمه، وفي نفس الوقت رفاهية المواطنين ورخائهم.

وأول هذه التدابير كما نتصور، هو المكاشفة والمصارحة بالمرض الخطير الذي تسلل إلى قلوب وعقول الملايين من أبناء الوطن ليغتال انتمائهم للوطن أو يزعزعه، فبدون الاعتراف بالمرض لا يمكن طلب العلاج أو الالتزام به. ويصاحب ذلك استعراض للأسباب التي أدت للإصابة بذلك المرض وتغوله واستفحاله. ثم إعلان رؤية قومية للخروج من هذا المأزق، وإعادة تعريف الوطن والمواطنة على أسس جديدة. أما أن نتغنى بأناشيد مثل "ما تقولش إيه ادتنا مصر، قول حندي إيه لمصر" والاكتفاء بذلك دون حل المشاكل العويصة التي تواجه الانتماء في بلادنا، وهي المشاكل التي تسأل عنها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة، الأنظمة الشمولية السلطوية، وهي أنظمة أثبتت عبر عقود طويلة افتقارها للرؤية أو الموهبة عدا في تجميد الأوضاع والحفاظ على مقاعد الحكم بصرف النظر عن معاناة الوطن والمواطن، هنا نكون كمن يعالج السرطان بأغنية "الدنيا ربيع والجو بديع" دون أن يأخذ اي علاج من ذلك المرض الخطير.

العـقـد الاجتماعي
ويلي ذلك إعادة صياغة هذا "التعاقد" المجتمعي، أو العقد الاجتماعي، في صورة "دستور" عصري يخرج من رحم الأمة، وينتج من تفاعل مختلف قطاعاتها الجغرافية والمهنية والفئوية التي تمثل مختلف المصالح المتباينة، في حوار وطني حقيقي، وليس عملية شكلية محددة النتائج سلفاً. إن هذا الدستور هو الذي يجسد مفهوم المواطنة، ويحدد حقوق المواطنين وواجباتهم، وينظم عملية بناء مؤسسات الدولة، والحدود التي تفصل سلطاتها المختلفة، حتى لا تجور سلطة على أخرى كما هو حادث الآن، وهو ما أدى لهذا الوضع الخطير الذي ينذر بكوارث وانفجارات مجتمعية بدأنا نرى بكل اسف بوادرها ونلمس عواقبها الوخيمة.

وهذا الدستور ايضاً يرسم خطوط ومساحات الملعب السياسي، وقواعد العملية السياسية، التي تؤدي إلى تمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرار المجتمعي، بصورة ديمقراطية، وينظم عملية تداول السلطة على كافة الأصعدة، بدءاً من الإدارة المحلية متمثلة في عمدة القرية والمجالس المحلية، ورئيس المدينة، ومحافظ الإقليم، وصولاً لنواب الشعب الذين يمثلون السلطة التشريعية، وقيادات السلطة القضائية والتنفيذية.

والخطوة التالية، هي عملية شاقة وطويلة من تنقية القوانين واللوائح وإعادة تصميم النظم الإدارية لتصبح أكثر اتساقاً مع الواقع والعرف، حتى تنتفي الحاجة تدريجياً للدولة الموازية ويعود ولاء المواطن للدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن. إن إعادة تصميم هذه القوانين واللوائح، يجب أن يصاحبه جهد إعلامي وثقافي دءوب لإعادة ترسيم وترسيخ القيم الحاكمة للمجتمع التي تشكل "طريقة الحياة"
Culture
أو "كتالوج الحياة"، "منطق الحياة" أو "برنامج الحياة" أو "لوغاريتم" الحياة
Life Algorithm
في هذا الوطن والتي تحدد طبيعة التعاملات، ثواب المتقن، عقاب الفاسد، احتضان الموهوب، الترحيب بالمبادر، مد العون لغير القادر، سيادة القانون والمساواة أمامه، إلخ ... .

هذا "المنطق" هو الذي يحدد "إذا فعلت كذا يحدث كذا"، لأن المنطق الموجود حالياً يكافئ الفاسد والمنافق والراشي ويتغاضى عمن يخرج عن القانون أو يرتشي، يحتضن أصحاب المحسوبية والتوصيات والاستثناءات، ويعاقب أو يتوجس من المبادر أو الموهوب أو الناجح ويترصد للمتعثر بالمشانق. هذا المنطق أو القانون الجديد، لابد أن نتبناه في حياتنا، وننشره بالقدوة من أعلى إلى أسفل، ونعلن عنه في كل مناسبة بصورة متحضرة راقية بعيداً عن النصائح والمحاضرات المباشرة والعظات المبتذلة.

ونتيجة تطبيق "الكتالوج الجديد" لابد أن تظهر في أن تعود الدولة الرمسية لتحل مكان الدولة الموازية، فيشعر المواطن أن خدمات التعليم والصحة والرصف والصرف والأمن والعدالة والترخيص تفي باحتياجاته الحياتية، وأن قوانين الإسكان والمرور والنقل والهدم والبناء قوانين منطقية وواقعية، وأن التعامل مع الدولة الرسمية يمكن أن يكفيه شر الدولة الموازية، فينتقل ولاؤه من الثانية للأولى.

نتيجة تطبيق المنطق الجديد أو "الكتالوج الجديد" للحياة في مصر، لابد أن يراها المواطن العادي في تقلص الفساد، وعقاب رادع للفاسدين، بعيداً عن تسييس القضاء والضغط عليه في إصدار أحكام البراءة على القتلة ولصوص المليارات ومافيا الأراضي والمحتكرين، أو نحر الشهود في السجون وادعاء انتحارهم، للتغطية على جرائم الأصدقاء والمحاسيب. وهذا كله لا يأتي إلا بطلاق بائن بين السلطة والاحتكارات الاقتصادية، فمن غير المنطقي أن يظل المواطنون على انتمائهم بينما يسمعون أخباراً عديدة تصنع في النهاية رأياً عاماً قوامه التالي – بصرف النظر عن صحته:
• أحد رجال الأعمال القريب من السلطة - يشتري 10% من حصة الدولة في أحد أكبر مصانع الحديد بسعر يراه البعض بخس ممول بقروض البنوك
• يصبح رئيس مجلس الإدارة ويستحوذ على الشركة
• ينخرط في الحزب الحاكم ويصل لأعلى المناصب فيه
• تخصص له ملايين الأمتار في المناطق الصناعية
• يصبح أكبر محتكر للحديد في مصر
• تصدر قوانين الإغراق وتطبق لخدمة مصانعه
• يصبح عضواً في مجلس الشعب
• يصبح المسئول عن صياغة قوانين منع الاحتكار وغسيل الأموال، وتصدر تلك القوانين بصياغة غير كافية لدرء الأخطار عن المجتمع من وجهة نظر الحكومة والوزير المسئول
• يصبح مسئولاً عن إدارة تنظيم الحزب الحاكم وبالتالي يتمتع بسلطة ضخمة في توجيه مسار الانتخابات القادمة
• تصل ثروته طبقاً لتقديرات البعض إلى 40 مليار جنيه


المواطنة الاقتصادية
فلا يكفي أن نتشدق بالجانب القانوني أو السياسي للمواطنة، من تحديد للحقوق والواجبات وترسيخ المساواة بين جميع المواطنين في تلك الحقوق والواجبات دون تمييز، ثم نجد تفاوتاً واسعاً بين "حظ" المواطن القاهري وزميله "السوهاجي" مثلاً من موارد الدولة ورعايتها واهتمامها، هنا يصبح الكلام عن المواطنة من باب النيات الحسنة، بل يجب أن يمتد مفهوم المواطنة ليشمل الجانب الاقتصادي، من حيث المساواة في "إتاحة الفرصة"، ليس المساواة في الدخول أو إثابة العامل بمثل العاطل، بل المساواة في صنع الفرص، وإتاحة الآليات التي تشجع على الحراك الاقتصادي والاجتماعي
Social and Economic Mobility
بحيث لا يكون هناك مواطن "سجين" أو "معتقل" أو "محاصر" في "طبقة" اقتصادية أو اجتماعية نتيجة لموقعه الجغرافي، أو لونه أو عقيدته، بل يجب أن تتدخل الدولة بالحوافز الإيجابية التي تشجع التنمية الشاملة، وتسعى لتحقيق تكافؤ الفرص في نصيب كل جزء من أجزاء الوطن، وكل فرد من المواطنين، في تلك التنمية. إن أقوى آليات هذا الحراك المنشود، هو إتاحة واسعة لمستوى مقبول من التعليم والتدريب في كل أرجاء الوطن، وتحفيز الشركات المحلية والعالمية على الاستثمار الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي والخدمي في مختلف المناطق، بما قد يتطلب نوعاً من التمييز الإيجابي أحياناً لمناطق محرومة، وهو تمييز مؤقت، ينتهي عندما ينتفي السبب من وجوده، عندما يصيب المنطقة المحرومة حظ عادل من التنمية و"الفرصة"
Opportunity

إن أفضل علاج للاكتئاب القومي الذي ذكرناه، هو إتاحة "فرص" الحراك الاقتصادي والاجتماعي على أوسع الأصعدة، لأنه من الممكن أن يقبل الشخص بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية ويتكيف معها لفترة، إذا رأى أمامه الفرصة متاحة لتحسين وضعه، أما إذا شعر المواطن بأنه محاصر في ذلك الركن المضغوط دون أمل في الإفلات، فإنه يصاب بالاحباط والاكتئاب المزمن، أو ينقض بالهجوم لينتقم من ذلك المجتمع الظالم الذي حاصره وسجنه تحت تلك الضغوط التي لا يمكن احتمالها للأبد.

الخلاصة
لقد سقط نصف قرن من عمر الأمة المصرية، وتجمد الزمن عند نقطة معينة، بل إنه في كثير من الأحيان تستيقظ في الصباح وتفتح ما يسمى بالصحف القومية لينتابك شعور بأنك ربما قد طال نومك لما يقرب من ربع قرن، ترى العناوين وينتابك شعور بأنك رأيت نفس العناوين من قبل آلاف المرات في كابوس يمثل الجحيم بعينه. فالبعض يرى أن الجحيم ما هو إلا تعذيب أبدي يتكرر يوماً بعد يوم دون أي أمل في مجيء نهاية له، حتى المؤبد هناك فرصة للعفو والتخلص منه عند انتهاء نصف المدة، ولكن أن تذبل كل فرص التغيير فهذا أمر لا يمكن احتماله، لأنه يعني أن الإنسان يسير في نفق مظلم لا نهاية له، وبالتالي فقد اتخذ الكثيرون القرار بالتوقف عن السير، وهو ما نسميه بالـ
Apathy
لأن كلمة السلبية لا تستطيع التعبير عن تلك الحالة المفزعة من التوقف عن الحياة.

ومع اختلال "منطق الحياة" أو "كتالوج الحياة" في مصر، وتغول الفساد والمحسوبية وتمدد الدولة الموازية على حساب الدولة، وانتفاء الشعور بالمساواة أو العدل أو تكافؤ الفرص، أخذت خيوط الانتماء تتآكل وتهترئ يوماً بعد يوم، حتى جاء الوقت الذي اقتربنا فيه من انفراط عقد المجتمع، ليتبعثر المصريون أفراداً وجماعات تتجمع أو تتنافر لحظياً طبقاً لمصالح عشوائية لا رابط بينها، مع غياب أية آلية ديناميكية تتكفل بالوصول إلى توازن بين مصالح تلك الجماعات وأولئك الأفراد والحفاظ على مثل ذلك التوازن، وهو ما نرى بوادره الآن مع تفشي حالة من "الاحتراب المجتمعي" والعداء بين "المواطن" وبين الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم هذا الوطن.

لقد أصبح علينا الآن أن نسارع بعلاج تلك المشكلة الخطيرة، وعلاجها ليس بالسهل أو السريع، ولكنه عملية شاقة ومشوار طويل نعيد فيه ترسيم ثقافتنا القومية والقيم الحاكمة للحياة في مصر، نضع فيه قواعد "كتالوج الحياة" في مصر، من خلال عملية تفاعل وحوار مجتمعي حقيقي نتحاور فيه ونتناقش حول "الأيديولوجية المصرية"، لنعلن أسلوبنا المصري الخالص، الذي نستجيب من خلاله للمعضلة الأساسية التي تواجه كل شعب وأمة: تحد البقاء


النص الكامل للمقال

سحر العلم في خدمة الأكاذيب

13.12.08 |


بقلم أميرة طاهر

على قناة إم بي سي أكشن يعرضون برنامجا رائعا , بل أكثر من رائع
..
البرنامج اسمه ( براينياك) أو (المهووس بالعلم) ..هذا البرنامج الساخر يلخص حماقات التجارب العلمية بشكل كوميدي مذهل.. فهو يفترض افتراضات حمقاء , من نوع : ماهي أفضل طريقة لاختبار قميص واق من الرصاص؟؟.. تقوم بتفجيره في شاحنة مليئة بغاز البروبان ..! وما هو مصيرك لو وقفت في طريق رصاصة؟.. في الغالب ستموت ..! واذا نفد منك الماء؟؟.. لاتهدر الأموال على شراء زجاجات المياه المعدنية , فأنت تستطيع تخليقه بضخ غازى الهيدروجين والأكسحين من أنبوتين مضغوطتين في بالونة.. ثم تفجرها لتحصل في النهاية على قطرة ماء..!! ...واختبار النحيل في مواجهة البدين في الظروف الجوية الصعبة: أيهما أكثر تحملا..الخ

معظم هذه التجارب العلمية الخرقاء يقوم بها الدكتور (بن هيد) أو الدكتور (مغفل)..البرنامج يسخر من التجارب العلمية التافهة , التي لا هدف حقيقي منها .. والأبحاث التى ينفق عليها مال كثير ويبذل فيها الوقت والجهد , بالإضافةالى تعذيب المتطوعين , حتى تنتهى هذه التجارب العبيطة باستنتاج عبيط هو الآخر , ولا يساوي الوقت الضائع ولا الجهد المبذول... وكان أظرف تجاربهم: كيف تستطيع فتح خزانة متوسطة الحجم متينة جدا بها مائتي جنيه استرليني؟؟.. فبعد اخضاعها لعده اختبارات ومحاولة فتحها بكل الطرق العنيفة , تستطيع ان تفجرها بقذيفة الدبابة تشالينجر نجمة حرب الكويت , هذه القذيفة ثمنها ثلاثة الاف جنيه , بالطبع الخزينة تنفجر ويحترق معها المبلغ الزهيد الذي لا يساوي استهلاك قذيفة الدبابة تشالنجر..!!!

هذا البرنامج بريطاني , وهو بالمناسبة يدحض الأسطورة التي تقول ببرود الإنجليز وثقل ظلهم , ومن المستحيل ان تتخيل ان الإعلاميون في بريطانيا , حيث توجد قلعة مثل كمبريدج و أكسفورد , يسخرون من العلم والعلماء ... ولكن البرنامج يسخر , وبشكل أكثر من رائع من أشباه العلماء , وأشباه التجارب التي ترتدي ثوب العلم , ويجسد بذكاء وبجدية ظاهرية _هذه الجدية التي تحمل في أعماقها قدرا كبيرا من السخرية_العلم حين يوضع في خدمة الهيافة والسخافة , فللقيام باثبات فرضية مفتكسة حمقاء تقوم بتجربة حمقاء لتصل الى استنتاج اكثر حماقة , لقد خدعت انا شخصيا في الدقائق العشرة الأولى من البرنامج عند مشاهدتي إياه لأول مرة , ظننته بالفعل مجرد برنامج تجارب علمية طريفة آخر , ولكن مع انتباهى لتفاهة المضمون مقارنة بالجدية الرهيبة التي تبدو على وجوه العلماء_الممثلين في عرض التجارب بل والتكاليف العالية والتمويل المحترم للبرنامج , ثم فهمت وانفجرت ضاحكة حين بدأت ألحظ المغزى , عندها اكتشفت الحقيقة ..!!ا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في عالم الواقع نحن نلحظ هذا الاستهلاك المبتذل للعلم في الاعلانات التي يلعب فيها العلماء الممثلون دورا كبيرا .. وتجد مشهدا سخيفا يتكرر في كل الأعلانات تقريبا لمجموعة من العلماء الباسمين , المنكبين بهمة على الأبحاث في معمل نظيف وأنيق وفضائي كله زجاج , ويتشاورون بجدية وخطورة بمعاونة الروبوتات , ليخترعوا لنا في النهاية شامبوهات ضد القشرة أو رقاقة بسكويت أو قلم روج أو ماسكارا.. وانت لابد وان تتساءل في اعماقك هل يبدو العلماء الحقيقيون المنكبين على ابحاث المناعة والسرطان بهذا الجمال ويعملون في مراكز أبحاث بهذا التطور؟؟ بالطبع لا , لأن العلماء الحقيقيين الغارقين في ابحاث الايدز والسرطان يعملون ساعات طويلة بلا ابتسامة ولا رحمة لأنفسهم وصحتهم ..وتنضح ملامحهم بالتعاسة والشقاء وقلة الرواتب , لنهم يحملون على أكتافهم المنهكة هموم البشر الكبرى

وفي اعلان برسيل تظهر عبلة كامل على الجمهور الريفي المهلل من الفرحة وهي تقول بابتسامة عريضة : جبتلكم الخبير الألماني معايا علشان يوريكم نظافة برسيل ..! ويظهر معها هابطا في منطاد من السماء (تخيلوا !!) ممثل أشيب وقور بنظارة يحمل سمت العلماء المهيبة .. بالطبع لابد ان يصدق المستهلك أن الاعلان صادق وأن المنتج فعال , فمن المستحيل أن يكون هذا الخواجة الوقور الهابط من السماء كالملاك في منطاد, كذابا , وهي حيلة نفسية قديمة تستخدم تأثير الهالة أو (الهالو ايفيكت) فهذه الشخصيات الوقورة الجميلة من المستحيل أن تكون كذابة ..وبمقتضاها يقع المستهلك فريسة للسلعة , وقد يتبع هذا الكلام صورا جرافيكية جذابة غامضة توضح قوة مسحوق الغسيل على مستوى الذرات , هذه الطريقة تستقطب النخبة المثقفة التي هى بطبيعة الحال القوى الشرائية المستهدفة.. أما الجماهة الريفية فتمثل الجماهير الغفيرة , أو الدهماء بالمعنى الشائع ..ان تأثير الهالة فتاك وفعال...ونحن نرى وزراء ورجال أعمال وكتاب ومحاضرون فارغين من الأعماق ولكنهم يحيطون ما يكتبون أو ما يقولون بهالة العلم المزيفة , وبالتالي فأنت تميل الى تصديق ما يقولون على الفور , لأنهم يجيدون التسويق لأنفسهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما سر هذا الوباء؟
باختصار اقول ان انتشار التعليم المجاني بهذا الشكل العشوائي اصبح نقمة على الجميع , لأن التوسع في التعليم بشكل أفقي واهمال التوسع الرأسي جعل الأولوية للكم على حساب الكيف..صحيح ان كل المصريين قد تعلموا , ولكن هل هنالك أحد يستطيع ان يقول ما قيمة ما تعلموه؟؟ .. في الماضي لم يكن الكثيرون يجيدون القراءة و الكتابة .. ولكن الكل كان يقرأ الكتب الجيدة والأعمال العظيمة طوال الوقت , ولكن انتشار التعليم التافه المسلوق جعل الناس تنتج انتاجا فكريا تافها وبالتالي أصبحت الأجيال تقرأ الكتب التافهة وتتفرج على المسلسلات التافهة طوال الوقت.. هل يستطيع أحد أن يزعم أن طلبة الجامعات يستذكرون من أمهات الكتب ؟؟ بالطبع لا .. كلهم يستذكرون الملخصات التافهة , بعد ذلك نبكي ونلطم ونقول : تدهور مستوى الخريجين

ربما كان سحر التعليم العام يكمن في تدريب عامة الناس كيف يقولون ويكتبون مايريدون من الكلام الفارغ , ولكن بطريقة نظامية تجعلك تشعر بالمصداقية والمعقولية و(الفخامة الفكرية) وأنت تقرأ.. وأي راقصة ساقطة تستطيع أن تصدع رأسك طوال ساعة كاملة بكلام كبير حول (أن الفن رسالة)..ففي عصرنا الحديث تعد القدرة على صياغة الأفكار التافهة والخرقاء بشكل مقنع فنا قائما بذاته , وهو ماتراه في أمريكا بقوة لدرجة أنك تستطيع تأليف كتاب في أي موضوع وعن أي شيء تقريبا وسيحقق مبيعات جبارة , فقط بشرط ان يكون التناول جديدا والهدف محددا , حتى ولو كانت أفكارك محض هراء .. نعم تستطيع ان تؤلف كتابا عن مطعمك المفضل , أو كيفية التغلب على آلام فقدان حيوانك الأليف..فتذهب الى اي من دور النشر الكبيرة , وتعرض الفكرة على المدراء الذين يدرسونها بعناية , واذا وجدوها صالحة للنشر ومبتكرة يأتون بكاتب متخصص ومحترف , هو في الغالب موظف دائم لدى دار النشر ليكتب الكتاب بالنيابة عنك , اذا لم تكن تجيد الكتابة , ويخرجون الغلاف بشكل رائع ويطرحون الكتاب في السوق مع الدعاية المناسبة ليحقق مبيعات جبارة .. والفضل بالطبع لهذا الاختراع الرائع المسمى بعلم التسويق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتمتد مأساة صياغة الكلام الفارغ في صورة مقنعة الى الصحف المليئة بالمقالات لكبار الكتاب_سنا_وبرامج التليفزيون الحكومي التى تقدمها المذيعات المحنطات والغبيات.. فهذه المذيعة هي باختصار بوق السلطة وذيل النظام.. وليت الأمر يقتصر على هذا الحد فالخطير في الموضوع هو أنه يتسرب ببطء , لكن بثقة الى الجامعات

خذ عندك مثلا رسائل دكتوراه الفلسفة بالجامعات المصرية , تجد هذه الآفة اللعينة ,
وهى الولع (بجعلصة) عناوين رساءل الماجستير والدكتوراه بدعوى التحديد والدقة, وكأنه لا يليق بالرسائل المحترمة ان تحمل عنوانا من جملة واحدة مفيدة بسيطة , لكنك تجد تركيبة معقدة طويلة جدا من الكلمات الضخمة الرنانة, حتى ان عنوانا مثل تخليص الابريز في تلخيص باريز يبدو بجوارها مجرد مبتدأ بلا خبر ...فأنت تجد في العنوان تركيبة معقدة طويلة جدا امعانا في التحذلق والافتعال ولإضفاء صيغة تضخيمية تفخيمية على الموضوع بالأضافة الى ادعاء الدقة وتضييق نطاق الهدف الذي تسعى اليه الرسالة , هذه (الجعلصة) أو فلنقل الحذلقة السخيفة في اختيار عناوين الرسائل العلمية هى في الغالب ليس لها قيمة , ربما لأن البرميل الأجوف هو الذي يصدر ضجة أكبر بكثير من البرميل الممتليء ... وهى أيضا ليست ذنب الباحث بالكامل , فهو في أحيان كثيرة ما يكون خائفا ومرتبكا وحائرا , ويعتمد على المشرف في الكثير لأنه لا يدري ماذا يفعل , وهو بالتأكيد يعاني من عدم القدرة على الاختيار بسبب ضعف مكوناته الثقافية , ....هذا الباحث هو طالب الامس الذي يجسد النتيجة الحتمية للنظام التعليمي المتخلف, فهو ظالم ومظلوم معا.. والنتيجة الكثير من الرسائل العلمية الجوفاء الخالية من الأضافة والقيمة رغم أنها تحمل عناوين نخبوية متعالمة مزخرفة , وهو ما تكتشفه ببطء وانت تمضي في قراءة الفصول والأبواب لتجد ان الجبل قد تمخض فولد فأرا...فمن الفقرات المفككة اللامتربطة , الى القص واللزق والتباديل والتوافيق لدرجة التلفيق بين الكتب الأخرى , الى قلة الحواشي وضعفها , الى القفز الى الاستنتاجات المرسلة , الى الصياغة الرديئة والركيكة لأفكار الباحث الشخصية , ناهيك عن الأخطاء النحوية واللغوية الفاضحة...والتي من المستحيل ان تجدها في أيه اكاديمية محترمة في العالم...الى انعدام الشمولية الفكرية , لدرجة أن الرسالة تبدا بافتتاحية جذابة و بمدخل ضخم كبوابة المغارة , لتنتهي باستنتاج تافه أضيق من ثقب الابرة.. وانعدام الشمولية الفكرية كارثة تدفع بالحراك الفكري الى الى هاوية التجزء والتفتت والتقوقع في عوالم ذاتية ضيقة , وبدلا من أن نظر للأمور نظرة كلية شاملة
..نظرة (تؤنسن) الفكر والعلم وتجعله صالحا للتفكر والبحث على مستوى الانسانية كلها, وبدلا من أن نستخدم الفهم الجزئي الي لنصل الى الفهم الكلى..أصبح الباحثون يميلون الى عمل رسائل علمية ذات مواضيع اقليمية تماما ..لدرجة الانغلاق على الذات في زاوية ضيقة قد لا تهم باحثا من مدينة أخرى ولن أقول من دولة أخرى .. وهناك الاتجاه الأخطر : الاتجاه الى (شخصنة) البحث العلمى في مدح وتمجيد اشخاص بعينهم وثيقو الصلة بالباحث , ومازالوا على قيد الحياة , فضلا عن أنهم يافعين ولم يتخط أيهم الستين من العمر ..مما يحول الرسالة العلمية التي من المفروض ان تكون نزيهة ومحايدة , الى مجرد أكليشيه مبتذل وفاسد من النفاق والتزلف والمداهنة والرياء

ولكن كل هذا يتم التغاضي عنه , ربما لأن جامعات حكومتنا السنية تسير ببركة دعاء الوالدين , الذين هم مامي ودادي وأنكل الدكاترة , فا مفيش داعي نعمل شوشرة على المستوى العلمي , يعني هنعمل ايه هنرفدهم ؟ خليهم ياخدوا الدرجة ويخلصوا ويخلصونا..حتى الأستاذ الذي يناقش لا يستطيع ان يرفض الرسالة أو يقرر عدم صلاحيتها , لأن ذلك يعني اهانة المشرف..وكله بيعدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا يقتصر الكذب الأنيق على الجامعات , بل يتعداه الى النخبة المثقفة التى هى للأسف منقادة نحو الاعجاب بأفكار براقة محدده ...ومن اللافت للنظر في فترة من الفترات ان الكل كان منبهرا بكتاب الوجود والعدم لجان بول سارتر حين احتاجت موضة الوجودية مصر ....ورغم عدم قدرة المصري على اعتناق الفكر الملحد بشكل عام .فقد قاموا بترويج مكثف له وعلى أعلى مستوى...وهو كتاب ضخم ثقيل فكريا من الصعب فهمه من القراءة الأولى ولا حتى الثانية ..ولقد شعرت بإرهاق شديد وانا أحاول ..صحيح هو كتاب ضخم غتيت من الصعب فهمه ولكنه على كل حال ليس مستحيلا... فلأنه معقد الأسلوب والأفكار , يحتاج فهمه والتفاعل معه الى درجة ما من الثقافة والذكاء , ولذلك فإن من يفهمه يشعر بالرضا عن ذكائه ,و بأنه قد توصل الى أعلى مراتب الفكر العليا وبأنه اصبح من النخبة والصفوة المثقفة ...وبالتالي فإنه يميل إلى تبني المواقف والأفكار التى التي بذل مجهودا جبارا في دراستها , فنحن كبشر نميل الى تبني المواقف والمبادئ والأفكار التي نصل الى فهمها بصعوبة , حتى ولو كانت هذه الأفكار مجرد هراء ...لأن ذلك يشعرنا بالتميز والفرح وبروعة الإنجاز... ونبدأ في التعلم كيف نتكلم على طريقة النخبة بافتعال وتعال ...على طريقة (في الواقع) و (في الحقيقة) و(اسمحوا لي أن ابدأ)... الخ الخ الخ
وبينما تجاوز العالم كله موضة الوجودية والتجريد منذ عشرات السنين , مازلنا نحن ندور في فلكها بقوة القصور الذاتي .. كنملة التصقت بقطرة عسل لا تستطيع منها فكاكا..

.هذا غير ظاهرة التصفيق الجماعى على المحاضرات التافهة .. والضحك الجماعي على نكات بائسة في المسرحيات المبتذلة ..فالمتفرج يذهب الي المسرحية محملا بشحنة جاهزة على وشك الانفجار من الضحك ..وهو ما يفسر الايرادات الكبيرة التي تحققها أفلام اللمبي المتخلف.. ومسرحيات عادل امام عديمة المحتوى

و من التجارة بالإلحاد والترويج له من خلال العلم والفلسفة الى التجارة بالدين والترويج له ايضا من خلال العلم .. فالدكتور زغلول النجار الذي كرس حياته لا من أجل علوم الجيولوجيا ليخرج علينا باكتشاف علمي نزهو به أمام العالم كمسلمين , تفرغ للبحث عن العلم في المصحف , وكان ينشر مقالاته في صفحة كاملة بالأهرام كل ثلاثاء وهي مساحة لم يحظ بها لطفي الخولي ولا أحمد عبد المعطي حجازي نفسه , قد أطلق منذ فترة تصريحا يدعو فيه العلماء الى أخذ عينات من الحجر الأسود و مقام ابراهيم لإثبات انهما ليسا من صخور الأرض . وذلك لأن الرسول قال ان الحجر الأسود ومقام ابراهيم ياقوتتان من يواقيت الجنة ..وهذا التصريح قد اثار استياء حتى العلماء والفقهاء الذين قال أحدهم ان المعرفة بهذه المعلومات لا تفيد والجهل بها لا يضر
بالطبع توقفت مقالات زغلزل النجار في الاهرام بعد ان استهلك نفسه , فأفكاره تحمل فناءها فيها , وبعد سلسلة من التصريحات المتعصبة دينيا وبعد ان خاض في أمور لا شأن له بها ...مثل ادعاؤه ان وفاء قسطنطين قتلت ودفنت داخل الدير ..مما اضطر القساوسة الى تكذيب هذا الافتراء و اعلان انها بخير ولكن هى التي قررت الاختفاء خوفا على حياتها من القتل

وفي هذا الصدد , كان من الممكن أن نقول ان مشروع القراءة للجميع مشروع عظيم , لولا ان الذي لاحظه الجميع ان مؤسسة وزارة الثقافة لا تطرح سوى الكتب التي تتفق مع فكر النظام...ليتشبع الناس بها ولا يرون غيرها..فالكتب التي تتحدث مثلا عن الفكر الاشتراكي يستحيل ان تجدها في مكتبة القراءة للجميع , لأن مصر اليوم تعيش أزهى عصور الخصخصة وبيع البلد ....و لذا فهم يسيرون في طرح الكثير من الكتب التي تحمل طابع الموضة ...ولا تؤثر بعمق على فكر المصريين بحيث يفيقون ويثورون ... فالكل يبدو الأن مثلا منهمكين حتى النخاع في قراءة روايات جابرييا جارثيا مركيز ..لماذا؟ لأنه لا يوجد شخص مثقف لا يقرألجابرييل جارثيا مركيز..!! بالتأكيد انا اعتبر ان رواياته عظيمة ولا أقلل أبدا من شأنه...فقط أقول ان الشباب يبدون في الظاهر وثيقوا الصلة بالعلم والثقافة .. بينما هم يسيرون كالقطيع نحو موضوعات معينة بسبب الضغط الاعلامي الذي يزيد من قابلية الناس للانقياد وتصديق الكلام الفارغ..فأنت تجد الكثير في مطبوعات مكتبة الأسرة من كتب ذلك الطاقم من الكتاب عملاء النظام.. الذين يكتبون بانتظام في جريدتى الأهرام والأخبار مقالات طويلة تزينها صورهم بابتساماتهم السمجة..في حين لم أجد كتبا للنقاد المعارضين بقوة ...فالبروباجندا طاحونة كبيرة وغسالة ممتازة لغسيل المخ....

نحن عبيد الإيحاء... وعلم نفس الإيحاء كان يستخدمه ببراعة جوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر ...فقد كانت كل مهمة جوبلز باختصار هى إيهام الشعب الألماني عن طريق مناهج التعليم ووسائل الاعلام من صحف وراديو , بأن حكوم هتلر هي أعظم حكومة في التاريخ , وأن مبادئ الحزب النازي هي أفضل وأعظم مبادئ في التاريخ..وعملية غسيل مخ الشعب الألماني_أو أي جماعة وأى شعب_ عملية سهلة مادام الكذب يتم بإتقان , فقد كان جوبلز يردد دائما : اكذب كذبة كبيرة ولكن بثقة , وكلما كانت كذبتك كبيرة زاد عدد من يصدقونها...!!!!ا

في تجربة علمية _حقيقية هذه المرة_ أجرى بعض العلماء اختبارا ذكيا على مجموعة من المتطوعين , يهدف الى معرفة قوة الايحاء في التأثير في احساسهم بالألم عن طريق صدمات كهربية بسيطة جدا في راحة اليد...وقسموا المتطوعين الى مجموعتين : أعطوا المجموعة الأولى أقراصا تزيد الاحساس بالألم , بينما أعطوا المجموعة الثانية أقراصا تقلل الإحساس بالألم .. بالطبع ما لم يعرفه المتطوعون أن هذه الأقراص هى مجرد أقراص فيتامينات ..!! وبدأ الاختبار .. فوجدوا المجموعة التي ظنت انها تعاطت أقراصا تقلل الاحساس بالألم ساكنة وهادئة الى حد كبير , حتى مع زيادة الفولت المار في يدها , بينما راح أعضاء المجموعة التي ظنت انها تعاطت أقراصا تزيد الأحساس بالألم يقفزون مذعورين متألمين , رغم تساوي مستوي التيار في التجربتين..!!!!!..... اذن فقوة الايحاء تستطيع ان تغير ليس فقط في مفاهيمك , ولكن في احساسك الفيزيائي بالألم أو الحرارة والبرودة ..ولو سافرت اوروبا ورأيت الناس يرتدون الفانلات والشورتات القصيرة في درجة حرارة عشرة سلزيوس سوف تقلدهم وترتدي مثلهم دون ان تشعر بالبرودة بينما في مصر قد ترتدي بلوفرين وجاكتة كالأخرين ..!!!ا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن برنامج الدكتور بون هيد وتجاربه العلمية الغبية أقوى من أي مقال أو اي عمل فني قد يسخر من هذه الظاهرة , ويفضح الهوس العالمي بجعل العلم في خدمة الأكاذيب والهراء وتسويق المنتجات الاستهلاكية حتى ولو لم يكن المستهلك يجتاجها فعلا , فهو في ظاهره جاد للغاية , ولكنه يحمل في ثناياه سخرية بديعة وراقية ورائعة ..لدرجة اني كنت أضجك بصوت مجلجل وانا اشاهده وحدي , بينما الغالب ان الضحك ظاهرة جماعية تستمد قوتها من الأخرين الضاحكين ... ولكن اضحاكي وانا اشاهده وحدي يعني انه قد وصل الي قمة الهرم الابداعي , وقمة الصدق في جذب المشاهدين.. وربما كان يعني أنني قد جننت تماما..انتظر تعليقاتكم... والسلام


النص الكامل للمقال

لماذا سيطر الفكر المتشدد على بلادنا

12.12.08 |


بقلم ايجي اناتوميست

أتحدث – تحديدا - عن سطوة وانتشار الأسلمة السياسية والثقافية في المجتمع والدولة. ليس مصر فقط. مصر جزء من كل أكبر اسمه العالم العربي والعالم الإسلامي. هوية مصر عربية إسلامية شئنا أم أبينا. الهوية ليست ما تعتقده أنت عن مصر. الهوية هي ما يعتقده أغلبية الشعب المصري عن مصر. الأغلبية ترى مصر دولة إسلامية عربية. إذن فلا تحليل سليم لمستقبل مصر إلا ويجب أن يمر عبر الطريق العربي الإسلامي أولا وقبل أي شئ

نبدأ بالتحليل.

هذه منطقة ظلت خاضعة للحكم الإسلامي الممثل في دولة الخلافة لقرون طويلة. تكونت بها ثقافة معينة تعتمد أساسا على النظرة الدينية للعالم وأموره. لم تمر بالخلافات الدينية الطاحنة كمثل التي مرت بها أوروبا مثلا في عصورها المظلمة والوسطى وأدت لبزوغ فكرة العلمانية وانتصارها على فكرة الحكم الديني. هذه منطقة عاشت قرونا في ازدواجية نفسية صعبة وحادة. تريد التقرب من الله وبلوغ جناته ولا تستطيع في ذات الوقت الوفاء باستحقاقات ذلك بسبب طبيعة البشر. فباتت تفعل في السر ما تحتقره في العلن. هذه منطقة اصطبغت فيها السياسة بطابع فرعوني إلهي امبراطوري شديد السلطوية والاستبدادية. هذه منطقة يسود بها مجتمع طبقي تراتبي أبوي ذكوري. مجتمع يقوم على فكرة "الكبير" الذي إن لم يوجد بشكل طبيعي يتم شراءه، ثم تنصيبه إلها علينا، هذا الكبير قد يكون شخص، مؤسسة، كتاب، فكرة، أو أي شئ آخر، المهم أن يكون هناك كبير أو عدة كبراء!

هذه هي ثقافة المنطقة التي تكونت عبر قرون الحكم الخلافي الديني.

انهارت الخلافة العثمانية – بحكم التطور الطبيعي لأي نظام حكم بلغ أرذل العمر وأصبح عبئا على الجميع - وبات هناك فراغ سياسي/ثقافي كبير في المنطقة. اهتزت الهوية العربية الإسلامية بشدة، وكان لا بد من ظهور ما/من يملأ الفراغ.

ظهر مشروعان أساسيان صاغا مستقبل المنطقة عبر القرن العشرين بأسره.

المشروع الأول هو المشروع التحديثي على الطريقة الغربية وقاده كمال أتاتورك في قلب الخلافة العثمانية نفسها – تركيا. كان هذا المشروع متأثرا بهزيمة الدولة العثمانية الفادحة أمام القوى الغربية في الحرب العالمية الأولي. كان متأثرا بالتخلف الحضاري والعلمي والاقتصادي الذي بان واضحا أمام التفوق العسكري والاقتصادي الأوروبي. كان متأثرا بأفكار عصور النهضة والتنوير في أوروبا. كان متبعا لفكرة غاية في البساطة: إذا كانت الخلافة – حامية الإسلام – قد تخلفت إلى هذا الحد وهي تحكم بالشرع والدين، بينما تفوقت أوروبا لهذا الحد لأنها نحيت الحكم بالدين جانبا وحكمت بالعقل والديمقراطية، إذن فلتتغير ثقافتنا ونظام حياتنا كله، ولنتقدم.

المشروع الثاني الذي ظهر كرد فعل على المشروع الأول هو المشروع الإسلامي. ويتجلي في تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، أي بعد انهيار دولة الخلافة بسنوات قليلة. هذا المشروع انطلق أساسا لمواجهة الاستعمار الغربي لشعوب العالم العربي والإسلامي، وكان الدين بالنسبة له هو محفز مواجهة الاستعمار – المسيحي أو الكافر – وهو دعامة مقاومة ألاعيب الاستعمار ومحاولاته لغزو ثقافتنا وطريقة عيشنا. اعتمد المشروع الإسلامي على أفكار التراث الإسلامي وعلى ضرورة عودة دولة الخلافة أو تحقيق نوع من الوحدة الإسلامية التي تمكن المسلمين من مواجهة أعداءهم، فضلا عن التركيز الثقافي على أهمية الالتزام بتعاليم الله ومنهج الشرع في كل أوجه الحياة من أجل أن يرضى الله عنا فيبارك خطواتنا وينصرنا على القوم الظالمين.

سار المشروعان متوازيين. ازدهر المشروع الأول وتألق في عديد من الأماكن في العالم العربي – الذي كان قد بدأ في التحول إلى دول (دولة قومية أو
nation state)
ومع الحرب العالمية الثانية وظهور الاتحاد السوفيتي – الشيوعي العلماني - كقوة عالمية تساند حركات التحرر في العالم الثالث، بلغ ازدهار المشروع التحديثي الغربي في العالم العربي عنان السماء، ووصلت للحكم نخب عسكرية قومية علمانية مؤمنة بالتحديث الغربي، ومن ضمنها مصر، وساد هذا المشروع حتى هزيمة عام 1967.

لم يعن ما سبق انطفاء أو اختفاء المشروع الديني، فقد توارى فقط عن الأنظار بسبب قوة المد القومي القائم على أسس علمانية عقلانية. ومثل اصطدام التيار القومي بالغرب عاملا إضافيا سبب انحسار المشروع الديني الإسلامي، إذ أن اقناع شعوب المنطقة – ومنها الشعب المصري – بتفوق المشروع الإسلامي على المشروع القومي كان صعبا بشدة، مع الجاذبية الناصرية، وتحدي الغرب، وعدم تفاقم المشاكل الاقتصادية/الاجتماعية بسبب صغر حجم السكان وقتها وضعف وسائل الاتصالات الذي أدى لعدم ظهور المشكلات الحياتية بالشكل الذي ظهرت عليه بعد ذلك.

ومع تغير هذه الأوضاع، بات حتميا أن يزدهر المشروع الإسلامي ويعود إلى الصدارة. انهزم المشروع القومي العلماني في عام 1967. أصبح تحدي الغرب وإسرائيل مستحيلا في عيون الشعوب العربية المسلمة إلا باستدعاء قوة أكبر من القومية والعلمانية وهي الإسلاموية. أسلمة كل شئ – حتى الملبس والمشرب والمأكل - حتى يساعدنا الله وينصرنا على إسرائيل والغرب. ازدهر الاقتصاد الخليجي نتيجة دم المصريين الذي سال فوق رمال سيناء، وطارت الأفكار البدوية التي تقدم نسخة متشددة للإسلام عبر البحر الأحمر والمتوسط لتصبغ كل العالم الإسلامي – بدرجات متفاوتة – بصبغة متطرفة منغلقة.

ولكن كان أهم ما دفع المشروع الإسلامي لصدارة الساحة السياسية هي ما يمكن أن نطلق عليه أزمة الاقتصاد السياسي الدولي في الثمانينات. فقد انهارت أسعار النفط بعد فورة ارتفاعها في السبعينات مخلفة وراءها أنظمة حكم تعاني من اختلالات في الميزانيات وعجز في السيطرة الاقتصادية على دولها، مما أدى إلى تصاعد دور المعارضة السياسية لهذه الأنظمة السلطوية، وغنى عن البيان أن المعارضة السياسية في العالم الإسلامي هي دائما معارضة دينية. أضف إلى ذلك الانهيار الكبير في حجم المساعدات الاقتصادية الغربية للمنطقة مع تدهور قوة – ثم انهيار – الاتحاد السوفيتي وتراجع الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في معادلات الحرب البادرة، فلم تبق إلا الأهمية الاقتصادية الممثلة في البترول وهذه لا تحتاج لتقديم مساعدات، فيكفي سعر البترول وما يدره من بلايين!

إذن، في الثمانينات، تعاظم التأثير الاجتماعي والثقافي للجماعات الإسلامية – بخلاف الانتقال الأيديولوجي الوهابي من السعودية تحديدا لكل العالم الإسلامي – بسبب ضعف قوة الدولة الغارقة في أزمات اقتصادية عنيفة. ومن هنا ازدادت أسلمة المجتمع بشكل ملموس، وانتشر الحجاب واللحى وسيطرت مفردات عذاب القبر وتكفير المجتمع وما إلى ذلك مما كان قبل الثمانينات منحصرا بين متبعي هذه الجماعات ولا يتعداها للشارع والعامة.

وتأتي التسعينات بما يعزز أكثر سيطرة التيارات الدينية المائلة للتشدد على الساحة الإسلامية في الدول العربية بالذات. فقد أعطى الوجود العسكري الأمريكي في السعودية بالقرب من الأماكن المقدسة، والهزيمة الساحقة للعراق في حرب 1991 أمام الجيوش الغربية، دوافع أشد لازدهار الفكر التكفيري المتطرف الذي يدعو للجهاد بلا تمييز وضد أي شخص أو جهة يراها الفقه الجهادي مُعادية لله ورسوله، فضلا عن انهيار الاتحاد السوفيتي وخلو الساحة الغربية والإسلامية من العدو المشترك الذي طالما قاتلاه سويا، فانتقلا لقتال بعضهما البعض، حتى وصلا لحادثة 11 سبتمبر الشهيرة والتي أدت ردود الفعل عليها لتعزيز المشروع الديني بل وإعطاءه كثير من المشروعية وسط الملايين الذين هالهم رد الفعل الأمريكي العنيف.

ونأتي للوقت الراهن، الذي مازال يشهد نفس المعطيات، وإن كانت أعمق وأكثر تكثيفا.

الغرب في المنطقة كما لم يحدث من قبل. الحكومات تفتح أبواب الحرية والديمقراطية على استحياء – ومرغمة – فتدخل تيارات الإسلام السياسي لتملأ الساحة. الثقافة العربية الإسلامية بطيئة التغير وتميل بشدة ناحية تفضيل الحكم تحت شعار الإسلام والدين. التسامح – مع ما يراه المسلمين من اضطهاد لهم – يكاد يختفي تقريبا ويحل محله كم لا نهائي من التعصب ورفض الآخر. الحكومات العلمانية في المنطقة مازالت تتخبط في مسار التنمية الاقتصادية ولا تستطيع أن تحقق انجازا تنمويا يستميل إليها أفئدة شعبها. الأموال الخليجية بلا نهاية والفكر المتشدد – الذي يحفظ العروش – هو البطل. التأثير الإيراني – السياسي والديني – يملأ الساحات الفارغة في العالم العربي ويجر وراءه أتباع عرب من المذهبين: حزب الله الشيعي، والأغرب منه حماس السنية! وأمامها سوريا البراجماتية الطامعة في تحقيق أي مكسب يحقق لها الهدفين الأهم لها: الحفاظ على نظام الحكم واستعادة الجولان بدون حرب.

يخطئ من يتصور أن مستقبل مصر منفصل عن مستقبل المنطقة. لم يحدث عبر تاريخ الشرق الأوسط الطويل أن سارت الأغلبية في طريق وسار أحد الأعضاء وحده في طريق آخر. كانت مصر عبر التاريخ تؤثر وتتأثر بمحيطها. كانت تقود اتجاهات سياسية/فكرية ما وتنقاد أحيانا وراء اتجاهات أخرى.

كل ما نقرأه من معطيات يؤدي لنتيجة واحدة: إنه زمن التطرف، زمن تراجع الفكر الحر والدولة المدنية. ولسوف ينقضي وقتا قبل بزوغ شمس الحرية والتقدم والنور على بلادنا. أما عن مصر وما يمكن أن يحدث فيها قريبا، فلهذا حديث آخر


النص الكامل للمقال

و قـــل اعــــمــــلـــــوا

11.12.08 |


بقلم سوسن

بدأ الحديث مؤخراً عن "الخريف السكاني" حول العالم...ـ

ما هو الخريف السكاني؟ هو تناقص "طبيعي" لعدد سكان العالم بعد زيادة طبيعية اعتاد عليها، عمرها تقريباً من عمر العصر الحديث باستثناء أزمات مثل الحروب و الكوارث الطبيعية و الأمراض. الفرق بين التناقص الطبيعي و الأزمات هو أن الأخيرة تحدث بصورة مفاجئة و تؤثر في جيل واحد فقط غالباً، بينما التناقص الطبيعي يحدث تدريجياً نتيجة لتداول المجتمعات و الأجيال قراراً بالتوقف عن أو الحد من الإنجاب، بعد رسوخ دافع اجتماعي، ثقافي، و سيما اقتصادي.

من المفهوم طبعاً ألا تتصدر هذه الظاهرة أجندة أعمال الدول النامية لأن كثيراً منها لا زال يعاني تبعات انفجار معدلات السكان و يدفعنا بذلك لتركيز اهتمامنا على مشاكل الفقر و العشوائية و الفجوة العلمية. و لكن بما أنك قارئي الكريم من فئران تجربة العولمة –مثلي- فهذه المشكلة "الغربية" تؤثر عليك بشكل مباشر.
إليك بعض التفاصيل:

الحقيقة الأولى:
الـ baby boomers
هم مواليد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة و أوروبا (جيل مواليد 1946 إلى 1964 بالتقريب). يشكل الـ
baby boomers
ما يقرب من 40% من طاقة العمل في الولايات المتحدة مثلاً. أكثر ما يميز أبناء البيبي بوم هو التحرر الاجتماعي و الديني و الثقافي و الجنسي، مصاحَباً برخاء و استقلال اقتصادي، و أهم خاصية لهم هو حصولهم على القسط الأعظم من التعليم و الخدمات الصحية مقارنة بأجدادهم داخل الولايات المتحدة و أوروبا و بأمثالهم في باقي دول العالم.

الحقيقة الثانية: بحلول عام 2015 سوف تصل أصغر دفعة من دفعات البيبي بوم عامها الستين، و بذلك سوف تخسر الولايات المتحدة الـ 40% من طاقتها العاملة كاملةً بوصولها لسن التقاعد. معنى ذلك هو توقف مفاجئ لمدخلات ضريبية كبيرة مع تضخم مفاجيء في الطلب على خدمات التأمين الصحي و الإعانة المعيشية للمسنين. لاحظ أن أبناء البيبي بوم لم يكونوا في الإجمال من طبقة الياقات الزرقاء و لكنهم حظوا بجودة عالية من التعليم و شغلوا وظائف مرموقة كرؤساء شركات و ما تلى. وعليه، فإن الصدمة الاقتصادية المتوقعة هي ليست في كم السيولة النقدية التي ستتأثر بالفجوة فحسب و لكن في فقدان مفاجيء لعمالة عالية الجودة؛ و بدون أي تدخل استراتيجي، قد يؤدي هذا العجز إلى كارثة كساد أخرى شبيهة بالحالية أو أسوأ حالاً.

أتممت بذلك سرد الحقائق، و يتبقى لي نقل تحليل أساتذتي فيما يظنون (و أشاركهم الظن) بأنه أحد السيناريوهات المطروحة. أحد الحلول لهذه الفجوة المالية و النوعية هو استيراد المهاجرين لسد عجز العمالة و ضمان وجود دافعين للضرائب و بالتالي استمرار دوران العجلة الاستهلاكية لنظام الاقتصاد بالذات في الولايات المتحدة. و لكن يجب على هذه العمالة أن تكون مدربة و ذات مهارات إدارية (و قيادية) عالية حتى تضطلع بمهام العمالة التي سبقتها.

الجدير بالذكر أن طبقة ذوي المهارات و الكفاءات في العالم النامي اليوم أصبحت أكثر تنافسية من أمثالها في أوروبا و أمريكا الشمالية. انظر إلى ذاتك، فأنت غالباً متمكن من لغتين على الأقل (العربية و الإنجليزية) و على دراية بلغة ثالثة (درستها على وجه الكروَتة في المرحلة الثانوية). و من ناحية أخرى، فأنت غالباً حاصل على شهادة تعادل فئة البكالوريوس/الليسانس، و إذا كنت قمت بنشاطات مع طلاب من جامعات أو بلدان أخرى خلال دراستك الجامعية فهذا يزيدك خبرة في التواصل العملي مع ثقافات مختلفة، هذا بجانب درايتك بثقافة بلدك زائداً الثقافة الغربية التي أصبحت خبيراً بها نتيجة لتعرضك لها من خلال الإعلام. على الناحية الأخرى، الأمريكان لا يتم تشجيعهم على التحدث بغير الإنجليزية، ليس نوعاً من التعصب و لكن لأسباب ليس مجالها مضارعاً هنا. و أخيراً، بعملية حسابية بسيطة، كل ما لدى عامل أمريكي (على وجه الخصوص) من رأسمال أنت لديك منه اثنين: فالأمريكي لديه لغة واحدة، أنت لديك اثنين (أو أكثر). هو/هي تعرض لثقافة واحدة، و أنت اثنين أو حتى أكثر.

لكن على صعيد آخر، انحدرت سمعة و تنافسية العمالة المصرية في العشرين سنة الماضية على الأقل مقارنة بعمالة دول أخرى نامية لاعتبارها عمالة مكلفة نسبياً بالقياس بانتاجيتها و سلوكها في العمل. فالمصريون مثلاً تعودوا استهلاكاً أكبر من قدراتهم المادية نتيجة لثقافة المجتمع التي تجعل معظم الآباء ملزمين بتأمين رفاهية أبناءهم دون حساب. بالتالي عندما يخرج الأبناء لسوق العمل يتوقعون عائد مادي مساوٍ لما توفر لهم فيما قبل، و عندما لا يتحقق لهم ذلك، يصابون بالاحباط فيلجئون لأحد الخيارين: التراخي و التخاذل في مكان العمل أو تبني الفهلوة لإيجاد "سبوبة" جانبية.

هناك أمل أو حسنة أتطلع إليها في مشكلة الخريف السكاني و هي وجود فرصة للعمالة المصرية في تحسين سمعتها داخل و خارج أراضيها. تركيزك على التفاني في العمل بدلاً من تعظيم مكاسبك الشخصية يعود بالمكاسب "المادية" عليك و على باقي مجموع العمالة عن طريق تحسين صورة المجموع و بالتالي زيادة الطلب على أفراد هذا المجموع.
خلاصة القول أنك إذا كنت تحت الخمسين و تعتبر من العمالة الكفء، و إذا كنت قد استثمرت في نفسك و شبابك و في وقتك و في تعليمك، فأنت في العشرة أعوام القادمة و ما يليها سوف تقف في مصاف الفرخات ذوات الكِشْك في سوق العمالة العالمية؛ خاصة إذا لم تكن مدخناً و ليس لديك عادات غبية شبيهة تخسف بصحتك الأرض فتجبرك على الوقوف في آخر صف الفراخ بدلاً من أوله. مع بريق الأمل هذا، قد تستطيع أن تضع رجل على رجل و تتشرط: تستطيع أن تختر الهجرة لأسواق عمل جاذبة و تستطيع استقطاب رؤوس أموال أجنبية تأتي لحد عندك.

إذا قررت أن تتركها مِخَضًرة للمجموع (اللي هو المصريين) و سافرت للعمل في الخارج بشرط كونك كفؤاً، فإنك ستنخطف خطفاً. ومع أنك سوف تساهم في تفاقم ظاهرة الـ
brain drain
داخل بلدك و لكن مع ذلك مفيش مشكلة لأنك سوف تقوم بعمل تسويق و دعاية إيجابية لأبناء بلدك إذا أحسنت سلوكك و أتقنت عملك بدلاً من اتقان "الفهلوة". فإذا استضافتك بلد ما، لا تنس أن تحسن لمضيفك. و إذا قررت أن تبق في مصر لأن مصر هي أمك فأنت إذا أتقنت عملك برضه سوف تجتذب رؤوس أموال أجنبية لم تستطع استقطابك فجاءت لك هي برجليها، فإذا استضفت لا تنس أن تحسن الضيافة.
هذه دعوة لي و لكم، بنسيان أو تناسي الإحباطات التي يتعرض لها شباب هذا الوطن، و التركيز على التفاني في العمل و بث الروح الإيجابية فيمن حولنا و الخروج من عنق زجاجة العَجَزة. و السلام


النص الكامل للمقال

شجيع السيما

10.12.08 |


بقلم حفصة


تحتدم حرب شرسة يوميا على اسلاك الانترنت و في سهول الفضاء
لهذه الحرب حرب شرسة، لا هوادة فيها و لا رحمة، تطيح بكل ما يعتقد أنه عدو او حتى مشكوك في ولائه
فمن ايميلات تحذر من غضب الله الى ايميلات اشبه باسلوب تجميع كوبونات خصم تحسب لك كم حسنة سوف تكسب ان قرأت كذا او سبحت بكذا في خلال اربعين ثانية وانت كاتم نفسك تحت المية وتوجد ايضا نوعية من امثال"ادعية تذيب الحديد" و"تفتح السماء عنوة" و دعاء "بكت عليه الملائكة عشرون سنة لما عنيهم ورمت

ثم هناك هذا النوع من تمرين مجاهدين الاسلام و تقوية عضلاتهم وصقلهم حتى يواجهوا مخاطر الشيطان الرجيم والانهاء عليه فور نزولهم حلبة المصارعة، تمرينات تأتي في شكل ايميلات تاخذ منحنى فكاهي مثلا كعنوان " قدها و لا مش قدها" " حتقدر ولا مش حتقدر"، يعني جمل اليق ان تكون مضافة لاعلانات مشروبات الطاقة التي تعطي جوانح أو وجبة كنتاكي الجديدة، فتفتح الايميل لترى ما هو هذا الشئ الذي يشكك في قدراتي ويقلل من قيمتي، وبهذا يكون صاحب الايميل قد حقق او خطوة نصر في طريقه الجهادي الطويل باستثارة عزتك بنفسك و ايمانك "بكمالك" الانساني، فقط لترى ان الايميل هو كمية ادعية و مرفق معها كتالوج لبيان عدد النقاط، اسفه –الحسنات- التي سوف تثاب عليها اذا قرأته مرة، و اذا قرأته عشرة، و اذا قرأته يوم جمعة صباحا، ثم يوم الاحد عصرا، ثم اذا مررته الى عشرة و الى خمسون و يحسب كم حسنة دوبل كب تربيع سوف تحصل عليها ومن ثم تخرج من مدينة الملاهي محمل بكمية حسنات يا راجل ولا الجن الازرق يعرف يجيب زيها

ثم اخيرا يكون التحدي
"ها قدها و لا مو قدها؟؟
او
"سوف نرى الآن من اقوى عزيمة و اشد بأسا، انت ام الشيطان؟؟

فتشعر انك مثل مدرب السيرك "ها، انا شجيع السيما، ابو شنب بريمة"، او مثل موشو بطل فلم مولان عندما قال "انا الفتك انا الحرك ان االملحلح موشو و كان لا يملك من امره شيئا"، كل هذا يضعك في حالة مؤكد حقدر ابعت الايميل لمائة شخص اطلع عينهم وهما يبعتوه لمية والمية لمية يعني كدا حاخد كام حسنة؟ حد بيعرف يحسب يا ناس؟؟ "فبكبسة زر واحدة سوف تكسب ما لا يقل عن100000 حسنة، واو، يا للهول

فتاخذك الحماسة لارساله لاكبر عدد المرة بعد المرة و ارسال ايه ايميلات اخرى من نفس النوعية، وينتهي المطاف بصندوق الانبوكس الخاص بي محمل بالمئات من الايميلات التي تتاجر بالدين وتنظملك حساب حسناتك وتنصحك بافضل الطرق للحصول على اكبر كمية نقاط يمكن استبدالها يوم القيامة فيما يبدو! كل ما بعت اكتر فرصتك في الفوز تكتر، اعتقد هذا هو الشعار الذي يجب وضعه في نهاية كل ايميل من هذه النوعية

عزيزي صاحب الايميل، لقد نجح مُصدِر الايميل الاول في خلق حالة تحدي مع وهم لا وجود له لقضية لا هدف لها ولا نتيجة غير ان شركات الانترنت حتسكب ثمن طول قعدتك على الكومبيوتر ضاغطا على زر فوروارد و اد كونتاكت، و اشعرك انه بارسالك الايميل قد حاربت الشيطان الرجيم و تغلبت على كفار مكة و هزمت الصليبين في القدس و استرجعت الاندلس المغتصبة و فتحت امريكا بشماليها و جنوبيها و صدرت البن لليمن و المشمش لسوريا و بعت ميه في حارة السقايين

عزيزي صاحب الايميل اني اتسال، ماذا لو لم تكن هناك حسنات من اي نوع؟ هل كنت لتستمر في الارسال؟؟ او ما مدى القوة التي شعرت بها بعد انهاءك تمرين العضلات النفسي الذي قمت به؟؟ هل حقا هزمت الشيطان الحقيقي؟؟ هل هزمت عوامل الفشل و التاخر و الخمول العقلي التي نعيش فيها، بل نسبح فيها و نحن في قمة الغبطة و السرور؟

اني اعتقد تمام الاعتقاد ان الشيطان منذ ما يقرب من عشرة سنوات قد توقف عن عمله و في حالة مشاهدة لما نفعله من اعاجيب ولا سحرة موسى و فرعون مجتمعين زائدا عليهم ديفيد كوبرفيلد، فما يحدث الان فوق قدرات الشيطان الجهنمية و المسكين لا يقدر على تحمل تبعات شراء كومبيوتر و خط دي اس ال لانهم حيسيحوا في جهنم

و اخيرا
ادعوا معي هذا الدعاء لما فيه خير الامة و لا تنسوا توزيعه على اكبر كمية من المستخدمين و نشره في كل المنتديات و جميع المواقع و كل الجروبات الفيسبوكيه و الجروبات على ياهو و غيرهم و اغلب المدونات و اي اماكن اخرى ترون فيها مساحة نشر صالحة
اللهم ثبت لنا سيرفر ياهو و جيميل وهوتميل و ويندوز
اللهم لا تقطع عنهم التطوير حتى ننتشر كانتشار النار في الهشيم
اللهم لا تجعل حكوماتنا تمنع عنا المواقع و تراقب اجهزتنا
اللهم احفظ لي كلا من الهارد درايف و السي درايف و اي درايف مليان بفايلاتي و محتوياتي
اللهم لا تجعلني يوما انسى باسوورداتي
اللهم اني لا اسألك رد القضاء و لكني اسألك الرحمة و البعد من الاغبياء..امين


النص الكامل للمقال

صدقني..يوماً ما كنت جميلة

9.12.08 |


بقلم نسرين بسيوني


ذاك اليوم أخبرني صديقي السوري انهم يبحثون عن من في مثل سني و خبرتي المهنية في البنك الشهير الذي يعمل به. أبتهجت من منطلق ايماني الشديد بالتطور الطبيعي للحاجة الساقعة و قناعتي بأن -في هذه المرحلة من حياتي- الانتقال من وظيفة الي اخري سيفيدني مهنياً بشكل كبير على المدى الطويل

قمت بالخطوات التقليدية المعروفة فى مثل هذه الحالات من ارسال السيرة الذاتية بأكثر من لغة و غيرها، و بداخلي قناعة اننى اكثر من توقعاتهم وان الوظيفة-بإذن الله- لي , مع وجود احتمالات بأنني لن أُقبل فى الوظيفة المبتغاة، فبالطبع لا شئ مؤكد، و في اى الاحوال انا لست عاطلة عن العمل بل اعمل فى شركة من أكبر الشركات فى البلد التى اقيم بها, اذن لا مشكله يا عزيزي سواء قبلونى او رفضونى، انا مهيئه نفسياً للأمر.

ما لم أكن مهيئه له هو أن يتم رفضي بالوظيفة لأنني "مــصــريــة"! أوبس.. ليه كده يا حنفي الاهانة ديه؟ وماله لما اكون مصرية ولا من الكونغو حتى؟
- يا صديقتي لو كنتى من الكونغو كانوا قبلوكي
-أوبس تانى
-يفضلونها لبنانية, أردنية , كويتية..
-كويتية يا حنفي؟ ماشي
-لكن المصرية مرفوضة فى مجال العمل بالبنوك
-ليه؟؟
-مش عارف

من يومها يا صديقي وانا أبحث فى وجوه المصريات عن المانع -غيرالمهنى- الذي يجعلنا مرفوضين مرفوضين دون حتى المرور على ماكينة "الانترفيو" الشهيرة , وللأمانة وجدت موانع كثيرة. صدقني انا لم اكن ابحث فى وجوههم عن جمال ارستقراطي مميز أكتسبناه من الاتراك الاعزاء، فانا اعلم جيدا ان ما بقي من الاتراك لنا هو بدلة الرقص و المسقعة و صينية الكشك. لم أكن ابحث عن الحقيبة ال"لويس فيتون" أو العطر الفاخر. كل ما كنت ابحث عنه فى وجوهنا -نحن المصريات- هو مسحة من جمال متواضع بسيط و مهنية واناقة مطلوبة لتدخل الراحة و الثقة فى نفس العميل. لم اجد شئ سوى وجوه غبية! نعم أذنيك لم تخطئ السمع.. وجوه غبية.. و ايشاربات مزركشة يظهر من تحتها شعر ملتصق بالوجه ممزوج بالعرق و كنزات ملونة ملونة ملونة. (ما الامر بين المصريات والالوان؟ لا اعلم حقا.ً) إما متشحات بالسواد من قمة رؤوسهن حتى أظافر القدمين، إما ملونين ملونين ومزركشين مزركشين يا ولدي!

تعلم و أعلم إن المظهر بالغ الأهمية في مجال العمل بالبنوك أو غيرها و أعترف إننا -المصريات-- أهملنا مظهرنا سواءا في العمل أو داخل بيوتنا، و لكن هل تعلم أن جزءا كبيرا من المسؤولية يقع على بنات جلدتك من حاقني الشفاه والخدود اللاتي حطمن سقف الجمال وجدرانه؟ فبعد ان كان الصدر المثالي هو "حبتي الخوخ" اصبحنا نتحدث فى البطيخ والكانتلوب و الصواريخ ارض جو! و بعد ان كانت الشفاه النضرة الرقيقة هي مثار فخر لصاحبتهما اصبحت "الشلاضيم" هى السلعة الرائجة.. يا عزيزي لم استطع ان اجاري هذا انا وبنات جلدتي المصريات العزيزات، فنحن -كنا- سعيدات بخوخنا و ليموننا و بطيخنا الطبيعي بدون أي أسمدة او مكسبات طعم. نحن الغارقات فى همومنا، العاملات المجتهدات، من قلنا "لا" فى وجه من قالوا "نعم".. أحم أحم.. اه كنت باقول إيه؟ الحق يا عزيزى على بنات جلدتك من مطربات الفيديو الكليب، من ادخلو الشك والريبة فى عقول و قلوب و"صدور" المصريات فاصبحت كل صبية او سيدة منا تنظر لجسدها ببعض القلق، و بعد رابع كليب لبلدياتك المعدلة فيزيائياً (هيفاء) اصبحت معنوياتنا جميعا فى الحضيض. ولأننا لم نكن متفرغات يوماً لجمالنا و اعتدنا ان نكون جميلات بلوننا الحنطي و اجسادنا المكتنزة المشدودة و بعض الكولونيا دون اى مجهود، فهذه الثورة التي قادها بنات عمك المنفوخات لم نستطع ان نشارك فيها او نحمل لواءها. ورائنا يا صديقي نصف دستة اطفال، فنحن ايضاً لم نحذوا حذو بنات عمك و لم نعتزل انجاب الاطفال

كل ذلك أثر علينا بالتأكيد ولكن الضربة القاضية جاءت من المد الوهابي اللذيذ الذي اضاف علي شوارعنا بعض الاثارة والساسبينس، فلا تتعجب إن شاهدت عشرات من (باتمان) في ميدان رمسيس يتجولون في وضح النهار بكل فخر وثقة واعتزاز, فلم يعد متاحاً لي ان ارتدي فستان امي المستوحى من فيلم "الثلاثة يحبونها"، او حتى ان ارتدي بدلة مهنية رمادية اللون تحتها قميص ابيض عادي. لم يعد متاحاً لي سوي ارتداء السواد او الالوان الالوان الالوان (راجع الفقرة الخامسة). أضف الي اهتزاز الثقه بالنفس(عامل لبناني) مع الزي البدوي (عامل سعودي سلفي وهابي). أضف تدهور الحالة الاقتصادية و زيادة الاعباء على المرأة المصرية (عامل مصري), مع بعض امراض الذكورة التي اصابت رجالنا الاعزاء (عامل مصري برضه). كل هذه العوامل ستجبرك على الاشفاق علينا وعلى حالنا, ثم استرجع فى ذاكرتك ايقونات الجمال و الاناقة فى العالم العربي (فاتن حمامة, مريم فخر الدين، سعاد حسني, مرفت امين ,زبيدة ثروت ,ايمان) و تذكر اننى يوماً ما كنت جميلة، و كنت كحلم صعب المنال، تذكر ان بنات عمك جاءوني كي اعلمهم الفن و الاناقة و اننى كنت اضع نفس العطر الذي تضعه سيلين فى باريس و اليزابيث فى نيويورك و بيوت الازياء العالمية كانت تصدر لي قبل ان تصدر لباقي دول العالم. تذكر انني كنت اتعلم البيانو قبل تعلمى للحساب و ادرس الفرنسية منذ نعومة اظافري. تذكر اننى كنت جميلة قبل ان تعرف نساءك الكعب العالى واننى كنت جميلة لدرجة دفعت بنات لبنان لارتداء "الهوت شورت" و البيكيني فى كل افلامهن كي ينافسوا جمالي وغوايتي ولم يستطيعوا ان يتخطوا كونهم مجرد (فتيات استعراض)

و تذكر اننى ببعض المجهود البسيط سأعود اجمل مما كنت يوماً, الامر فقط يحتاج بعض الارادة و التنوير و صدقني انا لن ابدأ بنزع حواجبي و دقها كالوشم او نفخ شفاهي، بل سأبدأ بتعلم البيانو و الفرنسية و سأقرأ اشعار احمد شوقي. هكذا كنت وهكذا سأكون.
و أيضا فتيات الاستعراض سيبقوا و سيظلوا فتيات استعراض


النص الكامل للمقال

معضلة منافسة العالم -المعطيات

8.12.08 |


بقلم محمد زكي الشيمي

سأتحدث هذه المرة عن موضوع اقتصادي بحت لارتباطه بمجموعة مفاهيم وطرق أداء سياسية عقيمة .
أحد مشاكلنا في مصر أن غالبية المعارضين ممن يتسلون بقراءة جرائد( انقد ولا تحاول البحث عن حل) يتصورون أن إدارة الدولة هي عملية إدارة جمعية خيرية حيث يتصورون أن هناك خزانة ضخمة من المال يتم تفريقها علي المواطنين بدون سبب،وبدون تفكير في مصدر أموال تلك الخزينة الضخمة التي يتوهمونها.
وهناك آخرون من المؤيدين للحكومة ممن يتسلون بقراءة جرائد (كله زي الفل) يتصورون أن الصورة المثلي لإدارة الدولة هي إدارتها علي طريقة التشكيل العصابي

الحقيقة أن إدارة الدولة دائماً لها هدف وهو رفع مستوي مواطني هذه الدولة في مختلف المجالات ،ولهذا سيكون كلامي التالي مستغرباً عند كثير من المعارضين.
ينتقد كثير من المصريين غلاء الأسعار ويهاجمون باستمرار مجموعة أشياء أصبحت من ثوابت الانتقاد الدائم ، علي رأسها البطالة ، انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، التخوف من إلغاء الدعم ، الدفاع عن مجانية التعليم، ثم يعودون للحديث عن الاقتصاد الوطني،لذلك فأنا أريد فقط أن يناقشني أحد العقلاء في المعضلة التالية.

معطيات المعضلة:
1- شعب لا يعمل إلا أقل القليل من الوقت.
2- عندما يعمل كفاءته الانتاجية منخفضة لانخفاض كفاءته المهنية.
3- لمعرفته بطبيعة وطبيعة باقي أفراد المجتمع يزدري الصناعة الوطنية ويفضل الصناعة الأجنبية.
4- نتيجة لما سبق فهو يستهلك أكثر مما ينتج.
5- ونتيجة لانخفاض قدرته علي التنافس فإنه يلجأ دائماً لأحد حلين فاشلين أما إغلاق سوقه المحلي بدعوي حماية صناعة وطنية غير ناجحة بالقدر الكافي،أو فتح السوق مما يؤدي أن تصبح السلعة الأجنبية أفضل وأرخص من السلعة المحلية.
6- ونتيجة لأنه لا ينتج بكفاءة فإنه لا يجد سوقاً لتصريف منتجاته فيبقي أمام الصناعة الوطنية حلين إما أن تقلل تكاليف الإنتاج بتخفيض جيش العاملين من غير الأكفاء ، أو أن تتضاعف تكاليف الإنتاج عليه فيخسر أكثر وأكثر.
7- فإذا اختار أن يحتفظ بعمالة زائدة جداً بتكاليفها ويخسر تدعمه الدولة من موازنتها التي هي في الأساس مدفوعة من الشعب ككل من خلال الضرائب فلا بد للحكومة أن تخفض نفقاتها في اتجاهات أخري مثل الدعم ،أو مجانية التعليم أو الخدمات الصحية أو أن تزيد مواردها برفع قيمة الضرائب ، وفي الحالتين فالمواطن –نفس المواطن الذي لا يعمل – سيسب و يلعن.
8- وإذا اختار أن يقلل من العمالة غيرالمنتجة تزايد عدد العاطلين وتزايدت الجريمة والانحرافات والأهم من ذلك هو تزايد ضعف انتاجية الدولة.
9- لأجل ذلك كله فقد يصبح زيادة التنافسية ممكناً عن طريق تخفيض أعباء أخري مثل قيمة سعر الفائدة ولكن ستحدث معضلة أخري سأشرحها بعد فاصل اقتصادي قصير.
--------------------------------------------------------------
فاصل اقتصادي
سعر صرف العملة أمام الدولار: يتوهم كثيرون نتيجة للجهل الاقتصادي أن انخفاض قيمة الجنيه أو أي عملة أمام الدولار معناه كارثة ، ولكن هذا غير صحيح وينبغي توضيحه.
لو فرضنا أن الدولار يساوي ستة جنيهات ،وأن سلعة مصرية سعرها داخل مصرهو ستون جنيها ،إذن قيمتها الخارجية بعد إضافة تكاليف النقل والشحن(ولتكن 20% من القيمة المحلية للسلعة)،الخ ستكون مثلاً اثنان وسبعون جنيها أي اثنا عشر دولاراً.
في حين أنذات السلعة أجنبية سعرها في بلدها خمسة عشر دولاراً ،وبعد إضافة كل النفقات الإضافية سيكون سعرها هنا في مصر ثمانية عشر دولاراً أي مائة وثمانية جنيهات.

في هذه الحالة سيصبح سعر السلعة المصرية في مصر ستون جنيها مقابل ذات السلعة الأجنبية بمائة وثمانية جنيهات ويصبح السعر في البلد الأجنبي اثناعشر دولاراً للسلعة المصرية مقابل خمسة عشر للأجنبية ،إذن فهذا يعني أن القدرة علي التنافس لا زالت موجودة
والسؤال هو ماذا سيحدث عندما يرتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه ،وهل سيكون ميزة أم عيباً اقتصاديا والإجابة هي بوضوح

سيبقي سعر السلعة المصرية داخل مصر ستون جنيها مقابل سلعة أجنبية سعرها 18*10 = 180 جنيه ،إذن الاقتصاد المصري سيحقق نجاحاً أكبر داخل أرضه
أما في الخارج فسيصبح سعر المنتج المصري هو ( 60 جنيه + 20 % )/ 10 = 7.2 دولار في حين سعر السلعة الأجنبيةهناك سيبقي خمسة عشر أي أن الانتاج المصري سيكسب قدرة أكبر بكثير علي التنافس.
والسؤال التالي إذن لماذا تزداد الحالة سوءاً كلما انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار؟ والإجابة ببساطة لأننا لا ننتج أصلاً بل نستورد معظم احتياجاتنا (بما فيها فوانيس رمضان ) وبالتالي فطبيعي لشعب كسول واستهلاكي أنه كلما انخفضت قيمة عملته زادت الأعباء عليه.
ما قصدت أن أقوله هنا إن العيب ليس في انخفاض أو ارتفاع قيمة العملة لأنه علي العكس تماماً مما يتصوره الكثيرون فانخفاضها يكون مفيداً جداً للدول المصدرة ، أما الدول المستوردة فهي التي تعاني الأمرين ، وما أعنيه بوضوح أكثر أن العيب اننا لا ننتج وليس في أي شيء آخر.
---------------------------------------------------
ونعود لموضوعنا في وضع مثل هذا يصبح تخفيض قيمة الفائدة مفيداً ( أعلم أن مجموعة من أنصار الإسلام السياسي سيقفزون الآن فرحاً ويقولوا ألم نقل لكم، وهذا موضوع آخر لو شرحناه لاتضح لهم إلي أي مدي هم في الضياع اقتصادياً)،المهم لماذا سيكون تخفيض سعر الفائدة مفيداً ، لأنه سيخفض جزءاً من قيمة تكلفة العملية الصناعية وبالتالي يزيد قدرة المنتج المصري علي التنافس، ذلك أن تكلفة العمليات الإنتاجية يأتي جزء كبير منها بقروض من البنوك والتي بدورها تلتزم بإعطاء فوائد للمودعين ، وتطلب فوائد أكبر علي القرض من المستثمرين الذين يقومون بعملية التصنيع وبالتالي إذا كانت الفائدة للمودع 12 % مثلاً فإنها الفائدة علي المستثمر ستكون مثلا 20% وبالتالي لا بد أن تكون أرباحه بعد حساب كل التكاليف أكبر من 20 % ليسدد فوائد القرض ثم ليربح بعد ذلك ،وهذه عملية شديدة التعقيد،بعض من لا يفهم في الاقتصاد يتصور أنها ربا ،وو،الخ ولكن هذا ليس صحيحاً كما أنه ليس موضوعنا الآن.
فإذا انخفضت قيمة الفائدة من 12% لقيمة أقل تنخفض القيم الناتجة عنها (فوائد البنك علي المستثمر) وبالتالي يستطيع تخفيض السعر أكثر،كما أن هذا يسد كثيراً من العجز في ميزان المدفوعات،وهو موضوع طويل أيضاً ليس هذا وقت شرحه. ولو انخفض سعر الفائدة سيعترض كثير من المواطنين لأن أحد مصادر دخلهم الرئيسية هي من فوائد أموالهم في البنوك ،وتضغط القوي المعارضة باستمرار لرفض هذا.
==============================================================
بعد عرض المعطيات المتسببة في الحالة الرديئة التي نحن فيها أستطيع أن أقول لكم السيناريوهات المختلفة لحل مشكلة من هذا النوع ، و مميزات وعيوب كل سيناريو ،و بعدها سأشرح تصوري الشخصي للحل،ولكني سأترك هذا للمرة القادمة مكتفياً بعرض المشكلة ،ومنتظراً من كل شخص أن يضع نفسه مكان الحكومة ويقول كيف يحل هذه المعضلة من وجهة نظره


النص الكامل للمقال

تقديس اللامقدس

7.12.08 |


بقلم حنان الشريف


من المعروف والبديهى ان التقديس هو التقدير والإجلال والإحترام اللامتناهى ، فأنا أحب الله واحترمه واقدسه ، وأحب الكتب السماوية المنزلة من عند الله ، وايضاً لها قدسيتها التى تهتز لها المشاعر التى تعرف كيفية التقديس ومتى يكون ولمن ، ولكن من العجائب والغرائب المنتشرة فى مجتمعنا اليوم وهى تقديس الاشياء! بل ايضا نزع القدسية عما هو مقدس! فالقرآن الكريم تم نزع قدسيته بمقارنته بنظريات علمية تتغير وتستحدث من آن لآخر، ومبررهم الذى لا يستند الى حقيقة انه اعجاز!.. وهل نستكثر على الله خالق الكون والعالم بما فى الصدور الإعجاز؟؟

وما أن انتهى العرب من عبادة اللات والعزى حتى ظهر لنا منهم فئة جديدة، فترى أحدهم بلحية تطول وتقصر حسب العقل المتمثل ليضفى صفة القدسية للحية! .. ونرى احداهن وهى تسير في الطرق تجرجر ثيابها التى تلملم خلفها كل ما تحمله الشوارع من قاذورات ملقاه وكأنها عينت لتوها فى المحليات وكل مهمتها هى كنس الشوارع بثيابها ، وإن تحدثت إليها بتهذيب ملبسها حتى يصلح لغرض الصلاة الطاهرة على احسن تقدير، تجدها تنظر اليك شذراً لتتهمك بعدم الحياء وكأن الأمتار التى تستخدمها فى كنس الشوارع من المقدسات! وأخرى تضع فوق وجهها قطعة من القماش لتتخفى كليا.

وعن المعاملات حدث ولا حرج ، فالصوت العالى يلعلع والكذب فى الحوار والتدليس فى الكلام والتناقض فى الأفعال ، هذا كله ليس له علاقة بقطعة القماش الى تضعها احداهن على وجهها. فالأخلاق لا ترتبط حقاً بالزى ولكن من بين هؤلاء من تخلى عن الأخلاق التى وصى بها الخالق وكانت من اهم سمات الرسول الكريم فنزع عنها هذه القدسية، وذهب لتقديس قطعة قماش.. ومع تدنى الثقافات فى عصر اصبح يشبه بقوة العصور الظلامية، تخلينا عن المقدس باللامقدس، حتى صارت الاشياء التى يقدسها هؤلاء تستعبدهم بعد ان عبدوها ليجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها يجتهدون ويرهقون انفسهم فى دعوة الاخرين الى تقديس "الاشياء" بإضفاء اسم الله عليها ، فالمنتمى لجماعة محظورة ما ان يسمعك تنتقدهم فى شيئ حتى ينعتك بانك كافر وكأن الإيمان بالله تمثل فى اسم هذه الجماعة! ومن يقدس لحيته إن فكرت فقط فى ان تسأله عن سبب طولها بهذا الشكل تجد رده انها سنة ، لتتسائل وهل أديت الفرض؟؟ وإن تعاملت معه فلا تستبعد الغش فى المعاملة والنصب باسم اللحية المقدسة ، ولنا فى شركات توظيف الاموال اسوة

فرسالة النبى محمد (ص) كانت لانقاذ البشرية من الجاهلية والتوجه لعبادة الله وحده وتقدسيه والبعد عن عبادة الاصنام والخروج من مأزق الشرك بالله، واليوم نرجع اليها بسرعة الصاروخ وتحت مسمى الدين حتى لا تستطيع ان تجادل او تناقش. لكن هذه المرة لن يأتى رسولا جديدا لانقاذنا لأن الله ذكر فى كتابه الكريم ان النبى محمد (ص) هو خاتم الرسل، فمن اين أتيتم لنا بالعادات البالية؟ ولما العودة لعصور الجاهلية؟ وكيف حدثت عمليات غسل المخ ليحيا هؤلاء فى عصر التقديس الزائف للأشياء؟ هل ستحدث معجزة ربانية للإفاقة من الغفوة؟ أم ننتظر ان تحدث هزة لتصفية النفوس من رواسب الشرك لتسبيح الله وحده؟ ام كل ما نحتاجه هو التوعية لإصلاح فكر اتى إلينا مع هبوب رياح صحراوية بالية؟


النص الكامل للمقال

باي باي 2008

6.12.08 |


بقلم فانتازيا

بمناسبة قرب انتهاء عام 2008 وحلول عام جديد، كل سنة وانتم طيبين.. مش عارفة اشمعنى وانتم طيبين يعني؟ هل على أساس انكم بالأصل أشرار؟ ولا لأن الطيبة اصبحت عملة نادرة بنتمنى استمرار وجودها في الناس اللي بنحبهم؟ ولا طيبين بمعنى حلوين، زي اللبنانيين ما بيقولوا على الأكل الحلو انه طيب؟ إنما كل سنة وانتم طيبين وخلاص

فيه ناس كتير بتحتفل بالسنة الجديدة احتفال خاص وشخصي بينها وبين نفسها في محاولة لتقييم الذات وتحفيزها للنجاح، وفيه اللي بيحط امنيات يتمنى تتحقق في العام الجديد لاضفاء روح من التفاؤل والتوسم في ان بكرة هيكون أحسن من انهاردة وامبارح، فالأمل في المستقبل هو أيضا محفز هام لاستمرار الحياة. وفيه ناس بيعدي عليهم راس السنة كدة زي أي يوم تاني، بيهنوا بعض بالسنة الجديدة وخلاص، لا تقييم ولا امنيات ولا تخيل لإيه اللي ممكن يحصل بكرة أصلا، مش السنة الجاية بس.

لكن أنا من الفريق الأولاني. كل نهاية سنة احط مجموعة اهداف واحاول احققها، وف آخر السنة اللي بعدها بشوف نجحت فيهم ولا في بعضهم ولا مانجحتش ف ولا حاجة من أصله، واحط اهداف جديدة للسنة الجديدة وهكذا. غرضي من الموضوع دا اني اتأكد اني مش بأكبر في السن وبس، لأ بأكبر في الطموح وفي تنمية نفسي كمان.

بنقعد دايما نقول ياااه السنين بتجري والايام مفيش اسرع منها، لكن يا ترى احنا كمان جرينا معاها ولا واقفين زي ما احنا؟
كان زمان بابا نويل بيجي عندنا في المدرسة يفرق بونبوني وشيكولاته، وكنا بنفرح أوي ونستناه من السنة للسنة. لكن كل ما كنا بنكبر كان انبهارنا ولهفتنا على بابا نويل بتقل، لغاية لما فجأة لقينا مفيش بابا نويل.. خلاص مابقناش عيال، وكبرنا على الموضوع ده.. بقينا احنا اللي بنلبس لبس بابا نويل ونعدي على فصول الحضانة والابتدائي نوزع البونبوني والشيكولاته. وساعتها اكتشفت يعني إيه ان الواحد يكبر. اكتشفت ان حياة كل فرد عبارة عن حلقة، بياخد فيها وهو صغير عشان يدي وهو كبير، وان اللي مستني ياخد على طول هيفضل طول عمره صغير. اكتشفت ان متعة اني آخد البونبوني والشيكولاته من بابا نويل لا يقابلها متعة غير اني أكون أنا بابا نويل، أو ماما نويل بقى.. المهم اني اكتشفت متعة العطاء.

في الأول ماكنتش قادرة افسر إيه سر السعادة اللي بتيجي للواحد لما يسعد حد غيره أو يساعده. كل اللي كنت اعرفه هو انه شعور جميل فوق الوصف. وكنت باستغرب لما ألاقي ناس بتبخل بأقل جهد ممكن تعمله عشان غيرها، حتى لو كان مجرد حسن المعاملة والابتسام. وكانت بتجنني السلبية وقولة "وأنا مالي". ولما ابتديت العمل التطوعي فوجئت انه بيتبصلي على اساس اني مش طبيعية.. يا إما مش طبيعية باعتبار اني ملاك وان اللي بعمله دا عايز حد مش بشري.. يا إما مش طبيعية لأني عبيطة ومضيعة وقتي ومجهودي من غير ما استفيد حاجة ولا آخد مقابل.. يا إما مش طبيعية لأني بهتم بناس ما اعرفهمش والطبيعي انهم ما يهمونيش.

شيء عجيب جدا!!.. ثقافة العمل التطوعي غايبة تماما في مصر، مع أننا من أحوج الناس لوجودها كمجتمع. عندنا فقر ومشاكل مالهاش أول من آخر وعندنا شباب عاطل وشباب بيعاني من اوقات فراغ كبيرة جدا مش عارف يملاها، ومع ذلك كله مستخسر أو مستصعب انه يعمل شيء من غير مقابل. احنا اتربينا على اساس ان المقابل لازم يكون مادي، لكن الاحساس بالرضا الداخلي وتقدير الذات وخدمة المجتمع والكلام دا لا نعتبره مقابل حقيقي يستحق العمل من اجله. حتى في الدين تلاقي الخطاب الديني يقولك اعمل الخير عشان تدخل الجنة اللي فيها لبن وعسل وحور عين للرجالة، يعني مقابل مادي برضه. كأن الخير دا حاجة تقيلة على القلب زي الرزية ومحدش ممكن يعمله إلا لو هياخد مقابل يستاهل التعب ده

فيه ناس فاكرة ان عمل الخير هو انها تتبرع بفلوس وبس، لكن دا مش كفاية، لأن الفلوس لوحدها مش كفيلة انها تسد العجز اللي موجود عندنا في قطاعات كتير. محو الأمية مثلا عمره ما هيحصل إلا لو اصبح فيه مدرسين متطوعين في كل مكان في مصر، لأن مفيش واحد فقير هياخد فلوس يتعلم بيها، أكيد هياكل ويلبس ويسكن الأول، دي اولوياته. ملاجئ الايتام اعداد الاطفال فيها كبيرة ومحتاجين يتواصلوا مع ناس من المجتمع عشان يقدروا يرتبطوا بيه وبينتموا إليه فيما بعد. أطفال الشوارع دول مين يقدر يوفرلهم المأوى ويعملهم اعادة تأهيل؟ لازم يكون فيه متطوعين من معلمين واخصائيين نفسيين يقدروا يساعدوا في حل المشكلة. عندنا احتياج كبير لده. واللي مش عايز يعمل شيء من غير مقابل بأقوله ان المقابل ممكن يكون اكبر بكتير مما هو متخيل، دا غير ان المجتمع كله هيستفيد.

العمل التطوعي له أشكال كتير. لو انت مدون وبتكتب في موضوعات هامة بتفيد الناس يبقى انت بتعمل عمل تطوعي. شوفت بقى؟ انت بتعمل شيء بتحبه وبيحققلك متعة كبيرة بالرغم من انك ما بتاخدش مقابل. أي حاجة بتحب تعملها هتلاقي ناس محتاجاها. لو بتعزف مزيكا او صوتك حلو وبتحب تغني، زور دار ايتام أو دار مسنين مرة في الاسبوع واسعدهم بموهبتك.

حاول توجد للعمل التطوعي مساحة في حياتك في السنة الجديدة. خلونا بدل ما نقعد في الضلمة ونلعن اللي ضلمها علينا، ننور شمعة.
ساعتها أكيد هنكون طيبين ومنورين كمان :)
كل عام واحنا مصريين مخلصين


النص الكامل للمقال